ذكريات عن سيرة الشيخ العثيمين 1


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فلا  أدري بم أبدأ ولا كيف أبدأ...

لكنني من كل عام في مثل هذه الأيام أستعيد ذكريات دروس شيخنا العثيمين رحمه الله، والألم الذي اعتصر فؤاد المحبين لفقده...

لن أكتب هذه المقالة لتجديد الأحزان، ولا لاستدرار الدموع، فإن الحزن المجرد لم يأمر الله به ولا رسوله صلى الله عليه وسلم.

هي أوراق مبعثرة ومعلومات متناثرة أنشرها هنا على غير ترتيب، فخذوها على علاتها، وأمروها كما جاءت:

أكتبها برا بشيخي رحمه الله، وتذكرة لنفسي أولا ثم لأحبتي ثانيا {وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين}

فأول تلكم الوقفات..

_ الاستمرار والثبات وعدم الالتفات للمثبطين:

مكث شيخنا رحمه الله خمسا وأربعين سنة يلقي الدروس، من عام ١٣٧٦ بعد وفاة شيخه ابن سعدي رحمه الله، حتى ليلة الثلاثين من رمضان عام ١٤٢١ في الحرم المكي

ولا شك أنه لم يجتمع له العدد الهائل من الطلاب من أول جلوسه، بل ولا بعد سنة ولا سنتين ولا عشر ولا عشرين، بل كان رحمه الله لم يعرف جيدا إلا مع بداية هذا القرن بعد ١٤٠٠ من الهجرة، وأما قبلها فلم يكن مشهورا شهرته بعدها، كان يجلس لديه قليل من الطلاب وصبر وصابر على بذل العلم وتعليمه، بل إنه في أحد الدروس قديما لم يجلس له إلا واحد ومع ذلك لم يترك التعليم، ولم يقل (الناس ما فيهم خير)

 وإذا علم الله النية الصالحة من العبد بلغه المنازل العالية، فصار في آخر حياته رحمه الله قبلة لطلاب العلم الراغبين في النهل من المعين الصافي، فتكاثر الناس بين يديه، حتى كان يحضر له في الدورات الصيفية في بعض الدروس ما يقارب الخمسمائة أو نحوهم، هذا غير من يحضر له في دروسه في الحرم المكي أو المدني، وقد حث الشيخ رحمه الله طلابه على بذل العلم وعدم النظر لعدد من يأخذون عنهم، وذكر لهم أنه في مقتبل حياته لا يحضر له إلا القليل ثم أتى الفتح بعد.

أيضا: الاستمرار والثبات نتج عنه إنجازات عظيمة ما كانت لتكمل بتوفيق الله لولا الاستمرار،

 فكم جلس رحمه الله لشرح زاد المستقنع؟ علما أنه شرحه أكثر من مرتين وفي كل من الشروح ما ليس في الآخر، وما في الممتع ممزوج من الشرحين.

وكم أنجز من تفسير القرآن.

وكم أنجز من شروح كتب مطولة ومختصرة

كل ذلك بسبب التوفيق من الله أولا، ثم الاستمرار والثبات في إلقاء الدروس.

فيا طالب العلم....

يا من تأهلت ودرست المتون وأتقنتها وسرت على سنن من سلف في الطلب..

بلغ علمك لغيرك، لا تقل (ماعندي شيء) أو (في الساحة من يكفي) فالآن الساحة متاحة لك ولغيرك، ولا تدري ماذا سيكون في المستقبل؟ فهل سيتاح لك أو لا؟

وما يدريك لعل درسا تلقيه يترتب عليه تصحيح عبادة شخص كان طيلة سنيه الماضية يؤدي العبادة على وجه خطأ فيتعلمها منك، أو تقع كلماتك في أذن غافل فتتتسلل إلى قلبه وتحرك فيه نوازع الإيمان فيهديه الله بتلك الكلمة التي سمعها منك، فتتوالى عليك الأجور وأنت في فراشك أو في نزهتك لكونك تسببت لهؤلاء بالخير.

لا تقل سأصبر إلى أن أبلغ رتبة الشيخ ابن باز أو ابن عثيمين أو ابن جبرين رحمهم الله أو غيرهم، فإن هؤلاء لما بدؤوا في تبليغ العلم لم يكن عندهم من العلم الشيء الذي أدركتهم عليه، ولكنه نما شيئا فشيئا، ومن علم غيره ما لم يعلم جازاه الله بأن نمى علمه وبارك فيه.

وللحديث تتمة لعلها تكون في حلقة قادمة بإذن الله تعالى

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply