حب الذات الغير مشروط


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

"كانت قلقة ومتوترة جدًا، وكلما نظر أحدٌ في وجهها أسرعت إلى المرآة لتتأكد أنهم كانوا ينظرون إليه بإعجاب وليس بسخرية أو إزدراء، كانت لا تملك لنفسها أيّ تقييمٍ إلا ما تتوقع أنَّ الناس قد منحوه لها، كانت في كل لحظة تمتلك مشاعر مختلفة ومتناقضة ومتأرجحة، صاعدة وهابطة، والآن تعبت من حياتها.

وهي في حالتها تلك تقدمت إليها طفلة معاقة على وجهها تشوهات كثيرة، وأمسكت بيدها ثم نظرت إليها وقالت: أبي يحبني كثيرًا، أنا زهرة حياته في الوجود، لأنه يراني بقلبه وليس بعينيه، والذي يراك بقلبه سيراك مهما كنتِ جميلة ورائعة، ومن ينظر إليك بعينيه فقط فهو يريد أن يجعل منك موضع متعته أو حسده.

أفاقت الفتاة وأخذت تلتفت يمنة ويسرة، لم تجد الطفلة لقد اختفت! أين ذهبت؟ هل هي صوت أتى من داخلها؟ أم كانت مجرد خيالٍ أو وهم؟! ماذا تعني بقولها: رؤية القلب لا رؤية العين؟ لماذا الأب والأم يحبون ويقبلون أطفالهم قبولاً غير مشروط؟ أليس هذا هو الحب الحقيقي؟

فهمت الفتاة مغزى ذلك الأمر كأنه ومضة إلهام أو ولادة معنى روحي ألقي في روعها، وأدركت أنَّ الذي يحبك حبًّا حقيقيًّا فلا بد أن يعتبرك جزءًا لا يتجزأ منه، ولذا فلا بد أن يقبلك قبولاً غير مشروطٍ، لأنه يريد ذاتك مهما كنت ومهما كان مظهرك.

 لماذا تحب الأم طفلها مهما كان شكله وحالته الصحية؟ لماذا يحب الأب أطفاله مهما كانوا؟ ولماذا يختلف حب القلب عن حب العين؟ أدركت الفتاة أن حب القلب هو حب لذات الشخص، وأن حب العين هو حب أناني يحب فيه الإنسان نفسه ومتعته، ليجعل من المنظور إليه محلاً لأنانيته ليس إلا!.

 وحينها أدركت الفتاة أنَّ من له أدنى إحساسٍ أو إدراكٍ لن يحفل بحب أو اهتمام العين، ولا بتقييم الأنانيين أو المستمتعين، وأنَّ ما يجب أن ينصرف إليه الاهتمام هو من أحبك لذاتك، من قبلك قبولاً غير مشروطٍ، مهما كنتَ، من أرادك لذاتك كما هو أنت؛ لأنك جزء من ذاته".

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply