فوائد من كتاب التمهيد لشرح كتاب التوحيد لصالح آل الشيخ


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

1) هذا الكتاب صنفه إمام الدعوة ابتداء في البصرة لما رحل إليها.

2) فرقٌ بين العبادة والألوهة، فإن الألوهة عبادة فيها المحبة، والتعظيم، والرضا بالحال، والرجاء، والرغب، والرهب.

3) بين أهل العلم عند كلامهم عن الشرك: أنه بحسب ما دلت عليه النصوص: يُقسَّم إلى قسمين باعتبار، ويقسم إلى ثلاثة أقسام باعتبار آخر؛ فهو إما أن يقسَّم إلى: شرك أكبر، وشرك أصغر, فهذا باعتبار انقسامه إلى قسمين، أو يقسم إلى شرك أكبر، وشرك أصغر وشرك خفي. فهذا باعتبار انقسامه إلى ثلاثة أقسام.

4) الشرك: هو اتخاذ شريك مع الله -جل وعلا- في الربوبية، أو في العبادة، أو في الأسماء والصفات. والمقصود هنا: النهي عن اتخاذ شريك مع الله -جل وعلا- في العبادة، والأمر بتوحيده –سبحانه-.

5) التقسيم الأول: وهو تقسيم الشرك إلى أكبر وأصغر، فالأكبر: هو المخرج من الملة، والأصغر: ما حكم الشارع عليه بأنه شرك. وليس فيه تنديد كامل يُلْحِقُهُ بالشرك الأكبر فمثال الظاهر من الشرك الأكبر: عبادة الأوثان، والأصنام، وعبادة القبور، والأموات والغائبين. ومثال الباطن: شرك المتوكلين على المشايخ، أو على الآلهة المختلفة، أو كشرك المنافقين؛وكذلك الشرك الأصغر -على هذا التقسيم- منه ما هو ظاهر، ومنه ما هو باطن خفي، فمثال الظاهر من الشرك الأصغر: لبس الحلقة، والخيط، وتعليق التمائم، والحلف بغير الله، ونحو ذلك من الأعمال والأقوال ,ومنه ما هو أصغر كمن يحب التسميع أو المراءات.

6) التقسيم الثاني للشرك -وهو جعله ثلاثة أقسام-: أكبر، وأصغر، وخفي، وهذا التقسيم يعني به أن الأكبر: ما كان مخرجا من الملة؛ مما فيه صرف العبادة لغير الله -جل جلاله-، والأصغر: ما كان وسيلة لذلك الشرك الأكبر، وفيه تنديد لا يبلغ به أن يخرج من الإسلام، وقد حكم الشارع على فاعله بالشرك، وحقيقة الحال: أنه ندد وأشرك وأما الشرك الخفي، فهو: كيسير الرياء

7) السلف فسروا قوله تعالى: {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات: 56] بمعنى: إلا ليوحدون

8) وقوله: {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات: 56] و (إلا) هذه أداة استثناء،

9) تعليل الغاية: يكون ما بعدها مطلوبا ولكن قد يكون، وقد لا يكون، ويسميها بعض العلماء لام الحكمة وفرق بين العلة والحكمة، يُوَضِّحُهُ: إذا قيل: ما الحكمة من خلق الجن والإنس؟ فالجواب: أن يعبدوا الله وحده دون ما سواه فهذا التعليل لقوله: {إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات: 56] هو تعليل غاية؛ ولام الحكمة شرعية، ويكون ما بعدها مطلوبا شرعا؛

10) العبادة شرعا: هي امتثال الأمر والنهي على جهة المحبة والرجاء والخوف.

11) قال بعض العلماء: إن العبادة هي ما أُمر به من غير اقتضاء عقلي ولا اطراد عرفي وهذا تعريف الأصوليين.

12) قال شيخ الإسلام -في بيان معناها في أول رسالة "العبودية"-: العبادة: اسم جامع لما يحبه الله ويرضاه من الأقوال، والأعمال الظاهرة والباطنة.

13) في قوله: {اُعْبُدُوا اللَّهَ}[النحل: 36] إثبات، وفي قوله: {وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[النحل: 36] نفي.

14) الطاغوت فعلوت من الطغيان، وهو: كل ما جاوز به العبد حده من متبوع، أو معبود، أو مطاع.

15) قوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}[الإسراء: 23] (قضى) - كما فسرها عدد من الصحابة هنا- بمعنى: أمر ووصى.

16) قوله هنا: {وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا}[النساء: 36] فإن (لا) هنا ناهية، ومن المتقرر في علم الأصول أن النهي كالنفي، إذا تسلط على نكرة، فإنه يفيد العموم،

17) كلما زاد التوحيد محي من الذنوب بمقدار عظمه، وكلما زاد التوحيد أمن العبد في الدنيا وفي الآخرة بمقدار عظمه، وكلما زاد العبد في تحقيق التوحيد كان متعرضا لدخول الجنة على ما كان عليه من العمل.

18) {أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}[الأنعام: 82] فـ (الأمن) هنا: هو الأمن التام في الدنيا، والمراد به أمن القلب وعدم حزنه على غير الله -جل وعلا- والاهتداء التام في الدنيا وفي الآخرة، وكلما وجد نقص في التوحيد بغشيان العبد بعض أنواع الظلم الذي هو الشرك، إما الشرك الأصغر، أو الشرك الخفي، وسائر أنواع الشرك، ونحو ذلك، ذهب منه من الأمن والاهتداء بقدر ذلك. هذا من جهة تفسير الظلم بأنه الشرك.

19) إذا فَسَّرْتَ الظلم بأنه جميع أنوع الظلم - كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية- فإنه يكون -على هذا التفسير- مقابلة بين الأمن والاهتداء، وبين حصول الظلم، فكلما انتفى الظلم: وُجد الأمن والاهتداء، وكلما كمل التوحيد وانتفت المعصية: عظم الأمن والاهتداء، وإذا زاد الظلم: قَلَّ الأمنُ والاهتداء بحسب ذلك.

20) تحقيق التوحيد يرجع إلى ثلاثة أشياء:

-       الأول: ترك الشرك بأنواعه: الأكبر، والأصغر، والخفي.

-       والثاني: ترك البدع بأنواعها.

-       الثالث: ترك المعاصي بأنواعها.

21) هاتان الصفتان: - القانت، والحنيف - متلازمتان

22) (أل) -كما هو معلوم في العربية- إذا دخلت على اسم الفاعل أو اسم المفعول فإنها تكون موصولة.

23) والاسم الموصول عند الأصوليين يدل على العموم،

24) النفي إذا تسلط على الفعل المضارع، فإنه يفيد عموم المصدر الذي يدل عليه الفعل.

25) (لا يَسْتَرْقُون): ومعنى يَسْتَرْقُون: يعني لا يطلبون الرقية؛

26) ما جاء في بعض الروايات أنهم «الذين لا يرقون» فهذا غلط؛ وهو لفظ شاذ.

27) قال: «ولا يكتوون»: والكي مكروه في أصله؛ لأن فيه تعذيبا بالنار، مع أنه مأذون به شرعا، لكن فيه كراهة.

28) قال: «ولا يتطيرون»: والطيرة شيء يعرض على القلب من جراء شيء يحدث أمامه؛ فيجعله يقدم على أمر، أو يحجم عنه، وهذه صفة من لم يكن التوكل في قلبه عظيما.

29) المغفرة هي: الستر لما يخاف وقوع أثره.

30) من أهل العلم من قال: إن قوله هنا: {لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}[النساء: 48] دال على العموم، لكنه عموم مراد به خصوص الشرك الأكبر، فالمقصود بالشرك في قوله: {لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}[النساء: 48] هو: الشرك الأكبر فقط دون غيره، وأما ما دون الشرك الأكبر فإنه يكون داخلا تحت المشيئة.

31) إذا علم العبد المسلم أن الشرك بأنواعه لا يغفر، وأنه مؤاخذ به، وأن الصلاة إلى الصلاة، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان: لا تكفر ذنب الوقوع في الشرك الأصغر، فيجب أن يعظم في قلبه الخوف منه. فإن قيل: فبماذا يغفر إذا؟ فالجواب أنه لا يغفر إلا بالتوبة فقط.

32) الصنم هو: ما جُعِلَ على صورة مما يُعبد من دون الله.

33) والوثن هو: ما عُبد من دون الله، مما ليس على هيئة صورة.

34) الشرك الأصغر -الذي هو الرياء-: قد يكون محبطا لأصل العمل الذي تعبد به، وقد يكون محبطا للزيادة التي زادها فيه.

35) يكون الرياء محبطا لأصل العمل الذي تعبد به: إذا ابتدأ النية بالرياء، كمن يصلي الراتبة لأجل أن يرى أنه يصليها، وليست عنده رغبة في أن يصليها، لكن لما رأى أنه يُرَى صلاها؛ ولأجل أن يمدح؛ لما يرى من نظر الناس إليه، فصلاته هذه حابطة ليس له فيها ثواب لكن إذا عرض الرياء له في أثناء العبادة، فيكون ما زاده لأجل الرؤية باطلا.

36) دعوة الند من دون الله من الشرك الأكبر.

37) لفظ «من دون الله» يكثر وروده في القرآن والسنة، ويراد به عند علماء التفسير، وعلماء التحقيق شيئان:

- أن تأتي بمعنى (مع) ، فيكون معنى: «من دون الله» أي مع الله.

- أن تأتي بمعنى (غير) فيكون معي: «من دون الله» أي: يدعو إلها غير الله.

38) الشرك الأصغر يدخل في موازنة الحسنات والسيئات، وأنه إذا رجحت حسناته فإنه لا يعذب على الشرك الأصغر.

39) سورة يوسف - كما هو معلوم- لِمَنْ تَأَمَّلَها هي في الدعوة إلى الله؛ من أولها إلى آخرها

40) قوله في الآية: عَلَى بَصِيرَةٍ, البصيرية: هي العلم.

41) قوله: (بات) البيتوتة هي: المكث في الليل سواء أكان نوم أو لم يكن.

42) إذا قال قائل: أشهد، فيحتمل أنها بمعنى: المشاهدة والرؤية ويحتمل أنها بمعنى العلم.

43) معنى الشهادة في قولنا: أشهد أن لا إله إلا الله، شهادة علمية؛ ولهذا تضمن قوله: أشهدُ، العلمَ.

44) الشهادة كما أنها تقتضي اعتقادا؛ فإنها تقتضي -أيضا- إعلاما ونطقا.

45) معنى: أشهد أن لا إله إلا الله: أعتقد وأتكلم، وأعلم، وأخبر: بأن لا إله إلا الله.

46) إذا أتى بعد النفي (إلا) -وهي أداة الاستثناء- أفادت معنًى زائدا، وهو: الحصر، والقصر

47) الوسيلة في قوله: {يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ}[الإسراء: 57] هي: القصد والحاجة.

48) لا يصح إسلام أحد حتى تقوم هذه البراءة في قلبه؛ لأنه إن لم تقم هذه البراءة في قلبه، فلا يكون موحدا، والبراءة هي: أن يكون مبغضا لعبادة غير الله، كافرا بعبادة غير الله، معاديا لعبادة غير الله، كما قال في الآية هنا: {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ}[الزخرف: 26].

49) لبس الحلقة أو الخيط - هو أحد أنواع الشرك، وهو: الشرك الأصغر، وهو أيضا أحد أفراد الشرك بعمومه؛ لأنها صورة من صور الإشراك.

50) قوله: (باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما): المقصود بقوله: (ونحوهما) ما يكون نحو الحلقة والخيط مثل: الخرز، والتمائم، والحديد، ونحو ذلك مما قد يُلبس، ومثله أيضا ما يعلّق في البيوت، أو في السيارات، أو يعلّق على الصغار، ونحو ذلك، مما فيه لبس، أو تعليق، فكل ذلك يدخل في هذا الباب، وأنه من الشرك.

51) الحلقة: إما أن تكون من صُفر يعني: من نحاس، وإما أن تكون من حديد، أو تكون من أي معدن.

52) الخيط: معروف، والمراد عَقْدُهُ في اليد على وجه الاعتقاد، وليس المراد خيطا بعينه.

53) القاعدة في هذا الباب: أن إثبات الأسباب المؤثرة وكون الشيء سببا: لا يجوز إلا من جهة الشرع فلا يجوز إثبات سبب إلا أن يكون سببا شرعيا، أو أن يكون سببا قد ثبت بالتجربة الواقعة أنه يؤثر أثرا ظاهرا لا خفيا فمن لبس حلقة أو خيطا أو نحوهما لرفع البلاء أو دفعه فإنه يكون بذلك قد اتخذ سببا ليس مأذونا به شرعا، وكذلك من جهة التجربة: لا يحصل له ذلك على وجه الظهور وإنما هو مجرد اعتقاد من الملابس لذلك الشيء فيه، فقد يوافق القدر، فيُشفى مِن حِين لُبس أو بعد لبسه، أو يدفع عنه أشياء يعتقد أنها ستأتيه فيبقى قلبه معلقا بذلك الملبوس، ويظن بل يعتقد أنه سبب من الأسباب، وهذا باطل.

54) تنبيه: وهو أن كل أصناف الشرك الأصغر قد تكون شركا أكبر بحسب حال من فعلها.

55) من اعتقد في الحلقة والخيط مثلا أنها تؤثر بنفسها: فهذا شرك أكبر، وإذا اعتقد أنها ليست سببا لكن تؤثر بنفسها وتدفع الضرر بنفسها، فتدفع المرض بنفسها، وتدفع العين بنفسها، أو ترفع المرض بنفسها، أو ترفع العين بنفسها فإذا اعتقد أنها ليست أسبابا بل هي مؤثرة بنفسها: فقد وقع في الشرك الأكبر.

56) الشيء المطلق هو: الكامل،

57) مطلق الشيء فهو: أقل درجاته، أو درجة من درجاته.

58) قوله: «ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له» : الودعة: نوع من الصدف، أو الخرز يوضع على صدور الناس، أو يعلق على العضد، ونحو ذلك؛ لأجل دفع أو رفع العين ونحوها من الآفات.

59) قال: وفي رواية: «من تعلق تميمة فقد أشرك» لأن تعليق التمائم والتعلق بها شرك أصغر، وقد يكون أكبر بحسب حال المعلق، كما سيأتي تفصيل الكلام عليه إن شاء الله تعالى.

60) قال العلماء: الرقية تجوز بثلاثة شروط مجمع عليها:

الأول: أن تكون بالقرآن، أو بأسماء الله، أو بصفاته.

الثاني: أن تكون بالكلام العربي، أي: بلسان عربي، معلوم المعنى.

الثالث: أن لا يعتقد أنها تنفع بنفسها، بل بتقدير الله - عز وجل -

61) الرقى الجائزة بالإجماع هي ما اجتمعت فيها الشروط الثلاثة، وأما الرقى الشركية المحرمة فهي: التي فيها استعاذة، أو استغاثة بغير الله، أو كان فيها شيء من أسماء الشياطين أو اعتقد المرقي فيها أنها تؤثر بنفسها.

62) التمائم: جمع تميمة -وقد ذكر تفسيرها مختصرا من قبل- وهي تجمع أنواعا كثيرة فالتمائم تجمع كل ما يعلّق، أو يتخذ مما يراد منه تتميم أمر الخير للعبد، أو دفع الضرر عنه ويعتقد فيه أنه سبب.

63) التميمة شيء يتخذ من جلد، أو ورق، ويكون فيه أذكار وأدعية وتعوذات تعلّق على الصدر، أو في التعضد، وقد تتخذ التميمة من خرزات وحبال ونحو ذلك، يعلق على الصدر، وقد تكون التميمة باتخاذ شيء يجعل على باب البيت، أو في السيارة، أو أي مكان ما، فالحاصل: أن التمائم يجمعها أنها: شيء يراد منه تتميم أمر الخير، وتتيم أمر دفع الضر وذلك الشيء لم يؤذن به لا شرعا، ولا قدرا, ومنهم من يجعل في سيارته رأس دب، أو أرنب، أو غيرها من الأشكال، كحدوة الفرس، أو يعلق خرزات، ومسابح خشبية، ونحو ذلك على المرايا الأمامية للسيارة. ومنهم من يلبس سلسلة فيها شكل عين صغيرة، وبعضهم قد يعلّق على مدخل الباب رأس ذئب، أو غزال، أو يضع على مطرق الباب حدوة فرس، اعتقادا من أصحابها أنها تدفع العين، أو تجلب لهم النفع فكل هذه أنواع، وأصناف، وصور للتمائم، أحدثها الناس على اختلاف الأزمان لكن من الناس من يقول: إنما أعلق هذه الأشياء للزينة، ولا أستحضر هذه المعاني المحظورة، فهذا يقوله طائفة قليلة من الناس فنقول: إن علق التمائم لدفع الضر، واعتقد أنها سبب لذلك: فيكون قد أشرك الشرك الأصغر.

64) التمائم لم يخص الدليل بالجواز منها نوعا دون نوع، فتكون التمائم بكل أنواعها شركا لعدم ورود ما يخصص بعضها.

65) قوله: "والتولة ": التولة كما فسرها الشيخ -رحمه الله -: شيء يصنعونه، يزعمون أنه يحبب المرأة إلى زوجها، والرجل إلى زوجه، وهو نوع من السحر يصنع فيجلب شيئا، ويدفع شيئا -بحسب اعتقادهم- وهي في الحقيقة نوع من أنواع التمائم لأنها تصنع ويكون الساحر هو الذي يرقي فيها الرقية الشركية، فيجعل المرأة تحب زوجها، أو يجعل الرجل يحب زوجته، وهذا نوع من أنواع السحر، والسحر شرك بالله -جل وعلا - وكفر عام في كل أنواع التولة، فهي شرك كلها.

66) قال الشيخ -رحمه الله-: إن التمائم إذا كانت من القرآن فقد اختلف فيها السلف، فجوزها، ورخّص فيها بعض السلف، ويعني ببعض السلف: بعض كبار الصحابة، ومال إلى هذا القول بعض أهل العلم الكبار، وبعضهم لم يرخّص فيها كابن مسعود رضي الله عنه.

67) من المعلوم أن القاعدة: أن السلف إذا اختلفوا في مسألة وجب الرجوع فيها إلى الدليل، والدليل قد دل على أن كل أنواع التمائم منهي عنها.

68) تعليق التمائم بكل أنواعها: لا يجوز، فما كان منها من القرآن فنقول يحرم على الصحيح ولا يجوز، ويجب إنكاره، وما كان منها من غير القرآن، فهذا نقول فيه: إنه من الشرك بالله.

69) الشرك الأصغر من الكبائر كما أن الشرك الأكبر من الكبائر، والكبائر العملية -التي ليس معها اعتقاد- كالزنا والسرقة، وشرب الخمر: هي من حيث جنس المحرم والكبيرة أقل مرتبة من الشرك الأصغر.

70) من قطع تميمة من عنق من علقها: فهو في مقام إعتاق رقبة ذاك الذي قطعت منه التميمة من النار؛ لأنه استوجب بذلك الفعل الوعيد بالنار، فإذا قطع التميمة كان جزاؤه من جنس فعله، فكما أنه أعتق رقبة هذا المسلم من النار أثيب بأن له مثل إعتاق رقبة أي: في الأجر.

71) في حجية المرسل كلام: فالإمام أحمد، ومالك، يحتجون بالمرسل، وكذلك الإمام أبو حنيفة يحتج بالمرسل، ومنهم من يجعل له شروطا كالشافعي، ومنهم من يحتج بالمرسل إذا كان المعنى معروفا في الباب.

72) دلت النصوص في الكتاب والسنة على أن الأشياء التي أحل الله -جل وعلا- البركة فيها قد تكون أمكنة أو أزمنة؛ وقد تكون مخلوقات آدمية، فهذان قسمان:

-       القسم الأول: أن الله -تعالى- بارك بعض الأماكن كبيت الله الحرام، وحول بيت المقدس، كما قال سبحانه: {الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ}[الإسراء: 1] ومعنى كون الأرض مباركة: أن يكون فيها الخير الكثير اللازم يعني -أبدا- أن يُتَمَسَّح بأرضها، أو أن يُتَمَسَّح بحيطانها، لأن بركتها لازمة لا تنتقل بالذات، يعني: أنك إذا لامست الأرض، أو دفنت فيها، أو تبركت بها، فإن بركتها لا تنتقل إليك بالذات، وإنما بركتها من جهة المعنى فقط وكذلك الحجر الأسود هو حجر مبارك،

- والقسم الثاني: البركة المنوطة ببني آدم، وهي البركة التي جعلها الله - جل وعلا - في المؤمنين من الناس، وعلى رأسهم: سادة المؤمنين: من الأنبياء والرسل فهؤلاء بركتهم بركة ذاتية، وهذا مخصوص بالأنبياء والرسل، أما غيرهم فلم يرد دليل على أن من أصحاب الأنبياء والرسل مَن بركتهم بركة ذاتية.

73) كل مسلم فيه بركة، وهذه البركة ليست بركة ذات، وإنما هي بركة عمل، وبركة ما معه من الإسلام والإيمان، وما في قلبه من الإيقان والتعظيم لله -جل وعلا- والإجلال له، والاتباع لرسوله صلى الله عليه وسلم.

74) هذه البركة التي في العلم، أو العمل، أو الصلاح: لا تنتقل من شخص إلى آخر وعليه فيكون معنى التبرك بأهل الصلاح هو الاقتداء بهم في صلاحهم، والتبرك بأهل العلم هو الأخذ من علمهم والاستفادة منه وهكذا، ولا يجوز أن يُتبرك بهم بمعنى أن يُتمسح بهم، أو يُتبرك بريقهم؛ لأن أفضل الخلق من هذه الأمة وهم الصحابة لم يفعلوا ذلك مع خير هذه الأمة أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وهذا أمر مقطوع به.

75) التبرك بالشجر، أو بالحجر أو بالقبر، أو ببقاع مختلفة، قد يكون شركا أكبر، وقد يكون شركا أصغر, فيكون شركا أكبر: إذا طلب بركتها، معتقدا أنه بتمسحه بهذا الشجر، أو الحجر أو القبر، أو تمرغه عليه، أو التصاقه به: يتوسط له عند الله, فإذا اعتقد فيه أنه وسيلة إلى الله فهذا: اتخاذ إله مع الله -جل وعلا- وشرك أكبر.

76) يكون التبرك شركا أصغر: إذا كان يتخذ هذا التبرك بنثر التراب عليه، أو إلصاق الجسم به، أو التبرك بعين ونحوها، أسبابا لحصول البركة بدون اعتقاد أنها توصل وتقرب إلى الله، يعني: أنه جعلها أسبابا فقط.

77) الأحوال في الذبح أربعة:

-       أن يذبح باسم الله لله، فهذا هو التوحيد.

-       أن يذبح باسم الله لغير الله، وهذا شرك في العبادة.

-       أن يذبح باسم غير الله لغير الله، وهذا شرك في الاستعانة، وشرك في العبادة أيضا.

-       أن يذبح بغير اسم الله ويجعل الذبيحة لله، فهذا شرك في الربوبية.

78) إن لم يسم الله -جل وعلا- وترك التسمية عمدا فإن الذبيحة لا تحل، وإن لم يقصد بالذبيحة التقرب إلى الله -جل وعلا- ولا التقرب لغيره، وإنما ذبحها لأجل أضياف عنده أو لأجل أن يأكلها، يعني: ذبحها لقصد اللحم، ولم يقصد بها التقرب: فهذا جائز.

79) قد يذبح المرء باسم الله، ولكن يقول: أريدها للأضياف، أو أريدها للحم ويعني للأكل، ولم أتقرب بها لغير الله، وأيضا لم أتقرب بها لله، فنقول: هذه الحالة جائزة؛ لأنه سمى وقال باسم الله، ولم يذبح لغير الله، فليس داخلا في الوعيد، ولا في النهي، بل ذلك من المأذون فيه.

80) الحالة الثانية: أن يذبح باسم الله، ويقصد بذلك التقرب لغير الله، فيقول مثلا: باسم الله، وينحر الدم، وهو ينوي بإزهاق النفس، وبإراقة الدم التقرب لهذا العظيم المدفون، أو لهذا النبي، أو لهذا الصالح، فهذا وإن ذكر اسم الله فإن الشرك حاصل من جهة أنه أراق الدم تعظيما للمدفون، وتعظيما لغير الله، ويدخل في ذلك أيضا: أن يذكر اسم الله على الذبيحة، أو على المنحور، ويكون قصده بالذبح أن يتقرب به للسلطان، أو للملك، أو لأمير ما، كما يحدث عند بعض البادية، وكذلك بعض الحضر إذا أرادوا أن يعظموا ملكا قادما، أو أميرا، أو سلطانا، أو شيخ قبيلة، فإنهم يستقبلونه بالجمال، أو بالبقر، أو بالشياه، ويذبحونها في وجهه، فيسيل الدم عند إقباله، فهذا الذبح وإن سمى الله عليه، فإن الذبيحة قصد بها غير الله -جل وعلا- ولذا أفتى العلماء بتحريمها؛ لأن إراقة دم لغير الله -جل وعلا- فلا يجوز أكلها ومن باب أولى قبل ذلك لا يجوز تعظيم أولئك بمثل هذا التعظيم؛ لأن إراقة الدم إنما يعظم به الله -جل وعلا- وحده؛ لأنه سبحانه هو الذي يستحق العبادة والتعظيم بهذه الأشياء وحده، فهو الذي أجرى الدماء في العروق سبحانه وتعالى.

81) الحالة الثالثة: أن يذكر غير اسم الله على الذبيحة، وأن يقصد بها غير الله -جل وعلا- فيقول مثلا: باسم المسيح، ويحرك يده، ويقصد بها التقرب للمسيح، فهذا الذبح جمع شركا في الاستعانة، وشركا في العبادة.

82) ذكر غير اسم الله على الذبيحة شرك في الاستعانة.

83) اللام -هنا- في قوله: {لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الأنعام: 162] متعلّقة بمحذوف خبر (إن) في قوله {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي}[الأنعام: 162] وهي تفيد الاستحقاق.

84) يقول أهل التفسير هنا: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي}[الأنعام: 162] لله استحقاقا، {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي}[الأنعام: 162] لله ملكا، وتدبيرا، وتصرفا.

85) من ذبح لغير الله؛ تقربا وتعظيما؛ فهو مشرك الشرك الأكبر المخرج من الملة.

86) إذا وجد مكان يُذبح فيه لغير الله، كمكان عند قبر، أو عند مشهد، أو عند مكان معظم، واعتاد المشركون التقرب بالذبائح لأصنامهم وأوثانهم في هذا المكان، فإذا كانوا يتقربون في هذا المكان للقبر أو نحوه ويذبحون لصاحبه يعني: من أجله فإنه لا يحل أن يذبح المسلم الموحد في هذا المكان ولو ذبحه خالصا لله -عز وجل-؛ لأنه يكون قد شابه أولئك المشركين في تعظيم الأمكنة التي يتعبدون فيها بأنواع العبادات التي يصرفونها لغير الله -جل وعلا -.

87) الذبح لله وحده -وإن كان خالصا له- إن كان في المكان الذي يتقرب فيه لغير الله فإنه لا يحل ولا يجوز، ووسيلة من وسائل الشرك , لكن هنا إيراد: وهو أنه جاء الإذن عن الصحابة بالصلاة في الكنيسة، وقد صلى عمر رضي الله عنه في كنيسة بيت المقدس ومن الصحابة رضوان الله عليهم من صلى في كنائس بعض البلاد فصلاتهم في الكنائس لله -جل وعلا- أليست مشابهة للصلاة في مسجد الضرار أو للذبح في مكان يذبح فيه لغير الله؟

الجواب: أن هذا الإيراد ليس بوجيه؛ ذلك لأن نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في مسجد الضرار، وعن الذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله إنما هو: لأن صورة العبادة واحدة؛ فصورة الذبح من الموحد، ومن المشرك واحدة، وهي إمرار السكين وهي: آلة الذبح على الموضع من البهيمة المراد ذبحها، وإهراق دمها في ذلك المكان، والصورة الحاصلة من الموحد ومن المشرك واحدة، ولهذا فإنه لا تمييز بين الصورتين -من حيث الظاه - وإن اختلفت مقاصدهما.

88) وأما الصلاة في الكنيسة، فإن صورة الفعل مختلفة؛ لأن صلاة النصارى ليست على هيئة وصورة المسلمين، فيعلم من رأى المسلم يصلي أنه لا يصلي صلاة النصارى فليس في فعله إغراء بصلاة النصارى، ومشاركتهم فيها، فهذا هو الفرق بين المسألتين، وهو واضح بأدنى تأمل.

89) مشاركة المشركين في المكان الذي يتقربون فيه لغير الله بصورة مشابهة لفعلهم ولو ظاهرا: لا يجوز

90) النذر لغير الله شرك أكبر.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply