الأمر بالمعروف


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

الأمر بالمعروف شعيرة أساسية في معمار الإسلام، فإحياء الضمير العام، وإعانة المسلم على نفسه، وبثّ تقبيح المنكر جمعيًا، والإعذار إلى الرب؛ كلها ثمرات جليلة لهذا الصنيع الذي يضاد المزاج الفرداني اليوم.

والآمر بالمعروف قائمٌ على ثغر عظيم، ولو خذله أسلوبه في مرة عابرة فحقه الدعاء له، وتوجيه بوصلته بما تراه صوابًا.

هذا في شأن إنكار المنكر، ماذا عن التوجيه الذوقي لما لا يحرم ولا يعيب؟

حدثت صديقًا قبل أيام عن فكرة رأيتها هنا في وسائل التواصل.

قد يأتيك من يقول لك أن هذا اللباس لا يليق بك، أو حين يراك مازحًا يقول: قد كنت فينا مرجوًا قبل هذا.

الأمر لا يتعلق بتحريم الأمر عنده، ولا له علاقة بخوارم المروءة التي لم تُمسّ، ولا تظنّ الأمر نصحًا يريد به زينك؛ الأمر متعلق بشأن نفسي خفي بيانه: أن بعض الناس يعاملك بحسب احتياجه؛ فهو يحتاج قدوة آلية تبهره بصنميتها، وتستلبه بخروجها عن النسق البشري؛ هو ينظر إليك عبر بوابة احتياجاته، يعز عليه ألا يراك تغذي هذا الشعور عنده.

فلان أحتاج أن يضحكني، وفلان احتياجي له أن يعجبني، وفلان يبهرني بشخصيته؛ فإن حزن المضحك مرة تحسر على فوات حظه، وإن تغير شكل المُعجِب صفق كفًا بكف، وإن مرّ طائف مرح على قدوته ناح على حاجته؛ لا على شيء آخر.

حتى حين يستشيرك أو يستفتيك؛ ينظر إليك من بوابة احتياجاته؛ بعضهم يستشير لتقرّه، يريدك أن تغذي شعور الإقدام لأمر قد حسمه، وبعضهم يستفتيك ليقطع بك صوت ضميره؛ فالمسألة محسومة عنده لكنه يستخدمك لحاجته.

ثم أمرٌ آخر جبل عليه البشر؛ أنهم يحبون العلوّ، فمن فاته أن يتعالى عليك بعلمه، أخذ الطريق الأسهل؛ أن يتعالى عليك بما يظهره من عتب فيما لا يحرم ولا يعيب.

 

حاشية حمى الاستدراك:

1-إنكار المنكر ليس تدخلًا في شؤون الآخرين، والنصح حسن، الأمر هنا في التوجيه الذوقي في مسائل شخصية تقوم على حرية اختيارك؛ والاستجابة هنا ضعف شخصية لا حُسن ديانة.

2- وجود هذا الصنف لا يعني انعدام من يوجهك بطيب نية؛ حديثي هنا عن بعض الناس.

3-احتياج المرء لقدوة أمر لا ينكر، لكن لا يكون الأمر اعتمادًا نفسيًا لإكمال جوانب الاحتياج الداخلي.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply