في عشق الكتب والمكتبات!


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

‏من الصور المشرقة في تاريخنا وتراثنا الإسلامي، حب العلماء وعشقهم للكتب والمكتبات. ومن الأمثلة على ذلك العالم والأديب والشاعر الحنفي المشهور دَرْويش محمد الطَّالُوِيّ الأرتقي الدمشقي، رحمه الله، كانت له مكتبة عامرةٌ يحبها ويعشقها.

‏وكان إذا تملك الكتاب كتب على غلافه: "من كتب الفقير دَرْويش محمد الطَّالُوِيّ، عفا الله تعالى عنه". ". وقد كان شديد الحرص على مكتبته وكتبه، وقد بلغت عنايته بكتبه، أنه كان قبل وفاته قد بنى داخل بيته بيتًا صغيرًا، ونقل جميع كتبه إليه، وكان يقول: "هذا بيت الفتاوى وموضع الكتب".

وقد اختلى في ذلك البيت الصغير في شهر رمضان، مع كتبه، وكان يفعل ذلك حتى قبل موته بأيام، فكان ينظفها ويرتبها، ثم ينظر فيها وهو حزين جدًا، تتقاطر دمعات عينه على خديه، وينشد بيتًا شعريًا من نظمه، يقول فيه:

‏أقلبها حفظًا لها وصيانة ... فيا ليت شعري من يقلبها بعدي.

‏وظل على حالته تلك، بين كتبه ينظر فيها ويرتبها ويصلحها ويصونها، حتى مات بعد ذلك بعشرين يومًا. فلما مات رحمه الله، فرَّق الورثة مكتبته، وتخاطفت الأيدي كتبه، حتى تلاشت كأنها لم تكن، فلحقت المعشوقة بصاحبها، والله المستعان!

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply