الأديان في الغرب


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

في إيحاء مهم لما يحدث في الغرب بشأن الأديان، أشار ألدوس هكسلي (1963) في روايته الجزيرة إلى أنَّ سكانها سيتشبثون بالإيمان اليومي رافضين الاعتقادات، ويعلق هارفي هوكس أن المسيحية تحولت من إيمان إلى نظام اعتقادي، وهي اليوم تتراجع إلى ما كانت عليه، فالإيمان اليوم ينمو بينما الاعتقاد يموت!

وهذا كله تعبير عن خسارة الأديان في الغرب كعقائد تتطلب الإيمان بصدق مبادئها المؤسسة وتحول حاجة الإنسان الفطرية للتدين إلى حالة إيمانية يُمكن تُشبع بروحانيات بمختلف تجلياتها الوثنية أو القائمة على التجارب الفردية والرؤى والمنامات والممارسات والتأملات الشرقية والمناجات الكونية.

ولذلك، بدأت تطل ظاهرة جديدة في الغرب، وهي ظاهرة الأديان الملحدة، فأصبح هناك ملحد مسيحي، هو ملحد لأنه ينكر وجود الله لكنه في الوقت نفسه ينتمي روحيًا للمسيحية وطقوسها وتراثها. ثم أصبح الإلحاد يقر بالروحانيات ويمارسها للوصول للصفاء النفس وسد الحاجة الملحة داخله للإيمان والسمو.

 نحن نمر في عصر  أشبه ما يكون ظاهره بمرحلة (ما بعد الإلحاد الجديد)، الذي يصادم كل ما هو غير مادي ومحسوس، وهذه المرحلة مرحلة (التدين أو الدين السائل) التي لا تتطلب عقائد تقوم على مبادئ يتوجب أن تكون صحيحة في ذاتها، بل هي مرحلة العقل الذي يسير في طريق والقلب في طريق أخرى، لجسد واحد!

"ظلت عبارة (الملحد المسيحي) معي لأنها بدت وصفًا جيدًا لجميع الأشخاص الذين أعرفهم، والذين يقدرون قيمة التراث الثقافي للمسيحية: اللغة والفن والموسيقى وحدود الأخلاق، والشعور بالسمو، دون الاعتقاد حقيقة بالله؛ أو على الأقل من دون الإيمان بالله بالطريقة التي من شأنها أن ترضي المسيحيين الأتقياء". براين مونتفورد

 قلتُ: هذه الحالة تظهر حين يضعف الإيمان في قلب الإنسان، وتهتز قناعاته العقدية بدينه بالشكوك، ثم لا يرغب أن يبدو غريبًا في مجتمعه منبوذًا داخل وسطه الأسري الكبير، ويريد أن ينعم في الوقت نفسه بشراكة الناس في ممارساتهم، ويجمع بين هواه وبين اللمسات الروحية التي من دونها يشعر بالرعب!

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply