عِناق السَماء!


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

حين لا تُصلِّي فأنتَ لا تُخفف عن نفسك تكليفًا، بل تزيد الأعباء على روحك.
الروح تتألم بترك الصلاة أو تأخيرها.. راحة الروح في صِلتها بالسماء؛ فهي من السماء ولا تسكن إلا بمعانقة وطنها.. الروح ليست من الأرض، ووجودها عليها موقوتٌ بوجودها في أجسادنا، حين ننامُ فهي تصعد، وحين نصلي فهي تصعد، وحين نُسبِّح فهي تصعد.. وصعودها بالتسبيح والصلاة في جوف الليل الأخير له ميزة تختلف عن سائر الأوقات؛ فالحقُّ تبارك وتعالى في تلك الساعة في سماء الدنيا؛ تقتبس الروح من نورهِ حينئذ اقتباسات لا يكون مثلها في غيرهِ من الأوقات، وهذا أحد أسرار الهزيع الآخر من الليل وما فيه من خيرات تتنزّل على الناصبين أرواحهم للتعبّد في أرجى الساعات وأصفاها.

 

حين لا تـصلي فأنت تُسيء إلى حياتك، إلى رزقك، إلى سعادتك، إلى علاقتك بمن حولك؛ فتركُ الصلاة لزيمُ الخِذلان.. نذهبُ بعيدًا بعيدًا حين نريد أن نرمم تعثّرات حياتنا، ونتغافل عن المربّع الأول: الصلاة!

في الصلاة حلٌ لكثير من مشكلاتنا القديمة والقادمة، تكاثفت النصوص التي تؤكد على الصلاة، كما تكاثفت التجارب التي تُخبر عن حياتين: حياةٌ قبل الاهتمام لأمر الصلاة، وحياةٌ بعد جعْلِها في مكانها الذي يليق بمستوى تشريعها.. الصلاة صِلة بين الإنسان وبين السماء، ومن أحسنَ صِلَتَهُ؛ حَسُنَت صِلاتُهُ.

لا يكاد أحدٌ مِنَّا إلا وترك الصلاة عَمدًا أو عفوًا.. كلنا وجدنا ضيقًا لا نُترجمُهُ إلى لغة مقروءة إلا أن نقول: إنَّ ثمة نقصًا، إن ثمة ضيقًا لا يُدرى سببه! .. وبعد أن نهرع إلى الصلاة، ونخرّ إلى الأرض سُجَّدًا، ونكون أقرب ما نكون إلى السماء؛ يتبدد ذلك الضنك، تُخبرك روحك وقتها أنها آوت إلى ركنها الشديد.

الصلاة لا شأن لها بأهوائك الحركيّة أو اختياراتك الفقهيّة، ولا شأن لها بمظهرك أو أسلوب حياتك أو درجتك العلمية، ولا شأن لها بالألقاب التي يخلعها الناس عليك أو ينبزونك بها، الصلاة ليست مِلكًا لمؤسسة دينية، كما أنها ليست مِلكًا لخطيبٍ أو واعظٍ أو عالِم.. الصلاة هي علاقتك بالله، هي حبلك الممدود إلى السماء!

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply