كيف بدأ اجتياح التتار لديار الإسلام؟


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

"كان السلطان الأعظم للمسلمين هو السلطان علاء الدين خوارزمشاه محمد بن تكش" (١)، "وأما جنكزخان فإنه لما علم عظمة خوارزمشاه شرَع في عقد التوادد بينه وبينه ... وأرسل إليه الهدايا المفتخرة، والتقادم السَنية، كل هذا وخوارزمشاه لا يرضى باصطناعه"(٢)

ثم إن "خوارزمشاه منع التجار أن تسير من بلاده إلى بلاد جنكزخان" (٣) وبعدها بمدة كان "جماعة من التجار أخذوا معهم شيئًا من المستطرفات لما سمعوا بمكارم جنكزخان وتحيلوا حتى وصلوا بلاده، فلما وصلوا أكرمهم غاية الإكرام وقال: لأي شيء انقطعتم عنا؟ فقالوا: إن السلطان خوارزمشاه منع التجار من المسافرة إلى بلادك، ولو علم بنا لأهلكنا" (٤).

"فأرسل رسله إلى خوارزمشاه، وقال: إن التجار هم عمارة البلاد، وما ينبغي منعهم، ولا أنا أيضًا نمنع تجارنا عنك، بل ينبغي لنا أن نكون كلمتنا واحدة لتعمر الأقاليم، وأرسل من جهته تجارًا معهم أموال لا تُعد ولا تحصى" (٥)، فلما بلغ خبرهم خوارزمشاه كتب إلى عامله بقتلهم ونهبهم، "فعمد إليهم فقتل الجميع، وأخذ ما كان معهم" (٦).

فبلغ الخبر جنكزخان فراسل خوارزمشاه، وقال له: "هذا الذي جرى، أعلمني هل هو عن رضى منك؟ ... وأنت تنتمي إلى دين الإسلام، وهؤلاء التجار كانوا على دينك، فكيف يسعك هذا الأمر الذي فعلته؟ فلما جاءت الرسالة إلى خوارزمشاه لم يكن له من جواب سوى: إن هذا كان بعلمي وأمري وما بيننا إلا السيف" (٧).

"وأمر بقتل رُسُل جنكزخان، فيا لها من فعلة ما كان أقبحها أجرت كل قطرة من دمائهم سيلًا من دماء المسلمين" (٨)، ومن هنا أعلن جنكزخان الحرب واجتاح البلاد و"قتل خلقًا لا يعلمهم إلا الله، وأسروا الذرية والنساء، وفسقوا بهن بحضرة أهليهن" (٩) وفي سمرقند التي كان فيها "خمسون ألف مقاتل من الجند من عسكر خوارزمشاه، وبرز إليه سبعون ألفًا من العامة، فقتل الجميع في ساعة واحدة، وألقى إليه خمسون ألفًا السَلم فسلبهم سلاحهم، وما يمتنعون به، وقتلهم، واستباح المدينة، فقتل الجميع" (١٠) وفرق بنات خوارزمشاه على أكابر التتر (١١)، أما خوارزمشاه فهرب ويقال مات في البحر وهو فارٌّ (١٢).

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

(١) طبقات الشافعية الكبرى، عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي، تحقيق: محمود الطناحي، عبد الفتاح الحلو، مطبعة عيسى البابي، ١٣٨٣هـ-١٩٦٤م، ج١ ، ص٣٣٠.

(٢) المصدر نفسه، ج١، ص٣٣٠.

(٣) المصدر نفسه، ج١، ص٣٣٠.

(٤) المصدر نفسه، ج١، ص٣٣٢ باختصار.

(٥) المصدر نفسه، ج١، ص٣٣٢، باختصار.

(٦) المصدر نفسه، ج١، ص٣٣٢.

(٧) المصدر نفسه، ج١، ص٣٣٢، ٣٣٣.

(٨) المصدر نفسه، ج١، ص٣٣٣.

(٩) المصدر نفسه، ج١، ص٣٣٥.

(١٠) المصدر نفسه، ج١، ص٣٣٥، باختصار.

(١١) انظر: المصدر نفسه، ج١، ص٣٣٥.

(١٢) انظر: المصدر نفسه، ج١، ص٣٣٦.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply