حاشية السِّندي على سُنن النَّسائي


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 حاشية السِّندي على سُنن النَّسائي دراسة نحويّة صرفيّة لغويّة رسالة تقدمت بها الطالبة رشا الدليمي إلى مجلس كلية التربية للبنات في جامعة بغداد وهي جزء من متطلبات نيل درجة الماجستير في اللغة العربية وآدابها بإشراف الدكتورة خديجة الحمداني 1425هـ/2004م

 من المعلوم لدى كلّ مسلم أنّ السنّة النبوية هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم، ولا يستطيع المسلم السير من دونها، فهي النور للسائر في لجّة الطريق، يستمدّ منها المسلم -بعد القرآن الكريم- الهدى بين طرق الضلالة، والمعرفة في طريق الجهالة.

 ولطالما كانت لدي الباحثة رغبة لدراسة الحديث النبوي الشريف دراسة تخصصية شرعية، إلا أنّ الله -عزَّ وجلَّ- شاء أن تكون هذه الدراسة في الحديث لغوية، وممّا شجع على ذلك قلّة الدراسة فيها، إذ أنّ كتب الحديث الشريف وشروحه -على كثرتها- لم تنل العربية وعلومها فيها الاهتمام الذي نالته كتب التفسير والشعر من قبل الباحثين، علمًا أنّ في هذه الكتب موروثًا لغويًا هائلًا يشجّع على البحث والدراسة.

 وجاء اختيار (حاشية السندي على سنن النسائي) موضوعًا للبحث، كون الإمام السندي المتوفى سنة ثمان وثلاثين ومئة وألف عُني في حاشيته بالكلام في المسائل النحوية والصرفية واللغوية التي وردت في الحديث. وبعد الاستئناس بآراء أهل الشأن ولا سيّما الدكتورة خديجة الحمداني ارتأيت أن يكون عنوان البحث (حاشية السندي على سنن النسّائي دراسة نحوية صرفية لغوية)، وجاء البحث مقسّمًا على مقدّمة، وتمهيد، وثلاثة فصول، وخاتمة.

أشارت الباحثة في المقدّمة إلى سبب اختيار الموضوع وأهميته، وتقسيم محتويات البحث وفي التمهيد تم التعريف بحياة الإمام السندي الشخصية، والعلمية.

أمّا الفصل الأول فقد تم تخصّيصه للدراسة النحوية وجاء مشتملًا على ثلاثة مباحث، الأول: في التأويل النحوي، واشتمل على التضمين، والزيادة، والحذف. والثاني: جاء مشتملًا على قواعد كلية إعرابية ذكرها النحاة، وأشار إليها الإمام السندي واختارت الباحثة منها أربع قواعد فقط مفصّلة القول فيها. والثالث: خصص لدراسة الممنوع من الصرف.

والفصل الثاني خصصته للدراسة الصرفية، وتناولت الباحثة فيه طائفة من الموضوعات التي كرّر القول فيها، وكان اختيار الباحثة لأربعة منها، كانت مادة خصبة للبحث والدراسة وهي: الجمع، واقتصر على جمع التكسير فقط ؛ لأنّه الأغلب إن لم يكن الوحيد في حاشية الإمام السندي،ثمّ التصغير، إذ ورد كثيرًا في تعليقاته سواء أ قياسيًا كان أم غيره، ثمّ النسب الذي ورد قليلًا في تعليقاته، إلا أن اختياره كان ضروريًا لاشتماله على ألفاظ خارج القياس، والنسب بصيغ خالية من ياء النسب. ثمّ النيابة الصرفية وجاءت كثيرة لديه فاستحقت البحث والدراسة ، زيادة على ذلك قلة الدراسة فيها مما شجعني على دراستها بالتفصيل.

والفصل الثالث كان مخصصًا للدراسة اللغوية التي جاءت موسّعة في حاشيته، واشتمل على ثلاثة مباحث أيضا الأول: وخصص لدراسة ظواهر لغوية دلالية، واشتمل على مقدمة في الدلالة، ودراسة الاشتراك، والتضاد، والترادف، والضد، والخلاف، والمثنيات، والمثلثات، والثاني خصص لبحث ظواهر لغوية غير دلالية، وهي المعرَّب، والتغليب، وظواهر لهجية نبّه إليها الإمام السندي على طائفة من الألفاظ التي فيها اختلاف في اللهجات من حيث البنية في التذكير والتأنيث، والاختلاف في استعمال المثنى بالألف مطلقة، أو ما يتعلق بالأصوات مثل الاختلاف في الفتح والضم، والثالث: تناولت فيه التصحيح اللغوي، وتضمن الإصلاح اللساني في الألفاظ والصيغ والتراكيب، ثم الإصلاح الكتابي الذي اشتمل على التصحيف، والتحريف، والفصيح والعامي، والنقد اللغوي الذي جاء على محورين تمثل الأول في نقده للإمام السندي، والثاني نقده لغيره.

 

أبرز النتائج التي تم التوصل إليها:

1 ـ إن الإمام السندي ولد ونشأ في قرية (تته) ثمّ ارتحل إلى (تستر)، وأخذ بها عن جملة من الشيوخ، ثم درّس بالحرم النبوي الشريف.

2 ـ لم تقتصر معرفة الإمام السندي على جانب واحد من العلوم، وإنّما تنوعت معارفه، فكان ـ رحمه الله ـ زيادة على معرفته باللغة عالمًا بالحديث والتفسير والفقه والأصول والمعاني والمنطق.

3 ـ عُني الإمام السندي ببيان القضايا النحوية وأظهر مقدرة كبيرة في ذلك من خلال المسائل التي ذكرها في حاشيته إذ عُني بمسائل التأويل النحوي من التضمين والزيادة والحذف كما كانت له عناية واضحة بالإشارة إلى بعض القواعد الإعرابية التي تضمنها الحديث الشريف، وزيادة على ذلك إشارته إلى موضوعات في النحو كالممنوع من الصرف الذي فصّل القول فيه من حيث صرف اللفظ أو منعه.

4 ـ شغلت المادة الصرفية حيزًا كبيرًا من حاشية الإمام السندي إذ عُني ببيان مسائل الصرف كالجمع الذي اقتصر على التكسير فقط، والتصغير الذي نبّه عليه بجميع أحواله وأينما ورد، والنسب بأنواعه، والنيابة بين الصيغ الصرفية.

5 ـ كان للقضايا اللغوية نصيب عظيم في حاشية الإمام السندي فأشار إلى عدد من الظواهر اللغوية والدلالية كالاشتراك اللفظي والتضاد والترادف والضد والخلاف والمثنيات والمثلثات وإلى بعض الظواهر اللغوية غيـر الدلالية من المُعَرَّب والتغليب، ولم يفته التنبيه على بعض الظواهر اللهجية.

6 ـ اهتم الإمام السندي بمسائل التصحيح اللغوي فوجّه عنايته إلى الإصلاح اللساني والكتابي وبيان الفصيح والعامي، كما كان له اهتمام بقضايا النقد اللغوي.

 

نتائج الدراسة:

 من أبرز النتائج التي تمّ التوصل إليها فهي كما يأتي:

1 ـ سعت الدراسة إلى إعطاء مقدمة عن الظاهرة التي تناولها كل مبحث في الرسالة لإيجاد حلقة وصل بين الظاهرة في كتب اللغة وتطبيقاتها العملية في الرسالة من جهة وتمييزًا لها من غيرها من الظواهر المتشابهة لها أو المتقاربة معها من جهة أخرى، مثل الاشتراك والترادف والضد وغيرها من دون أن ينكر أيًّا منها إذ كانت له عناية واضحة بها.

2 ـ استقصت الدراسة ظاهرة النيابة سواء الحرفية أو الاسمية أو الفعلية، وحتى النيابة بين الصيغ الصرفية

3 ـ إن مذهبه بصري، إذ كان ملتزمًا باستعمال مصطلحاتهم متابعًا لأئمتهم في آرائهم النحوية.

4 ـ يلتزم بالقاعدة الأساسية أو الشائعة لدى النحاة حني أنّه يُؤاخِذ غيره من العلماء إذا ما جنح إلى أمرٍ بعيد عن القاعدة لاسيما إذا شكَّل التباسًا في المسألة إلا في الباب الصرفي وجدته أحيانًا يهمل حتى الإشارة إلى الألفاظ الخارجة عن القياس، وللعلماء فيها تأويلات كثيرة وأقوال مختلفة، وقد يضبط اللفظ على خلاف القاعدة حتى من دون الإشارة إلى أنّه مخالف لما قال به العلماء بل ينص على ذلك الضبط وأحيانًا أخرى يتناول اللفظة بالتفصيل ويُرجح أحد الأقوال فيها.

5 ـ يبتعد عن التأويلات البعيدة والمثيرة للالتباس بل كان واضحًا في تأويلاته بما يحقق الفهم للقارئ ويوضح المسألة المؤولة.

6 ـ عمل على الاستفادة من الطرق المختلفة التي ورد بها الحديث ووظفها في مادته النحوية واللغوية.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply