الإمام ابن رجب


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

من زينة ومفخرة علماء الحنابلة وعلماء الإسلام عموماً الإمام ابن رجب؛ فهو من أعمقهم تحريرا وتحقيقا وتدقيقا، ولقد فتح الله عليه من أوعية العلم، وارتدى أكسية الشريعة، وتبحّر في علوم الشرع.

ومن سبر كتبه عَلِمَ عمق معرفته في غوامض العلل الحديثية وكُنهها كما في شرحه لعلل الترمذي، وقطعة من صحيح البخاري، وليت شرحه للترمذي قد وصلنا لكنّه ضاع!

وهو كذلك عالمٌ جليلٌ في الفقه؛ حتّى إنّ المرداوي منقح مذهب الحنابلة ومحرره يقول عن ابن رجب رحمهما الله: "ما أكثر تحقيقه، وأغزر علمه".

 

ومن مزايا الإمام ابن رجب:

1. كان ابن رجب شديد الانتقاء للأحاديث التي تهم الناس؛ فيُفردها بشرح خاص كشرحه لحديثي (ماذئبان جائعان) و(بعثت بالسيف بين يدي الساعة) وغيرها..

2. فقهه لأقوال المتقدمين، وعلى رأسهم الصحابة والتابعين، وحين يقول والجمهور على ذلك فإنّه يقصد به جمهور السلف؛ فحسبك بقوله فعليه تعقد الخناصر!

3. ابن رجب فقيه مُجتهد في مذهب الإمام أحمد، لكنه غير متعصب، بل يختار ما ينصره الدليل وحياً وعقلاً من مجموع الروايات الثابتة عن الإمام أحمد.

4. ابن رجب أصولي باقعة في أصول الفقه، ومن طالع سِفرِه تقرير القواعد وتحرير الفوائد؛ سيعلمُ حقيقة ذلك؛ رُغم أنّه ألّفه في مدّة وجيزة؛ وأيام يسيرة، لذا وصفه الإمام ابن عبد الهادي بأنَّه كتاب نافع من عجائب الدهر!

5. عُرف ابن رجب بالفضل والورع، والميل إلى العزلة عن أغاليط الناس، والتفرغ للعلم والتنصيف، ولم يتردد إلى أحد من ذوي الولايات أبداً .

6. كان له تميز بالعلم بطبقات الرجال وأخبارهم، و له نفيسته المسمّاة:(الذيل على طبقات الحنابلة) التي قال عنها الشيخ الأديب علي الطنطاوي -رحمه الله-:(طبقات الحنابلة كالطاووس أحسنُ ما فيه ذيله) !

7. ابن رجب عالم واعظ ومن قرأ بعض كتبه كلطائف المعارف، وكثير من شروحاته الحديثية فتلتمس النَّفس الوعظي العلمي فيها، وكم تاب أشخاص على يديه؛ حتى قال ابن ناصر الدين عن ابن رجب: كانت له مجالس تذكير للقلوب صارعة، وللناس عامة مُباركة نافعة، أجمعت الفرق عليه ومالت القلوب بالمحبة إليه.

8. كان الإمام ابن رجب يُجلّ شيخ الإسلام ابن تيمية، لكن ذلك لم يمنعه من مخالفته في بعض فتاويه، وتأليف الكتب في ذلك.

وللإمام ابن رجب اهتمام في مسائل الطلاق:

ككتاب: مشكل الأحاديث الواردة في أن الطلاق الثلاث واحدة.

وكتاب: الإيضاح والبيان في طلاق الغضبان.

وكتاب: تعليق الطلاق بالولادة.

وكلاهما لم يُطبعا إلا كتاب : تعليق الطلاق بالولادة .

وكلها قد كتب فيها مخالفته للمسائل التي انفرد بها شيخ الإسلام ابن تيمية !

9. نحسب أنّ الإمام ابن رجب. من أهل الإخلاص والثواب؛ فقد تكلم ابن رجب عن مسألة فأجاد فيها، ووقع أن تكلم عنها علماء المذاهب في مجلس، فلم يتكلم عنها، وسئل عن عدم كلامه فقال: إنما أتكلم بما أرجو ثوابه!

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply