شرح كتاب الجمعة من صحيح مسلم


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

استمعت الى شرح كتاب الجمعة من صحيح مسلم للعلامة عبدالعزيز الراجحي.

فَدَخَلَت احاديث الرسول في خلايا الدماغ وبدأت الخلايا تنظف الذكريات استبشارا بهذه الاحاديث، فأَخْرَجَت من سباطة ذكرياتي ذلك الخطيب الذي كان يطيل علينا في صلاة الجمعة لدرجة الملل فمن طول الخطبة بعض الاحيان اصاب بالحصر،

كانت خطبته ساعة تزيد ولا تنقص، وعندما كنت اقول له لماذا هذه الاطالة؟ يقول لأن اكثرهم لا يصلي معي في المسجد وهذه فرصتي الوحيدة لأعضهم، كنت اقول له اين العضة؟؟ وخطبتك كأنها ملخص اخبار قناتي الجزيرة والعربية، فيجيبني قائلا: ليفهم الناس فقه الواقع من منظور اسلامي.

الشهادة لله كانت كلماته بعد صلوات الفرائض جميلة ومفيدة وفيها عضة الا انها طويلة طويلة طويلة.

دعونا من الذكريات ولنبدأ بحديث الرسول عن خطبة الجمعة.

قال رسول "إن طول صلاة الرجل، وقصر خطبته - مَئِنَّةٌ من فقهه، فأطيلوا الصلاة، وأقصروا الخطبة، وَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا".

مئنة اي علامة على فقه الرجل، هذه العلامة دليل على فقه الخطيب، وللأسف خمسة وتسعين بالمية من الخطباء الذين استمعت لهم لا يطبقون هذه العلامة، وهذا يعني انهم ليسوا بفقهاء لسوء حظي، فماذا عنكم؟

دعونا نعود الى حديث الرسول فعَنْ جابر بن عبد الله قال: كنا مع النبي يوم الجمعة، فقدمت سُوَيْقَةٌ، قال فخرج الناس إليها، فلم يبق إلا اثنا عشر رجلا أنا فيهم، قال فأنزل الله {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ.

قد يعجب البعض من ترك بعض الصحابة للخطبة عند حضور القافلة من الشام، واعذره في تعجبه،،، لأنه في وظيفة حكومية ينزل له راتب كل شهر سواء اخلص في العمل ام لم يخلص، فكيف تريده ان يحس بإحساس الصحابة رضوان الله عليهم، وهم يكدون ويتعبون لجلب الرزق، والقافلة لا تأتيهم يوميا ، فهي بالنسبة اليهم مصدر رزق، تهفوا اليها النفوس، والقافلة ياسادة هي كالمزاد العلني بالنسبة اليهم ، يشترون حاجاتهم منها برخص، ويستبضعون منها التجار لسوقهم، فإن تركوها يخشون أحدا غيرهم يشتريها مثل اليهود والمنافقين.

فلما نزلت هذه الاية التزموا بها وتركوا القوافل مع شغفهم بها.

وهذا دليل على تحريم البيع وبطلانه وقت صلاة الجمعة، 

فهل يستدل بهذا الدليل ايضا على تحريم وبطلان البيع مطلقا في كل الصلوات؟؟!!

هل بيع الرجل وهو في بيته عن طريق الانترنت وقت صلاة العصر او المغرب جائز ام لا؟؟؟

لو استأجر مسافر غرفة في فندق وقت الصلاة الجمعة - خاصة ان الفنادق عندنا لا تغلق وقت الصلاة - يجوز ام لا؟؟؟؟؟؟؟؟؟

ولو باعت امرأة لأمرة اخرى عن طريق الانترنت وقت خطبة الجمعة جائز أم لا؟؟؟؟

وهل كان النساء يبيعون بأنفسهم في عهد الرسول ؟؟؟؟؟

هذه الاسئلة خاصة على حال السعوديين وانظمتهم.

لكن لو اخذنا دولة اسلامية لا تقفل للصلاة سواء جمعة او غيرها، كتركيا مثلا

فلو سافر مسلم الى تركيا وشرى في وقت صلاة الجمعة هل يجوز ويصح أم لا؟؟؟؟؟؟؟

ولو ان امرأة مسلمة باعت في محلها وقت الصلاة يجوز أم لا؟؟؟؟؟

ارجو عند الإجابة أن تتجرد من النعم التي فضلك الله بها من سواق وخادمة وراتب يكفيك ويغنيك عن البيع في المحلات، ودخول السوق. فليس كل المسلمين مثلك.

وبدر أيضا في ذهني اسئلة اخرى عندما قرأت حديثا في صحيح مسلم وهو قال "صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في سوقه بضعا وعشرين درجة، وذلك أن احدهم اذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى المسجد لَا يَنْهَزُهُ إلا الصلاة، لا يريد إلا الصلاة، فلم يخط خطوة إلا رفع له بها درجة، وحط عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد، فإذا دخل المسجد كان في الصلاة ما كانت الصلاة هي تحبسه".

فمامعنى "في سوقه"؟

وما مدلول كلمة "تزيد"؟؟

ولو قلنا ابو بكر رضي الله عنه يزيد في الفضل على عمر بن الخطاب رضي الله عنه" هل يعني ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه ناقص!!! حاشاه ذلك .

أم انهما في الفضل سواء إلا أن ابابكر افضل من عمر رضي الله عنهما.

وهذا سؤال ايضا تبادر الى ذهني لمن يحب اصول الفقه، قرأت في صحيح البخاري قول النبي "إذا وضع العشاء، وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء".

الا نقيس هذا الحديث على رجل في حانوته أتته صفقة مربحة فأٌقيمت الصلاة فأكمل الصفقه وفاتته الصلاة في المسجد. أم نقول ان البيع غير جائز؟؟

اليست العلة انشغال القلب عن الصلاة؟؟؟

فالجائع ينشغل قلبه بالطعام عن الصلاة، أليس التاجر ايضا ينشغل قلبه بالصفقة عن الصلاة -فالمال عديل الروح؟؟؟

دعونا من هذه الأسئلة التي نرفزت بعضكم وتعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم حديث رسولنا

ذكر صحيح مسلم في كتاب الجمعة، حديثا كأني أول مرة اقرأه وهو  ان الرسول كان يقول في خطبه "أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ، مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيَاعاً فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ ".

ومعن ضياعا: اي عيالا محتاجين يضيعون إن تركوا.

هذا هو "فقه الواقع" يا كرام، ان تتلمس حاجات الناس وتكون عونا لهم على قضاء حاجاتهم، فلو ان كل امام او خطيب تبرع بمكافئة شهر واحد من كل سنة  لقضاء دين الفقراء والمساجين لأنقذوا النساء والأطفال من الضياع، ولصلح المجتمع، - فمكافئة الأئمة والخطباء في الأصل تؤخذ من بيت مال المسلمين المخصص للفقراء -

فلو قلنا ان متوسط المكافأة للامام والخطيب 2500ريال ، وعدد المساجد في السعودية 94 ألف مسجد -حسب احصائية عام 1434هـ- سيسددون 235 مليون ريال،

ولكم ان تتخيلوا كم عائلة ستنقذونها من الضياع ومن الفتن.

أيها الأئمة والخطباء فقه الواقع ليس بموجز الأخبار او بالنصح والإرشاد فقط، أو بصارخ والعويل، إنما هو بالنصح والإرشاد وتلمس حاجات الناس والمعاونة على قضائها .

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply