التنوع في دراسة المذاهب والفرق


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  

في دراسة الأديان والفرق والمذاهب، يبقى الدارس محصور الرؤية إذا اكتفى بدراسة المذهب نفسه من خلال كتب أصحابه الأصلية فقط. ولو أنه درس المذهب أو الفرقة أو الدين من خلال كتبها الأصلية وكتب الفرق المجاورة لها والمتداخلة معها، وكتب التاريخ لمعرفة السياق الزمني للفرقة وتطورها؛ فستكون دراسته أدق وأوثق وأشرح أفقًا. فإن رؤية الأديان والفرق والمذاهب من مرايا متعددة تعطيه قوة نقدية لتصور حالها من زوايا مختلفة، تمكنه من تصوير حقيقتها،  وتطبع كتابته بأسلوب علمي تحليلي نقدي عميق.

فدارس النصرانية -مثلاً- لا يمكن أن يكون تصوره وفهمه العميق عنها ما لم يدرس اليهودية التي هي أصلها، وكذلك الفرق والحركات الاجتماعية والسياسية اليهودية التي كانت موجودة في فلسطين، بالإضافة إلى الخلفيات الأممية الوثنية التي انطلقت منها وأثرت فيها. وأيضًا التاريخ الروماني في فلسطين أيام الاحتلال.

ودارس الأشعرية -مثلاً- لا يمكنه الإلمام بها ولا فهم تطورها ما لم يدرس بعمق الخلفية السنية الكلامية متمثلة في الكلابية، وطبيعة وضع الحنابلة في زمن المتقدمين من الأشعرية، وواقع المعتزلة عقديًا وسياسيًّا، وكذلك دراسة المذاهب الموازية التي اقترنت كتاباتها باحتكاك مبكّر مع الأشعرية كالماتريدية والمعتزلة ونحوها.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply