مدينة بطليوس


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

فتح العرب المسلمون أرض الأندلس فتح حضارة لأنهم حملة رسالة سماوية مقدسة وهي رسالة الاسلام السامية حملوها بقلوبهم وعقولهم وأعمالهم إلى أرض الأندلس يشهد على ذلك تاريخ فتحهم لهذه البلاد وسجل وجودهم فيها.

إذ إبتدأ العرب المسلمون بنشر تعاليم هذا الدين السامي بين أهل البلاد الأندلسية سلمًا وأقاموا على أرضها صروحًا حضارية مدهشة، بطليوس إنها من المدن التي تم اكتشافها من ٤ ألاف عام قبل الميلاد، ومع غزو الرومان أصبحت المدينة جزءًا من مجتمع هيسبانيا.بلغت المدينة أهمية بالغة في عهد الحكام المغاربة مثل الخلفاء الأمويين في قرطبة، والمرابطين والموحدين في شمال أفريقيا.تم غزو المدينة من قبل الحكام المسيحيين بقيادة ألفونسو السادس من قشتالة، مما قضى على حكم المغاربة. وعن موقعها تقع في بطليوس أو بادوخوث (بالإسبانية:Badajoz) تقع في منطقة «إكستريمادورا» في غرب «إسبانيا» على مقربة من الحدود مع «البرتغال» وعلى بعد 404 كم من العاصمة «مدريد». وسبب نشأتها كانت بطليوس حتى النصف الثاني من القرن التاسع الميلادي محلة قوطية خربة، لم يعن بها المسلمون، حتى كان اضطرام الفتنة الكبرى ضد حكومة قرطبة في تلك الفترة، فالتجأ إليها أحد زعماء الثورة المولدين، وهو عبد الرحمن بن مروان الجليقي الثائر بماردة، وبناها وحصنها سنة 875 م وأطلق عليها اسم بطليوس، وذلك في عام 875 م إبان حكم الأمير محمد الأول (1)، ومعنى بطليوس في قاموس المعجم الوسيط وفي لسان العرب والقاموس المحيط بلد الاندلس وهي مدينة إسلامية.

 

ويتميز مناخ بطليوس بمناخ البحر الأبيض المتوسط، حيث انه يشبه المناخات الساحلية حيث الشتاء البارد الخفيف، والصيف الحار، وإن أكثر شهور السنة انخفاض في درجة الحرارة شهري ديسمبر ويناير، حيث تصل درجات الحرارة فيهما حوالي ٧ درجة مئوية تقريبا، أما أكثر شهور السنة ارتفاع في درجة الحرارة هو شهر يوليو، حيث تصل درجات الحرارة فيه الى ٤٥ درجة مئوية تقريبًا، وأن أكثر شهور السنة التي تتساقط فيها الأمطار هي شهور أكتوبر و نوفمبر وديسمبر وأحيانًا يناير. (2)

شهدت الأندلس في عهد الخلافة الأموية التقدم في كل مجالات الحياة فقد إهتم خلفاء هذا العهد بتشييد المنشآت المعمارية والقصور الفخمة وبناء العديد من المدن ( والضواحي الزاهرة التي مازال بعضها قائمًا إلى وقتنا الحالي، روعي في تخطيط المدينة الإسلامية في الأندلس أمور عدة منها ضرورة توفر الماء وسهولة الطرق وإعتدال مناخ المكان وجودة الهواء والقرب من المرعى والاحتطاب إضافة إلى ضرورة تمتع موقعها بالحصانة والقدرة على دفع الأخطار عند هجوم الأعداء، إذ إتخذ تخطيط المدينة الإسلامية في الأندلس شكلًا جديدًا. فما حققه العرب في الأندلس من تطور بفضل فكرهم المتألق لم تستطع شعوب كثيرة أخرى أن تحققه (3).

 

بطليوس أمر ببنائها الأمير عبدالله بن محمد (275-300/888-912)، إذ أعطى الإذن بالبناء لعبد الرحمن بن مروان المعروف بالجليقي، فأنفذ له جملة من البناة يصرف لهم الأموال فشرع بداية في بناء الجامع باللين والطابية وبنى صومعته بالحجر واتخذ مقصورة وبنى مسجدًا خاصًا بداخل الحصن الذي اتخذه موطنًا. يتبين لنا سبب بناء مدينة بطليوس وهو عسكري وهذا الأمر واضح لأن الذي أشرف على بنائها هو أحد الثوار وهو عبد الرحمن بن مروان المعروف بالجليقي، إذ كانت هذه المدينة بمثابة حصن منيع للثوار قبل أن يدخل عبد الرحمن في طاعة الأمير عبد الله، وكان سور مدينة بطليوس مبنيًا بالتراب وكان للمدينة ربض كبير أكبر من المدينة في شرقها خلا بالفتن وهي على ضفة نهر كبير مسمى الغؤور وسمي بهذا الأسم لأنه يكون في موضع يحمل السفن ثم يغور تحت الأرض حتى لا توجد منه قطرة وينتهي جريه إلى حصن مارتلة ويصب قريبًا من جزيرة شلطيش ومن بطليوس إلى إشبيلية ستة أيام ومنها إلى قرطبة ست مراحل، وتتميز بطليوس اليوم بموقع طبيعي منيع على مقربة من الحدود البرتغالية وهي مدينة كبيرة. (4)

 

 ومن أهم مظاهرها العمرانية والأثرية مع وصفها حصنا رينا ومونتمولين هما حصنان مستطيلا المخطط، فيرى أن الأضلاع متساوية، كما يضم كل واحد منهما مساحة تصل إلى هكتار، ويلاحظ أن الأسوار والأبراج من الطابية مع وجود التجاويف وكذلك الأبراج الصماء، منحنية المخطط تلك البوابة الموجودة في حصن مونتنولين، وتبرز من الخارج وهي تشبه بوابة أشبيلية. والتي زالت من الوجود على يد الموحدين.

والتي كانت قائمة في سور شريش، وبوابة حصن رينا فهي تشبه بشكل جزئي المدخل الرئيسي لقصبة شلب. وهو مدخل مباشر محاط ببرجين في الزوايا، وقد تعرض لترميمات كثيرة في العصر المسيحي، خاصة وأنه اصبح ملكا لجماعة "سانتياجو" وشوهدت في داخله أطلال مباني نبرز منها جبين، أما في رينا الذي صمم في داخله مصلى مسيحي، ربما حل محل مسجد قديم، ونجد ثلاثة أبراج بدائية ذات قاعدة مستطيلة، ام المبنى فهو مثمن، وفي الوسط أطلال الحصن الداخلي مرتفع بعض الشيء. ويقع في طريق يربط بين أشبيلية وبطليوس، وقد احتله فرناندو الثالث.وقد تم جلب الكتل اصخرية من المدينة الرومانية المسماة Regina. (5)  

 

قصبة بطليوس: (بالإسبانية: Alcazaba de Badajoz)

 هي قصبة أندلسية من أعظم قصبات الأندلس ضخامة.

بنى القصبة على شكلها الحالي الموحدون في القرن الثاني عشر الميلادي، لكنها كانت قائمة منذ القرن التاسع الميلادي تقريبًا، أي مع تأسيس مدينة بطليوس نفسها. (6)، برج الطليعة، وبرج المشنوق ويطلق على برج الطليعة وهو برج براني إلا أنه تتوفر به عناصر الإكتفاء الذاتي، وهو مثمن الأضلاع وأصم حتى مستوى دروب سور الجسر الذي يربطه بالسور الرئيسي للحصن، ومشيد من الطابية المصحوبة بالخرسانة، ويظهر البناء من الخارج وزرة ذات انحدار ويبلغ ارتفاعها 1.30م، ويبلغ طول البرج 4.13م.وارتفاعه لايزيد عن 21.65م، ويشبه برج الفضبة بأشبيلية، وله طابقان توأمان ويهما عمود مجوف ومربع سقفه من قصبة بيضاوية من الآجر ارتفاعها 2.55م.وهو على نمطية الاكلاشيه (4-8) والسلم في الحائط، والدهليز قباب مضلعة لها قاعدة مستطيلة وأخرى ذات قاعدة مثلثة، وعقود او فجوات نصف اسطوانية منفرجة بعض الشيء، ويبلغ ارتفاعها 1.54م في كل واحد من الجوانب الخارجية وفي الشرفة ذات المرقب بريجا مركزيا مربع المخطط ومشيد منالآجر ويبلع ارتفاعه 8.56م و، له نظامان من العقود شبه اسطوانية. والبريج هو قناع لبرج أخر معاصر للحصن الموحدي، والعمود الممتد على الغرف على شكل بريج مربع طول ضلعه ثلاثة أمتار وارتفاعه 2.82، وكتتويج خارجي نجد للبرج افريز ذا عقود مدببة متقاطعة الأجر على النهج العربي ويبلغ ارتفاعها 0.77، وهو أقل مساحة من البرج الحربي. وكلا البرجين يقوم بأداء دور أبراج الطلائع أو المراقبة ويرجع الى القرن لثاني عشر، وهناك برج آخر هو برج المشنوق أقل حجمًا، وهو مستطيل الشكل وتسبقه بربكانة، والبرج مشيد من الطابية ويتم الدخول اليه من درب السور، بشكل مباشر من الواجهة. على باب المدخل عقد منفرج فتحته 1.08م، يتوجه عقد أخر اسطوني وكلاهما من الآجر.وتوجد ثلاثة مزاغل في الحوائط الخارجية لها فتحة خارجية وأخرى، داخلية (0.95.0.12 على التوالي) ولا يتجاوز سمك الحوائط 0.80م. ولها عتب حجري يليه قبة فالصو ناجمة عن تقريب مداميك الآجر. وتبلغ مقاسات الآجر 27 X 13 X 4سم.ويرجع للقرن الثاني عشر. (7)

 

يرجع تاريخ أسوار القصبة الحالية إلى حقبة الموحدين على الأرجح، مع أجزاء لا تكاد تُذكر يرجع تاريخها إلى الفترة بين عامي 913م و1030م (أيام بني الجليقي وبني الأفطس)، وقد اعتنى الموحدون ـ الذين حكموا الأندلس منذ أواسط القرن الثاني عشر الميلادي ـ بتحصين بطليوس بصفة خاصة، لوقوعها في طرف المملكة الإسلامية، وأمر الخليفة أبو يعقوب يوسف بن عبد المؤمن (حوالي سنة 563 م/1170 هـ) بإنشاء قصبة وأسوار جديدة للمدينة، ومدها بالمياه، وبالتالي فإن الأسوار والأبراج المحيطة اليوم بأطلال قصبة بطليوس هي من إنشاء الموحدين. (8)

 

ومن أهم الأحداث التاريخية منذ نشأتها والعصور الإسلامية التي حدثت فيها في سنة 262ه/875م كان مروان بن محمد قد ابتنى لبطليوس حصنًا، وجعله موطئًا، وأدخل فيه أهل ماردة وغيرهم من أهل المكانفة له على الثغر. (9)

وثم تغلب الفتى سابور الفارسي تلك المنطقة ثم خلفه وزيره عبد الله بن مسلمة في الحكم. ثم بنو الأفطس دارت الحرب بين ابن الأفطس وابن عباد الحرب بينهما حول باجة وبعدذلك انشغال ابن عباد بقتال البربر. والثورة في أشبونة وإخمادها، ثم رجوع الحرب مرة أخرى بين المظفر بن الأفطس والمعتضد بن عباد.

وكان يجاور مملكة إشبيلية من الشمال، مملكة بطليوس، تفصلها عنها جبال الشارات الكبرى (سيرا مورينا). وكانت مملكة بطليوس، تشمل رقعة كبيرة تمتد من غرب مملكة طليطلة، عند مثلث نهر وادي يانة، غربا حتى المحيط الأطلنطي، وتشمل أراضي البرتغال كلها تقريبًا حتى مدينة باجة في الجنوب، وكانت العاصمة بطليوس تتوسط هذه الرقعة الكبيرة التي تشمل عدا العاصمة، عدة مدن هامة أخرى مثل ماردة، ويابرة، وأشبونة، وشنترين، وشنترة، وقلمرية، وبازو، وغيرها.

 

كان بنو مسلمة، أو بنو الأفطس، كما اشتهر اسمهم، سادة هذه المملكة الشاسعة، حكموها نيفا وسبعين عاما، وسطع بلاطهم أيام الطوائف. وكان استيلاؤهم على حكمها من المصادفات المحضة. ذلك أن هذه المنطقة، وهي النصف الشمالي، من ولاية الغرب الأندلسية، كان يحكمها عند اضطرام الفتنة، واليها الفتى سابور الفارسي، أحد صبيان فائق الخادم مولى الحكم المستنصر وقد استبد بحكمها(10) منذ انهيار الخلافة، واستمر قائما بأمرها ثلاث عشرة عاما. وكان فارسا شجاعا، ولكن عاطلًا عن المعرفة والخبرة بشئون الحكم، فكان يعاونه في تدبير الشئون وزيره عبد الله بن محمد بن مسلمة، وكان من قبل واليا لماردة، وكان هو الحاكم الحقيقي. وتوفي سابور في سنة 413 هـ (1022 م)، وترك ولدين حدثين هما عبد الملك وعبد العزيز، وأوصى أن يستمر وزيره في الحكم، حتى يبلغا أشدهما. فاستولى عبد الله على الأمور وضبط المملكة، واحتوى على تراث سابور لنفسه، وتلقب بالمنصور، وأضحى هوسيد المملكة الحقيقي.(11)

 

يتنوع سكان بطليوس من البربر والعرب واليهود والنصارى0 خليط من الاجناس متعايش بسماحة الإسلام وينحدر سكان بطليوس من سلالة بربرية الأصل، تعودلببني مسلمة. والذي أسس السلالة هوعبد الله بن مسلمة وهوكان من كبار رجال الحكم الثاني للخليفة الأموي.وقداقتطع لنفسه إمارة «بطليوس» بعد أفول الخلافة بقرطبة. (12)

وصارت أهم مركز سياسي وعسكري، اقتصادي وثقافي في غرب شبه الجزيرة. تمكن بنو الأفطس بعدها لبعض الفترات من تملك شرق إسبانيا و جزء من «البرتغال». على مدى ثلاثة أجيال من الحكام: عبد الله (412-436)ﻫ (1022-1045)م، المظفر (436-457)ﻫ (1045-1065)م ثم عمر المتوكل (457-486)ﻫ (1065-1094)م (13)، عاشت بطليوس ما بين عامي 1022م و 1094م أوج أهميتها السياسية كعاصمة لدولة بني الأفطس البرابرة، المتحدرين من سلالة مكناسة، وأسياد منطقة شاسعة ضمت: ميريدا، لشبونة، شنترين وكوينبرا، وذلك في ظل الأمير المظفر بن الأفطس، الجندي الباسل، العالم، وعاشق الشعر.

 

وكان عبد الله بن الأفطس المنصور، خلال حكمه يمضي في تنظيم مملكته الشاسعة وفي تحصينها، وفي تقوية جيوشه وأهباته، وذلك كله توقعا لعدوان بني عباد، ولاسيما بعد أن خلف المعتضد بن عباد أباه القاضي أبا القاسم في الحكم، وظهرت إمارات توثبه ونياته العدوانية. ثم توفي المنصور في جمادى الأولى سنة 437 هـ (1045 م).

فخلفه إبنه محمد بن عبد الله بن الأفطس وتلقب بالمظفر. وكان عالما وفارسا شجاعا، وقد عركته خطوب الحرب والأسر الذي عاناه. فسار في الحكم سيرة أبيه من العمل على ضبط النظام، والدفاع عن الثغور. وكان مثل أبيه يرى في بني عباد خصومه الأوائل، ويعمل على تقوية أهباته الدفاعية لاتقاء عدوانهم. (14)

 

على أن أعظم خطب نزل بالمسلمين وبمملكة بطليوس يومئذ، هو فقد مدينة قلمرية أعظم مدن البرتغال الشمالية، وكان قد افتتحها المنصور بن أبي عامر منذ ثمانين عاما في سنة 375 هـ. وكانت يومئذ تحت حكم مولى من موالي ابن الأفطس يدعى راندة، ولديه للدفاع عن المدينة نحو خمسة آلاف جندي. ويقال إن الذي أشار على فرناندو بغزو قلمرية هو مستشاره المستعرب سسنندو. (15)

وفي عهد المتوكل على الله تمتعت مملكة بطليوس بفترة من السلام والأمن والرخاء، وسطع بلاطها في ظل أميرها الحكيم العالم. والواقع أن مملكة بطليوس كانت بالرغم مما نزل بها من الأحداث والخطوب، في عهد المظفر بن الأفطس، تتفوق من حيث انتظام الأحوال وسيادة الأمن والرخاء، على كثير من دول الطوائف الأخرى. وفي ذلك يقول المؤرخ " وكانت أيام بني المظفر (يقصد بني الأفطس) بمغرب الأندلس أعيادا ومواسم، وكانوا ملجأ لأهل الأدب، خلدت فيهم، ولهم قصائد شادت مآثرهم، وأبقت على غابر الدهر حميد ذكرهم. (16)

وكان معاونه في الحكم الوزير ابن الحضرمي، قد أساء السيرة، وتجبر وطغى وتعسف في معاملة الناس فأقاله، وأبعده عن خدمته.

 

ومن الناحية الاقتصادية فقد صارت أهم مركز سياسي وعسكري، اقتصادي وثقافي في غرب شبه الجزيرة وانتشرت فيها التجارة لقربها من البرتعال حيث لا تبعد عنها غير سبعة كيلومترات.

ظل اقتصاد الإمارات الأندلسية منتعشا على الرغم من التجزئة السياسية، فقد اقيمت مزروعات متنوعة وغنية كالزعفران وقصب السكر. كما نشطت صناعة المواد الاستهلاكية والمصدرة. وتوسعت تجارة الموانئ الأندلسية عبر البحر المتوسط، بل شملت أيضا سواحل الهند والصين وشرق إفريقيا. (17)

 

وإلى جانب أهميتها السياسية، عرفت بطليوس في القرنين الحادي عشر والثاني عشر أهمية ثقافية، واستقطبت النشاط الثقافي لشمال شرق الأندلس، واعتبرت في عهد بني الأفطس كأحد أهم مراكز الثقافة الرئيسة في شبه الجزيرة، وكنموذج بلاطي لإسبانيا القرن الحادي عشر: حمى الملكين المظفر والمتوكل الشعراء، ولائحة الأسماء لأدباء محليين ووافدين لائحة طويلة، فالملك المظفر كان مولعًا بالشعر، وتنسب إليه أعمال عدة، وأبرز شعراء المظفر والمتوكل ابن باج، والشاعر الداني ابن لبانة، والبرتغالي ابن مقانة.

من أعلام بطليوس

1-المنصور عبد الله بن الأفطس.

2-المظفر بن الأفطس.

3-المنصور يحيى بن الأفطس.

4-المتوكل بن الأفطس.

5-ابن السيد البطليوسي.

فقد كان المظفر من أعلم أهل عصره، وكان شغوفا بالشعر والأدب، وكان ينكر الشعر على قائله في زمانه، ويقول: " من لم يكن شعره مثل شعر المتنبي أو المعري فليسكت "، ولا يرضى بدون ذلك. وقد اشتهر في عالم الأدب بكتابه الضخم الموسوم "بالمظفري" نسبة إلى اسمه، وهو موسوعة أدبية وتاريخية عظيمة تحتوي على كثير من الأخبار والسير والنبذ المختارة، والطرائف المستملحة، والغرائب الملوكية، والنوادر اللغوية. وأنفق المظفر في تصنيفه أعواما، وانتفع في تصنيفه بسائر ما تحتويه خزائنه الزاخرة بنفائس الكتب، ولم يستعن في وضعه إلا بكاتبه أبي عثمان سعيد بن خيره. وقيل إن "المظفري" كان يحتوي على خمسين مجلدا، وقيل بل على عشرة أجزاء ضخمة وقد لبث هذا المصنف الكبير عصورًا، معروفا متداولًا، تذكره التواريخ. (18)

وقال ابن الخطيب: " وكان المتوكل ملكًا عالي القدر، مشهور الفضل، مثلًا في الجلالة والسرو، من أهل الرأي والحزم والبلاغة، وكانت مدينة بطليوس في مدته دار أدب وشعر ونحو وعلم ".(19)

 

ومن الفلاسفة المهمين في تلك الحقبة، الفيلسوف والفقيه الباجي المولود في بطليوس عام 1013م، والذي درس في قرطبة، وسافر إلى الشرق، حيث ظل ثلاثة عشر عامًا. وألف بعد عودته أعمالًا كثيرة في الشريعة، ومات في الميرية عام 1081م.

وهنا، لابد من ذكر الفيلسوف البطليوسي بن السيد، بالرغم من أن حياته لم ترتبط بالمدينة التي وُلد فيها عام 1052، وقد تنقل في ممالك الطوائف، ورحل من بطليوس إلى ولاية البراثين، وقصد بالتالي طليطلة وسرقسطة، ثم استقر في بالنيا حيث توفي عام 1027، وتفسر أعماله ولادة الأنظمة الفلسفية لابن رشد وابن باجة، وأثره «كتاب الحدائق» هو أول محاولة للتوفيق بين الفقه الإسلامي والفكر اليوناني.

كان من بين وزراء المتوكل، الكاتب والشاعر الكبير أبو محمد عبد المجيد بن عبدون "عظيم ملكهم، ونظيم سلكهم" حسبما يصفه صاحب القلائد، وصاحب مرثيتهم الرائعة التي نشير إليها فيما بعد، وهو من أبناء مدينة يابرة، وبنو القبطرنة وهم الشاعر المبدع أبو بكر بن عبد العزيز البطليوسي، وأخواه أبو محمد وأبو الحسن، وكلاهما أيضا شاعر رائق النظم. (20)

ومن شعراءها ونقل إلينا ابن الخطيب تلك التحفة الأدبية من نظم المتوكل، رواها وزيره أبو طالب ابن غانم قال: كتب إلى المتوكل بهذين البيتين في ورقة كرنب من بعض البساتين:

انهض أبا طالب إلينا...... واسقط سقوط الندى علينا

 فنحن عقد بغير وسطى... ما لم تكن حاضرا لدينا(21)

 

على المستوى الثقافي كانت للمدينة مساهمة كبيرة كما يتضح ذلك من الصفحات الكثيرة التي خصصها ابن بسام لأعلامها ومنهم محمد ابن أيمن وولده أبو الحسن، ونحن في غنى عن التذكير بأن الشاعر الكبير ابن عبدون صاحب المرثية المشهورة في بني الأفطس ينتمي إلى يابورة Evora من مملكة بطليوس التي يقول عنها الإدريسي:”ويبورة مدينة كبيرة عامرة بالناس ولها سور وقصبة ومسجد جامع وبها الخصب الكثير الذي لا يوجد بغيرها من كثرة الحنطة واللحم وسائر البقول”. (22)

والشاعرعبد الملك بن حبيب توفى في رمضان من عام 239ه/853م في صدر دولة الأمير محمد، قال ابن وضاح وغيره، لم يقدم الينا افقه من سحنون، وقدم الينا منهو أطول منه لسانًا يعني ابن حبيب، وكان اديبًا ونحويًا حافظًا وشاعرًا متصرفًا في فنون العلم من الأخبار والانساب والأشعار، وله مؤلفات حسان في الفقه والأدب والتواريخ كثيرة. وتوفى عن أربع وستون سنة. (23)

 

وأخيرأ نستنج:

*تعد مدينة بطليوس واحدة من أبرز مدن اسبانيا، وهي عاصمة مقاطعة تحمل نفس اسمها في مجتمع الحكم الذاتي، وتقع بالقرب من الحدود البرتغالية، على الضفة اليسرى من نهر غونديانا، وتتمتع المدينة بالتاريخ العريق، وتضم العديد من المعالم المميزة.

* تمتعت مملكة بطليوس في عهد المتوكل على الله بفترة من السلام والأمن والرخاء، وسطع بلاطها في ظل أميرها الحكيم العالم. والواقع أن مملكة بطليوس كانت بالرغم مما نزل بها من الأحداث والخطوب، في عهد المظفر بن الأفطس، تتفوق من حيث انتظام الأحوال وسيادة الأمن والرخاء، على كثير من دول الطوائف الأخرى.

*تشتهر المدينة بكونها تمتلك العديد من الساحات الخلابة التي تصلح للتنزه بين مبانيها الموجودة على الطراز المغربي والروماني منذ عصور قديمة.

*تضم المدينة العديد من المعالم التاريخية المميزة، التي يقبل عليها الكثيرين حصن فوبان، وابراج بويرتا.

* نوصي الباحث التاريخي بالقاء الضوء على المدن الإسلامية في بلدان شرق وغرب العالم الإسلامي التي لم يلقى الضوء عليهاكثيرأ.

والحمد لله في الانتهاء كما حمدته في الابتداء.

          

المصادر المراجع

1-  الآثار الأندلسية الباقية في إسبانيا والبرتغال، محمد عبد الله عنان، مكتبة الخانجي.

2-  تاريخ اختطاط العرب المسلمين للمدن في الأندلس، وفاء محمد سحاب، جامعة الانبار، كلية الآداب، مجلة كلية الآداب، العدد101.

3-  دراسات في الحضارة الإسلامية وثقافة الغرب الإسلامي محمد زنيبر، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، مطبعة الأمنية، بالرباط 2010م.

4-  دولة الإسلام في الأندلس محمد عبد الله عنان المؤرخ المصري (المتوفى: 1406هـ) الناشر: مكتبة الخانجي، القاهرة الطبعة: جـ 1، 2، 5/ الرابعة، 1417 هـ - 1997م.

5-  الروض المعطار في خبر الأقطار، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد المنعم الحميرى; المحقق: إحسان عباس، ط الثانية، مؤسسة ناصر للثقافة، بيروت، 1980م.

6-  العمارة في الأندلس، عمارة المدن والحصون، باسيليو بابون مالدونادو، ترجمة عل ابراهيم منوفي، المشروع القومي للترجمة، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 2005م.

7-  مراصد الإطلاع، عبد المؤمن بن عبد الحق، ابن شمائل القطيعي البغدادي، الحنبلي، صفيّ الدين (المتوفى: 739هـ)، ط الأولى، نشر دار الجيل، 1412ه

8-  موسوعة تاريخ الأندلس تاريخ وفكر وحضارة وتراث، حسين مؤنس، الطبعة الأولى، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة، 1416ه/ 1996م.

9-              https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%84%D9%88%D9%83_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%88%D8%A7%D8%A6%D9%81

10-         https://www.marefa.org/%D8%A8%D8%B7%D9%84%D9%8A%D9%88%D8%B3

11-         https://murtahil.com/154984/%D9%85%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%B9%D9%86-%D8%A8%D8%B7%D9%84%D9%8A%D9%88%D8%B3-%D8%A5%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

([1])الآثار الأندلسية الباقية في إسبانيا والبرتغال، محمد عبد الله عنان، ص 372.

([2])https://murtahil.com/154984/%D9%85%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%B9%D9%86-%D8%A8%D8%B7%D9%84%D9%8A%D9%88%D8%B3-%D8%A5%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7

 ([3]) تاريخ اختطاط العرب المسلمين للمدن في الأندلس، وفاء محمد سحاب، ص190.

([4])المرجع السابق، ص195.

([5]) العمارة في الأندلس، عمارة المدن والحصون، باسيليو بابون مالدونادو، ترجمة عل ابراهيم منوفي، ج1 ص255.

([6])الآثار الأندلسية الباقية في إسبانيا والبرتغال، محمد عبد الله عنان، ص 373.

([7]) العمارة في الأندلس، عمارة المدن والحصون، باسيليو بابون مالدونادو، ترجمة عل ابراهيم منوفي، ج1 ص637-638.

([8])الآثار الأندلسية الباقية في إسبانيا والبرتغال، محمد عبد الله عنان، ص 373.

([9])موسوعة تاريخ الأندلس تاريخ وفكر وحضارة وتراث، حسين مؤنس، ج1، ص231.

([10]) دولة الإسلام في الأندلس محمد عبد الله عنان المؤرخ المصري، ج4 ص82.

([11])المرجع السابق، جـ 1، 2، ص83.

([12]) مراصد الإطلاع، عبد المؤمن بن عبد الحق، ج1، ص203.

([13]) مراصد الإطلاع، عبد المؤمن بن عبد الحق، ابن شمائل القطيعي البغدادي، الحنبلي، صفيّ الدين (المتوفى: 739هـ)، ط الأولى، نشر دار الجيل، 1412ه، ج1ص204.

([14])دولة الإسلام في الأندلس، محمد عبد الله عنان المؤرخ المصري: جـ 1، 2ص84.

([15])المرجع السابق، جـ 1، 2، ص86.

([16])المرجع السابق، جـ 1، ص89.

([17])https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%84%D9%88%D9%83_%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%88%D8%A7%D8%A6%D9%81([18]) دولة الإسلام في الأندلس، محمد عبد الله عنان المؤرخ المصري، جـ 1، 2، ص87.

([19])المرجع السابق، جـ 1، ص88.

([20]) المرجع السابق، جـ 1، 2ص89.

([21]) دولة الإسلام في الأندلس، محمد عبد الله عنان المؤرخ المصري جـ 1، ص88.

([22])دراسات في الحضارة الإسلامية وثقافة الغرب الإسلامي (بتصرف)، محمد زنيبر، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، مطبعة الأمنية، بالرباط 2010.http://www.andalusite.ma/?p=2014.

([23]) موسوعة تاريخ الأندلس تاريخ وفكر وحضارة وتراث، حسين مؤنس، ، ج1، ص240.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply