قصص نسائية من السعودية


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

قصص نسائية من السعودية؛ يرى الناقد السوري عبد الباقي خلف في هذه الدراسة (قصص نسائية من السعودية) أن القصة السعودية ليست أقل حظاً في كمية الإنتاج الأدبي مقارنة بالرواية، فقد قدمت أعمال قصصية، وبخاصة النسائية منها، فأبدعت هذه الأعمال في منجزها القصصي  في جوانبها الفنية، وعبر أنساق مختلفة من التعبير والتجانس والشفافية.

 واستدل على ذلك بمجموعات قصصية لقاصات سعوديات منهن: أميمة الخميس (مجموعة: السرد أرض أنثوية، ومجموعة منال)، ومجموعة (خلع) لأمل زاهد وقصة (رمل) لأمل الفاران. وقصة القطيع للقاصة تركية العمري، وقصص قصيرة جدا لخيرية السقاف، ومثلها لزهراء الأربش، ومثلها لمنيرة الأزيميع وقصة نداء للأدبية سعاد السعيد، وقصة السمكة والبحر للكاتبة شريفة الشملان، وقصة طقس ونيران للكاتبة شمس علي، وقصة قتلها لفاطمة العتيبي، وقصة شموع الفراولة للقاصة فوزية الحربي، وقصة حرية لليلى الأحيدب، وقصة قمر للكاتبة هناء حجازي، وقصة يوم طارت ابنتي للكاتبة هيام المفلح، ومجموعة رسائل مبتلة لهيفاء الفريح.

وكل هذا الكم من القصص والمجموعات القصصية يؤكد على مشاركة الأديبة السعودية بنصوص وأعمال قوية؛ لتفرض نفسها عبر منجزها وبقوة في ميدان الأدب والثقافة، ومن خلال سائر أجناس الأدب، وفنونه، وعبر ترجمة كثير من تلك النصوص للغات العالم؛ لتطلع الشعوب على تلك الأعمال من قرب.

ويرى الباحث أن خلف أجاد بقراءته الاستنباطية الناقدة حينما حاول في دراسته النقدية الكشف عما اشتمل عليه  النص السردي لكل قصة من القصص التي تناولها في دراسته وفحوى الموضوع الذي دارت حوله كل قصة، والقيم والمبادئ والأهداف المنشودة من ورائها، وما تتميز به من سمات فنية مرتبطة بفحوى كل قصة.

فمثلاً في (مجموعة: السرد أرض أنثوية) لأميمة الخميس يشير خلف أن الخميس حاولت إبراز دور المرأة الحقيقي  معرية الصورة الحسية الخادعة التي علقت بها تاريخيًا، فهي ليست مسؤولة عن الخطيئة، وليست لذة أو سلعة بل إنها واهبة الحياة والفن والأدب، وحسب تعبير الخميس: (رغم كل الاجتياح، ظل السرد أرضًا أنثوية وفيًا لشفرة جينته الأولى).

 إذ أن العمل الإبداعي بحاجة إلى تلك الروح المخلصة المتبتلة، والحدب الذي لا يكون إلا أنثى، تعي تمامًا قدسية فعل الخلق، ويأتي السرد ليبعث بومضة الحياة المتدفقة لديها نسيجًا تنسجه من مادة أحلامها ممزوجة بأسرار الكون.

وفي قصة (منال) لأميمة الخميس أيضًا يرى خلف أن نص الخميس يتسم برومانسية رقيقة (القمر هو هنا أمير الصحراء الضال حيث الوحدة والوجوم والصقيع)، وأمّا قصة القطيع للكاتبة تركية العمري فيبين خلف أن العمري صورت من خلال قصتها رسم ملامح معاناة الأنثى إلى درجة نسج الخرافات والحكايات واستطاعت العمري أن تصور النفسية الاجتماعية الظاهرة التي تجاهلت المرأة كإنسان، فوقعت في إشكالات ومفارقات مشكلة.

ويرى (خلف) أن  قصص قصيرة جداً لخيرية السقاف محاولات عصرية لتدوين هذا الأدب الصادم والمنافس بجدارة، بل هو تاريخ جديد للقصة النسائية السعودية، فقد اختزلت الكاتبة في نصوصها عناصر الفكرة الأدبية، والإيجاز اللغوي والإثارة  تقول السقاف (حين تلمست صدري كان قلبي قد غادر ليسير في الجنازة، عندما عدت مع التأبين..المدينة كانت قد ابتلعت)

ويبين (خلف) أن (سعاد السعيد) استطاعت في قصتها نداء  أن تسرد خيالات امرأة ثكلى، فقدت وحيدها الصغير، فتغرق في بحر من المشاعر المختلطة من أوهام وحقائق تتناهب النفس المكلومة في تصوير فني مبدع على نمط لا يحسنه أحد ما عدا المرأة بروحها الشفافة التي يدركها إلا هي.

ويشير (خلف) أن شريفة الشملان في قصتها (السمكة والبحر) نحت منحى غاية في السمو والرقة والإبداع حين استنطقت الكائن الحيواني حيث حاولت الكاتبة استنطاق /أنسنة السمكة لتجري حوارًا تنزل فيه الحيوان منزل الإنسان العاقل الناطق يدعو إلى حماية البيئة والبحر، وحمايته من تخريب الإنسان، غواصات -نفايات- طاقة نووية، فتدعو الكاتبة أن تكتب عن ذلك في الصحف، أما الكاتبة فتحدثها عن آلام إنسان اليوم وأحلام الأطفال، لكن بعد هذا الحوار الممتع تفاجأ بأنها تقفز من حلم لذيذ، والشملان تؤرخ عبر ذلك لمرحلة جديدة للقصة النسوية، غاية في السمو والفن والإبداع.

ويذهب (خلف) أن القاصة (شمس على) استطاعت في مجموعتها القصصية (طقس ونيران) أن ترصد حكايا النساء ومعاناتهن في نماذج متشابهة ومتقاربة من السيب واللامسؤولية، والانهزام والتفلت والانحسار..ليست إلا المرأة المسكينة  محملة بالهم والأطفال الذين تركهما لها الزوج المنفلت من واجباته تلك هي المفارقة التي تريد الكاتبة أن تصل بنا لشاطئها المزدان بالوجع والويلات والمتناقضات البائسة.

ويرى الباحث أن خلف كان متمكنا حينما اختار النماذج القصصية للقاصات السعوديات التي دارت حول المرأة السعودية في شتى أحوالها من قصص شيق اتسم بسمات فنية على مستوى عال من الجودة الفنية الأدبية، وإن كان خلف أشار إلى هذه السمات إشارة سريعة، ويا حبذا لو تناولها بشيء من العمق.

المراجع: عبد الباقي خلف، قصص من السعودية،  مجلة الجوبة العدد السادس والثلاثون صيف1433ه، ص 49-53

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply