فضائل القرآن


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

إن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى ،الذي أنزله على نبينا محمدٍ، صلى الله عليه وسلم، بواسطة أمين الوحي جبريل،عليه السلام،وهو كتاب الله تعالى الخاتم إلى أهل الأرض جميعاً،إلى يوم القيامة.من أجل ذلك أحببتُ أن أُذّكِرَ نفسي وطلاب العِلْم الكرام ببعض فضائل وأحكام القرآن الكريم وآداب حُفَّاظه.

تعريف القرآن الكريم:

القرآن: هُوَ كلامُ الله تعالى حقيقة, المنَزَّلُ على نبينا محمدٍ , يقظة, لا مناماً, بواسطة أمين الوحي جبريل عليه السلام، المنقولُ إلينا بالتواتر, المتعبدُ بتلاوته, المعجزُ بلفظه والمتَحَدَى بأقصر سورة منه, المكتوبُ في المصاحف, المبدوءُ بسورة الفاتحة, المختوم بسورة الناس. (أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف صـ 23)

الْمُتَوَاتِرُ: وَهُوَ مَا نَقَلَهُ جَمْعٌ لَا يُمْكِنُ تَوَاطُؤُهُمْ (أي اتفاقهم) عَلَى الْكَذِبِ عَنْ مِثْلِهِمْ إِلَى مُنْتَهَاهُ.  (الإتقان في علوم القرآن للسيوطي جـ1صـ215)

فائدة هامة:

يجب أن نعتقد أن الله تعالى يتكلم كلاماً يليق بجلاله وعظمته دون تشبيه أو تمثيل أو تكييف أو تعطيل, وكل ما يدور بعقولنا. فكلام الله عز وجل بخلافه, قال الله تعالى في محكم التنزيل: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(الشورى: 11)

وقال سبحانه: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ) (التوبة:6)

وقال جلَّ شأنه: (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً) (النساء: 164)

وقال سبحانه: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ) (البقرة: 253)

الفرق بين القرآن والحديث القدسي:

هناك عِدةُ فروق بين القرآن الكريم والحديث القدسي أهمها:

(1)  القرآن الكريم كلام الله أَوْحَى به إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلفظه، وتحدى به أهل الفصاحة من العرب، فعجزوا عن أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور مثله، أو بسورة من مثله، ولا يزال التحدي به قائمًا، فهو معجزة خالدة إلى يوم الدين.

والحديث القدسي لم يقع به التحدي والإعجاز.

(2) القرآن الكريم لا يُنْسَب إلا إلى الله تعالى، فيُقالُ: قال الله تعالى.

والحديث القدسي قد يُرْوَى مضافًا إلى الله وتكون النسبة إليه حينئذ نسبة إنشاء فيُقالُ: قال الله تعالى، أو: يقول الله تعالى، وقد يُرْوَى مضافًا إلى رسول الله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتكون النسبة حينئذ نسبة إخبار لأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو المُخْبِرُ به عن الله، فيُقالُ: قال رسول الله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيما يرويه عن ربه عز وجل.

(3) جميع القرآن الكريم منقول بالتواتر، فهو قطعي الثبوت، والأحاديث القدسية أكثرها أخبار آحاد، فهي ظنية الثبوت. وقد يكون الحديث القدسي صحيحًا، وقد يكون حسنًا، وقد يكون ضعيفًا،وقد يكون موضوعاً.

(4) القرآن الكريم من عند الله لفظًا ومعنًى، فهو وحي باللفظ والمعنى.

والحديث القدسي معناه من عند الله، ولفظه من عند الرسول، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهو وحي بالمعنى دون اللفظ، ولذا تجوز روايته بالمعنى عند جمهور المحدِّثين.

(5) القرآن الكريم مُتَعَبَّدٌ بتلاوته، فهو الذي تتعين القراءة به في الصلاة.

 قال سبحانه: (فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ), وقراءته عبادة يُثيب الله عليها.

روى الترمذيُّ عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ).(حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 2327) والحديث القدسي لا يُجزئ في الصلاة، ويثيبُ اللهُ تعالى على قراءته ثوابًا عامًّا، فلا يصدق فيه الثواب الذي وَرَدَ ذِكْره في الحديث على قراءة القرآن، بكل حرف عشر حسنات.(مباحث في علوم القرآن لمناع القطان صـ23:22)

أسماء القرآن وأوصافه:

إنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى الْقُرْآنَ بأسماءَ كثيرةٍ ووصفه بصفات جليلة،منها ما يلي:

سَمَّاهُ كِتَابًا فَقَالَ: (حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ)(الزخرف:2:1)

وَسَمَّاهُ قُرْآنًا فَقَالَ: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) (الواقعة:77)

وَسَمَّاهُ كَلَامًا فَقَالَ: (حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ) (التوبة:6)

وَسَمَّاهُ فُرْقَانًا فَقَالَ: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا) (الفرقان:1)

وَسَمَّاهُ ذِكْرًا فَقَالَ: (وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ) (الأنبياء:50)

وَسَمَّاهُ مُهَيْمِنًا فَقَالَ: (مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ)(المائدة:48)

وَسَمَّاهُ حَبْلًا فَقَالَ: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)  (آل عمران:103)

وَسَمَّاهُ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ فَقَالَ: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ) (الأنعام:153)

وَسَمَّاهُ نَبَأً عَظِيمًا فَقَالَ: (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ)(النبأ:2:1)

وَسَمَّاهُ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ فَقَالَ: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ) (الزمر:23)

وَسَمَّاهُ تَنْزِيلًا فَقَالَ: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الشعراء:192)

وَسَمَّاهُ رُوحًا فَقَالَ: (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا) (الشورى:52)

وَسَمَّاهُ وحياً فَقَالَ: (إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ) (الأنبياء:45)

وَسَمَّاهُ الْمَثَانِيَ فَقَالَ: (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (الحجر:87)

وَسَمَّاهُ بياناً فَقَالَ: (هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) (آل عمران:138)

وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ مُبِينٌ فَقَالَ: (الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ) (يوسف:1)

وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ قيمٌ فَقَالَ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ) (الكهف:2:1)

وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ عَلِيٌّ فَقَالَ: (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ)(الزخرف:4)

وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ حَكِيمٌ فَقَالَ: (الم  تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ)(يونس: 1)

وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ مُبَارَكٌ فَقَالَ: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) (ص:29)

وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ نُورٌ فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا)(النساء:174)

وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ هدى فَقَالَ: (تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ * هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ)(لقمان:3:2)

وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ فَقَالَ: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا) (الإسراء:82)

وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ مَوْعِظَةٌ فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (يونس:57)

وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ كريمٌ فَقَالَ: (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ)(الواقعة:78:77)

وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ مَجِيدٌ فَقَالَ: (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) (البروج:22:21)

وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ فَقَالَ: (كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ) (فصلت:4:3)

وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ بشرى، فَقَالَ (طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ * هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ)(النمل:2:1)

وَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ عزيزٌ فَقَالَ: (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ) (فصلت:41) (البرهان في علوم القرآن للزركشي جـ1صـ276:273)

تفسير بعض أسماء وأوصاف القرآن:

فَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ كِتَابًا فَلِجَمْعِهِ أَنْوَاعَ الْعُلُومِ وَالْقِصَصِ وَالْأَخْبَارِ عَلَى أَبْلَغِ وَجْهٍ وَالْكِتَابُ لُغَةً الْجَمْعُ.

وَالْمُبِينَ لْأَنَّهُ أَبَانَ أَيْ أَظْهَرَ الْحَقَّ مَنِ الْبَاطِلِ.

وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ الْقُرْآنُ، فَلْأَنَّهُ جَمَعَ السُّوَرِ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ.

وَقَالَ الرَّاغِبُ الأصفهاني: سُمِّيَ قُرْآنًا لِكَوْنِهِ جَمْعَ ثَمَرَات الْكُتُبِ السَّالِفَةِ الْمُنَزَّلَةِ.

وَأَمَّا الْكَلَامُ: فَمُشْتَقٌّ مِنَ الْكَلِمِ بِمَعْنَى التَّأْثِيرِ لْأَنَّهُ يُؤَثِّرُ فِي ذِهْنِ السَّامِعِ فَائِدَةً لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ.

وَأَمَّا النُّورُ: فَلِأَنَّهُ يُدْرَكُ بِهِ غَوَامِضُ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ.

وَأَمَّا الْهُدَى، فَلْأَنَّ فِيهِ الدَّلَالَةَ عَلَى الْحَقِّ وَهُوَ مِنْ بَابِ إِطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى الْفَاعِلِ مُبَالَغَةً.

وَأَمَّا الْفُرْقَانُ، فَلِأَنَّهُ فَرْقٌ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ .

وَأَمَّا الشِّفَاءُ، فَلْأَنَّهُ يَشْفِي مِنَ الْأَمْرَاضِ الْقَلْبِيَّةِ كَالْكُفْرِ وَالْجَهْلِ وَالْغِلِّ وَالْبَدَنِيَّةِ أَيْضًا.

وَأَمَّا الذِّكْرُ فَلِمَا فِيهِ مِنَ الْمَوَاعِظِ وَأَخْبَارِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ.

 وَالذِّكْرُ أَيْضًا الشَّرَفُ قَالَ تَعَالَى: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) ، أَيْ شَرَفٌ لْأَنَّهُ بِلُغَتِهِمْ.

وَأَمَّا الْحِكْمَةُ، فَلْأَنَّهُ نَزَلَ عَلَى الْقَانُونِ الْمُعْتَبَرِ مِنْ وَضْعِ كُلِّ شَيْءٍ فِي مَحَلِّهِ أَوْ لْأَنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْحِكْمَةِ.

وَأَمَّا الْحَكِيمُ، فَلْأَنَّهُ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ بِعَجِيبِ النَّظْمِ وَبَدِيعِ الْمَعَانِي وَأَمَّا الْمُهَيْمِنُ، فَلْأَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى جَمِيعِ الْكُتُبِ وَالْأُمَمِ السَّالِفَةِ.

وَأَمَّا الْحَبْلُ، فَلْأَنَّهُ مَنْ تَمَسَّكَ بِهِ وَصَلَ إِلَى الْجَنَّةِ أَوِ الْهُدَى وَالْحَبَلُ السَّبَبُ.

وَأَمَّا الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، فَلْأَنَّهُ طَرِيقٌ إِلَى الْجَنَّةِ قَوِيمٌ لَا عِوَجَ فِيهِ.

وَأَمَّا الْمَثَانِي، فَلْأَنَّ فِيهِ بَيَانُ قِصَصِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ فَهُوَ ثَانٍ لما تقدمه. وقيل: لتكرر الْقَصَصِ وَالْمَوَاعِظِ فِيهِ وَقِيلَ: لْأَنَّهُ نَزَلَ مَرَّةً بِالْمَعْنَى وَمَرَّةً بِاللَّفْظِ والمعنى كقوله: (إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى)

وَأَمَّا الرُّوحُ، فَلْأَنَّهُ تَحْيَا بِهِ الْقُلُوبُ وَالْأَنْفُسُ.

وَأَمَّا الْمَجِيدُ، فَلِشَرَفِهِ.

وَأَمَّا الْعَزِيزُ، فَلْأَنَّهُ يَعِزُّ عَلَى مَنْ يُرِيدُ مُعَارَضَتَهُ.

وَأَمَّا الْبَلَاغُ، فَلْأَنَّهُ أُبْلِغَ بِهِ النَّاسُ مَا أُمِرُوا بِهِ وَنُهُوا عَنْهُ أَوْ لِأَنَّ فِيهِ بَلَاغَةً وَكِفَايَةً عَنْ غَيْرِهِ.

(البرهان في علوم القرآن للزركشي جـ1صـ281:276)

(الإتقان في علوم القرآن للسيوطي جـ 1 صـ 146 : صـ 148 )

* فضل تلاوة القرآن:

لقد استفاض القرآنُ الكريمُ والسُّنةُ المباركةُ في الحديث عن فضل تلاوة القرآن الكريم.

أولاً: من القرآن الكريم:

(1) قال تعالى: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (البقرة:121)

(2) قال سبُحانه: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الأعراف:204)

(3) قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (لأنفال:2)

(4) قال سُبحانه: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً *وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً) (الإسراء:78 : 79)

(5) قال جل شأنه: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) (فاطر:29 : 30)

(6) قال تعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) (الزمر:23)

(7) قال سبحانه: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (القمر:17)

ثانياً: السنة:

وردت أحاديث كثيرة عن نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تتحدث عن فضل تلاوة القرآن الكريم نذكر منها على ما يلي:

(1) روى الشيخان عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ) . ( البخاري حديث 4937 / مسلم حديث 798 )

(2) روى مسلمٌ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِي الصُّفَّةِ فَقَالَ: أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَغْدُوَ كُلَّ يَوْمٍ إِلَى بُطْحَانَ أَوْ إِلَى الْعَقِيقِ فَيَأْتِيَ مِنْهُ بِنَاقَتَيْنِ كَوْمَاوَيْنِ فِي غَيْرِ إِثْمٍ وَلَا قَطْعِ رَحِمٍ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ نُحِبُّ ذَلِكَ قَالَ أَفَلَا يَغْدُو أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَيَعْلَمُ أَوْ يَقْرَأُ آيَتَيْنِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرٌ لَهُ مِنْ نَاقَتَيْنِ وَثَلَاثٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعٌ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَرْبَعٍ وَمِنْ أَعْدَادِهِنَّ مِنْ الْإِبِلِ.( مسلم حديث 803 )

الكوماء: الناقة عظيمة السنام.

(3) روى الترمذيُّ عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ).( حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 2327 )

(4) روى الشيخان عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْأُتْرُجَّةِ(نوع من الفاكهة) رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ لَا رِيحَ لَهَا وَطَعْمُهَا حُلْوٌ وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ). ( البخاري حديث 5020 / مسلم حديث 797 )

(5) روى مسلم عن أبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ) .( مسلم حديث 804 )

(6) روى البخاري عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ) . ( البخاري حديث 5027 )

(7) روى الشيخانِ عَنْ  عَبْدِ اللَّهِ بن عمر عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ) .( البخاري حديث 5025 / مسلم حديث 815 )

(8) روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ) . (مسلم حديث 2699 )

(9) روى أبو داودَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: (اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا) .( حديث حسن صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 1300 )

قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: جَاءَ فِي الأَثَرِ، أَنَّ عَدَدَ آيِ الْقُرْآنِ عَلَى قَدْرِ دَرَجِ الْجَنَّةِ، فَمَنِ اسْتَوْفَى قِرَاءَةَ جَمِيعِ آيِ الْقُرْآنِ، اسْتَوْلَى عَلَى أَقْصَى دَرَجِ الْجَنَّةِ. ( شرح السنة للبغوي جـ 4 صـ 435 )

(10) روى ابنُ حِبَّان عَنْ جَابِرِ بنِ عبد الله عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « الْقُرْآنُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ، وَمَاحِلٌ(أيْ خَصْمٌ) مُصَدَّقٌ،مَنْ جَعَلَهُ إِمَامَهُ قَادَهُ إِلَى الْجَنَّةِ ،وَمَنْ جَعَلَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ سَاقَهُ إِلَى النَّارِ».(حديث صحيح ) (صحيح الترغيب للألباني حديث 1423)

(11) روى ابنُ ماجه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ:«هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ(أي حفظته العاملون به.)،أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ(أي أولياؤه المختصون به)

(حديث صحيح ) (صحيح ابن ماجه للألباني حديث 178)

(12) روى الترمذيُّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّهُ مَرَّ عَلَى قَارِئٍ يَقْرَأُ، ثُمَّ سَأَلَ فَاسْتَرْجَعَ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَنْ قَرَأَ القُرْآنَ فَلْيَسْأَلِ اللَّهَ بِهِ، فَإِنَّهُ سَيَجِيءُ أَقْوَامٌ يَقْرَءُونَ القُرْآنَ يَسْأَلُونَ بِهِ النَّاسَ).(حديث حسن ) (صحيح الترمذي للألباني حديث 2330)

(13) روى الحاكمُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ فِي لَيْلَةٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ.»(حديث صحيح لغيره) (صحيح الترغيب للألباني حديث 1436)

(14) روى ابنُ خُزَيْمَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ مِائَةَ آيَّةٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، أَوْ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ» (حديث صحيح) (السلسلة الصحيحة للألباني حديث 643)

قَالَ أبوأُمَامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «احْفَظُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ قَلْبًا وَعَى الْقُرْآنَ». ( شرح السنة للبغوي جـ 4 صـ 437 )

قَالَ خَبَّابُ بْنُ الأَرَتِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «تَقَرَّبْ إِلَى اللَّهِ مَا اسْتَطَعْتَ، فَإِنَّكَ لَنْ تَقَرَّبَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ كَلامِهِ». ( شرح السنة للبغوي جـ 4 صـ 437 )

قَالَ الْحَسَنُ البصري:«فَضْلُ الْقُرْآنِ عَلَى الْكَلامِ، كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ». ( شرح السنة للبغوي جـ 4 صـ 437 )

روى ابنُ أبي شيبة عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ مَسْعُودٍ: «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مَأْدُبَةٌ، مَنْ دَخَلَ فِيهِ فَهُوَ آمِنٌ» (حديث صحيح)(مصنف ابن أبي شيبة جـ 10صـ24 رقم 30616 )

روى ابنُ أبي شيبة عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الصَّوْمِ» (حديث صحيح)(مصنف ابن أبي شيبة جـ 10صـ41 رقم 30696 )

* حُسن الصوت بالقرآن:

(1) روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ (أي: ما استمع الله) لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ .( البخاري حديث 5023 / مسلم حديث 233 )

(2) روى أبو داودَ عن أبي لُبَابَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ .( حديث حسن صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 1305 )

(3) روى الحاكمُ عَنِ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ، فَإِنَّ الصَّوْتَ الْحَسَنَ يَزِيدُ الْقُرْآنَ حُسْنًا» ( حديث صحيح ) ( صحيح الجامع للألباني حديث 3581 )

(4) روى ابنُ ماجه عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صَوْتًا بِالْقُرْآنِ الَّذِي إِذَا سَمِعْتُمُوهُ يَقْرَأُ حَسِبْتُمُوهُ يَخْشَى اللَّهَ .( حديث صحيح ) ( صحيح ابن ماجه للألباني حديث 1101 )

(5) روى ابنُ أبي شيبة عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: " كُنَّا مَعَ أَبِي مُوسَى فَجِئْنَا اللَّيْلَ إِلَى بُسْتَانٍ خَرِبٍ، قَالَ: «فَقَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَقَرَأَ قِرَاءَةً حَسَنَةً»(حديث صحيح)(مصنف ابن أبي شيبة جـ 10صـ13 رقم 30548 )

* البكاء عند قراءة القرآن:

روى الشيخانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْرَأْ عَلَيَّ» قَالَ: قُلْتُ: أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ قَالَ: «إِنِّي أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي» قَالَ: فَقَرَأْتُ النِّسَاءَ حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ: (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ، وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا) (النساء: 41) قَالَ لِي: «كُفَّ - أَوْ أَمْسِكْ -» فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَذْرِفَانِ.    ( البخاري حديث 5055 / مسلم حديث 800 )

آداب معلم القرآن:

سوف نذكر آداب وصفات مُعَلِّمِ القرآن الكريم بإيجاز:

(1) ينبغي على مُعَلِّمِ القرآن أن يقصد بتعليمه رضا الله تعالى وحده.

 قال الله تعالى :(وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (البينة:5)

 روى الشيخانِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ»

(البخاري حديث:1/مسلم حديث: 1907)

قال أبو القاسم القشيري (رحمه الله): الْإِخْلَاصُ: إفْرَادُ الْحَقِّ فِي الطَّاعَةِ بِالْقَصْدِ، وَهُوَ أَنْ يُرِيدَ بِطَاعَتِهِ التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى دُونَ شَيْءٍ آخَرَ مِنْ تَصَنُّعِ الْمَخْلُوقِ أَوْ اكْتِسَابِ مَحْمَدَةٍ عِنْدَ النَّاسِ. ( الرسالة القشيرية لعبد الكريم القشيري جـ1صـ359)

قَالَ ذِو النُّونِ المصري (رحمه الله): ثَلَاثٌ مِنْ عَلَامَاتِ الْإِخْلَاصِ: اسْتِوَاءُ الْمَدْحِ وَالذَّمِّ مِنْ الْعَامَّةِ وَنِسْيَانُ رُؤْيَةِ العَمَلِ فِي الْأَعْمَالِ وَاقْتِضَاءُ ثَوَابِ الْعَمَلِ فِي الْآخِرَةِ.(الرسالة القشيرية لعبد الكريم القشيري جـ1صـ359)

(2) ينبغي على مُعَلِّمِ القرآن أن لا يقصد بتعليمه القرآن توصلاً إلى غرض من أغراض الدنيا من مال أو رياسة أو وجاهة أو ارتفاع على أقرانه أو ثناء عند الناس أو صرف وجوه الناس إليه أو نحو ذلك . قال تعالى (مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) (الشورى:20)

روى أبو داودَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا، لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» يَعْنِي رِيحَهَا. (حديث صحيح)(صحيح أبي داود للألباني حديث:3112)

 روى الترمذيُّ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ طَلَبَ العِلْمَ لِيُجَارِيَ بِهِ العُلَمَاءَ أَوْ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ يَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ النَّارَ»     (حديث حسن)(صحيح الترمذي للألباني حديث:2138)

(3) ينبغي على مُعَلِّمِ القرآن أن يتجنبَ أن يكون قصده بتعليمه القرآن الافتخار بكثرة الطلاب الذين يقرؤون عليه القرآن.

 (4) ليحذر مُعَلِّمُ القرآن من كراهته قراءة طلابه على مُعَلِّمٍ آخر غيره، ممن يُنتفعُ به. وهذا أمرٌ قد يُبتلى به بعض المعلمين وهي دلالة بينة من صاحبها على سوء نيته وفساد طويته بل هي حجة قاطعة على عدم إرادته بتعليمه وجه الله تعالى الكريم فإنه لو أراد الله بتعليمه لما كره ذلك بل قال لنفسه: أنا أردت الطاعة بتعليمه وقد حصلت وقد قصد بقراءته على غيري زيادة علم فلا عتاب عليه.

(5) ينبغي لمعلم القرآن أن يتخلق بالمحاسن التي ورد الشرعُ بها والخصال الحميدة والشيم المرضية التي أرشده الله إليها من الزهادة في الدنيا والتقلل منها وعدم المبالاة بها وبأهلها والسخاء والجود ومكارم الأخلاق وطلاقة الوجه من غير خروج إلى حد الخلاعة والحلم والصبر والتنزه عن دنيء المكاسب وملازمة الورع والخشوع والسكينة والوقار والتواضع والخضوع واجتناب الضحك والإكثار من المزاح وملازمة الوظائف الشرعية كالتنظيف وتقليم بإزالة الأوساخ والشعور التي ورد الشرع بإزالتها كقص الشارب وتقليم الظفر وتسريح اللحية وإزالة الروائح الكريهة والملابس المكروهة.

(6) ليحذر مُعَلِّمُ القرآن كل الحذر من الحسد والرياء والعجب واحتقار غيره وإن كان دونه.

 (7) ينبغي على مُعَلِّمِ القرآن أن يستعمل الأحاديث الواردة في التسبيح والتهليل ونحوهما من الأذكار والدعوات وأن يراقب الله تعالى في سره وعلانيته ويحافظ على ذلك وأن يكون اعتماده في جميع أموره على الله تعالى.

(8) ينبغي لمعَلِّمِ القرآن أن يرفقَ بمن يقرأ عليه وأن يرحب به ويحسن إليه بحسب حاله.

 روى ابنُ ماجه عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "سَيَأْتِيكُمْ أَقْوَامٌ يَطْلُبُونَ الْعِلْمَ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فَقُولُوا لَهُمْ: مَرْحَبًا مَرْحَبًا بِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاقْنُوهُمْ " قُلْتُ لِلْحَكَمِ، مَا اقْنُوهُمْ، قَالَ: عَلِّمُوهُمْ.

(حديث حسن)(صحيح ابن ماجه للألباني حديث:201)

(9) ينبغي لمعَلِّمِ القرآن أن يبذل النصيحة لمن يعلمهم القرآن.

 روى مسلمٌ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ»(مسلم حديث:55)

 ومن النصيحة لله تعالى ولكتابه إكرام قارئه وطالبه وإرشاده إلى مصلحته والرفق به ومساعدته على طلبه بما أمكن وتأليف قلب الطالب وأن يكون سمحا بتعليمه في رفق متلطفا به ومحرضا له على التعلم. وينبغي أن يذكره فضيلة ذلك ليكون سببا في نشاطه وزيادة في رغبته ويزهده في الدنيا ويصرفه عن الركون إليها والاغترار بها ويذكره فضيلة الاشتغال بالقرآن وسائر العلوم الشرعية وهو طريق العارفين وعباد الله الصالحين وأن ذلك رتبة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

 (10) ينبغي على مُعَلِّمِ القرآن أن يشفق على الطالب ويعتني بمصالحه كاعتنائه بمصالح ولده ومصالح نفسه ويجري المتعلم مجرى ولده في الشفقة عليه والصبر على جفائه وسوء أدبه ويعذره في قلة أدبه في بعض الأحيان فإن الإنسان مُعَرضٌ للنقائص خاصة إذا كان صغير السن، وينبغي أن يحب له ما يحب لنفسه من الخير وأن يكره له ما يكره لنفسه من النقص مطلقاً.

روى الشيخانِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» (البخاري حديث:13 /مسلم حديث:45)

قالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَعَزُّ النَّاسِ عَلَيَّ جَلِيسِي الَّذِي يَتَخَطَّى النَّاسَ إلَيَّ، أَمَا وَاَللَّهِ إنَّ الذُّبَابَ يَقَعُ عَلَيْهِ فَيَشُقُّ عَلَيَّ. (بهجة المجالس لابن عبد البر جـ1صـ3)

(11) ينبغي على مُعَلِّمِ القرآن أن لا يتعاظم على المتعلمين بل يلين لهم ويتواضع معهم.

وهؤلاء الطلاب هم بمنزلة أولاده مع ما هم عليه من الاشتغال بالقرآن مع ما لهم عليه من حق الصحبة وترددهم إليه.

(12) ينبغي على مُعَلِّمِ القرآن أن يؤدب المتعلم على التدريج بالآداب السنية والشيم المرضية ورياضة نفسه بالدقائق الخفية ويعوده الصيانة

في جميع أموره الباطنة والجلية ويحرضه بأقواله وأفعاله المتكررات على الإخلاص والصدق وحسن النيات ومراقبة الله تعالى في جميع اللحظات ويعرفه أن لذلك تتفتح عليه أنوار المعارف وينشرح صدره ويتفجر من قلبه ينابيع الحكم واللطائف ويبارك له في علمه وحاله ويوفق في أفعاله وأقواله.

(13) ينبغي لمعَلِّمِ القرآن أن يكون حريصاً على تعليم طلابه مُؤْثراً ذلك على مصالح نفسه الدنيوية التي ليست بضرورية وأن يفرغ قلبه في حال جلوسه لإقرائهم من الأسباب الشاغلة كلها.

 (14) ينبغي لمعَلِّمِ القرآن أن يكون حريصاً على تفهيم طلابه وأن يعطي كل إنسان منهم ما يليق به فلا يكثر على من لا يحتمل الإكثار ولا يقصر لمن يحتمل الزيادة ويأخذهم بإعادة محفوظاتهم ويثني على من ظهرت نجابته ما لم يخش عليه فتنة بإعجاب أو غيره ومن قَصَّرَ عنَّفه تعنيفاً لطيفاً في ما لم يخش عليه تنفيره .

(15) يجبُ على مُعَلِّمِ القرآن الكريم أن لا يحسد أحداً من طلابه لبراعة تظهر منه ، ولا يستكثر فيه ما أنعم الله تعالى به عليه ، فإن الحسد حرام شديد التحريم، فكيف للمتعلم الذي هو بمنزلة الولد ويعود من فضيلته إلى معلمه في الآخرة الثواب الجزيل وفي الدنيا الثناء الجميل.

 (16) ينبغي لمعَلِّمِ القرآن أن يُقدِّمَ في تعليمه طلابه إذا ازدحموا الأول فالأول. فإن رضي الأول بتقديم غيره قدمه وينبغي أن يظهر لهم البشر وطلاقة الوجه ويتفقد أحوالهم ويسأل عمن غاب منهم.

 (17) ينبغي لمعَلِّمِ القرآن أن يصون يديه في حال الإقراء عن العبث وعينيه عن تفريق نظرهما من غير حاجة ويقعد على طهارة مستقبل القبلة ويجلس بوقار وتكون ثيابه بيضاء نظيفة.ويجلس متربعاً إن شاء أو غير متربع.

(18) ينبغي لمعَلِّمِ القرآن أن يكون مجلسه واسعاً ليتمكن جلساؤه فيه. (التبيان في آداب حملة القرآن للنووي صـ27:15)

روى أبو داودَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «خَيْرُ الْمَجَالِسِ أَوْسَعُهَا» (حديث صحيح)(صحيح أبي داود للألباني حديث:4035)

آداب  من يتعلم القرآن:

سوف نذكر آداب وصفات مُتعَلِّم القرآن الكريم بإيجاز:

(1) ينبغي لمن يتعلم القرآن الكريم أن يقصدَ بتعلمه رضا الله تعالى وحده.

(2) ينبغي لمن يتعلم القرآن الكريم أن يجتنب الأسباب الشاغلة عن تحصيل القرآن إلا سبباً لا بد منه للحاجة.

 (3) ينبغي لمن يتعلم القرآن الكريم أن يطهر قلبه من المعاصي ليصلح لقبول القرآن وحفظه واستثماره.

روى الشيخانِ عنِ النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ. (البخاري حديث 52/مسلم حديث 1599)

(4) ينبغي لمن يتعلم القرآن أن يتواضع لمعلمه ويتأدب معه وإن كان المعلمُ أصغر منه سناً ،أو أقل شُهْرة وصلاحاً ، وغير ذلك.

(5) ينبغي لمن يتعلم القرآن أن ينقاد لمعلمه ويشاوره في أموره ويقْبَل قوله كالمريض العاقل يقبل قول الطبيب الناصح الحاذق.

(6) ينبغي لمن يتعلم القرآن الكريم أن يتعلم القرآن مِن المتقنين لأحكام التجويد، المعرفين بالصلاح والتقوى،من أصحاب عقيدة أهل السُّنة والجماعة.

 قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ(رحمه الله)«إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ،فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَ دِينَكُمْ» (مقدمة صحيح مسلم جـ1صـ14)

 (7) ينبغي لمن يتعلم القرآن الكريم أن ينظرَ إلى مُعلمه بعين الاحترام ويعتقد كمال أهليته ورجحانه على طبقته فإنه أقرب إلى انتفاعه به.وكان بعض المتقدمين إذا ذهب إلى معلمه تصدق بشئ ، وقال: اللهم استر عيب معلمي عني ولا تذهب بركة علمه مني.

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: من حق المعلم عليك أن تسلمَ على الناس عامة وتخصه دونهم بتحية وأن تجلس أمامه ولا تشيرن عنده بيدك ولا تغمزن بعينيك ولا تقولن قال فلان خلاف ما تقول ولا تغتابن عنده أحداً ولا تشاور جليسك في مجلسه ولا تأخذ بثوبه إذا قام ولا تلح عليه إذا كسل.

(8) يجب على من يتعلم القرآن الكريم أن يرد غيبة شيخه إن قدر على ذلك،، فإن تعذر عليه ردها،وجبَ عليه أن يفارق ذلك المجلس.

(9) ينبغي لمن يتعلم القرآن الكريم أن يدخل على الشيخ بثياب نظيفة متطهراً مستعملاً للسواك، فارغ القلب من الأمور الشاغلة.

(10) ينبغي لمن يتعلم القرآن الكريم أن لا يدخل على شيخه بغير استئذان إذا كان الشيخ في مكان يحتاج فيه إلى استئذان وأن يسلم على الحاضرين إذا دخل ويخصه دونهم بالتحية.

 (11) ينبغي لمن يتعلم القرآن أن لا يتخطى رقاب الناس بل يجلس حيث ينتهي به المجلس إلا أن يأذن له الشيخ في التقدم أو يعلم من حالهم إيثار ذلك ولا يقيم أحداً من موضعه.ولا يجلس بين صاحبين بغير إذنهما وإن فسحا له قعد، وضم نفسه.

(12) ينبغي لمن يتعلم القرآن أن يتأدب مع رفقته وحاضري مجلس الشيخ فإن ذلك تأدب مع الشيخ وصيانة لمجلسه ويقعد بين يدي الشيخ قعدة المتعلمين لا قعدة المعلمين ولا يرفع صوته رفعا بليغا من غير حاجة ولا يضحك ولا يكثر الكلام من غير حاجة ولا يعبث بيده ولا بغيرها ولا يلتفت يمينا ولا شمالا من غير حاجة بل يكون متوجها إلى الشيخ مُصغياً إلى كلامه.

(13) ينبغي لمن يتعلم القرآن الكريم أن لا يقرأ على الشيخ في حال شغل قلب الشيخ وملله وغمه وفرحه وعطشه ونعاسه وقلقه ونحو ذلك مما يشق عليه أو يمنعه من كمال حضور القلب والنشاط وأن يغتنم أوقات نشاطه.

 (14) ينبغي لمن يتعلم القرآن الكريم أن يتحمل جفوة الشيخ وسُوء خُلقه ولا يصده ذلك عن ملازمته واعتقاد كماله ويتأول لأفعاله وأقواله التي ظاهرها الفساد تأويلات صحيحة.

 (15) ينبغي لمن يتعلم القرآن إن جفاه الشيخُ ابتدأ هو بالاعتذار إلى الشيخ وأظهر أن الذنب له والعتب عليه ، فذلك أنفع له في الدنيا والآخرة، وأنقى لقلب الشيخ.

 (16) ينبغي لمن يتعلم القرآن أن يكون حريصاً على التعلم مواظباً عليه في جميع الأوقات التي يتمكن منه فيها ولا يقنع بالقليل مع تمكنه من الكثير ولا يحمل نفسه ما لا يطيق مخافة من الملل وضياع ما حصل وهذا يختلف باختلاف الناس والأحوال.

(17) ينبغي لمن يتعلم القرآن الكريم إذا جاء إلى مجلس الشيخ فلم يجده، انتظر ولازم بابه ، إلا أن يخاف كراهة الشيخ لذلك بأن يعلم من حاله الإقراء في وقت بعينه وأنه لا يُقرئ في غيره.

 (18) ينبغي لمن يتعلم القرآن الكريم إذا وجدَ الشيخ نائماً أو مشتغلاً بمهم لم يستأذن عليه بل يصبر إلى استيقاظه أو فراغه أو ينصرف، والصبر أولى كما كان ابن عباس رضي الله عنهما وغيره يفعلون.

(19) ينبغي لمن يتعلم القرآن الكريم أن يأخذ نفسه بالاجتهاد في تحصيل القرآن في وقت الفراغ والنشاط وقوة البدن ونباهة الخاطر وقلة المشاغل.

(20) ينبغي لمن يتعلم القرآن الكريم  أن يبكر بقراءته على الشيخ أول النهار.

روى الترمذيُّ عن صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا. (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 968)

 (21) ينبغي لمن يتعلم القرآن أن يحافظ دائماً على مراجعة ما حفظه من القرآن الكريم.

(22) ينبغي لمن يتعلم القرآن الكريم ألا يحسدَ أحداً من رِفقته أو غيرهم على فضيلة رزقه اللهُ تعالى إياها وأن لا يُعجب بنفسه بما خصه الله به، وطريقه في نفي العجب أن يُذكرَ نفسه دائماً أنه لم يحصل ما حصله بحوله وقوته وإنما هو فضل من الله تعالى،وطريقه في نفي الحسد أن يعلم أن حكمة الله تعالى اقتضت جعل هذه الفضيلة في هذا فينبغي أن لا يعترض عليها ولا يكره حكمة أرادها الله تعالى

آداب حامل القرآن:

(1) ينبغي على حامل القرآن أن يكون على أكمل الأحوال وأكرم الشمائل وأن يرفع نفسه عن كل ما نهى القرآن عنه إجلالاً للقرآن.

 (2) ينبغي على حامل القرآن أن شريف يكون النفس متواضعاً للصالحين وأهل الخير والمساكين.

(3) ينبغي على حامل القرآن أن يكون متخشعاً ، ذا سكينة ووقار .

قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ،ةرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،: يَا مَعْشَرَ الْفُقَرَاءِ ارْفَعُوا رُؤُوسَكُمْ، وَاتَّجِرُوا فَقَدْ وَضَحَ الطَّرِيقُ، وَلَا تَكُونُوا عِيَالًا عَلَى النَّاسِ. (تنبيه الغافلين للسمرقندي صـ452)

* روى أحمدٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: يَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ يُعْرَفَ بِلَيْلِهِ إِذَا النَّاسُ نَائِمُونَ، وَبِنَهَارِهِ إِذَا النَّاسُ مُفْطِرُونَ، وبِحُزْنِهِ إِذَا النَّاسُ يَفْرَحُونَ، وَبِبُكَائِهِ إِذَا النَّاسُ يَضْحَكُونَ، وبِصَمْتِهِ إِذَا النَّاسُ يُخْطِئُونَ، وَبِخُشُوعِهِ إِذَا النَّاسُ يَخْتَالُونَ، وَيَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ يَكُونَ بَاكِيًا مَحْزُونًا حَلِيمًا سَكِينًا، وَلَا يَنْبَغِي لِحَامِلِ الْقُرْآنِ أَنْ يَكُونَ جَافِيًا وَلَا غَافِلًا وَلَا صَخَّابًا وَلَا ضَاحِكًا وَلَا حَدِيدًا " (الزهد للأحمد  بن حنبل صـ133 رقم: 892)

* قَالَ الْفُضَيْلُ بنُ عِيَاض (رَحِمَهُ اللَّهُ): حَامِلُ الْقُرْآنِ حَامِلُ رَايَةِ الإِسْلامِ، لا يَنْبَغِي أَنْ يَلْهُوَ مَعَ مَنْ يَلْهُو وَلا يَسْهُو مَعَ مَنْ يَسُهو، وَلا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ إِلَى أَحَدٍ حَاجَةٌ، " إِلَى الْخُلَفَاءِ إِلَى مَنْ دُونَهُمْ "، وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ حَوَائِجُ النَّاسِ إِلَيْهِ.(التبصرة لابن الجوزي صـ268)

 (4) يجب على حامل القرآن أن يحذر من اتخاذ القرآن وسيلة يكتسب بها المال.

روى أحمدٌ عَنْ أَبِي رَاشِدٍ الْحَبْرَانِيِّ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شِبْلٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "اقْرَءُوا الْقُرْآنَ، وَلَا تَغْلُوا فِيهِ، وَلَا تَجْفُوا عَنْهُ (لا تبعدوا عن تلاوته)، وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ(أي بالقرآن)، وَلَا تَسْتَكْثِرُوا بِهِ.(لا تجعلوه وسيلة لكسب المال) (حديث صحيح)(مسند أحمد جـ24 صـ288 حديث:15529)

وأما أخذ الأجرة على تعليم القرآن فلا حرج فيها،لأنها مقابل الوقت.

(5) ينبغي على حامل القرآن أن يحافظَ على تلاوته ويكثر منها.

 وكان السلف رضي الله عنهم لهم عادات مختلفة في قدر ما يختمون فيه فمنهم من كانوا يختمون القرآن في كل شهرين ختمة واحدة وعن بعضهم في كل شهر ختمة ،وعن بعضهم في كل عشر ليال ختمة ،وعن بعضهم في كل ثمان ليال وعن الأكثرين في كل سبع ليال، وعن بعضهم في كل ست، وعن بعضهم في كل خمس، وعن بعضهم في كل أربع ، وعن كثيرين في كل ثلاث، وعن بعضهم في كل ليلتين، وختم بعضهم في كل يوم وليلة ختمة.

(6) ينبغي على حامل القرآن أن يكون له حزبٌ من القرآن يقرأه في صلاة  الليل كل ليلة.

 قال الله تعالى: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) (الزمر:9)

(7) ينبغي على حامل القرآن إذا نام عن حزبه الذي يقرأه في صلاة الليل أو نسيه، أو تشاغل عنه،أن يقرأه بين صلاة الفجر وصلاة الظهر.

روى مسلمٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ، أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَصَلَاةِ الظُّهْرِ، كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنَ اللَّيْلِ» (مسلم حديث:747)

(8) ينبغي على حامل القرآن أن يتعاهده بالمراجعة الدائمة حتى لا ينساه. (التبيان للنووي صـ46:35)

روى مسلمٌ عَنْ أَبِي مُوسَى الأشعري عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: تَعَاهَدُوا هَذَا الْقُرْآنَ فَوَ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنْ الْإِبِلِ فِي عُقُلِهَا. ( مسلم حديث 791 )

روى البخاريُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعودٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِئْسَ مَا لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَقُولَ: نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ بَلْ نُسِّيَ، وَاسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ أَشَدُّ تَفَصِّيًا(أي أشد تفلتاً) مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنْ النَّعَمِ(الإبل) . ( البخاري حديث 5032 )

* آداب تلاوة القرآن:

ذَكَرَ أهل العِلْمِ آداباً كثيرة لتلاوة القرآن الكريم يمكن أن نوجزها في الأمور التالية:

* أن تكون التلاوة خالصة لوجه الله تعالى وحده.

* أن تكون التلاوة بعد تَعَلُّمِ القرآنَ على أيدي أهل الإتقان العارفين بأحكام التجويد.

*  أن يكون القارئ متوضأً لأن القرآن أفضل الأذكار.

* أن تكون التلاوة في مكان طاهر نظيف وأفضل الأماكن المساجد.

* أن يجلس القارئ مستقبل القبلة بسكينة ووقار.

* أن يُطَيب القارئ فمه بالسواك.

* أن يستعيذ القارئ بالله تبارك وتعالى من الشيطان الرجيم عند بداية التلاوة.

* أن تكون التلاوة بخشوع وتدبر لفهم المقصود من الآيات الكريمة.

* أن يُحسِّنَ القارئ صوته عند التلاوة مع مراعاة أحكام التجويد.

* أن لا يقطع القارئ التلاوة إلا لضرورة شرعية ، لأنه يقرأ كلام الله تعالى.

* عدم تلاوة القرآن بالقراءات الشاذة غير المتواترة.

* أن تكون التلاوة على حسب ترتيب السور في المصحف وأن يحرص القارئ على ختم المصحف كل مدة بحيث لا تقل عن ثلاثة أيام.

* إذا مَرَّ القارئُ بآيةٍ فيها ذِكْر الجنة, سألَ اللهَ الجنة, وإذا مر بآية فيها ذِكْر النار , استعاذ بالله منها, وإذا مر بآية فيها استغفار, استغفر الله ,وإذا مر بآية فيها سجدة، قال:اللهُ أكبرُ،ثم يسجد سجودَ التلاوة، وإذا مر بآية فيها دعاء , دعا الله تعالى بما شاء من الخير.

* أن يحرص قارئ القرآن على أن يعمل بما قرأه من القرآن الكريم في حياته الدنيا حتى تكون التلاوة حجة له يوم القيامة وليست حجة عليه.( فضائل القرآن لابن سلام صـ 51 : صـ 75 )

( البرهان للزركشي جـ 1 صـ 449 : صـ 474 )(الإتقان في علوم القرآن للسيوطي جـ1صـ313:295)

* القرآن يرفع منزلة أصحابه:

(1) روى مسلمٌ عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ لَقِيَ عُمَرَ بِعُسْفَانَ وَكَانَ عُمَرُ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى مَكَّةَ فَقَالَ مَنْ اسْتَعْمَلْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي فَقَالَ ابْنَ أَبْزَى قَالَ وَمَنْ ابْنُ أَبْزَى قَالَ مَوْلًى (أيْ كان عبداً ثم أُعْتِقَ) مِنْ مَوَالِينَا قَالَ فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى قَالَ إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنَّهُ عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ قَالَ عُمَرُ أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ . ( مسلم حديث 817 )

(2) روى مسلمٌ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا ( إسلاماً) وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِه . ( مسلم حديث 673 )

(3) روى البخاريُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِقَتْلَى أُحُدٍ: أَيُّ هَؤُلَاءِ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى رَجُلٍ قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ قَبْلَ صَاحِبِهِ . ( البخاري حديث 1348 )

(4) روى البخاريُّ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: «لَمَّا قَدِمَ المُهَاجِرُونَ الأَوَّلُونَ العُصْبَةَ (مَوْضِعٌ بِقُبَاءٍ) قَبْلَ مَقْدَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَؤُمُّهُمْ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَكَانَ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا» (البخاري حديث 692 )

(5) روى أبو داودَ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ(أي العادل) .

(حديث حسن ) ( صحيح أبي داود للألباني ـ حديث 4053 )

* حفظ القرآن حصن لأبنائنا :

روى البخاريُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:جَمَعْتُ (أي حفظت) الْمُحْكَمَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لَهُ وَمَا الْمُحْكَمُ ؟ قَالَ: الْمُفَصَّلُ . ( والمفصل يبدأ من سورة (ق) حتى نهاية المصحف . ( البخاري حديث 5036 )

كان السلف الصالح يحرصون على أن يحفظ أبناؤهم القرآن الكريم منذ الصغر حتى ينشئوا على مائدة الرحمن.

ويعتبر حفظ القرآن الكريم كاملاً أولى الخطوات الأساسية لطالب العلم ومن المعتاد عند قراءة تراجم سير أهل العلم أن تقرأ أنهم أتموا حفظ القرآن قبل تمام سن العاشرة من عمرهم . ولذا يجب عينا أن نهتم بتحفيظ أبنائنا القرآن الكريم على أيدي أهل القرآن الذين يعرفون أحكام التجويد, وليعلم المسلم العاقل أن أفضل ما ينفقه من مال على ولده هو ما يدفعه لمن يُحفظ ولده القرآن, يقول الله تعالى في محكم التنزيل: (وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ)(البقرة: 272)  وهل هناك أفضل من مال ينفق على تحفيظ الأولاد كلام الله تعالى ؟! فحفظ القرآن سبب في حفظ الأبناء من مكائد الشيطان وقرناء السوء.

إن الكثير من الآباء يهتمون بتعليم أبنائهم العلوم الدنيوية لكي يحصلوا على أعلى الشهادات مع إهمالهم لحفظ القرآن الكريم, فنشأ الأبناء وتخرجوا في الجامعات وحصلوا على أرفع الشهادات العلمية وعلى الرغم من ذلك, فإن الكثير منهم لا يُحسن أن يقرأ القرآن الكريم دون أخطاء كثيرة , فُنزعت البركة منهم, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم, وليتذكر العبد المسلم كم تكون سعادته وهو يرى حسنات كأمثال الجبال, إن شاء الله, في ميزانه يوم القيامة وذلك بسبب حفظ ولده القرآن الكريم ولنتذكر جميعاً ما رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ. ( مسلم  حديث 1893 )

* القرآن شفاء للأمراض:

يقول الله تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)(الإسراء: 82)

روى البخاريُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَوْا عَلَى حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَلَمْ يَقْرُوهُمْ (أي لم يضيفوهم). فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ لُدِغَ سَيِّدُ أُولَئِكَ فَقَالُوا هَلْ مَعَكُمْ مِنْ دَوَاءٍ أَوْ رَاقٍ فَقَالُوا إِنَّكُمْ لَمْ تَقْرُونَا وَلَا نَفْعَلُ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا فَجَعَلُوا لَهُمْ قَطِيعًا مِنْ الشَّاءِ فَجَعَلَ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَيَجْمَعُ بُزَاقَهُ وَيَتْفِلُ فَبَرَأَ فَأَتَوْا بِالشَّاءِ فَقَالُوا لَا نَأْخُذُهُ حَتَّى نَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ فَضَحِكَ وَقَالَ وَمَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ خُذُوهَا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ . (البخاري حديث 5736 )

روى البخاريُّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اشْتَكَى (أي مَرِضَ) يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُ بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا. ( البخاري حديث 5016 )

* المعوذات: هي سورة (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ), و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) , و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) .

* النَّفْثُ: هُوَ نَفْخٌ لَطِيفٌ بِلَا رِيقٍ يكونُ في اليدين عقب قراءة المعوذات .(مسلم بشرح النووي جـ15صـ18)

(4) روى ابنُ أبي شيبة عَنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ مسعودٍ: "عَلَيْكُمْ بِالشِّفَاءَيْنِ: الْقُرْآنِ وَالْعَسَلِ" (حديث صحيح)(مصنف ابن أبي شيبة جـ 10صـ26 رقم 30624 )

* قراءة القرآن للأموات:

من المعلوم أن أساس التشريع الإسلامي هو القرآن والسُّنة ،والله تعالى أنزل القرآن لنقرأه ونطبق ما فيه من أحكام.

وثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يزور القبور ويدعو للأموات بأدعية عَلَّمَها أصحابه وتعلموها منه.

ومن ذلك قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَلَاحِقُونَ أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةَ.

لم يقرأ  نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سورة من القران أو آيات منه للأموات مع كثرة زيارته لقبورهم, ولو كان ذلك مشروعاً لفعله وبينه لأصحابه, رغبة في الثواب ورحمة بالأمة, وأداء لواجب البلاغ فإنه كما وصفه الله تعالى بقوله: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) (التوبة : 128)

تلاوة القرآن من أعظم القُرُبَاتِ إلى الله تعالى، ولو كان ثوابها يُصل إلى الأموات لأخبر الرسول (ص) أصحابه بذلك ،ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.

وهذا نبينا محمدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد مات له في حياته بعض أزواجه, خديجة وزينب بنت خزيمة, وكل أولاده, إلا فاطمة وعلى الرغم من ذلك لم يثبت عنه أنه قرأ القرآن على أحد منهم , ولم يقرأ أيضاً على أحد من أصحابه الذين استشهدوا 

 معه في المعارك, فلما لم يفعل ذلك مع وجود أسبابه, دل على أنه غير مشروع, وقد عرف ذلك أصحابه فاقتفوا أثره, واكتفوا بالدعاء للأموات عند زيارتهم, ولم يثبت عنهم أنهم قرءوا قرأناً للأموات, ولذا فإن تلاوة القرآن عند المقابر بدعة محدثة.

روى الشيخانِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ. ( البخاري حديث 2697 / مسلم حديث 1718 )

ولقد أرشدنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى ما ينفع الميت.

(1) روى مسلمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ . ( مسلم حديث 1631)

(2) روى البخاريُّ عن ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا أَيَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ فَإِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّ حَائِطِيَ الْمِخْرَافَ (البستان المثمر) .صَدَقَةٌ عَلَيْهَا. (البخاري حديث 2756)

(3) روى البزارُ عن أنسِ بنِ مالكٍ ،رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم: سَبْعٌ يَجْرِي لِلْعَبْدِ أَجْرُهُنَّ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ، وهُو فِي قَبْرِهِ : مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا، أَوْ أَجْرَى نَهْرًا ، أَوْ حَفَرَ بِئْرًا ، أَوْ غَرَسَ نَخْلاً، أَوْ بَنَى مَسْجِدًا ، أَوْ وَرَّثَ مُصْحَفًا ، أَوْ تَرَكَ وَلَدًا يَسْتَغْفِرُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ.( حديث حسن ) ( صحيح الجامع للألباني حديث 3602 )

مذهب الإمام الشافعي في إهداء ثواب القرآن إلى الأموات:

قال تعالى: (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى) ( النجم : 39 )

قال الإمامُ ابنُ كثير (رَحِمَهُ اللَّهُ):

مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ اسْتَنْبَطَ الشَّافِعِيُّ، (رَحِمَهُ اللَّهُ)، وَمَنِ اتَّبَعَهُ أَنَّ الْقِرَاءَةَ لَا يَصِلُ إِهْدَاءُ ثَوَابِهَا إِلَى الْمَوْتَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَمَلِهِمْ وَلَا كَسْبِهِمْ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَنْدُبْ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ وَلَا حَثَّهُمْ عَلَيْهِ، وَلَا أَرْشَدَهُمْ إِلَيْهِ بِنَصٍّ وَلَا إِيمَاءٍ، وَلَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَلَوْ كَانَ خَيْرًا لَسَبَقُونَا إِلَيْهِ، وَبَابُ الْقُرُبَاتِ يُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى النُّصُوصِ، وَلَا يُتَصَرَّفُ فِيهِ بِأَنْوَاعِ الْأَقْيِسَةِ وَالْآرَاءِ، فَأَمَّا الدُّعَاءُ وَالصَّدَقَةُ فَذَاكَ مُجْمَعٌ عَلَى وُصُولِهِمَا، وَمَنْصُوصٌ مِنَ الشَّارِعِ عَلَيْهِمَا.(تفسير ابن كثير جـ13 صـ279 )

فتوى الإمام أحمد بن تيمية:

 قال الإمام ابنُ تيمية (رحمه الله): لَمْ يَكُنْ مِنْ عَادَةِ السَّلَفِ إذَا صَلَّوْا تَطَوُّعًا وَصَامُوا وَحَجُّوا أَوْ قَرَءُوا الْقُرْآنَ أن يَهْدُوا ثَوَابَ ذَلِكَ لِمَوْتَاهُمْ الْمُسْلِمِينَ وَلَا لِخُصُوصِهِمْ ، فَلَا يَنْبَغِي لِلنَّاسِ أَنْ يَعْدِلُوا عَنْ طَرِيقِ السَّلَفِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ وَأَكْمَلُ.(مجموع فتاوى ابن تيمية جـ 24 صـ 323)

فتوى دار الإفتاء المصرية:

سُئِلَ مفتي مصر الشيخ /حسن مأمون (رحمه الله) عن حُكْم إهداء ثواب قراءة القرآن للأموات ؟ فأجاب (رحمه الله) :

هذه المسألة خلافية،والمتفقُ عليه أنه لم يَرِد عن أحدٍ مِن السلف أنه قرأ القرآن وأهدى ثوابه إلى الميت .(فتاوى دار الإفتاء المصرية جـ 5 فتوى رقم 708 صـ  1610)

إن ما يفعله الكثير من الناس من استئجار بعض القُرَّاء في السرادقات, أو على المقابر, أو إهداء ثواب التلاوة للأموات من البدع, ولا يصل من التلاوة شيءٌ للأموات, لمخالفته هَدْي نبينا محمدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

* المصاحف القديمة أو الممزقة:

ما تمزق من المصاحف والكتب والأوراق التي بها آيات من القرآن الكريم, أفتى العلماء أنها تدفن بمكان طيب، بعيد عن ممر الناس وعن أماكن إلقاء القاذورات، أو تحرق؛ صيانة له،ومحافظة عليه من الامتهان؛وذلك لفعل أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه.(فتاوى اللجنة الدائمة جـ 4 صـ 98 ) ( المصاحف لابن أبي داود صـ 224 )  (البرهان في علوم القرآن للزركشي جـ1صـ477)

* مس المصحف وقراءة القرآن بالنسبة للجنب والحائض والنفساء:

ذهبَ جمهورُ العلماء إلى أنه لا يجوز للجنب أو الحائض أو النفساء لَمْسُ المصحف الشريف ودليل ذلك قول الله تعالى: (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) (الواقعة:79)

وأما بالنسبة لقراءة القرآن فذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يجوز للمسلم أن يقرأ القرآن عن ظهر قلب وهو جنب وأما بالنسبة للحائض والنفساء فيجوز لهما قراءة القرآن عن ظهر قلب لأنه لم يثبت عن النبي (ص) ما يمنع من ذلك وكذلك يجوز لهما قراءة تفسير القرآن من كتب التفسير. ( فتاوى اللجنة الدائمة جـ 4 صـ74 : صـ 75 )

قال ابنُ عثيمين (رحمه الله): الحائض والنفساء يجوز لهما قراءة القرآن للحاجة, مثل أن تكون معلمة, فتقرأ القرآن للتعليم, وكذلك الطالبة للتعليم أو أن تخشى أن تنسى القرآن فتقرأه للتذكر. (مجموع فتاوى ابن عثيمين جـ 4 صـ 273 و صـ 328 )

* قراءة القرآن ومس المصحف لمن به الحدث الأصغر:

ذهبَ جمهورُ العلماء إلى أنه لا يجوز مس المصحف لمن به الحديث الأصغر حتى يتوضأ وذلك لعموم قوله تعالى: (لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) (الواقعة:79) وأما قراءة القرآن عن ظهر قلب لمن به الحدث الأصغر فيجوز بإجماع العلماء؛ لأنه لم يرد في الشرع ما يمنع من ذلك والأصل الجواز، لكن قراءته على وضوء أفضل. ( فتاوى هيئة كبار العلماء جـ 4 صـ 76 : صـ 77 )

* أخذ الأجر على تعليم القرآن:

يجوز أَخْذُ أُجرةٍ على تعليم وتحفيظ القرآن الكريم. (فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ 4 صـ 530 ) ( فتاوى اللجنة الدائمة جـ 4 صـ 91 )

قال الإمامُ الزركشيى (رحمه الله):يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى تَعْلِيمِ القُرْآنِ.(البرهان في علوم القرآن للزركشي جـ1صـ457)

روى البخاريُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرُّوا بِمَاءٍ، فِيهِمْ لَدِيغٌ أَوْ سَلِيمٌ، فَعَرَضَ لَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ المَاءِ، فَقَالَ: هَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ، إِنَّ فِي المَاءِ رَجُلًا لَدِيغًا أَوْ سَلِيمًا ؟، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ عَلَى شَاءٍ، فَبَرَأَ، فَجَاءَ بِالشَّاءِ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَكَرِهُوا ذَلِكَ وَقَالُوا: أَخَذْتَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا، حَتَّى قَدِمُوا المَدِينَةَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخَذَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ» ( البخاري حديث 5737 )

* مدة ختم القرآن:

روى مسلمٌ عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: اقْرَأْ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ. قَالَ قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ عِشْرِينَ. قَالَ: قُلْتُ :يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ :فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ عَشْرٍ .قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: فَاقْرَأْهُ فِي كُلِّ سَبْعٍ،وَلَا تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ . ( مسلم – كتاب الصوم – حديث 182)

روى أبو داودَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَفْقَهُ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ . ( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 1242 )

فائدة هامة:

ثبتَ عن بعض السلف الصالح بأسانيد صحيحة أنهم كانوا يختمون القرآن في أقل من ثلاثة أيامٍ، منهم عثمان بن عفان, وتميم الداري وسعيد بن جبير وعلقمة ومجاهد بن جبر والشافعي والبخاري وغيرهم.

قال الإمامُ ابنُ كثير(رحمه الله): هَذَا وَأَمْثَالُهُ مِنَ الصَّحِيحِ عَنِ السَّلَفِ مَحْمُولٌ إِمَّا عَلَى أَنَّهُ مَا بَلَغَهُمْ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ مِمَّا تَقَدَّمَ، أَوْ أَنَّهُمْ كانوا يفهمون ويتفكرون فيما يقرؤونه مَعَ هَذِهِ السُّرْعَةِ.( تفسير ابن كثير جـ 1 صـ 119 : صـ 122 )

أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالى بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى، وَصِفَاتِهِ الْعُلاَ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْعَمَلَ خَالِصَاً لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وأنْ ينفعَ بِهِ طُلاَّبَ العِلْمِ الكِرَامِ.

وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply