قد خاب من هجر الحنيف سبيلا


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
قد خابَ مَن هَجَرَ الحنيفَ سبيلا = وأقـامَ في دورِ الهوى مخذولا

لـم يُدركِ القيمَ الأثيرةَ سعيُه = فغوى ولـم يلقَ الأثيمُ قبولا

وانسلَّ في خلواتِه ذا حسرةٍ = لمَّــا يجدْ بيدِ الضَّلالِ دليلا

في الذِّكرِ تحذيرُ الإلهِ لمَن غوى = ويُساقُ نحوَ جزائِـه مغلولا

قد كانَ في الدنيـا يحاربُ دينَه = مسنهترًا لم يرتضِ التَّنزيلا

تَبًّـا لمَن جافى  نـداءَ مُحَمَّـدٍ = ورأى الفسادَ لقومِــه مقبولا

كم بينَ هذي النفسُ من شيمٍ خوتْ = وجنى المزايـا لم يكنْ مجهولا

وكـم استُغِلَّتْ من رفاقٍ أمعنوا = في الموبقاتِ وضُلِّلُوا تضليلا

يُشى رفاقُ السوءِ حيثُ تشاوروا = فالسُّوءُ يُفسدُ في الرجالِ عقولا

لاتأمَنَنَّ الصَّحبَ شأنُهُمُ الأذى = إنْ لـم يكونوا في الإخاءِ عُدولا

إنَّ الأخوَّةَ والصَّداقةَ عنهمـا = جـاءَ الحديثُ عن النَّبيِّ جليلا

فالخلُّ قـد يُمسي عدوًّا إنْ أتى = بالسمِّ في كأسِ الإخـا معسولا

إنْ تُبتَ عنها فارتحلْ عمَّنْ ترى = مَن عاشَ في سوقِ الأذى مشغولا

وعشِ المقرَّبَ عندَ ربِّك تائبًـا = فبهـا تكونُ الصَّالحَ المشمولا

واحملْ شريعتَه الكريمةَ دعوةً = بسلوكِ مَن وجدَ السُّمُوَّ جميـلا

وإذا خلوتَ فقـم إليه تبتُّـلا = تَكُـنِ النَّجِيَّ القانتَ المقبولا

واتلُ المثاني عـذبةً مـا ضلَّ مَنْ = يتلو المثاني بكرةً و أصيلا

فكلامُ ربِّـك للقلوبِ شِفاؤُها = ولهمَّـةِ السَّاعين كانَ كفيلا

فالصَّالحاتُ غنمْنَ في أفيائِـه = والصَّالحون استعذبوا الترتيلا

رتِّـلْ بعذبِ الصَّوتِ آياتِ الهدى = تجـدِ السَّكينةَ موئـلا و مقيـلا

دنياك بالإسلامِ جمَّلَهـا الرضـا = للمقبلين على الحنيف أصولا

والآخرون مُضَلَّلٌ ومُضَلِّلٌ = تلقاهُـمُ بيدِ الضياعِ فلولا

يخشى المُضَيَّعُ ويحــه من ذاتـِه = ففؤادُه بالكفرِ باتَ عليــلا

أَلَــهُ لـدى الفجَّـارِ كُـوَّةُ مخرجٍ =  فَعُتُوُّهم أمسى  عليه وبيـلا !

ما اختارَ دوحَ الخيرِ يغشى حقلَه =فأتى التبارُ تَصّحُّرًا وذبولا

وعصى الإلهَ وربُّـه ذو نعمـةٍ = أعطى النعيمَ عبادَه تنويلا

والفاجرُ المذمومُ لـم يـكُ شاكرًا = فارتدَّ يندبُ حظَّـه مغلولا

وَلَكَـم تعثَّرَ في المسيرِ ولـم يجد = إلاَّهُ عن هـذا العمى مسؤولا

القلبُ والعقلُ اللذانِ جفاهُمـا = عبثًـا وجـاءَ المهلكاتِ جهـولا

إن ماتَ تفنى الأمنياتُ وقد رأى = ماقـد جناهُ من الحياةِ  ذهـولا

ويقولُ عندئذٍ ألا ياليتني = قـد عشتُ مـعْ أهلِ الهدى موصولا

ياليتني معهم قضيتُ لياليًـا = قد كنتُ فيهـا أحرزُ التدليلا

واليوم حـلَّ عليَّ جزاؤُها ولقد أتى = وكما أرى واحسرتاهُ وبيلا

كان الشقيُّ إذا استبد به الهوى = تلقاهُ في حربِ الهدى مشغولا

لـم يدرِ أنَّ اللهُ يبعثُه فقد =  ألفى العذابَ مُذَمَّـمًـا مخذولا

لـو آمنَ المسكينُ لابتهجتْ لـه = حللُ الجِنــانِ ونالهـا تدليلا

لكنَّها استكبارُ نفسٍ أعرضتْ = أغرى شبابا ويحهـم وكهولا

لو كانت الأيام ترجعُ  مـرَّةً = أخرى فلن تلقى الشقيَّ خَمولا

لكنَّ ( لو ) أمستْ بلا حول ولـم = يكن الكفورُ  برحمةٍ مشمولا

قالوا العظيمُ هـو الذي في جيبه = مالٌ ينالُ رصيدُه المأمولا

هيهاتَ والدنيا سحابٌ  عابرٌ = مانالَ منه الطامعون فتيلا

فاحذرْ أخـا الدنيا فإنك خاسرٌ = إن لـم  يُحبِّذْ قلبَك التنزيلا

فالفوزُ بالتقوى وبالعمل الذي  = ينجي ابنَ آدمَ مؤمنًـا ونبيلا

فابدأ حياتك بالعزيمةِ لاتكنْ = فيمـا تريدُ مسوِّفًـا تأميلا

واحثثْ خطاك إلى المآثرِ وانطلقْ = عَدْوًا تذللُ  صعبَهـا تذليلا

واحذرْ مساومةَ اللئـامِ فإنهم = أهـلُ الأذى وبه أتــوا  تطفيلا

مانالَ فضلَ اللهِ إلا صالحٌ = حمل الهداية في الدجى قنديلا

لم يرضَ بالطاغوتِ يرعى خطوَه = أو أن يعيشَ بركنِـه مكبولا

الزمرةُ الأولى بجيل المصطفى = فهي التي فازت به والأولى

فالحقْ بهـا تحرزْ مكانك عندهم = فالسابقون استأنسوهُ سبيلا

واحذرْ إذا ألفيتَ من أعدائهم = أحــدًا يبثُ الخبثَ  والتضليلا

فنبيُّك المختارُ عندَ لوائـه = تلقى الأنامَ تحلقوا تأميلا

يرجون منه شفاعةً وسِواه لــم = يأتِ المقامَ  الأعظمَ المأهولا

أسرعْ وسِــرْ فمكانُك الأغلى هنـا = بالقربِ من خيرِ الأنامِ نزيلا

واحفظ بدنياكَ الأمانةَ أصبحت = سدًّا إذا هـاجَ الفسادُ وبيلا

واردعْ نوازعَ نفسِكِ اشتاقتْ إلى = فيْءِ الرضـا واستأنستْهُ ظليلا

عِشْ مطمئنًّـا حين تؤمنُ بالذي = وَهَبَ ابْنَ آدمَ إذْ يتوبُ قبـولا

لاتَلْهُوَنَّ فإنَّمـا  هي ساعـةٌ = هذي الحياة فعِشْ بهـا مسؤولا

واربَأ  بنفسِك عن فسادِ نفوسِهم = مازالَ عمرُ المفسدين قليلا

إنْ شئتَ أن تلقى مصيرَك مـؤمنًـا = فاسلكْ على نهجِ الرسولِ سبيلا

واعلَمْ بأنَّ ثَراءَهم يُطوى ، فلم = يجدِ الغنيُّ إذا عصى تأجيلا

وانشدْ على صهواتِ عـزمِكَ رِفعةً = فـإنِ انحرفتَ فلن تنالَ أثيـلا

إنَّ العقيدةَ للنجـاةِ بمصحفٍ = وبِسُنَّةٍ فاحفظْهما تفضيلا

ودعِ المعاندَ والمضَلٍّلَ والذي = يعدو إلى سوقٍ الهوى تبغيلا

قـد خابَ مَن وافى القيامةَ جاحدًا = إذْ لـم يجدْ ذاك الأثيمُ خليلا !

ما رتَّلَ القرآنَ فيه نجاتُـه = أو  ساءَلَ التوراةَ والإنجيلا

أمضى ليالي العُمـرَ في حضنِ الهوى = فغوى وبات بشدقِـه مأكولا

مَنْ لـم يُحَصٍّنْ نفسَه بِحِمَى الهدى = شــدَّ الثُّبورُ على يديه كُبُولا

ما كان بالرجل السَّويِّ ولم يكن = عندَ المخاضِ محبَّبًـا مقبولا

ألقتْهُ آفاتُ الضَّلالِ لبيئةٍ =  ضمَّتْ على الجسدِ الهزيلِ ذيولا

هـم هؤلاء القوم أهـلُ سفاهةٍ = جعلوا الصُّعُودَ إلى العلوِّ نزولا

أين المروءةُ والشَّهامةُ والنُّهى = في النفسِ أوجدَهـا الهدى إكليلا !

أين الأصالةُ مَحْتدًا ذا رِفعةٍ = فيهـا يرى العربيُّ إسماعيلا !

وهي الأُرومةُ بالحنيفِ أعـزَّهـا = خيرُ الأنامِ مكانةً وأُصولا

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply