ابنى يماطل... فما العلاج؟


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

المماطلة معناها التأخير فى تنفيذ ما يكلف به الفرد من أعمال، ونخص الأبناء فى حديثنا فى هذه السطور، حيث يشكو كثير من الآباء والأمهات من هذا السلوك الذى يصدر من أبنائهم حينما يكلفون بعمل، فيجدون أبناءهم يسوفون ويؤخرون ويتلكئون، وقد يشغلون أنفسهم بعمل آخر، أو يذهبون إلى اللعب عامدين، فما الأسباب التى تجعل الأبناء يجنحون إلى هذا السلوك الذى يضايق الوالدين ؟ وكيف نصل بهم إلى الهمة العالية فى إنجاز ما يكلفون به من مهام ومسئوليات ؟.

ولعله من الإنصاف ألا نحمل الأبناء وحدهم تبعات هذا السلوك لأول وهلة، بل لابد من البحث والتدقيق للوصول إلى الأسباب الحقيقية له، والهدف الذى نقصده هو تقويم سلوك الأبناء وترشيده، والبعد عن كل ما هو سلبى وضار فى حياتهم الحاضرة، والذى يؤثر ـ بلا ريب ـ على مستقبل حياتهم.

 

من الأسباب التى تجعل الإبن يماطل فى أداء ما كلف به، مشقة العمل الذى كلف به، وأنه فوق طاقته وتحمله، لذلك ينبغى اختيار العمل والمسئولية المناسبة لقدراته، حتى لايفشل مرة بعد مرة ويفقد الثقة فى نفسه، وقد يكون العمل الذى كلف به سهلا، إلا أن توقع الوالدين له بالفشل قبل البدء فى العمل يجعل همته فاترة، ويدفعه ذلك إلى الاقتناع بأنه سيفشل، فلا يقدم على التنفيذ، ويلازمه هذا الإحساس والشعور كلما كلفه أحد بعمل، سواء كان سهلا أم صعبا.

ومن دوافع المماطلة لدى الإبن، إخلاف الوعد معه، وعدم تحفيزه على ما أنجز من أعمال سابقة، فقد يعده أحد الوالدين أو كلاهما بجائزة او بهدية إن هو أنجز ما كلف به، فيسارع الإبن إلى تنفيذ ما أمر به بكل ما أوتى من قوة، إلا أنه يفاجأ بإخلاف الوعد، فلا يتحصل على هديته، فيقارن فى نفسه بين حاله قبل تنفيذ ما كلف به، وبين حاله بعد إنجاز العمل، فلا يستنتج إلا أنه أتعب نفسه دونما أى مردود عليه، فيفضل أن يريح نفسه ولا يتعبها فى شىء، فيدفعه ذلك إلى المماطلة والهروب من كل مسئولية يكلف بها، والأخطر من ذلك أنه يتعود على ذلك فى كل حياته، فالصدق مع الأبناء، وإعطائهم ما وعدوا به أكبر حافز على تشجيعهم، ودافع قوى لجعلهم يتحملون المسئوليات التى تلقى على عاتقهم فى صغرهم وعند الكبر. روى أبو داوود فى سننه عن عبد الله بن عامر رضي الله عنه أنه قال: " دعتني أمي يوما ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدٌ فى بيتنا، فقالت: ها تعال أعطيك، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:  " وما أردت أن تعطيه ؟ "، قالت: أعطيه تمرا، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما إنك لو لم تعطه شيئاً كُتبت عليك كذبة"، فقد شدد رسول الله صلى الله عليه وسلم على إخلاف الوعد فى تمرة، فما بالك بغير ذلك مما يوعد به الطفل من قبل والديه ؟!

 

كذلك مما يدفع الأبناء للماطلة هو الأمن من العقاب من قبل من يكلفهم بهذا العمل، سواء كان التكليف من أحد الوالدين، او من المربى والمعلم، فإذا كان لدى الإبن سابق خبرة وتجربة فى أنه إذا كلف بعمل ولم ينفذه لايلقى أدنى لوم أو تعنيف أو مساءلة، فإنه يماطل ويؤخر ولا ينفذ ما طلب منه، ومن أمن العقوبة أساء الأدب، فلا بد إذن من وجود رادع لدى الإبن كى ينفذ ما طلب منه حتى ولو كان لوما أو توبيخا أو حرمانا مما يحب أو أى صورة من العقاب تجعل الإبن فى إقبال على ما كلف به، وسعى حثيث على إنجازه.

 وعلى الوالدين تذكير الأبناء بعقاب الله تعالى على هذا السلوك الذى فيه نوع من العقوق للوالدين، وهو ما حرمه الله تعالى فى قوله : " فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا " {الإسراء : 23}، وقول " أف " معناه عدم الرضا وعصيان الأوامر التى تصدر من الوالدين فى حدود طاعة الله تعالى، وفى حدود استطاعة الأبناء.

كذلك ينبغى على الوالدين مراعاة الفروق الفردية لدى الأبناء، وأن قدراتهم تتختلف من ابن لآخر، فلا يكلف الابن فوق ما يطيقه، حتى لا يفشل أو يماطل.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply