سماحة الإسلام في معاملة غير المسلمين


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

قد أطلق الإسلام على غير المسلمين الذين لهم ذمة أهل الذمة وعاملهم بها وهي تعني: العهد والأمان والضمان، والحرمة والحق وهو عهد منسوب إلى الله عز وجل وإلى الرسول صلى الله عليه وسلم قال ابن الأثير: “وسمي أهل الذمة لدخولهم في عهد المسلمين وأمانهم، وقد أمر الإسلام بالسماحة في معاملة غير المسلمين.

ومن مظاهر سماحة الإسلام في معاملة غير المسلمين:

السماحة في العقيدة والسماحة في المعاملة ،وفيما يلي مظاهر هذه السماحة:

-       السماحة في العقيدة:

إن من يقرأ القرآن الكريم يعلم حقيقة السماحة في الإسلام في أعظم قضية جاء بها الإسلام وهي قضية التوحيد فيعرض لها القرآن بأسلوب سمح سهل يدركه كل عاقل ويستدل على حقائق الإيمان بما يحسه الناس ويدركونه بأيسر طريق .

وعبر تاريخ دولة الإسلام كان يعيش في داخلها غير المسلمين في مراحل قوتها وضعفها، فلم يجبروا على ترك معتقداتهم أو يكرهوا على الدخول في الإسلام ، والقاعدة العظمى في الإسلام أن لا إكراه في الدين، ولذا فقد عاش الذميون وغيرهم في كنف دولة الإسلام دون أن يتعرض أحد لعقائدهم ودياناتهم .

إن الإسلام لم يقم على اضطهاد مخالفيه أو مصادرة حقوقهم أو تحويلهم بالكره عن عقائدهم أو المساس الجائر لأموالهم وأعراضهم ودمائهم وتاريخ الإسلام في هذا المجال أنصع تاريخ على وجه الأرض .

-       السماحة في المعاملة:

سماحة في المعاملة: أما في مجال المعاملات والآداب فتتجلى صور عظيمة من السماحة، فلقد بنى الإسلام شريعة التسامح في علاقاته على أساس متين فلم يضق ذرعا بالأديان السابقة، وشرع للمسلم أن يكون حسن المعاملة رقيق الجانب لين القول مع المسلمين وغير المسلمين فيحسن جوارهم ويقبل ضيافتهم ويصاهرهم حتى تختلط الأسرة وتمتزج الدماء.

وشرع الإسلام مواساة غير المسلمين بالمال عند الحاجة فشرع للمسلم أن يعطيهم من الصدقة ويهدى إليهم ويقبل هديتهم ويواسيهم عند المصيبة ويعود مريضهم ويهنئهم بما تشرع فيه التهنئة كالتهنئة بالمولود والزواج ويناديهم بأسمائهم المحببة إليهم تأليفا لهم .

ومن سماحة الإسلام في المعاملة أن شرع العدل مع المخالف وجعل ذلك دليلا على التقوى التي رتب عليها أعظم الجزاء قال تعالى: (يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)(سورة المائدة الآية 8).

ولذا فإن من يتأمل أحكام الإسلام وتاريخ المسلمين يجد أنه لا يمكن أن يقوم مجتمع تحترم فيه الحقوق والواجبات كما في دولة الإسلام، وفي أوج عزة دولة الإسلام وقوتها كان يوجد من غير المسلمين العلماء والأدباء والأطباء والنابغون في مختلف الفنون والأعمال، وهل يمكن أن يكون لهؤلاء ظهور ونبوغ في أعمالهم لولا سماحة الإسلام ونبذه للتعصب الديني .

-       سماحة المملكة العربية السعودية والدول العربية في معاملة غير المسلمين:

من مظاهر هذا:

 حماية دمائهم وأموالهم وأعراضهم، حيث تتكفل المملكة العربية السعودية بحمايتهم في ذلك كله تطبيقا لنصوص الشرع التي أمرت بذلك، ويصرح علماء هذه البلاد وأئمتها بحرمة دمائهم وأعراضهم وأموالهم بموجب عقد الأمان الذي دخلوا به البلاد ، فلا يجوز الاعتداء عليهم أو انتهاك أعراضهم أو غشهم أو سرقة أموالهم، وتؤكد التعليمات والأنظمة التي تسمح لغير المسلمين بدخول المملكة على حفظ أموالهم وعدم تأخير حقوقهم المالية فقد أوجب نظام العمل والعمال السعودي على صاحب العمل عدم تأخير حقوق عماله المالية .

ومنها: عدم إكراههم على ترك دينهم فيتركون وما يدينون ولا يكرهون على الدخول في الإسلام .

ومنها: عدم إيذائهم فلا يجوز لأحد من الناس أن يؤذيهم أو يضيق عليهم

الإحسان إليهم والبر بهم حيث ينعم غير المسلمين من أهل هذه البلاد بحسن الجوار وشتى صور الإحسان والتسامح في المعاملة، فهذا هو المنهج الذي ارتسمته هذه الدولة وأكد عليه علماؤها، وهو الموافق لما تقدم من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply