عيد فالنتاين: لوبركاليا


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:  

‏1- هذه تغريدات حول ما يُسمى (بعيد فالنتاين). ولم أكن أنوي التعليق بشيء على هذا اليوم التافه، لولا أنه وصلتني بعض الأسئلة المعرفية التي تسأل عن صحة أصل هذا اليوم: ما هو؟ الكف

‏2- هذا اليوم هو عيد وثني شأنه شأن العديد من الأيام التي استحوذت عليها الكنيسة المسيحية أو الرأسمالية بعدها، بشكل مباشر أو غير مباشر، مثل: كعيد رأس السنة، والكريسماس، والهالويين (Halloween) ، وغيرها، وحولتها لمناسبة تخصها أو يوم تجاري.

‏3- يوم الحب أو عيد العشاق أو يوم القديس فالنتين  (Valentine's Day)، في الأصل هو مناسبة وثنيَّة، حيث يعود إلى يوم لوبركاليا (Lupercalia) وهو مهرجان روماني قديم التطهير والخصوبة والتزاوج، يعقد سنويًا في 15 فبراير.

‏4- وهو يُحتفل به مع بدايات قدوم الربيع حسب التقويم الروماني الوثني، لارتباطه بالآلهة الرومانية لوبيركوس وفونوس. ويعتقدون أنٍّ الإله الوثني لوبيركوس يشاهد بعنايته رعاة الأغنام وقطعانهم، ولذلك أصبح الاحتفال به لتأكيد حصول التزاوج بين الأغنام وبقية البهائم، ثم خصوبة الحقول ثم التزاوج بين البشر!

‏5- واتسع نطاق الاحتفال بهذا اليوم الوثني مع اتساع الأراضي التي تحتلها الإمبراطورية الرومانية. ولما انتقلت الإمبراطورية الرومانية، على يد الإمبراطور البراغماتي قسطنطين، إلى المسيحية بنسختها البولسيَّة، وجدت الكنيسة نفسها أمام شعوب ورثت عادات وثنية كثيرة.

‏6- فلم تجد الكنيسة الرومانية من وسيلة إلا احتواء تلك المناسبات بوضع قشرة رقيقة من المسيحية عليها، لتكسبها قبولاً دينيًا يبعدها عن أصول ما قبل المسيحية وتجعلها ترتبط في عقول وقلوب الناس بالرموز الدينية المسيحية، لتكسب ولاء عوام الناس.

‏7- ولذلك احتوت الكنيسة هذه الأعياد الخرافية الوثنية وربطتها برموزها الدينية. فحولت يوم عيد الأرنب، كما تؤكد ذلك دائرة المعارف الكاثوليكية، الذي هو من أعياد الوثنية المخصصة للخصوبة أيضًا إلى عيد الفصح (Easter) للاحتفال بقيامة يسوع المسيح!

‏8- كذلك عيد رأس السنة الميلادية هو في أصله عيد للإله الوثني يانوس (Janus) إله البوابات والبدايات، وسُمي شهر يناير باسم يانوس هذا، وهو إله وثني له وجهان واحد ينظر للأمام وآخر ينظر للخلف كحد فاصل بين زمانين، وكذلك تحول عيد آلهة الشمس في 25 ديسمبر ليصبح عيد ميلاد يسوع المسيح!

‏9- الشيء حدث نفسه لعيد لوبركاليا الوثني، عيد تزاوج الأغنام، فتم احتواؤه واحتضانه وربطه بقصة خرافية أسطورية تتمثل في رمز ديني مسيحي، أي رجلِ دينٍ مسيحي، لينتقل  في أذهان الناس من يوم تتزاوج فيه الأغنام إلى يوم مرتبط برجل دين مسيحي فالنتاين (Valentine) نبيل أحب فتاة وضحى من أجلها!

‏10- ولأنَّ أصل القصة مختلق، فقد وصلت القصة بصيغ متعددة ومختلفة. واختلف في وجود هذا الشخص أصلاً، ثم اختلف في شخصه، لوجود أكثر من شخص يحمل هذا الاسم. والصواب أن هذا الشخص أو هؤلاء الأشخاص من الرموز التي تقدسهم الكنيسة، خرافيين أو حقيقيين، والذين ربطتهم الكنيسة بهذا العيد الوثني.

‏11- ولأنَّ العيد أصله الوثني عن الخصوبة والتزاوج، فقد اختلقت قصة تقترب من هذا المعنى، حيث صور رجل الدين المسيحي فالنتاين  كقديس يحب فتاة، فصار رمزًا للحب، بدل أن كان اليوم نفسه في السابق رمزًا لتزاوج الأغنام. لكن هذه الصيغة جعلت المناسبة ظل في حدود علاقة قريبة من النسخة الأصلية.

‏12- من الأساطير المسيحية التي تم اختلاقها: أن فالنتاين هذا كان قسيسًا مسيحيًا عاش في القرن الثالث الميلادي، حيث سُجن من قبل السلطات الرومانية بسبب قيامه بعمليات التنصير والدعوة إلى المسيحية، حيث اعدم في يوم 14 فبراير. وتقول هذه الأسطورة أن هذا القسيس كان يجري المعجزات، حيث قام بمعجزة لعلاج بنت صاحب السجن من العمى!

‏13- وقبل إعدامه كتب رسالة إلى هذه الفتاة ختمها ووقعها باسمه. وفي أسطورة أخرى تقول إنه كان يجب الأطفال وكان يكتب لهم رسائل حب. وفي أسطورة أخرى تقول إنه كان أسقفًا لاتينيًا كان مسجونًا لكنه عقد نكاحًا بين اثنين والقانون الروماني يمنك ذلك في ذلك الوقت، فكان عقابه أن تم إحراقه حيًّا!

‏14- بعد ذلك انتشرت قصص وخرافات عديدة عن هذا اليوم، ثم انتشرت في أوروبا عصور الظلام ممارسات إباحية بين الشباب والبنات بمناسبة يوم الخصوبة هذا، بعيدًا عن حدود الدين والأخلاق. ثم انتقلت تلك العادات إلى المستعمرات الأمريكية. وهذا اليوم هو أحد مناسبات الربح الرأسمالية.

‏15- من هذا الملخص، نعلم أنَّ هذا اليوم التافه هو يوم وثني للخصوبة يحتفل به في الأصل لتزاوج الأغنام، ثم احتضنته المجتمعات المسيحية كرمز لشهيد قتل لأنه يبشر بالمسيحية، ثم انتهى به الحال ليصبح أحد مظاهر الانحلال الخلقي والإباحية في العصور الوسطى، ثم أخيرًا، أصبح بأفراده مجرد بضائع في الأسواق الرأسمالية.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply