ما هو الجاثوم


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

ما هو الجاثوم؟ ولماذا يحدث؟ وكيف نعالجه؟

أول مرة سمعتُ فيها كلمة (الجاثوم) كانت لما كنتُ صغيرًا، وأظن لما كنتُ في المرحلة الابتدائية، ولا زلتُ أذكر جيدًا تلك الأوصاف المرعبة والمخيفة التي تحدث بها بعض الأصدقاء عن تجربته مع الجاثوم.

كانوا يتحدثون عن تجربة لا يمكن أن تُنسى، تجربة كانوا فيها أيقاظًا يُدركون ما حولهم ويرون ما يحصل لهم، لكنهم يعجزون عن تحريك أجسادهم باستثناء العين التي ترقب ما كان يحصل حوله.

بعضهم كان يتحدث عن وجود شيءٍ يجثم على صدره بقوة، ولعل التسمية أتت من ذلك، وبعضهم تحدث عن ضيق نفسه وانقطاعه، حتى وصل إلى الشعور بالاختناق والاقتراب من الموت، وبعضهم أحسَّ بالرعب وحضور كيان آخر يضغط على جسده ويكبله ويعيق بدنه عن الحركة.

 

كثيرون يعتقدون أنَّ هذه الظاهرة التي تحدث لكثيرين مردها في الحقيقة إلى تسلط الجن أو الشياطين على هذا الشخص، وأن الجني أو الشيطان يجثم على جسده أثناء نومه، فيضيق عليه ويحبس أنفاسه، من أجل إيصال الأذى له أو من أجل الدخول فيه. وهذا الاعتقاد موجود كثير من أتباع الأديان، لأنَّ هذه الظاهرة تمر بكثير من البشر.

فمثلاً، رجل الدين المسيحي الغربي (آدام بلاي)، وهو المتخصص في طرد الأرواح الشريرة والشياطين والممارس للتعويذة المسيحية، ويظهر بصورة المتعلم العصري‘، حين تعرض لظواهر الأرواح الشريرة وكيفية علاجها وفق النظرة المسيحية، نبهه إلى أن البعض يخلط بين هذه التجربة وبين امتلاك الأرواح الشريرة لجسده، وأنه لا علاقة بين الأمرين.

 

أما بالنسبة إلى الطب فإنَّ هذه التجربة معروف واسمها شلل النوم (Sleep paralysis). واستنادًا على ما قدمته (NHS) هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية عن هذه الظاهرة من معلومات، فإنَّ شلل النوم (الجاثوم) هو عجز مؤقت عن الحركة أو الكلام يحدث عند الاستيقاظ أو النوم، وهي في العادة تذهب خلال بضع ثوان أو دقائق.

وسيكون الإنسان قادرًا على الحركة والتحدث بشكل طبيعي بعد مروره بهذه التجربة، ومع ذلك فإن طائفة من الناس قد تشعر بعدم الاستقرار، والإحساس بالقلق والخوف من الذهاب إلى النوم مجددًا.

وهذه التجربة ليست ضارة، ولكن يمكن أن تكون مخيفة للغاية للكثير، حيث يعاني العديد من الأشخاص من هذه التجربة مرة أو أكثر في حياتهم، بينما يعاني آخرون منه عدة مرات شهريًا أو أكثر بانتظام. وهو يصيب الأشخاص من جميع الأعمار وهو الأكثر شيوعًا في المراهقين والشباب.

 

تحدث هذه التجربة وأنت تكون مدركًا تمامًا للبيئة المحيطة بك، ولكنك غير قادر مؤقتًا على الحركة أو التحدث، وهذا يحدث عادة أثناء الاستيقاظ، ولكن يمكن أن يحدث عندما تغفو.

وبحسب (NHS) فإن لهذه التجربة عدة أعراضٍ رئيسية، ومن ذلك: أنك تجد صعوبة في أخذ النفس العميق، كما لو أنَّ صدرك يتم سحقه أو تقييده، لكن في الوقت نفسه تكون قادرًا على تحريك عينيك، بل وفتحها، لكن بعضهم لا يستطيعون ذلك.

أيضًا من أعراضها الإحساس بوجود شخصٍ ما، أو شيءٍ ما في الغرفة معك، وهذا ما يجعل الكثير يشعرون بالخوف الشديد، لأنه يصبح لديهم إحساس أن هذا الشيء الموجود يريد إلحاق الأذى بهم.

وينصح (NHS) أن ترى طبيبك في حالات معينة فقط عند حدوث هذه التجربة معك، مثل: أن تواجه شلل النوم بانتظام، أو أن تشعر بالقلق الشديد حيال الذهاب للنوم، أو أنك تكافح للحصول على قسط كافٍ من النوم، أو تشعر بالنعاس الشديد أثناء النهار أو تعاني من نوبات تغفو فجأة.

أما إذا كان شلل النوم لديك شديدًا بشكل خاص، فقد يقترح الطبيب المختص لك تناول الأدوية المضادة للاكتئاب، مثل عقار كلوميبرامين، وهذه تعمل عن طريق تغيير نوم حركة العين السريعة، وعادة ما توصف في جرعات أقل عند استخدامها لغير علاج الاكتئاب.

 

لماذا يحدث شلل النوم (الجاثوم)؟

يحدث ذلك عندما تنام أجزاء من حركة العين السريعة (REM) بينما أنت مستيقظ. فـ(REM) هي مرحلة من النوم عندما يكون الدماغ نشطًا جدًا وتحدث الأحلام عادة. والجسم غير قادر على الحركة، باستثناء العينين والعضلات المستخدمة في عملية التنفس، وربما من أجل منعك من إيذاء نفسك.

ويرى (NHS) أنَّه ليس من الواضح سبب حدوث نوم حركة العين السريعة أحيانًا أثناء الاستيقاظ، ولعله متربط بعدم الحصول على قسط كاف من النوم، أو بسبب أنماط النوم غير المنتظمة، أو تاريخ العائلي المرتبط بشلل النوم، أو النوم على الظهر. ومع ذلك فإنه يحدث أحيانًا لشخص يتمتع بصحة جيدة.

 

ما علاج شلل النوم (الجاثوم)؟

الحصول على نوم جيد ليلاً، فمعظم البالغين يحتاجون إلى ست إلى ثماني ساعات من النوم الجيد في الليلة. ولذلك ينصحك (NHS) أن تذهب إلى الفراش في نفس الوقت تقريبًا كل ليلة واستيقظ في نفس الوقت كل صباح، وأن تخلق بيئة نوم مريحة وهادئة ومظلمة وغير ساخنة أو باردة.

أيضًا كن حريصًا على تجنب تناول وجبات كبيرة أو التدخين أو شرب الكحول أو الكافيين قبل النوم بفترة قصيرة. ومارس التمارين الرياضية بانتظام، ولكن ليس خلال أربع ساعات من الذهاب إلى السرير.

وأخيرًا، يطرح هذا السؤال: هل هناك أي دليل على وجود علاقة بين شلل النوم (الجاثوم) وبين غير الأسباب الطبية المذكورة؟ الجواب: الله أعلم بذلك.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply