المرأة المسلمة وموقف المستشرقين


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

لقد ذكرت  الكاتبة في مقدمة كتابها "شبهات المستشرقين حول قضايا المرأة في القران وسائلها وأثارها والرد عليها "أن الإسلام واجه تيارات معادية منها: الاستشراق، وقد حاولت حركة الاستشراق متخفية وراء البحث العلمي إثارة الشبهات حول الإسلام، وكان للمرأة وقضاياها في القرآن نصيب كبير، ويهدف البحث إلى توعية المسلمة بتلك المخططات، وما يراد لها من قبل مثيري الشبهات حول ما يخصها من قضايا في ظل التعاليم القرآنية.

وقد أشتمل البحث مبحثين وهما:

المبحث الأول: أهم القضايا التي أثارها المستشرقون وهي القوامة، والحجاب، والطلاق ،وتعدد الزوجات ،والميراث، وقضايا أخرى مفتريات، ومناقشتها والرد عليها بالاستناد إلى النصوص القرأنية، ومقارنتها أحيانأ بما يتوفر لديها من نصوص كتبهم في العهد القديم والجديد، لإبراز مامنح القرأن للمسلمة من حقوق تتفوق بها على بقية الشرائع.

 

المبحث الثاني: ويشمل أهم وسائل نقل الأفكار الاستشراقية كالتعليم والإعلام والمؤتمرات، وبيان أثرها على المرأة والمجتمع المسلم، في الغزو الفكري للثقافة العربية، وبخاصة خلال من تتلمذوا على المستشرقين، ومطالبتهم بتغيير بعض الأحكام الشرعية، والتأثير في الحياة الاجتماعية، والتبعية والتقليد لأفكار الغرب، وتحويل قضاياهن إلى قضايا سياسية، وذلك من أجل التنبه إلى كيفية التعامل معها بوعي بعرضها على ثوابت الإسلام وتعاليمه، ومن ثم الحكم عليها وقبول ما لا يتعارض منها معه، ورفض مالا يوافق مبادئ ديننا ونصوصه الثابتة، والإشارة إلى خطورتها وما يمكن عمله لمواجهتها.

ومن خلال الشبهات التي أثارها المستشرقين حول المرأة المسلمة نستعرضها مع ذكر قواعد وضوابط منهج المستشرقين في الكتابة سواء في التاريخ أو القرأن والسنة أو الدراسات الأدبية والفكر وكل ما يتصل بالإسلام والعرب فهي سمات وملامح واحدة ومن هذه القواعد والضوابط ما يأتي:

أ – منهج المستشرقون المتبع في كتاباتهم من حيث الشكل:

- العناية بتاريخ وفكر الزنادقة والمنحرفين فكريأ من أصحاب الفكر الحر، وقادة الفكر وكمثال: قاسم أمين الذي دعا إلى تحرير المرأة، فيجدون بذلك ضالتهم في إثارة الشبهات حول المرأة المسلمة، ومن أشهر كتبه  كتاب "تحرير المرأة" ، وكتاب " المرأة الجديدة"، وممن تأثر بفكره سعد زغلول وهدى شعراوي وصفية زغلول.

- القفز وراء العصر الإسلامي، وللمرأة في القديم وأنها كانت تحضوا بمكانة أفضل مما هي في الإسلام.

- تقسيم التاريخ الإسلامي لأسر لعمل التفرقة وإثارة الشبهات حول المرأة بالعصر الأموي والعباسي والمملوكي والعثماني لإحداث الفرقة بين المسلمين.

 

ب -  منهج المستشرقون من حيث إستكمال شروطه، والإلتزام بقواعده:

- الخضوع للأهواء:

أثار المستشرقون حجاب المرأة المسلمة، وحاولوا التأثير من خلالها على المسلمة، فبدأت قضية تحرير المرأة من الحجاب، والمطلوب هو السفور والتبرج ! فزعموا أن سر تأخر المسلمين وتخلفهم هو حجاب المرأة !، لأنه يعيقها عن الإنطلاق والحركة، " ولما أريد للمسلمة أن تسير سيرة المرأة الغربية فلابد من إفتعال قضية للتحرير تمر بمراحل على النسق الأوربي فوقع الإختيار على الحجاب " فكان أول حاجز أخترقه المستشرقون وأتباعهم من أنصار "تحرير المرأة" إذ عدوا ستر الرأس إهانة للمرأة ولكرامتها الإنسانية، وعائقأ يمنعها من مشاركة الرجل في نهضته، والذبن نادوا بتحرير المرأة المسلمة أسوة بالغربية لم يراعوا الفرق بين الأثنين حيث لاتشابه بينهما، فالغربية قضية تحرير من ظلم الرجل والمجتع، ولكن الحجاب لاعلاقة له بالرجل، فهومن الله لحساب الرجل والمرأة كليهما، وللمجتمع والقيم اللائقة بالإنسان، ودعاة التحرير لم يفهموا حرص الرجل على زوجته، بل عدوا الحجاب عدم ثقة الرجل بالمرأة.

والحجاب من الثوابت التي نص عليها القرأن الكريم بأيات بينة، قال تعالى: (يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورأ رحيمأ). (الأحزاب 59).

فالأمر هنا مع نساء النبي صلى الله عليه وسلم وبناته يشمل نساء المؤمنين، فلا عذر لأحد أن يقول خاصة بنساء بيت النبوة، بل يوجب إتخاذهن قدوة، ولم يقل بخلاف ذلك أحد من المفسرين قدماء ومحدثين في أنه أمر لكي يمنع المرأة من الأذى وتمييزها عن غيرها.

ورفع الحجاب الغرض منه عدم التحرج من الإختلاط، وكانت هذه من أساليب المستشرقون الخبيثة لإستدراج المرأة المسلمة.

 

- عجز المستشرقين عن تمثيل الثقافة واللغة:

إن إهتمام الإعلام الغربي بالمرأة المسلمة ليس جديدأ، ففي عام 1894م ظهركتاب للكاتب الفرنسي ( كونت داركور) حمل فيه على نساء مصر، وهاجم الحجاب الإسلامي، وهاجم المثقفين على سكوتهم.

واستخدم المستشرقين وسائل لبث سمومهم منها الصحف والمجلات، حيث الوسائل المرئية غير موجودة  أنذاك ، وقامت الصحافة في مصر خاصة بدور خطير لانها مركز التوجيه الروحي والثقافي للدول العربية، وأوجدوا ثلاث صحف لبنانية مسحية مارونية في القاهرة، بدأت تهاجم الإسلام بصورة غير مباشرة وأهم قضية المرأة المسلمة أكبر موضوعاتها وتحويل المجتمع الوجهة التي يردونها ،وظهور مجلة السفور ورئيس تحريرها عبدالحميد حمدي، وهي إحدى إفرازات الحملة الفرنسية على مصر، منبثقة من أفكار اللورد كرومر لتحديث المجتمع كما يزعم، ومؤسسها أحمد لطفي السيد.

ودور الكتاب المترجم كذلك في بث الشبهات وأفكارهم عبره فترجمت القصص والمسرحيات لتحطيم التقاليد الإسلامية التي تمنع الإختلاط، بدل من ترجمة الكتب العلمية.

 

- التعسف في التفسير و الإستنتاج:

يوجه المستشرقون إنتقاداتهم  إلى نظام الزواج في الإسلام لجعله القوامة للرجل على المرأة، ويرون في ذلك تسلطأ وإعتسافأ، ويطالبون بأن تتساوى المرأة بالرجل في المسؤولية عن البيت، بل لا يمانعون في أن تكون لها القوامة على الرجل والبيت ،وحجتهم – ومن ورائهم دعاتهم وأبواقهم – أن المرأة مخلوق رقيق لايحتمل التسلط والإعتساف، وتحلو هذه الحجة لدى كثير من النساء الغافلات عن سنن الحياة الاجتماعية.

ومن مزاعمهم: أن قوامة الرجل ماهي إلا نوع من التفوق الجنسي القائم على السيطرة والإذلال، ومظهر لفرض الرق والعبودية على نصف البشرية، وما دروا أن قوامة الرجل على المرأة ماهي ألا تكريم للمرأة وتشريف لها، إذ يتحمل الرجل مسؤولية الأسرة ويقوم بحمايتها والإنفاق عليها والدفاع عنها ،لتتفرغ  المراة لرسالتها تربية الأجيال وصنع الرجال والأبطال.

أن بعض المستشرقين وقع في سوء فهم يتعلق بالأيتين، قال تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم) البقرة228.

وقال تعالى: (الرجال قوامون على النساء بمافضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) النساء 34.

ففهم المستشرقين الدرجة هي القوامة، والتأويل الصحيح ماقاله إبن عباس وهو أن الدرجة التي ذكر الله تعالى هي الصفح من الرجل لإمراته عن بعض الواجب عليها، وأداء الواجب لها عليه، وفسره بذلك المفسرين وأشهرهم الطبري.

 

- منهج العكس. (هو ان ينظر الباحث في النصوص والروايات والوثائق، فإذا قالت شيئأ فعليه أن يدرك أن الصواب هو عكسه تمامأ):

من إستقراء أقوال المستشرقين حول الإسلام، وما هو في كتبهم الدينية المحرفة نجد أن كل الإفتراءات والشبهات التي وجهت إلى ما يخص الإسلام وأهله، ماهي ألا صورة لما في كتبهم المقدسة لديهم وما في مجتمعاتهم من عيوب ،ووصم الإسلام والمسلمون بها، بالتعاون مع الكنيسة ومنصريها وكل القوى المتحالفة ضده ليقف المسلمون موقف المتهم المدافع لما وجه إليهم ،فهو إسقاط مدروس وعن وعي وليس خطأ عن جهل بل كذب متعمد صادر عن لجان ومؤتمرات، وحملة أقلام موظفة لتلك المهمة، فتفسيرهم للأيات القرانية  بالعكس. قال تعالى:(يا أيها الناس أتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالأ كثيرأ ونساء)النساء1، حيث تؤكد الأية على النفس الواحدة وتكاد تجمع التفاسير قديمة وحديثة على أن المراد وحدة الجنس، يقول الطبري والرازي المقصود والمراد: من جنسكم  كما قال تعالى (لقد جاكم رسول من أنفسكم)التوبة 128

 أن الإسلام لم يصف النساء بأنهن نتاج الشيطان وبذور الشر كما هو حال بقية الأديان.

 

- التشكيك في الدليل القاطع و التعامي عنه:

فأثاروا الشبهة حول ميراث المرأة المسلمة، وقد أتهموا الإسلام بالتميز لانه أعطى (للذكر مثل حظ الأنثيين) النساء 11، وفي القضية سوء فهم، وعدم إدراك للحكمة الإلهية من هذا الحكم ،لأن الإسلام جعل الرجل هو المسؤول عن الإنفاق ودفع المهر، في حين أن المرأة ينفق عليها في جميع الأحوال، فلذلك لا تحتاج إلى  المال كما يحتاجه الرجل، فالنصف تكريم لها، إن التمايز في أنصبة الوارثين والوارثات لا يرجع إلى معيار الذكورة والأنوثة، إنما يرجع لحكم إلهية ومقاصد ربانية قد خفيت عن الذين جعلوا التفاوت في الميراث شبهة على كمال أهلية المرأة، ذلك أن التفاوت تحكمه ثلاثة معايير:

1-درجة القرابة بين الوارث والموروث.

2-موقع الجيل الوارث من التتابع الزمني للأجيال.

3-العبء المالي الذي يوجب الشرع الإسلامي على الوارث تحمله والقيام به حيال الأخرين.

بالتالي هذا التفاوت لا يفضي إلى ظلم للأنثى ،، فهناك حالات ترث نصف ما يرث الرجل وحالات أضعاف ذلك ترث مثل الرجل.

 

- التحريف و التزيف و الإدعاء:

من القضايا التي أثارها المستشرقون قضية تعدد الزوجات، حتى أصبح هناك نصور غربي عن المسلم هو ذلك الإنسان الذي تتملكه الرغبة الجسدية وينتقل من واحدة إلى أخرى.

يقول وليم مور في كتابه (حياة محمد): " أن المسلمين يجهلون معنى الارتباط الزوجي جهلأ كبيرأ، وحال المسلمين  ترتقي عندما يتبعون سنة النصارى في مجال الرابطة الزوجية.

ولكن هناك من أنصف هذه القضية من المستشرقين المنصفين مثل زيغريد هونكة التي قالت" فالإسلام قدس الزواج، وطلب بالعدل بين الزوجين أو الثلاث أو الأربع في المعاملة، (فأن خفتم ألا تعدلوا فواحدة) النساء 3، أليس هذا نصأ صريحأ يطلب فيه المؤمنين أن يتزوجوا بواحدة فقط، ومن ذا الذي يستطيع أن يعدل بين النساء.

ولو رجعنا إلى تاريخ البشرية نجد أن التعدد مقرر وممارس في كل مراحل التاريخ: مرورأ بالأنبياء عليهم السلام، كإبراهيم وداود، وسليمان وغيرهم كما مارسته الرعية في الإمبراطورية الرومانية والبيزنطنية قبل الميلاد وبعده، إلى أن أصدر الإمبراطور جستنيان الأول قانون يفرض الزواج الأحادي، أما اليهود والعرب القدامى فقد أعتقدوا بتعدد الزوجات وأتخذوه تقليدأ وعرفأ.

فتحديد الزواج بالواحدة في المجتمعات المسيحية ليس أمرأ دينيأ، إنما عادة إجتماعية لا أساس لها في الإنجيل، ولما جاء الإسلام قام بتعذيب هذه العادة المألوفة، لانه دين واقعي لاينكر الميول الغريزية ،بل يهذبها كحل لمشكلات إجتماعية وأخلاقية خطيرة تغاضت عنها المجتمعات المسيحية واليهودية، وليس لها حل ألا بالتعدد، فالإسلام لا يحل التعدد لأجل التعدد فقط بل جعل له قيود ومطالبة الزوج بالعدل، ونحن المسلمين نؤمن بأن كل ماجاء بالقرأن لمصلحة البشر.

 

- إصدار أحكام قاطعة بغير دليل أصلأ:

لقد خاض المستشرقون في أمور لا أساس لها من الصحة، مدعين إتهامات من غير دليل، وعلى سبيل المثال " تصور (ولاستون) وأخرون أن القران الكريم قد حرم الجنة على النساء، ومنعهن من المشاركة في الصلاة، وأستن الأحكام التي تحط من قدرهن ".

ومثل هذه الأباطيل لا تستحق الرد عليها، فمن المسلمات أن الإسلام لم يفرق في تكاليف العبادات بين الرجل والمرأة، فهي مكلفة ومحاسبة ومثابة، وقد جعل الله من النساء من هن سيدات نساء أهل الجنة.

وفي كتاب استورت مل "إستعباد النساء" نموذج لسوء فهم الإسلام ،وهو لايؤمن بالفروق بين الذكر والأنثى، ومنشأ الإختلاف عنده مرده التنشئة الاجتماعية والتربية التي درجت عليها المرأة، والكتاب لم يخصص في التهجم على الإسلام، ولكنه ذكر أنه من الديانات الجامدة، وعندما قارن بين الإسلام والمسيحية أنحاز إلى ديانته وعدها ديانة الجزء التقدمي من البشر، كما حاول المستشرق مونتجمري في كتابه" محمد في المدينة "أن يرسم صورة غير صحيحة عن العلاقات الاجتماعية في المجتمع المسلم التي تبرز تسلط الرجال على النساء.

 

- الإختلاق والتمويه:

قام المستشرقون بإثارة قضية المرأة المسلمة تحت شعار (حقوق المرأة) و(تحرير المرأة) ،وقاموا بالإفتراء على الإسلام بإدعائهم هضم تلك الحقوق، وأنتقدوا التشريعات الخاصة بها، مستغلين بذلك جهل بعضنا بمامنح الإسلام للمرأة من الحقوق ،والإدعاء أن تلك الأحكام لم تعد تلائم تطورات العصر، وهي شبهات بعيدة كل البعد عن الحقيقة، لانها خلاف مايدعون.

 

تحدثت الكاتبة في المبحثعن وسائل نقل الأفكار الاستشراقية وأثارها:

منها أولأ: التعليم العلماني: وكانت خطة الغزو الثقافي والتغريب في مجال التعليم هي أشد الخطط دهاءَ ومكرأ من حيث إحتواء المسلم عقليأ وثقافيأ ونتيجة ذلك الهدف الخبيث أنتشرت المدارس والكليات ثم الجامعات الإمريكية في كثير من البلاد الإسلامية

 ومن وسائلهم كذلك ثانيأ: وسائل الإعلام: أن  إهتمام الإعلام الغربي بالمرأة المسلمة ليس جديدأ، ففي عام 1894م ظهر كتاب للكاتب الفرنسي (كونت دار كور ) حمل فيه على نساء مصر، وهاجم الحجاب الإسلامي، وهاجم المثقفين على سكوتهم.

فهي أداة خطيرة في نقل الأفكار الاستشراقية المطلوبة، وكان في مقدمة تلك الوسائل: الصحف والمجلات ،حيث إن وسائل الإعلام المرئية لم تكن موجودة أنذاك، فهي زاد شامل للمثقفين والعامة، وفي مصر بالذات قامت الصحافة بدور خطير، لأنها في نظر المخططين مركز التوجيه الروحي والثقافي للدول العربية الأخرى، فقد أوجدوا ثلاث صحف لبنانية مسيحية مارونية في القاهرة، وتدريجيأ بدأت تهاجم الإسلام بصورة غير مباشرة تحت مسميات التقاليد البالية.

ولقد كانت قضية المرأة أهم وأكبر الموضوعات للصحافة وكتابها وأبعدها أثرأ في تحويل المجتمع إلى الوجهة التي يريدها المخططون، فقد صدرت مجلة باسم (السفور) وكان رئيس تحريرها عبدالحميد حمدي، وهي إحدى إفرازات الحملة الفرنسية على مصر، تدعوا لنزع الحجاب وإقتفاء أثر الأوربية ،كما صدرت جريدة (الجريدة ) على نية تغيير الأفكار والعادات الاجتماعية منبثقة منأفكار اللورد " كرومر"  في التحديث الكامل، وكان مؤسسها أحمد لطفي السيد، وكانت مع " السفور" منبرأ لدعوات "تحرير المرأة" فهذه المجلات تدهو لخلع الحجاب والتمرد على الشرع والسخرية بالدين وأهله، وإثارة قضايا الطلاق والتعدد وغير ذلك، وبهذا ظهر أثر التعليم في تكوين العقول وتشكيلها.

أما الكتاب فقد بدأ مترجمأ في أول عهد النهضة، ثم مؤلفأ فيما بعد ،ولكم الترجمة بقيت على الدوام، لفراغ الجو الإسلامي من الفكر الحي المواكب لسيرالحياة والمشكلة تكمن في نوع الكتب المترجمة، فمن المفروض أن يبدأ بالكتب العلمية للحاجة إليها، ولكن الغالب في حركة الترجمة سار في قنوات أخرى، فإلى جانب الكتب العلمية القليلة ترجمت مئات  من القصص والمسرحيات والكتب التي تحمل الفكر الغربي العلماني الجاحد للدين..

فأما القصص والمسرحيات فقد كان الهدف من نشرها على نطاق واسع هو تحطيم التقاليد الإسلامية التي تمنع الإختلاط وتنفر من الفاحشة والتحلل الخلقي.. فالذي تعرضه تلك القصص والمسرحيات لايزيد على أن يكون علاقات غير مشروعة بين رجل وإمراة، وبين شاب وفتاة، تعطي في القصة شرعية وواقعية ليست لها في الميزان الإسلامي، ويتم هذا في جو الفن الذي يسبغ على كل شيء جمالأ وجاذبية مهما يكن فيه من الشر.

وقد أوضح أ.شاتليه الهدف من الكتب المترجمة التي تدعوا إلى الفكر العلماني، والتخلص من القيم الدينيه في مقدمة كتابه الغارة على العالم الإسلامي بقوله" ولاشك إن إرساليات التبشير من بروتستاتنية  وكاثوليكية  تعجز عن أن تزحزح العقيدة الإسلامية في قلوب منتحليها، ولايتم لها ذلك إلا بتثبيت الأفكار التي تتسرب مع اللغات الأوربية، فبنشرها اللغات الإنجليزية و الألمانية والهولندية والفرنسية، يحتك الإسلام بصحف أوربا، وتمهد السبيل لتقدم إسلام مادي..وتفضي إرساليات التبشير (التنصير) لبانتها من هدم الفكرة الدينية الإسلامية التي لا تحغظ كيانها وقوتها إلا بعزلتها وإنفرادها."

 

ثم جاء دور التأليف من قبل تلاميذ الاستشراق،  وأولهم رفاعة رافع الطهطهاوي الداعي لتعليم المرأة بعد عودته من باريس، وله كتاب ( تخليص الإيريز في تلخيص باريز) وكتابه الاخر: (المرشد الأمين للبنات والبنين) وفيهما يبدي إعجابه بفرنسا وبنسائها، وبالرغم من دعوته لتحرير المرأة وتعليمها لكنه لايريد لها أن تفقد مكانتها في المجتمع ،فإن الله لم بخلقخا لحفظ متاع البيت ووعاء لصون مادة النسل وحسب، ولكن فوق ذلك خلقت مشاركة للرجل في بناء المجتمع الإنساني يشرط أن لا تتجاوز الأحكام الشرعية التي فرضها الإسلام.

وأنظم الشيخ محمد عبده لهم في كتبه الداعية للإصلاح الديني، وجاء دور قاسم أمين الذي كتب كتابه الأول: (تحرير المرأة المسلمة) سنة 1898م، وقيل: كان يدعم من محمد عبده،  وقيل: هو في الحقيقة من كتابته، وفي هذا الكتاب أخغى شيئأ أبداه في كتابه الثاني (المرأة الجديدة) جريأ على سنة التدرج في التأثير، أراد للمسلمة أن تكون كالأوربية فقال في الكتاب الأول: " فلم لا نطالب أولي الأمر في كل بيت إلى إعداد نفوس البنات في زمن الصبا إلى هذا التغيير – وهو ترك الحجاب – وأن يغرسوا فيهن الإعتقاد بإن العفة ملكة في النفس لاثوب يختفي دونه الجسم"

ثم التغيير الجذري "إن التمسك بالماضي الإسلامي إلى هذا الحد هو من الأهواء التي يجب أن تنهض جميعأ لمحاربتها، لإنه ميل يجرنا إلى التدني والتقهقر".

ثم جاءت أطروحة منصور فهمي للدكتوراه من فرنسا سنة 1913م بعنوان" حالة المرأة في التقاليد الإسلامية وتطورها"، ثم جاء دور  طه حسين  الذي أراد للأمة الإسلامية أن تقلد الغرب وحضارتهم بحلوها ومرها شبرأ بشبر و ذراعأ بذراع.

وبعد رحيل قاسم أمين كانت الدعوة إلى تحرير المرأة وسفورها تسير نحو التحقق بدعوة الغالين والمعتدلين إلى أن ألقت المرأة بالحجاب والنقاب في مظاهرة سنة 1919م، قادتها هدى شعراوي، وفي تلك الفترة عرفت وأشتهرت محافل النساء فكانت صالونات مي زيادة وهدى شعراوي وغيرهما.

والأمثلة التي تقدمها بلاد مصر، لأنها كانت القطب المؤثر في بقية الأقطار العربية، ولكثرة الكتابات حولها، وما كان يدور فيها يلقي أذانأ صاغية من غيرها، لاسيما في ظل الهزيمة النفسية إبان الإستعمار وبعده، ومحاولة التحرر من كل ما يتصل  بالدين، حيث إتساع المستشرقون فكرة علاقة تخلف الشرق بتمسكهم بالدين! فنجد الشعراء شاركوا في هذه الحملة  مع بقية الأقطار، ومنهم مثلأ: الشاعر العراقي جميل صدقي الزهاوي:

     إسفري فالحجاب يا إبنة  فهر                 هو داء في الاجتماع وخيم

والشاعر الرصافي الذي يقول:

     وأكبر ما أشكو من القوم  أنهم                    يعدون تشديد الحجاب من الشرع.

ثم جاء دور الإذاعة:

لتخاطب الناس على إختلاف ثقافاتهم وإهتماماتهم، وهي وسيلة تصل للمتعلم وغير المتعلم، ثم التلفزيون كذلك من الوسائل الخطيرة التي غزت كل البيوت تقريبأ ليشارك المرء بكل حواسه: سمعه وبصره، والسينما وتأثيرها الشديد ومثلها الفديو البعيد عن الرقابة ،وتجارة أفلامه من أخطار التجارات، وأخيرأ الإنترنت في زمن العولمة الجديدة وما يحمله من إنحراف وغزو فكري ،وهكذا ساعد الإعلام وأصحاب الأقلام حملة التغريب، ووصل التضليل إلى درجة وصفت فيها المتمردة على الأداب الإسلامية بأنها " متحررة" و " عصرية" واللاتي يلتزمن بالسلوك الإسلامي بإنهن:" رجعيات ويعشن في عصر الحريم وجاهلات"، وبهذا قلبوا المعروف منكرأ والمنكر معروفأ.

وبإسم الفن ترتكب كل المعاصي، لاسيما تبرج المرأة وتعريها، و أستخدمت في الدعايات فنجد القائمين على شؤون الفن يحرصون على إختيار الجميلات قصد الإثارة، وهناك الرقص مع العري، والغناء ومسابقات ملكات الجمال، بتشجيع من فئات كثيرة، وهكذا باسم الفن جرفت المرأة في نيار التبعية العمياء لكل مايفعله الغرب، والفن في وسائل الإعلام هو أحد ميادين الإنهزام أمام الحضارة الغربية، فنجد عرض قضايا المرأة بصورة مخالفة للإسلام، فالتعدد مستحيل ، والزواج الثاني فاشل، وزوجة الأب ظالمة، ورجل الدين مخادع، كما نجد مادة الحديث  لا تعبر عن الواقع، بل تقلد برامج تلفزيونية كثيرة للغرب بعيدة عن قيمنا وديننا.

فالعلمنة التي أصابت التعليم قد أصابت الإعلام بكل قوى الصهيونية والصليبية، لأنهم يمتلكون هذه الوسائل، ثم أمتدت علمنة الإعلام إلى القوانين، لتصيب القوانين الإسلامية والتشريعات الخاصة في المرأة في الصميم.

وفي مجال الإعلام علينا أن نتوقف عند المبدأ الإسلامي في تلقي الخبر، والمعلومة وتحرى المصدر الذي جاءت منه، مما أشارت الأيات في قوله تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات 6].

النتائج مما سبق دراسته: تستنتج مما سبق:

- أن منهج كتابة المستشرقين لم يكن وليد يوم وليلة ،إنماكان تخطيط مسبق بمكر ودهاء لبث سمومهم في الأمة الإسلامية.

- مدى خبث ومكر المستشرقين المتعصبين لأفكارهم المنحرفة.

- تركيز المستشرقون في كتابة موضوعاتهم ،على إثارة الشبهات حول المرأة المسلمة، لإدراكهم بإن إفساد الأمة الإسلامية بإفساد المرأة المسلمة.

- إعتماد المستشرقون على وسائل الإعلام مثل الصحف والمجلات لإثارة شبهاتهم حول الإسلام والمرأة المسلمة.

- تشجيع المستشرقون لأبناء الأمة الإسلامية ممن أنجرفوا وراء أفكارهم الضالة وتصديرهم في وسائل الإعلام العربية الإسلامية.

- أستطاعت الكاتبة أن تذكر أبرز الشبهات التي أثيرت حول المرأة المسلمة من قبل أعداء الإسلام من المستشرقون ووسائلهم التي أستخدموها والرد عليها.

- يجب على المسلم الفطن الحذر من مثل هذه الدعوات الضالة وفضحها والرد عليها بالإعتماد على تفسير وتوضيح مصادرالإسلام الكتاب والسنة تفسيرأ صحيحأ.

- تمحيص الروايات التاريخ وعدم الأخذ بها على علاتها والنظر في عدالة السند ومقارنة المتن.

هذه أبرز النتائج التي توصل إليها البحث ،من خلال تتبع منهج المستشرقون في كتابة موضوعاتهم من الناحية الشكلية ومضمونها، من خلال كتاب شبهات المستشرقين حول قضايا المرأة في القران وسائلها وأثارها والرد عليها ل د. عفاف عبدالغفور حميد.

والحمدلله.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply