كرسي ومسجد


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  

هذا سيدي رمضان جانا..

بالخير والرحمة والغفران..

وكلها كم يوم في التراويح ونسمع هلموا (قد حان)..

وتزدحم الشوارع بالمصلين لرب قد نادانا..

بين الكبار والصغار عالمسجد رايحين ..

وبايمان وتقوى وفرحة ماشيين...

بس ياترى فكرتوا بالمسنة التعبانة..

اللي جاية من بيتها تطلب الأجر والمكانة...

وماصدقت ربي يبلغها رمضان

وتقول الحمدلله وهي فرحانة ...

لكن فرحتها ماكملت ..

لما ولدها داخ سبعة دوخات ..

عشان يلقى موقف يناسب أهل العربيات ..

هونت عليه أمه

وقالت له:

"معليش إن شاء الله سهالات، حتى لو موقف بعيد، ترى بالخطوات تزيد الحسنات"

ولما وقفوا بعيد لقيوا مجموعة سيارات

اللي راكن طول، واللي راكن عرض وماهم مخليين مسافات

تسمح بمرور ذوي الاحتياجات

نزلت دمعة الأم وقالت :

"نرجع ياولدي، مالنا نصيب في الصلوات، غلطتنا ماجينا بدري واللي فات مات"

جدتنا المسنة ماكانت غلطانة

لكنها لقيت نفسها في غلطة غيرها ورطانة

ماهو لو عملنا حساب للناس التعبانة

وأدينا المهمة بإحسان وأمانة

ولو كل واحد وقف سيارته برصانة

واحترم حق غيروا وفقنا من عمانا

ما كانت جدتي اتوفت ليلتها

وروحها مع التراويح علقانة

 

نعم هذا مايحدث تماما حينما نفكر بأنفسنا بأنانية، لدرجة أن الأنانية تصبح (عادي) وتلقائية، فنستبيح حقوق غيرنا، دون اكتراث لمعاناتهم، وكأننا نعيش في العالم لوحدنا ولاسوانا.

والأمر سيان بين المسن و المسنة ومن يقودهم، والشاب الذي يقود كرسيه المتحرك والشابة، والسيدة التي تدفع عربة طفلها، ومن يقود عربة محملة بمياه السقاية لمرتادي المسجد يريد الأجر لا أكثر، كلهم اليوم في هذا المقال ( سلسبيل )، هل تخيلت يوما أنك تمنع أجرهم جميعا بجهلك وعدم احترامك لحقوقهم .

مشاهد متكررة نراها في كل صلاة جمعة ومع كل صلاة تراويح، نعم أعاني، أنا سلسبيل أعاني، وكلما عانيت تسائلت، لما علي أن أتحمل تبعات أخطاء غيري، لما علي أن أدفع ثمن السيارات التي تقف بعشوائية وبشكل متلاحم مما يعيقني من الوصول للمسجد.

مواقف مخصصة مسلوبة، منحدرات مخصصة مسدودة، وحتى اللوحات التنبيهية التذكيرية بحقوقنا مكسورة، ولتفادي كل ذلك كان علي أن أخرج بعد صلاة المغرب فورا إن كنت أنوي صلاة التراويح حتى أضمن الدخول السلس، ليس هذا فقط بل علي أن أنتظر ساعة أو أكثر بعد انتهاء صلاة التراويح لأستطيع مغادرة المسجد، بسبب عرقلة السير والباعة الذين يزيدون الطين بلة.

هل تعلم عزيزي القارئ مدى المعاناة التي مررت بها لأصل إلى المسجد – وأعلم يقينا أن البعض سيقول صلاة المرأة في منزلها أفضل، وحينها سأبتسم وأخبرك أن هذه معاناة الرجال أيضا من ذوي الاحتياجات وإن كانت المعاناة مضاعفة بالنسبة للفتيات – هل تعلم أنني تجاوزت عددا من المساجد القريبة من منزلي حتى وصلت لهذا المسجد لأنه مهئ لاستقبالي ، أرضه مستوية وبرصيفه منحدر، بوابته واسعة تسمح بدخولي بسهولة وباب المصلى فيه لايحمل ( ثقالة) ، المصلين منظمين يضعون أحذيتهم – أجلكم الله - في الأماكن المخصصة ولايكومونها أمام الباب بحيث يجبرونني على ابعادها بيدي، هذا المسجد منظم كفاية بحيث أنهم خصصوا صفا كاملا لمرتادي المسجد من ذوي الاحتياجات الخاصة، ليس ذلك وحسب بل إن هناك مساحة كافية خلف صفنا بحيث تسمح لأي شخص فينا بالخروج بسهولة إن اضطر لذلك في وسط الصلاة وذلك عن طريق ارجاع كرسيه للخلف والاستدارة بكل راحة دون أن نؤذي المصلين أو حتى نضطر لانتظار كامل الصف أن يخرج حتى أكن قادرة على الخروج .

 

وأخيرا، وقبل أن أنهي مقالي أود أن أرجوكم رجاءا خاصا بأن تعوا أن كرسيي المتحرك ليس مخزنا آمنا لحاجياتكم من أحذية وقناني ماء لتضعوها أسفل كرسيي، حتى إن هممت بالرحيل تفاجئت بما أسفل مني والمشكلة أن يدي لا تطاله لأزيحه، أرجوكم حذروا أطفالكم من العبث بعجلات ومكابح كرسيي المتحرك فذلك يؤذيني، أرجوكم احذروا أطفالكم من العبث بالمياه وسكبها في المنحدرات المخصصة لنا فذلك يزيد الأمر سوءا، وأرجوكم إن مررتم بمقالي وشعرتم بمعاناتي فلتكونوا عونا لي بإرشاد غيركم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply