كورونا... وقفات وأحكام وعبر


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

حديثنا في هذا اليوم المبارك بعنوان " كورونا وقفات ودورس وعبر" هذا الوباء الذي أسأل الله العلي العظيم أن يجنبنا جميعا والمسلمين أذاه.

أولى هذه الوقفات معاشر المسلمين هي هل كورونا عقوبة للكفار فإن كانت كذلك فهذه هي قد أتت بلاد المسلمين؟

وللجواب عن هذا يجب أن نعلم أن أعظم عقوبة للكفار هي عدم توفيقهم للهدى فمن مات كافراً فالنار مثوى له يوم يبعثون، وقد يزيد الله سبحانه الكفار عقوبة على ما فيهم من حجب عن الهدى بسبب طغيانهم أو بغيهم وإنا لنحسب أن ما نزل بالصين عقوبة لهم على إجرامهم بالمسلمين هنالك (وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ).

ونفس البلاء إذا حل بالمسلمين فإننا نعتقده إما رفعا لدرجات أو حطا للسيئات، فالمسلم معه أصل النجاة فيبقى بعد إذن بين ابتلاء على قدر إيمانه أو ابتلاء يخفف الله عنه آثار ذنوبه وعصيانه فيرتفع الإشكال فالأمر بين أن يكون عقوبة لأقوام وابتلاء لرفعة تكفير ذنوب لأقوام آخرين.

معاشر المسلمين

إن مما ينبغي لفت النظر إليه أن ما تدعو إليه منظمة الصحة العالمية وغيرها من وزارات الصحة في دول العالم للتعامل مع هذا الوباء وما شابهه فقد دعا إليه ديننا من قبل 1400 عام؛ فاليوم تنصح هذه المنظمات بعدم السفر من وإلى المناطق التي ينتشر فيه المرض وهذا عين ما دعا إليه رسول صلى الله عليه وسلم حيث قال عليه الصلاة والسلام (إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ [يعني: الطاعون] بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْه).

وتدعو اليوم هذه المنظمات إلى تغطية الفم أثناء العطاس والسعال وهذا قد أتى به ديننا فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، كَانَ إِذَا عَطَسَ، غَطَّى وَجْهَهُ بِيَدِهِ أَوْ بِثَوْبِهِ، وَغَضَّ بِهَا صَوْتَهُ" وتدعو هذه المنظمات إلى النظافة في البدن والملبس وهذا ولله الحمد من أظهر ما يدعو إليه ديننا

ونحن نزيد عليهم بأن ديننا حثنا على الأدعية والتعاويذ التي تقينا بإذن الله من هذه الشرور كالمحافظة على أذكار الصباح والمساء.

عباد الله وثالث هذه الوقفات هي في التحذير من نشر الإشاعات والأخبار الكاذبة، ولقد تساهل الناس بسبب وسائل الاتصال الحديثة بنشر كل ما تقع عليه أعينهم، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع"، وقد جاء في الحديث الذي جاء في الصحيح أن عقوبة من يكذب الكذب ثم تبلغ الأفاق أي تنتشر انتشار واسعا أنه يعذب في قبره بعقوبة شنيعة تقطع أشداقه إلى قفاه وعيناه إلى قفاه وكلما ثم تعود وتلتئم فيعاد له العقاب ولا حول ولا وقوة إلا بالله.

وأما رابع هذه الوقفات فالتنبيه على أمر منكر وهو ما ينشره بعض الناس من سخرية من هذه الأوبئة والابتلاءات، والواجب على المسلم أن يسأل الله المعافاة وإذا كان مقصرا أن يعود إلى مولاه بالتوبة والاوبئة، وأما مقابلة هذا الابتلاء بالسخرية والاستهزاء فقد يدخل في قوله تعالى: (فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)

أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم...

الخطبة الثانية:

فمن الأحكام المتعلقة بالأمراض المعدية حكم صلاة الجماعة على المصاب بمرض معدي، والصحيح الذي عليه عدد من العلماء أن صاحب المرض المعدي يصل في بيته لكيلا يؤذي المسلمين، فإن كان من أكل الثوم والبصل منع من صلاة الجماعة حتى لا يؤذي الملائكة والمصلين بريحه، فكيف بمن كان حضوره للصلاة قد تسبب أذى للمصلين وخاصة أن بعضهم من كبار السن الذي تضعف مناعتهم وربما تدهورت صحتهم بسبب صلاة هذا المصلي صاحب المرض المعدي؟ وهذا كله من باب العمل بالأسباب وإلا فإن العدوى لن تضر ما لم يأذن الله بذلك.

ومن العبر التي نستفيدها في مثل هذه الأيام بيان ضعف البشر فمهما بلغوا من القوة والتطور فيبقون كائنات ضعيفة لا يستطيعون رد البلاء إذا نزل بهم، فهذا رئيس الصين يقول في احتفال كبير "ما من قوة تستطيع وقف تقدمنا" وبعدها بأيام يتسلط هذا الكائن الذي لا يرى بالعين المجردة فيكاد يتعطل اقتصاد الصين وتخلو مناطق كاملة من مرتاديها، ويقف الذي قال ما من قوة تستطيع وقفت تقدمنا حائرا أما هذه الحالة التي شلت بلاده.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply