‏كيف أجعل القراءة مُحَبَّبَة إلى أطفالي؟


 ‏ بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

‏كثير من الآباء والأمهات يحرصون ويرغبون أن يُحب ويتعلق أطفالهم بقراءة الكتب، بعض هؤلاء الآباء والأمهات هم من المثقفين والمحبين للقراءة، وهنا يُفهم سبب حرصهم في امتداد تلك الرغبة والمحبة كي تنتقل إلى أطفالهم، فيصبح البيت كله بيت متعلم ومثقف، ومحب للمطالعة وللكتب.

‏وفي المقابل، فهناك بعض الآباء والأمهات لم تتوفر له الظروف الحياتية المناسبة في طفولتهم، ولم يحصلوا على التشجيع اللازم ليكتسبوا مهارة ومحبة القراءة، لكنهم اليوم لديهم رغبة كبيرة في أن يروا في أطفالهم الرغبة والحرص على القراءة، فما فاتهم في الماضي يجب أن لا يتكرر مع أطفالهم.

 

‏فكيف يُمكن أن أجعل أطفالي يحبون القراءة ويتعلقون بها؟

‏لا شك في أن وجود الطفل في بيت ثقافي يحب القراءة سيكون –بمشيئة الله- من أهم العوامل التي تشجع على القراءة، وتولد التعلق بالكتب وحب المطالعة. وأهم شخص على الإطلاق يُمكن أن يزرع ذلك بحكمة وذكاء هي: الأم، ثم يليها الأب. إن أعظم تأثير يمكن أن يحدث، هو تأثير القدوة التي يحبها الطفل.

‏ولا شك أن الإخوة والأخوات أيضًا لهم دورهم الكبير، وكذلك المدرسين في المراحل الدراسيَّة التأسيسية، خصوصًا الابتدائية والمتوسطة، لهم دورهم الكبير والحيوي في ذلك، وكذلك الأصدقاء لهم دور كبير جدًا في اكتساب الطفل عادات حميدة وطيبة، مثل التعلق بالقراءة والمطالعة.

 

‏ويُمكن أن نُلَخِّص بعض الوسائل والطرق في جعل القراءة محببة إلى الأطفال، كما يأتي:

‏أولاً: أن يكون رموز البيت وكباره، الأمهات والآباء والإخوة والأخوات الكبار، قدوة أمام الأطفال الصغار، ويرون منهم حب القراءة، واحترام الكتاب، وثمرة المطالعة، أو على أقل تقدير: يشجعون الأطفال على القراءة ولا يسخرون منهم ومن محاولاتهم في البدايات، فإن ذلك قاتل لكل خير في مهده.

 

‏ثانيًا: إيجاد رفوف جذابة في غرفة الطفل، وإضافة بعض الكتب الشيقة، كالقصص والرسومات المحفزة، إلى تلك الرفوف، ومشاركة الطفل في القراءة في غرفته ومن تلك المجموعة، وتكرار الزيارة لغرفته، ليحس أن يمتلك كنزًا أو شيئًا مهمًا، ومحط اهتمام والديه، فيقدر ذلك كما يستحقه.

ثالثًا: الذهاب مع الطفل في رحلة شيقة إلى المكتبات الجميلة والمنظمة، من أجل أن يختار بنفسه الكتب التي يحبها، تحت إشراف والديه، والحديث معه عن محتوى الكتاب وسبب اختياره له، في المكان المخصص للقراءة في تلك المكتبات.

 

‏رابعًا: عقد حلقة قراءة جماعية في البيت مع أفراد الأسرة، يشارك الأطفال فيها بالقراءة، وتكون هناك محفزات، جوائز مالية أو عينية بسيطة، وينبه بقية الإخوة والأخوات المراهقين ونحوهم بعدم السخرية من قراءة الطفل حين وقوعه في الأخطاء، بل يشجعه الجميع ويحفزونه للمزيد من القراءة والمطالعة.

 

‏خامسًا: وجود مسابقات تقدمها الأم أو الأب أو الأخت الكبرى داخل البيت، تكون إما تلخيصًا لكتاب، أو أسئلة في كتاب أو عن كتاب، وتكون هناك جوائز مشجعة.

سادسًا: أن يطلب من الطفل أن يقرأ كتابًا من كتبه، ثم يتحدث عن محتواه في خمس دقائق، ثم يواجه بالتشجيع والتحفيز الجماعي، وكلمات الإطراء، ثم يُمنح جائزة.

 

‏سابعًا: أن يختار أحد الوالدين كتابًا مناسبًا لعمر الطفل، ويحدثه عنه، مثل كتب القصص الهادفة، ويحدثه عن بعض أحداثه الشيقة، ثم يتوقف عن إكمال القصة، ويهدي طفله الكتاب كي يكمل بنفسه قراءة القصة من الكتاب، وليضم الكتاب الجديد إلى رفوف مكتبته الصغيرة.

 

‏ثامنًا: يُطلب من أفراد البيت أن يقرأ كل واحد منهم جزءًا من كتاب في موضوع مختلف، تاريخ أو دين أو قصة أو عالم الفضاء..إلخ، ويتحدث كل شخص عن موضوعه في دقائق قليلة، ويشرك الطفل معهم، فيتبادل الجميع معلومات الآخر، ويحقق هنا فوائد كثيرة، وليس فقط القراءة، بل تنمية بيت متعاون ومثقف.

 

‏تاسعًا: يشجع الطفل أن يشارك في مناسبات المدرسة أو المجتمع المتعلقة بالقراءة، وتلتفت العائلة حوله وتقف خلفه، ولا يركز على حصوله على مركز معين، بل الهدف هو مشاركته مع زملائه في القراءة، فهذا هو الهدف الذي يوضح للطفل، وجائزته يحصل عليها من البيت، إذ الهدف ليس منافسة أحد على الظهور.

 

‏عاشرًا: الطلب من الطفل مساعدة الأم أو الأب في إعداد فكرة عن كتاب صغير، وليكون مثلاً قصة بسيطة، يحتاجها أحد والديه، أو يطلب مساعدته في قراءة ورقة من الكتاب، ويقدم له الشكر والامتنان على مساهمته المهمة في هذا العمل، ويفهم ماذا تعني مساهمته في ذلك لوالديه.

أخيرًا، يحسن التذكير بأنَّ القراءة عادة طيبة وحميدة، لكنها تبقى بدون خلفيَّة معرفيَّة وقائيَّة وسيلة حياديَّة، يمكن أن تتجه إلى الخير، ويمكن تتجه إلى الشر، ومن هنا يأتي دور القدوة، الأم والأب والمعلم، في توجيه الطفل نحو القراءة من خلال المصادر الطيبة والهادفة والسليمة والموثوقة.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply