محمد بن سعد آل حسين في رؤى معاصريه


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

ما أكثر معاصري الدكتور محمد بن سعد آل حسين من أصدقاء، وزملاء، وتلاميذ، ومتابعين لفكره، الذين تمت معهم مقابلات شخصية، ولقاءات صحفية حول حياة وفكر وإبداع آل حسين، ويعد هذا المقال محاولة لبيان كيف يرى معاصرو آل حسين شخصيته وفكره، وأبرز هؤلاء المعاصرين: عبد العزيز الخريف، عائض الردادي، الدكتور مسعد العطوي، حسن الهويمل، صابر عبد الدايم، الدكتور محمد الربيِّع، العوين، الوشمي، عسيلان، خفاجي

حيث يقول الخريف: آل حسين دائرة معارف يتعذر عد مآثره المشرفة،ويذكر الردادي أن الدكتور  محمد بن سعد بن حسين.. قاهر الظلام، ويقول  العطوي: الدكتور محمد بن سعد منبع للعلم، ويوضح حسن الهويمل أن آل حسين من الرواد الذين حافظوا على لحمة الأدب العربي وآلياته النقدية، ويقرر عبد الدايم أن ابن حسين من رواد الحركة الأدبية والنقدية في المملكة العربية السعودية، ويطالب الربيِّع بإنشاء مركز ثقافي يهتم بالأدب في المملكة يحمل اسم د / " محمد بن سعد بن حسين "،ويذهب العوين إلى أن ابن حسين هو الباحث الأول في الأدب السعودي»، ويقرر الوشمي أن آل حسين يمثل رمزية نوعية في مجال الدراسة التاريخية للأدب السعودي، ويذكر عسيلان أن  مؤلفات آل حسين تعكس عنايته بالجوانب الأدبية والثقافية والعلمية، ويبين خفاجي : كتاب " الأدب الحديث في نجد" يوضح صورة الأدب العربي في بيئة بيئة نجد العربية الخالصة ،وفيما يلي بيان ذلك:

*الخريف: آل حسين دائرة معارف يتعذر عد مآثره المشرفة:

يقول عبد العزيز  الخريف: ولد الدكتور محمد بن سعد آل حسين في بلدة عودة سدير عام 1357هـ «تقريباً» وترعرع في أحيائها كأمثاله وأقرانه من الصِّبية والأطفال، وشب بين أهله وأسرته، ثم التحق بإحدى مدارس الكتّاب في مهوى رأسه، فحفظ عدداً من أجزاء كتاب الله العزيز، علماً بأنه قد فقد بصره مبكراً ومع ذلك وهبه المولى سرعة الحفظ وقوة الذاكرة، وقد فاق أقرانه المبصرين، ولما بلغ سن الرشد سافر إلى الرياض فانضم إلى حلقات مسجد الشيخ محمد بن إبراهيم بدخنة، فبدأ بتلقي علم النحو وإعرابه لدى فضيلة الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم بعد صلاة الفجر مباشرة، وبعد شروق الشمس يتجه الطلاب إلى مجلس سماحة المفتي الشيخ محمد بن إبراهيم في الناحية الشرقية، ثم الانتقال إلى منزله لشرح بعض المتون، وكان يجمعنا به في ذلك المسجد المبارك تلقي مبادئ العلم على يدي الشيخين الجليلين، وفي أوائل عام 1371هـ انتقلنا معاً إلى الطائف للالتحاق بدار التوحيد هناك مدة عامين، ثم عدنا إلى الرياض لمواصلة الدراسة بالمعهد العلمي حتى نلنا الشهادة العالية بكلية اللغة العربية عام 1378هـ، ومن دفعتنا الزميل الأديب الأستاذ عبد الله أحمد الحقيل، والدكتور الفاضل محمد بن عبد الرحمن المفدى بدءاً من دراستنا في دار التوحيد إلا أنه قفز في المرحلة الجامعية فسبقنا، ويعتبر من الدفعة الأولى من كلية اللغة عام 1377هـ، فذكرياتنا مع الزملاء ومع الزميل الراحل - أبو عبد الحميد - لا تبرح الخاطر أبد الليالي والأيام...، فما أحلاها وأجملها من ذكريات وخاصة أيام الطائف:

بلد صحبت به الشبيبة والصِّبا

ولبست ثوب العمر وهو جديد!

وكنا معشر الطلبة الأربعة نتلقى الدروس تحت سقف واحد ولم نتفرق في جميع المواقع والمراحل الدراسية حتى ودعنا المقاعد الدراسية حامدين المولى ومستمرين في الترحم على مشايخنا ومعلمينا...، وكان الشيخ الزميل - أبو عبد الحميد - حينما يطلب منه أستاذنا الجليل عبد السلام سرحان - رحمه الله - التحدث في مادة التعبير بالسنة الأولى بدار التوحيد يستأثر بمعظم الوقت لتمكنه من زمام الفصاحة مرتجلاً، حتى إن الزملاء لقبوه بطه حسين عميد الأدب لإسهابه في الحديث، وقد وهبه الله استعداداً فطرياً ..، فجو دار التوحيد جو علم وأدب ومنافسة في التحصيل العلمي والأدبي..، فأبو – عبد الحميد - يرحمه الله يعتبر من أعمدة الأدباء والشعراء الكبار، فقد أثرى الساحة الأدبية بمؤلفاته التي يربو عددها على خمسة وثلاثين كتاباً مطبوعاً، وتخرّج على يديه نخبة من العلماء والأدباء تسنموا مناصب عالية في خدمة الدولة والوطن، فهو دائرة معارف يتعذر عد مآثره المشرفة، وقد نال التكريم والشكر من جهات متعددة داخلياً وخارجياً، وخشية من الإطالة أختتم لهذين البيتين لشاعر النيل حافظ إبراهيم مطابقة لحال الدكتور الزميل:

خلفت في الدنيا بياناً خالداً

وتركت أجيالاً من الأبناء

وغدا سيذكرك الزمان، ولم يزل

للدهر إنصاف وحُسن جزاءِ(1)

*الردادي :د. محمد بن سعد بن حسين.. قاهر الظلام:

يذكر الدكتور عائض أن محمد بن حسين اشتهر ببرنامجه الإذاعي «من المكتبة السعودية» الذي كان يذاع أسبوعيا في إذاعة الرياض، وقد استمر عدة سنوات، إضافة إلى برنامج آخر أعده لإذاعة القرآن الكريم بعنوان: "من المكتبة التراثية"

اخترمت المنون يوم السبت 19/6/1435هـ، 19/4/2014م الدكتور محمد بن سعد بن حسين أستاذ الأدب والنقد في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الذي تخرجت على يديه أجيال حيث بلغ عدد الرسائل العلمية التي أشرف عليها أكثر من (70) رسالة ماجستير ودكتوراه عدا الرسائل التي ناقشها والمحاضرات التي ألقاها، والطلاب الذين درسهم في قاعات الجامعة والمقالات التي نشرها والبرامج الإذاعية التي أعدها.
لقب (قاهر الظلام) أطلق على الدكتور طه حسين الذي قهر كل الصعاب حتى وُصف بعميد الأدب العربي، وهذا الوصف ينطبق على الدكتور ابن حسين الذي لم يعقه كف بصره عن مواجهة صعاب الحياة حتى صار أستاذاً للأدب والنقد، وممن يشار إليهم في الدراسات الأدبية، وقد ترك (34) مؤلفاً و(5) كتب تحقيق، وقدم لعشرة كتب، وكتب عدداً من المقالات وقد ألف عنها د. عبدالله الحيدري كتابه "محمد بن سعد بن حسين: بيبليوجرافيا".
لم تواجه ابن حسين صعوبات التعلم وحدها، بل واجهته معارضة في مجتمع ينظر إلى مكفوف البصر أنه غير قادر على شقّ طريقه في الحياة، إضافة إلى معارضة أفكاره المستنيرة، فقد دعا إلى تعليم المكفوفين طريقة "برايل" للقراءة والكتابة وجُوبِه بمعارضة فتح مدرسة، ولكنه تغلّب عليها، وعندما تعلم الكتابة على الآلة الكاتبة اتهم بأن الجن تكتب نيابة عنه، وعندما طالب بفتح مدرسة ليتعلم المكفوفون الطباعة على الآلة الكاتبة عورض أيضاً، ولكنه انتصر.
في عَوْدَة سدير ولد عام 1352هـ وتلقى فيها العلوم الأولية ثم انتقل إلى الرياض، ومن هناك انطلقت مسيرة تعليمه، وصار طالباً بارزاً بين زملائه، وجلس في المسجد الحرام في حلقات علمائه ثم التحق بدار التوحيد في الطائف عامين، عاد بعدها للرياض ليدرس في المعهد العلمي وتخرج فيه عام 1387هـ ليدرس في كلية اللغة العربية، ثم حصل على الماجستير والدكتوراه من الأزهر.
  اشتهر محمد بن حسين ببرنامجه الإذاعي "من المكتبة السعودية" الذي كان يذاع أسبوعياً في إذاعة الرياض، وفي كل حلقة يعرِّف بكتاب سعودي، وينقده، وقد أذيعت منه عشرات الحلقات، واستمر عدة سنوات، إضافة إلى برنامج آخر أعده لإذاعة القرآن الكريم بعنوان: "من المكتبة التراثية".
كانت له ندوة ثقافية في منزله باسم "ندوة النخيل" منسوبة للحي الذي يسكنه في الرياض، وكانت ملتقى للمثقفين، وله عناية بالتراث الشعبي الموروث، وقد أنشأ متحفاً للتراث في منزل أسرته في القرية الشعبية في عودة سدير، وقد زرته مع عدد من الزملاء يوم السبت 12/6/1435هـ وكان حافلاً بألوان من الموروثات الشعبية.
كان يتسم إلى جانب علمه الغزير بشخصية وقورة، تحسن الكلام وقت الكلام، والصمت وقت الصمت، وكان متصفاً بالرزانة، قلّما يظهر غضباً أو انفعالاً حتى عند الاستثارة في المناقشات العلمية، وكان يعنى عناية كبيرة بجمال مظهره، فيه خلق العلماء، ودماثة الأدباء، وصبر المكافحين، ونور المبددين لظلمات الجهل والتحجّر، فكانت حياته مسيرة عطاء في الأدب والنقد والدراسات والشعر، وترك إرثاً سيبقى نبع عطاء للدارسين للأدب والنقد، وبخاصة في الأدب السعودي، فلئن غاب جسماً فسيبقى في ذاكرة الثقافة والأدب محمولاً على رفوف المكتبات وذاكرة المثقفين، إنه قاهر الظلام بالكفاح والعلم وحسبه ذاك(2)

العطوي: الدكتور محمد بن سعد منبع للعلم :-

يقول  الدكتور مسعد العطوي ً: عرفت العالم العصامي الأستاذ الدكتور محمد بن سعد بن حسين. في مكتبات مصر وشاء الله أن يكون مشرفاً على رسالتي الدكتوراه في الرياض، والحديث عن ابن حسين يطول فالرجل عرفته مستثمراً للزمن حريصاً عليه علمني تعليماً عملياً كيف ينظم أوقاته من خلال مشاهدتي له، فهو الباحث الدائم أو لنقل هو السابح في محيط العلم فما تراه إلا في بحر العلم إما باحثاً في الكتب أو مستمعاً لحوار أو متحدثاً أو هو يملئ ويملأ الصحائف، ومنزله روضة علم، ومكتبه في الجامعة روضة علم، ومجالسه في منتدى معرفي. مكثت مع أستاذي محمد بن حسين سنين طويلة فلم أجده إلا منبعاً للعلم أو ناهلا منه، وهو مع ذلك رجل له تواصله الثقافي والمجتمعي، وقد كان من مؤسسي قسم الأدب حتى تصدر هذا القسم كلية اللغة العربية عطاء وإنجازا وكشفاً عن الأدباء والمفكرين فالرسائل الجامعية التي انبثقت عن هذا القسم عرفت بالأدباء والأدب السعودي.

ويمضي العطوي والدكتور ابن حسين رجل وطني فهو احتضن طلاب العلم وطلاب الدراسات العليا واخذ بأيديهم لاختيار الموضوعات ودفع بهم واستحثهم على الإنجاز فقد بلغت الرسائل التي اشرف عليها وناقشها السبعين رسالة. وطلابه تجدهم في الجامعات، والإعلام وفي سائر مناطق المملكة، وأنت تعجب لقدرته على مواصلة التأليف وهمته العالية لإنجاز المؤلفات وطباعتها فله أكثر من أربعين كتاباً، وهو صاحب الألف حلقة أدبية في الإذاعة وهو القارئ لألف كتاب، كتب عنها تلك الحلقات، وهو الذي استقطب كبار رجال الدولة ومثقفيها في منتداه الأدبي، إن هو الرجل العالم في الأدب والنقد وهو العالم الشرعي الذي قرأ أمهات الكتب الشرعية والأدبية.

إن الدكتور ابن حسين يمثل بناء الهمة والعزيمة للأجيال التي بنت حضارتنا المعاصرة. (3)

*حسن الهويمل:- آل حسين من الرواد الذين حافظوا على لحمة الأدب العربي وآلياته النقدية:-

يبرز الدكتور حسن الهويمل حرص ابن حسين في دراسة الأدب السعودي وإشاعته في الأوساط الأكاديمية فيقول: الحديث عن أديب رائد مثل محمد بن سعد بن حسين حديث متشعب وللكبار عدة زوايا، والكاتب كالمصور يحار من أي الزوايا يلتقط الصورة..

والشيء الذي يحسب لجامعة الإمام وللرواد فيها أمثال إبراهيم الفوزان وعبد العزيز الفيصل وناصر الدخيل ومحمد الربيع ومحمد الفاضل ومحمد الفيومي وآخرين أنهم أحرص الناس على دراسة الأدب السعودي وإشاعته في الأوساط الأكاديمية، ولقد كان لجهودهم المباركة الأثر الحسن، فلقد اتجه طلاب الدراسات العليا لدراسة الأدب السعودي واستحضار رموزه وقضاياه، وهذا الاستدعاء أنهى عقوداً من النسيان والتهميش، فالأدب السعودي ظل ردحاً من الزمن خارج المنهج، وكانت الآداب العربية حاضرة الدرس في جامعاتنا، ولو لا هذا الفريق المبارك لما بادر الحضور، ولما اهتم به أدباء العالم العربي ونقاده تلك واحدة من مآثر الأستاذ الدكتور محمد بن سعد بن حسين أما المأثرة الثانية فهي اضطلاعه بالمنهج التاريخي في دراسة الأدب العربي في المملكة واستحضاره لمنهج كاد ينقرض لولا جهود الدكتور شوقي ضيف والمنهج التاريخي في دراسة الأدب ضرورة ملحة؛ لأن العزوف عنه إهمال لجانب مهم من حياة الأدباء، وإذا تهافتت المناهج اللغوية والفنية والنفسية والثقافية فإنها تشكل إضافة، ولا يكون واحد منها بديلاً عما سواه، وداء المشهد الأدبي والنقدي أنه مشهد إقصائي يرى أنه بالأماكن الاستغناء عما سبق والاكتفاء بالمستجد، وهذا خطأ فادح صوح معه نبت النقد وضوت شواخص الأدب، ذلك أن المشهد الأدبي يتسع لكل التيارات والمذاهب والمناهج والآليات ومما يحمد للرواد تمسكهم بتراثهم واعتزازهم بمناهجهم واحتفاؤهم بما جد من مناهج وآليات، وأحسب الدكتور محمد بن سعد بن حسين من أولئك الرواد الذين ثبتوا الأفئدة والأقدام واستطاعوا أن يحافظوا على لحمة الأدب العربي وآلياته النقدية، ولم يلتفتوا إلى المتسرعين ولا إلى المتذوقين الذين لا يصبرون على طعام واحد.

وعن كتبه ومصنفاته يوضح الهويمل قائلاً: والأستاذ الدكتور الحسين خلَّف للمكتبة الأدبية داخل المملكة وخارجها مجموعة من الكتب والدراسات التي تحسب على التراث والأدب السعودي، وإسهاماته المتسمة بهذه السمات ستظل مرجعاً للدارسين والباحثين في الأدب العربي في المملكة.

وغيابه في ظل العارض المرضي لن ينسي طلابه وقراءه ما أسهم به وما قدمه من خدمات جليلة من خلال قسم الأدب في جامعة الإمام ومن خلال إسهاماته المتميزة في المحافل الأدبية والصالونات والأندية الأدبية من خلال المحاضرات والندوات والملتقيات(4)

*عبد الدايم : محمد بن حسين من رواد الحركة الأدبية والنقدية في المملكة العربية السعودية:

 يقرر الدكتور صابر عبد الدايم أن الدكتور محمد بن حسين يعد من رواد الحركة الأدبية والنقدية في المملكة العربية السعودية، وهذه الريادة ليست ادعاءً تنقصه الأدلة والشواهد، ولكنها حقيقة يشهد لها المنصفون الذين يعرفون أقدار الرجال، ويُدْركون أن صورة هذه البلاد الحضارية السامقة الآن لم تكن طفرة مفاجئة، ولكن تضافرت في تشكيلها وتكوين ملامحها المضيئة جهود المخلصين النابهين من القادة والعلماء والمفكرين والأدباء والنقاد والمبـدعين: كلٌّ في ميدانه ومع فُرْسانه، يجول ويصول، يكرّ ولا يفرّ، يُقْبل ولا يُدْبر، يقول ويفعل، يعد فيوفي وينجز. 
ومن الذين شاركوا في تأسيس الحركة الأدبية والنقدية في هذه المرحلة المبكرة : الشاعر / عبد الله بن إدريس في كتابه " شعراء نجد المعاصرون " و " عبد السلام الساس " في كتابه " شعراء الحجاز المعاصرون " و " عبد الله عبد الجبار " في كتابه " التيارات الأدبية الحديثة في قلب الجزيرة العربية " القاهرة 1959م و " عمر عبد الجبار " في كتابه " " سير وتراجم بعض علمائنا " في القرن الرابع عشر للهجرة عام 1358هـ و " محمـد سـرور الصبـان " في كتابه " أدب الحجاز " عام 1958م و " محمد حسن عواد " في كتابه " تأملات في الأدب والحياة " عام 1950م ، وخواطـر مصـرحـة ط 2 1345هـ 1961م و " إبراهيم هاشم فلالي " في كتابه " المرصاد " عام 1956م
و د / " محمد بن سعد بن حسين " من هذه الكوكبة التي أخلصت لدينها ووطنها وتراثها، وإنجازه في ميدان الحركة الأدبية والنقدية آثاره شاهدات على تواصله الإيجابي، ومشاركاته البناءة المثمرة في فعاليات الحركة الأدبية والنقدية المعاصرة(5)

*الربيِّع :إنشاء مركز ثقافي يهتم بالأدب في المملكة يحمل اسم د / " محمد بن سعد بن حسين "

يقول الدكتور محمد بن عبد الرحمن الربيِّع وكيل جامعة الإمام سابقاً : إن أول لقاء له مع الدكتور محمد بن سعد بن حسين كان في عام 1379هـ بمعهد الرياض العلمي .
ويقول ” درّسنا ابن حسين مادة الأدب في خمسة أعوام، ومن خلاله حببنا في دراسة الأدب وتذوق النصوص، لم يقتصر نشاط ابن حسين على التدريب بل امتد على الإشراف على النشاط الثقافي على النادي الأدبي بالمعهد، وحرص من البداية على الاهتمام بالأدب المحلي ” .
ووصف أسلوبه الأدبي بالهادئ المشع، ومشيراً إلى أن رحلة ابن حسين مع الدراسات العليا في مصر، حيث كوّن علاقات واسعة مع كبار الأدباء بالقاهرة فكان طالباً للدكتوراه وسفيراً للأدب السعودي في مصر، مقدماً عدداً من الاقتراحات ومبدياً استعداده للعمل مع اللجنة التي يمكن أن تشكل لنقل مكتبته إلى مسقط رأسه ؛ لتكون وقفاً على الباحثين والقراء بشكل عام، وإقامة ندوة موسّعة عنه في كلية اللغة العربية، وإعلان جائزة باسمه تُعنى بالأدب السعودي، والتفكير في إنشاء مركز ثقافي يهتم بالأدب في المملكة يحمل اسمه(6) .
* العوين :ابن حسين هو الباحث الأول في الأدب السعودي»:-

يقول الدكتور العوين "لن أنس لابن حسين حرصه على طلابه، وحثه لهم على سرعة الإنجاز، وفضله لا يمكن أن يغفل عنه منصف على الأدب السعودي، فهو صاحب الفضل في تخصيص هذا الأدب بفصل دراسي كامل في المستوى الثامن، وهو أيضا المفكر المقترح لكثير من موضوعات الدرس للباحثين في هذا الأدب، وهو على ذلك يعنى كل العناية بمن يدرس أو يريد أن يبحث في أي جانب من جوانب أدبنا، وحجته أن الأدب العربي في أقطاره قد خدمه ويخدمه أبناؤه وأدبنا لازال بكراً مغيباً عن الحضور والدرس، وهو أدب غني بالقضايا وبالنصوص ومن حق أبنائه عليه إيلاؤه ما يستحقه من الاهتمام. (7)

ويقول الدكتور العوين: «أزعم أن ابن حسين هو الباحث الأول في الأدب السعودي»، مستدركا: «لا يعني هذا التقليل من قيمة جهود أساتذة آخرين فضلاء؛ مثل إبراهيم الفوزان أو عبد الله الحامد أو محمد الشامخ وغيرهم؛ بل لهم جهود كبيرة مقدرة؛ لكن ابن حسين، بدأبه الطويل على تقصي المكتبة السعودية خلال ربع قرن عبر برنامجه، يكاد يكون شمل كل الإصدارات السعودية على اختلاف مناحيها، وهو جهد غير قليل، صدر منه (كتب وآراء) وبقي حسب علمي ما يغطي عشرة مجلدات لو طبعت، وهو أيضا أشرف على مئات الرسائل وصحح معلوماتها وأرشد باحثيها وهو أيضا تتلمذ على يديه مئات الدارسين، وحاضر وانتدى وتحدث لوسائل الإعلام ونشر المقالات في الصحف والمجلات (8)

*الوشمي :آل حسين يمثل رمزية نوعية في مجال الدراسة التاريخية للأدب السعودي:

اعتبر الدكتور عبد الله بن صالح الوشمي رئيس نادي الرياض الأدبي سابقا الأمين العام لمركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية الدكتور بن حسين رحمه الله يمثل رمزية نوعية في مجال الدراسة التاريخية للأدب السعودي، وما يتصل بها من جوانب ثقافية واجتماعية واكبت الجيل النوعي الذي ينتمي إليه، رحمه الله، لافتا إلى أن الفقيد أجرى المسح التاريخي والجغرافي والثقافي في الإطار الأدبي، ما مكنه من دراسة مجمل الحياة الأدبية في المملكة أو التخصص في بعض الشعراء أو الأدباء بشكل خاص، مثل ابن بليهد أو حمد الحجي أو غيرهما.

وبين الوشمي أن الدكتور ابن حسين تميز برمزية أخرى تتصل بحضوره في المشهد الأكاديمي لسنوات طويلة، ما منحه فرصة المتابعة والرصد الدقيق للحركة الأدبية في الجامعات السعودية، حيث واكب تحولات الدراسة الأدبية والتخصص في الأدب السعودي، إضافة إلى الإشراف المتنوع والمناقشة لعدد واسع من الرسائل الأكاديمية وبعض طلابه هم من قادة الدراسات الحديثة للأدب السعودي.

وأشار الوشمي إلى أن الفقيد لم ينفصل عن مفردات اليوم المتعددة فهو حاضر في عدد من المشاهد والصالونات والأندية ومتابع للحراك الثقافي المعاصر، إضافة إلى أنه من النقاد والأدباء الذين التزموا خطة أكاديمية تقليدية لظروف متعددة، لكنه ضمن ذلك استطاع أن يكون حاضرا في عدد من المشاهد وأن تكون له ريادته الخاصة رحمه الله. (9)

عسيلان: مؤلفات آل حسين تعكس عنايته  بالجوانب الأدبية والثقافية والعلمية:-

يقول المحقق والدكتور عبد الله عسيلان "إن مؤلفات آل حسين تعكس بجلاء ووضوح مدى عنايته واهتمامه بالجوانب الأدبية والثقافية والعلمية وعلى وجه الخصوص العناية البارزة بالأدب السعودي إذ يعد الدكتور من رواد البحث في الأدب السعودي وخاصة الأدب في نجد وذلك في وقت قلت فيه البحوث والدراسات في هذا الجانب ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد إذ إن له جهوداً متعددة في إلقاء المحاضرات والمشاركة في الندوات وإعداد البرامج التلفزيونية والإذاعية في الجانب الثقافي والأدبي ومن أشهرها برنامجه (من المكتبة السعودية)، ولهذا البرنامج دور هام في التعريف بما تحفل به المكتبة السعودية من النتاج الفكري والأدبي والعلمي للأدباء والعلماء والمثقفين السعوديين وباختصار فإن عطاءه الثقافي والأدبي والعلمي جم وغزير، وقد أفاد من علمه طلابه والباحثون والدارسون للأدب بعامة والأدب السعودي بخاصة"(10)

*خفاجي : كتاب " الأدب الحديث في نجد" يوضح صورة الأدب العربي في بيئة نجد العربية الخالصة

يُقدِّم الدكتور / محمد عبد المنعم خفاجي .. (رحمه الله) شهادته المنصفة ، فيُعْطي لجهْد د / محمد بن سعد بن حسين قَدْرَه وقيمتَه .. ويعلن عن دوْره المبكر في المسيرة الأدبية والنقدية فيقول معلقاً على ما قدَّمه ابن حسين من جهْد أدبي ونقدي .. وذلك في خاتمة كتاب: "الأدب الحديث في نجد "" دراساتٌ طويلةٌ شائقة مرهقة فيها خصوبة وجدّة وثراء ، وفيها أضواء كاشفة لمعالم الأدب الحديث في نجد في شعره ونثره لابد للدارسين أن يستضيئوا بها لكشف الطريق ومعرفة الأبعاد، وإيضاح الصور، ومن ثم كان لابن سعد فضل وأي فضل بما قدَّم لقراء العربية، وآدابها من زاد خصب ودراسات مفيدة، وأشْهدُ للمؤلف بجمال الأسلوب، وحسن الذوق، وسعة الإدراك، وعمق الفهم للقضايا التي درسها في كتابه، وهو مُنْصف في كثير من أحكامه، مجيد في كثير من جوانب دراسته ، متأنٍّ غاية التأني في إبداء الرأي .. حتى يقدم له الحجج، ويمهد له الأسانيد، وأعده مفخرة من مفاخر الأدب المعاصر في نجد، وأحد الخريجين الممتازين من كلية اللغة العربية بالرياض، وهي كلية تخدم اللغة العربية والأدب العربي بكل ما تستطيع ، وتربي أجيالا من العلماء الذين سوف يكون لهم أثر صدقٍ في بناء النهضة ، وتكوين الأمة ، وخدمة الإسلام والمسلمين(11)

ويقول د / خفاجي: " قرأت كتاب " الأدب الحديث في نجد " في نسخته الخطية المعدة للطبع، ولقد أكبرت جهد المؤلف وما بذله فيه من دأب ومثابرة وحرص، على أن يفي تاريخ بلاده الأدبي حقه من البحث والدراسة، والكتاب في كثير من موضوعاته جديد، وبحوثه في أغلبها غير مطروقة، وهو يضيف إلى تاريخنا الأدبي الحديث إضافات غنية توضح صورة الأدب العربي في بيئة من أكبر وأقدم بيئاته، وهي بيئة نجد العربية الخالصة ، والفنون الأدبية التي رصد الكاتب أهم معالمها في سياق الحقبة التي ظهرت فيها، وفي سياق الثقافة السائدة، والتقاليد والأعراف .. والمؤثرات الاجتماعية والسياسية والدينية التي لم يغفلها المؤلف ..، هذه الفنون تتمثل في الشعر ، وفن الخطابة، وفن الكتابة ، وفن القصة، وفن المقال، وقد عُني المؤلف بفن الشعر .. وفن الخطابة ، ورصد مظاهر تطور هذين الفنين ، وكذلك احتفى بفن الكتابة ، وحرص على رصد مظاهر الارتقاء والانحدار في الفن الكتابي .. ومنه " فن المقال "

وأهم سمات الأسلوب التي اصطبغ بها منهج د / محمد بن سعد بن حسين في هذا الرَّصد لمعالم الأدب الحديث في نجد بفنونه المتعددة " شعراً ونثراً ": 
أ - يغلب على أسلوب الكتاب طابع المحاضرات، حيث يصوغ د / محمد بن حسين عباراته صياغة أدبية جيدة، تجمع بين الحقيقة العلمية والحس الجمالي الفني، وهذا المسلك يقترب من نهْج د / طه حسين في كتابه " حديث الأربعاء " ولذلك يخْلو الكتاب من الحواشي والهوامش والنقول الكثيرة ؛لأن المؤلف يتعامل مع النصوص .. تعاملا قائما على التقويم والتحليل والموازنة والاستنباط، وقد قدم المراجع والمصادر مجملة في آخر الكتاب(12)
 رحم الله  الدكتور محمد بن سعد وحشره في زمرة العلماء العاملين جزاء ما قدم للعربية،وأدبها ،ونفعنا الله بعلمه وإبداعه الأدبي والنقدي ،وشكرا لرابطة الأدب الإسلامي العالمية على لمسة الوفاء تجاهه بعمل ملف أدبي ونقدي عنه.

([1])  عبد العزيز الخريف، تتابع إخوتي ومضوا لأمر عليه تتابع القوم الخيار!، صحيفة الجزيرة ، الثلاثاء 29 جمادى الآخرة 1435، العدد15188

([2])  عائض الردادي :د. محمد بن سعد بن حسين.. قاهر الظلام،جريدة المدينة ، الإثنين 28/04/2014

([3])  محمد باوزير ، ثقافة اليوم تحتفي بدوره التنويري الأدباء: الدكتور ابن حسين علامة بارزة في الأدب الحديث ، صحيفة الرياض

الخميس 22 شعبان 1433 هـ - 12يوليو 2012م - العدد 16089

([4])  نفسه

([5]صابر عبد الدايم: قراءة في معالم الخطاب النقدي للدكتور محمد بن سعد بن حسين ) الأدب الحديث في نجدْ أنموذجا)، بحث مقدم إلى ملتقى النقد الأدبي في المملكة العربية السعودية ،الدورة الأولى " الخطاب النقدي في مراحله المبكرة "  ، 23-25/4/2006م ،( النادي الأدبي بالرياض) 

([6])  محمد باوزير ، ثقافة اليوم تحتفي بدوره التنويري الأدباء: الدكتور ابن حسين علامة بارزة في الأدب الحديث ، صحيفة الرياض

الخميس 22 شعبان 1433 هـ - 12يوليو 2012م - العدد 16089

([7]) واس : ليلة وفاء عن الناقد الدكتور محمد بن سعد بن حسين، صحيفة الرياض 14 رجب 1435 هـ الموافق 13 مايو 2014 م

([8])  بدر الخريف ، ابن حسين.. كفيف نافس المبصرين وتحول إلى عالم موسوعي، جريدة الشرق الأوسط الأحد 11 جمـادى الثاني 1434 هـ 21 إبريل 2013 العدد 12563

([9])  سعاد الشمراني ،فارس القحطاني ، مثقفون يطالبون المؤسسات العلمية بتكريم الأديب محمد بن حسين،صحيفة عكاظ ،العدد4691،21إبريل 2014م

([10])  محمد باوزير ، ثقافة اليوم تحتفي بدوره التنويري الأدباء: الدكتور ابن حسين علامة بارزة في الأدب الحديث ، صحيفة الرياض

الخميس 22 شعبان 1433 هـ - 12يوليو 2012م - العدد 16089

([11]صابر عبد الدايم، قراءة في معالم الخطاب النقدي للدكتور محمد بن سعد بن حسين ) الأدب الحديث في نجدْ أنموذجا)، بحث مقدم إلى ملتقى النقد الأدبي في المملكة العربية السعودية ،الدورة الأولى " الخطاب النقدي في مراحله المبكرة "  ،25-27/3/1427هـ / 23-25/4/2006م ،( النادي الأدبي بالرياض) 

([12]صابر عبد الدايم، قراءة في معالم الخطاب النقدي للدكتور محمد بن سعد بن حسين ) الأدب الحديث في نجدْ أنموذجا)، بحث مقدم إلى ملتقى النقد الأدبي في المملكة العربية السعودية ،الدورة الأولى " الخطاب النقدي في مراحله المبكرة "  ،25-27/3/1427هـ / 23-25/4/2006م ،( النادي الأدبي بالرياض) 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply