تأملات أصولية


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  

من خلال متابعة المنتج البحثي الأصولي (علم أصول الفقه) لا يزال كثير منه يراوح عتبات القرن ٨ و ٩ الهجري،ويحوم حول الاختصار والجمع والترتيب والاختيارات للتراث الأصولي.
ويمكن استثناء بعض علماء المغرب في محاولتهم التجديدية نقد ومراجعة الاراء الاصولية ومزجها بالفلسفة.

أمام هذا الواقع في الجمود على التراث الأصولي الماضي، ظهرت نزعة غريبة ترى أن أي تجديد لهذا العلم هو ترف فكري، وخضوع للهيمنة العصرانية وسلوك مشبوه لا ينبغي الاحتفاء به!
وهذه الشبهة لا تليق أبدا بعلم أصول الفقه، لأمور كثيرة منها:

وهي:
١- علم الأصول وضع معالم منهج النظر العقلاني فأسُسه مستقرة والجهود السابقة رسمت قواعد هذا المنهج، وما وضعه الشافعي زاد عليه القاضي عبدالجبار والباقلاني والغزالي والشاطبي، فالتطور واضح في تقرير هذا المنهج وقد نحتاج الى نظر آخر يعين على تقعيد جديد ونقد لقديم.

٢- العلوم المنهجية لا يمكن حبسها في قرون سابقة، ومنها أصول الفقه،لأن غايته تطبيق المنهج على المستجدات والحوادث ومعرفة صحتها من بطلانها، لذلك هو علم ينبغي أن يتحرك بقوة في توسيع تطبيقاته ومقارناته واستدلالاته على الجديد

ولا يعجز عن ذلك إلا جاهل بحقيقة هذا العلم.

٣- المتأمل في مشاريع التجديد وأوصاف المجددين في تاريخنا الإسلامي، لوجد أن حقل التجديد كان في رسم مناهج النظر والاستدلال، ورواده هم الاصوليون، فكيف يطالب البعض بحبسه في أطر تقليدية لا تتصل بواقعنا المتجدد!؟

فشبهة البعض بحصر أصول الفقه فيما يعرفه؛ظلم لهذا العلم.

وهنا سؤال مهم يحتاج إلى ندوات ومناقشات:

ماهي مجالات أصول الفقه الجديدة التي نحتاجها من هذا العلم؟

وسأجيب باختصار :

١- الأصولي الذي درس منطق التصورات والتصديقات والأقيسة واعتنى بمراجعات الغزالي وابن تيمية قد يفتح آفاقا عقلية لتحسين الفكر وعلاج أغلوطاته المعاصرة

٢-الأصولي الذي درس مسالك التعليل ستعينه على مسالك التحليل وإثبات الصحة في المواقف المتداخلة والآراء الباطلة.

٣-الأصولي العارف بقواعد المصلحة وتوازناتها واستشراف الذرائع لأجل الفتح أو السد، قادرٌ على فهم الموقف الواقعي الصحيح واستشراف المستقبل بعلم وليس بالتوهم.

٤- الأصولي الذي درس قواعد الترجيح عند التعارض بين البراهين والأدلة هو أكثر العقول مرونة وفق منهجية مذهلة في الاثبات.

٥- الأصولي المقاصدي هو المجتهد الملائم لحال عصرنا،وهو مفكر واسع الثراء في النظر والاستدلال.

٦- الأصولي القانوني هو ماتحتاجه ضرورةً لجان التقنين.

كل ما سبق هو غيض من فيض لمعرفة حاجتنا المعاصرة لمنهج أصول الفقه في التفكير والنظر.

وأكثر العلماء المعاصرين معرفةً لأهميته هم المشتغلون بالفلسفة، والمفكرون المهتمون لحال المجتمعات الراهنة.

* وبناء على ما سبق نحتاج إلى بحوث متجددة وحيوية ومعاصرة في أصول الفقه.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply