التربية بالحوار قصة الفقر عنف أنموذجًا للأديبة صورية مروشى من منظور تربوي


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

يحرص المربون على الأخذ بكل الطرق التربوية السليمة لتوجيه الطفل وإكسابه القيم، ومن أبرز هذه الطرق (التربية بالحوار)، فهي مصدر أساسي لتنشئة الطفل وتعليمه، ولذا يحاول هذا المقال إلقاء الضوء على (التربية بالحوار) من خلال بيان  الأهمية التربوية للتربية بالحوار،نموذج تطبيقي للتربية بالحوار.

 

الأهمية التربوية للتربية بالحوار:

   يُعد الحوار قيمة إنسانية عظيمة يحرص التربويون على الأخذ بها في ممارساتهم التربوية،فالحوار وسيلة مهمة في بناء شخصية الطفل فهو يغرس روح المنافسة بين الأطفال، ويشجعهم على المناقشة العلمية، ويبث فيهم روح الألفة والمحبة، ويثبت فيهم روح الجماعة والتعاون، ويبعدهم عنهم الأنانية وحب الذات المفرط، ويعودهم على النظام والتعاون، ويساعد على الابتكار واحترام الطفل لذاته.

      ويساعد الحوار على التفكير، وتوضيح الأمور يبني ويعزز ثقة الطفل بنفسه، ويؤكد ذاته وينمي استقلاليته، ويشجعه على اتخاذ القرار، ويدرب على تقبل الاختلاف مع الآخرين، كما أنه يدرب الطفل على تحقيق وتقرير مبدأ الفهم المقبولة ؛فهو مناخ ممتاز لتعديل السلوك، وينمي المبادرة وحب الاكتشاف، والتغلب على الخوف الاجتماعي والخجل؛ ويساعد على التواصل والتفاعل والتوافق والتكيف الاجتماعي.

 

نموذج تطبيقي للتربية بالحوار:

    أصبحت التربية بالحوار أسلوبًا تربويًا لتعليم الأطفال عن طريق التحاور معهم، ومن النماذج التطبيقية للتربية بالحوار ما اتبعته الأديبة القديرة (صورية مروشى) في إبداعها القصصي المتمثل في قصة (الفقر عنف!)، وفيها أدارت الأديبة حوارًا بين المعلمة وتلاميذها  الأطفال بغية تنفيرهم من العنف بكل صوره وأشكاله، ووفقًا لآداب الحوار تركت المعلمة لتلاميذها  الأطفال حرية التعبير وإبداء الرأي في مظاهر وصور العنف في حياتنا، فأبدى هؤلاء الأطفال رأيهم، وتوصلوا من منظورهم لعدة صور للعنف أبرزها ما ذكروه وهو:

- العنف.. أن يتطاول الجار على جاره فيؤذيه بلسانه، أو يرمي الأوساخ أمام بيته، أو يزعجه ليلًا بأصوات تمنعه من النوم.

- أن يتشاجر الإخوة فيما بينهم لأي سبب فيقاطع بعضهم بعضًا، وربما وصل الأمر أن يقتل الأخ أخاه.. هذا عنف.

- حوادث الطرق عنف.. ألا يحترم السائق إشارات المرور ومسافات الأمان، ولا السرعة المحددة فيتسبب في حوادث تخلف الموت والإعاقات لأبرياء، وله أيضًا..هذا عنف.

- الإرهاب عنف...أن تلقي الرعب والخوف في قلوب الآخرين ؛فلا يأمنوا على حياتهم وأنفسهم وأموالهم..عنف.

- اغتصاب أرض،وانتزاع حق العيش في الوطن، ثم تشريد الأهالي والتنكيل بهم..هذا شر عنف.

- القتل عنف..أن تزهق الأرواح لسبب ولغير سبب، أن تسيل دماء الإنسان في كل مكان مخلفًا موته يتامى وثكالى وموجوعين.. هذا عنف.

- الفقر عنف..أن تنهض في الصباح فلا تأكل إلا قليلًا لأنك لا تجد ما تأكله، وترتدي الرث من الثياب لأنك لا تجد ما تلبسه.. هذا عنف.

أن تعذبك مشاعر الغضب حين ترى عند الأطفال الآخرين ما تتمنى أن يكون عندك، أن تشعر بالنقص لأنك لست مثلهم، فقط لأنك فقير، ولا تملك ما يملكون.. هذا عنف.

أن تبكي في الليل، وأنت ترى إخوتك يحتاجون لأشياء كثيرة  لا يقدر والداك على توفيرها..أن ترى أباك يكدح، وأمك تجتهد كي يوفرا لك ما يستطيعان، وفي أعينهما نظرات الذل والاحتياج..هذا أقسى عنف..!

 ومن خلال استقراء الحوار بين المعلمة والأطفال في هذه القصة يتضح أن التربية بالحوار تعد مجالًا خصبًا  للتعرف على وجهات نظر جميع أطراف الحوار، وأنها تساعد في التدريب على التفكير، وتشجع على العطاء والمشاركة وإبداء الرأي، وتساعد في الوصول إلى المعلومات وتنميتها، ،وتساعد في إظهار الحقائق، ونشر الأفكار والقيم والتوجهات،  وتساعد في الوصول إلى نتائج أفضل ، وتعد وسيلة مناسبة للكشف عن مكنونات الإبداع لدى الأطفال، كما أن التربية بالحوار تساعد على تنمية الأفكار،و تكشف عن مدى ثقافتهم وإلمامهم بالقضايا الحيوية التي يوليها المجتمع اهتمامه.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

المراجع:

حسين، خلف الله:الحوار وبناء شخصية الطفل، الرياض، مكتبة العبيكان، 1419هـ

العبيد، إبراهيم :تعزيز ثقافة الحوار ومهاراته، الرياض، مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، 1430هـ

مروشى، صورية: قصة الفقر عنف،مجلة الأدب الإسلامي، العدد96،محرم - ربيع الأول 1439هـ 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply