الخليفة الراشد عثمان بن عفان


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
سوف أذكر بعضًا مِن سيرة المباركة للخليفة الراشد عثمان بن عفان، فأقول وبالله تعالى التوفيق:

الاسم والنسب:

هو:عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أُمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قُصي، ويلتقي مع النبي  في جده عبد مناف. (الطبقات الكبرى لابن سعد جـ3 صـ39)

ميلاد عثمان:

وُلِدَ عثمان بعد عام الفيل بست سنين. (الإصابة لابن حجر العسقلاني صـ 2 صـ 455)

كنية عثمان: أبو عبد الله.

كان عثمان في الجاهلية يـُـكنى  أبا عمرو، فلما أسلم ورزقه الله وُلِدًَا من رقية  بنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سماه  عبد الله واكتنى به،  فكنَّاه المسلمون أبا عبد الله، فبلغ عبد الله ست سنين، فنقره ديكُ على عينيه فمرض فمات في جمادى الأولى سنة أربع من الهجرة فصلى عليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (الطبقات الكبرى لابن سعد جـ3 صـ39)

 لقبُ عثمان:

يُلقب بذي النورين لأنه تزوج بنتي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رقية وأم كلثوم.

زوجات عثمان: تزوج عثمان بن عفان ثماني نسوة:

1) رقية بنت رسول الله                 2) أم كلثوم بنت رسول الله           

   3) فاضَة بنت غزوان                        4) أم عمرو بنت جندب         

  5) فاطمة بنت الوليد بن عبد شمس     6) أم البنين بنت عُـيـيـنـة بن حصن               7) رَمْلَـة بنت شيبْة بن ربيعة                                 8) نائلة بنت الفرافِصة                    

وكان له أيضًا أم ولد (امرأة تُباعُ وتُشترى)

(الطبقات الكبرى لابن سعد جـ 3 صـ 40:39)(صفة الصفوة جـ1صـ295) 

 (1) روى مسلم عن عائشة قالت  " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُضْطَجِعًا فِي بَيْتِي كَاشِفًا عَنْ فَخِذَيْهِ أَوْ سَاقَيْهِ فَاسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَتَحَدَّثَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَتَحَدَّثَ ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عُثْمَانُ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَوَّى ثِيَابَهُ قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَا أَقُولُ ذَلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَدَخَلَ فَتَحَدَّثَ فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ فَلَمْ تَهْتَشَّ لَهُ وَلَمْ تُبَالِهِ ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ فَجَلَسْتَ وَسَوَّيْتَ ثِيَابَكَ فَقَالَ أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ) ( مسلم حديث 2401)

(2) روى الترمذيُّ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ: لَمَّا حُصِرَ عُثْمَانُ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ فَوْقَ دَارِهِ ثُمَّ قَالَ أُذَكِّرُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ حِرَاءَ حِينَ انْتَفَضَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اثْبُتْ حِرَاءُ فَلَيْسَ عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ؟ قَالُوا نَعَمْ قَالَ أُذَكِّرُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قَالَ فِي جَيْشِ الْعُسْرَةِ مَنْ يُنْفِقُ نَفَقَةً مُتَقَبَّلَةً وَالنَّاسُ مُجْهَدُونَ مُعْسِرُونَ فَجَهَّزْتُ  ذَلِكَ الْجَيْشَ قَالُوا نَعَمْ ثُمَّ قَالَ أُذَكِّرُكُمْ بِاللَّهِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ بِئْرَ رُومَةَ لَمْ يَكُنْ يَشْرَبُ مِنْهَا أَحَدٌ إِلَّا بِثَمَنٍ فَابْتَعْتُهَا فَجَعَلْتُهَا لِلْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ وَابْنِ السَّبِيلِ؟ قَالُوا:اللَّهُمَّ   نَعَمْ وَأَشْيَاءَ عَدَّدَهَا. (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 2919)

 (3) روى الترمذيُّ عن عبد الرحمن بن سَمُرة قال:جَاءَ عُثْمَانُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَلْفِ دِينَارٍ (أربع كيلو وربع ذهب) حِينَ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ فَنَثَرَهَا فِي حِجْرِهِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَلِّبُهَا فِي حِجْرِهِ وَيَقُولُ: مَا ضَرَّ عُثْمَانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ مَرَّتَيْنِ.(حديث حسن) (صحيح الترمذي للألباني حديث 2920)                                                                                                                        

 (4) روى البخاريُّ عن أنس بن مالك قال: صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُحُدًا وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ وَقَالَ: اسْكُنْ أُحُدُ أَظُنُّهُ ضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ فَلَيْسَ عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ. (البخاري حديث 2697)    

(5) روى البخاريُّ عن عبد الله بن عمر قال:كُنَّا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَعْدِلُ بِأَبِي بَكْرٍ أَحَدًا ثُمَّ عُمَرَ ثُمَّ عُثْمَانَ ثُمَّ نَتْرُكُ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ. (البخاري حديث 3698)

قال ابن كثير: إنما قال ابنُ عمر ذلك لكثرة صلاة أمير المؤمنين وعثمان بالليل وقراءته، حتى أنه ربما قرأ القرآن كله في ركعة. (تفسير ابن كثير جـ12 صـ 116)

خلافة عثمان بن عفان:

  روى البخاريُّ عن عمرو بن ميمون، وذلك بعد دفن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب قال: (فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ دَفْنِهِ اجْتَمَعَ هَؤُلَاءِ الرَّهْطُ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ اجْعَلُوا أَمْرَكُمْ إِلَى ثَلَاثَةٍ مِنْكُمْ. فَقَالَ الزُّبَيْرُ قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِي إِلَى عَلِيٍّ فَقَالَ طَلْحَةُ قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِي إِلَى عُثْمَانَ وَقَالَ سَعْدٌ قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِي إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَيُّكُمَا تَبَرَّأَ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ فَنَجْعَلُهُ إِلَيْهِ وَاللَّهُ عَلَيْهِ وَالْإِسْلَامُ لَيَنْظُرَنَّ أَفْضَلَهُمْ فِي نَفْسِهِ فَأُسْكِتَ الشَّيْخَانِ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَفَتَجْعَلُونَهُ إِلَيَّ وَاللَّهُ عَلَيَّ أَنْ لَا آلُ عَنْ أَفْضَلِكُمْ قَالَا نَعَمْ فَأَخَذَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَقَالَ لَكَ قَرَابَةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقَدَمُ فِي الْإِسْلَامِ مَا قَدْ عَلِمْتَ فَاللَّهُ عَلَيْكَ لَئِنْ أَمَّرْتُكَ لَتَعْدِلَنَّ وَلَئِنْ أَمَّرْتُ عُثْمَانَ لَتَسْمَعَنَّ وَلَتُطِيعَنَّ ثُمَّ خَلَا بِالْآخَرِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَلَمَّا أَخَذَ الْمِيثَاقَ قَالَ ارْفَعْ يَدَكَ يَا عُثْمَانُ فَبَايَعَهُ فَبَايَعَ لَهُ عَلِيٌّ وَوَلَجَ أَهْلُ الدَّارِ فَبَايَعُوهُ). (البخاري حديث 3700)

الدولة الإسلامية في خلافة عثمان:

إن مساحة الدولة الإسلامية قد اتسعت اتساعا ًعظيمًا في عهد عثمان بن عفان، فقد فتح المسلمون الري وأذربيجان وخُراسان ومَرو والطالقان، القارياب والـجَوزاجان وطخارستان و بلخ وليبيا وبلاد النوبة وغيرها. (تاريخ الطبري ج2 صـ640:591)   

             

جَمعُ القرآن في عهد عثمان بن عفان :

روى البخاريُّ عن أنس بن مالك  أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّأْمِ فِي فَتْحِ إِرْمِينِيَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَدْرِكْ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الْكِتَابِ اخْتِلَافَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ الْقُرَشِيِّينَ الثَّلَاثَةِ إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ فَفَعَلُوا حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنْ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ. (البخاري حديث 4987)

أسباب الفتنة في عهد عثمان والرد على المتمردين:

كان عبد الله بن سبأ يهوديا ًفأظهر الإسلام وسار إلى مصر وقال إن عليَّ بن أبى طالب أحق بالخلافة من عثمان وأن عثمان مُعتَدٍ في ولايته، فوجدت هذه المقولة صدى في قلوب بعض المصريين الذين كانوا ينقمون على عثمان بعض تصرفاته ولما جاء الخوارج إلى المدينة خرج إليهم علي بن أبى طالب فقال لهم ماذا تنقمون على أمير المؤمنين عثمان؟ فذكروا أشياء منها أنه حمى الحمى (المكان الذي تُرعى فيه إبل الصدقة) وأنه حرَّقَ المصاحف وأنه أتم الصلاة وأنه ولى الأحداث الولايات وترك الصحابة الأكابر وأعطى بنى أمية أكثر من الناس فأجاب علىٌّ عن ذلك فقال:أما الحمى: فإنما حماه لإبل الصدقة لتسمن ولم يحمه لإبله ولا لغنمه وقد حماه عمر من قبله.أما المصاحف: فإنما حَرَّقَ ما وقع فيه اختلاف وأبقى لهم المتفق عليه كما ثبت في العرضة الأخيرة.أما إتمامه الصلاة بمكة فإنه كان قد تزوج بها ونوى الإقامة فأتمها.أما توليته الأحداث: فلم يول إلا رجلا ًمسويا ًعدلا ًوقد ولى رسول الله عتَّاب بن أسيد على مكة وهو ابن عشرين وولى أسامه بن زيد وكان الناس قد طعنوا في إمارته، فقال النبي أنه لخليق بالإمارة.وأما إيثاره قومه  بني أمية فقد كان رسول الله يؤثر قريشا ًعلى الناس،  والله لو أن مفتاح الجنة بيدي لأدخلت بنى أمية إليها. وقد خطب عثمان في الناس وأعتذر لهم مما كان وقع فيه من الأثرة لبعض أقاربه وأشهدهم أنه قد تاب من ذلك فبكى وأبكى المسلمين من حوله. (البداية والنهاية لابن كثير جـ174: صـ 179)

  النبي يتنبأ باستشهاد عثمان بن عفان:

    (1) روى الشيخانِ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ حَائِطًا وَأَمَرَنِي بِحِفْظِ بَابِ الْحَائِطِ فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ يَسْتَأْذِنُ فَقَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَإِذَا عُمَرُ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ يَسْتَأْذِنُ فَسَكَتَ هُنَيْهَةً ثُمَّ قَالَ ائْذَنْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى سَتُصِيبُهُ فَإِذَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ.(البخاري حديث 2695 / مسلم حديث 2403)

 (2) روى الترمذيُّ عن عبد الله بن عمر قَالَ ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِتْنَةً فَقَالَ: يُقْتَلُ فِيهَا هَذَا مَظْلُومًا، لِعُثْمَانَ بن عفان، رضي الله عنه. (حديث حسن) (صحيح الترمذي للألباني  حديث 2925)

وصية الرسول   لعثمان بالصبر في الفتنة:

 (1) روى الترمذيُّ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَا عُثْمَانُ إِنَّهُ لَعَلَّ اللَّهَ يُقَمِّصُكَ قَمِيصًا فَإِنْ أَرَادُوكَ عَلَى خَلْعِهِ فَلَا تَخْلَعْهُ لَهُمْ. (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني  حديث 2923)

 (2) روى الترمذيُّ عن أبي سَهْلَةَ قَالَ: قَالَ عُثْمَانُ يَوْمَ الدَّارِ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا فَأَنَا صَابِرٌ عَلَيْهِ. (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 2928)

عثمان يمنع أنصاره عن قتال المتمردين:

(1) روى ابنُ سعد عن محمد بن سيرين قال: جاء زيدُ بن ثابت إلى عثمان فقال: هذه الأنصار بالباب يقولون إن شئت كنا أنصارًا لله مرتين، قال: فقال عثمان: أما القتال فلا. (الطبقات الكبرى لابن سعد جـ 3 صـ 51)

 (2) وروى ابنُ سعد عن عبد الله بن عامر قال: قال عثمان يوم الدار: إن أعظمكُمْ عنى غَناءً رجلٌ كَفَ يَـدَه وسلاحه. (الطبقات الكبرى لابن سعد جـ 3 صـ 51)

(3) وروى ابنُ سعد عن أبى هريرة قال: دخلت على عثمان الدار فقلت يا أمير المؤمنين: طابٌ أم ضربٌ ؟ فقال أبو هريرة: أيسرك أن تقتلَ الناسَ جميعًا وإياي: قال: قلت: لا، قال: فإنك  والله إن قتلت رجلًا واحدًا فكأنما قتلت الناسُ جميعًا، قال: فرجعت ولم أقاتل. (الطبقات الكبرى لابن سعد جـ 3 صـ 52:51)

(4) وروى ابنُ سعد عن عبد الله بن الزبير قال: قلت لعثمان: يا أمير المؤمنين: إن معك في الدار عصابة (جماعة) مستنصرة بنصر الله فأْذن لي فلأ قاتلُ،  فقال: أنشد بالله رَجُلًا أو قال:أذكرُ بالله رجلًا أهراق في دمه. (الطبقات الكبرى لابن سعد جـ 3 صـ52)

(5) وروى ابنُ سعد عن محمد بن سيرين قال: كان مع عثمان يومئذ في الدار سبعُمائة، لو يَدَعُهُم لضربوهم إن شاء الله حتى يخرجوهم من أقطارنا: منهم ابن عمر والحسن بن على وعبد الله بن الزبير. (الطبقات الكبرى لابن سعد جـ 3 صـ52)

 قال ابن كثير: قال عثمان للذين عنده في الدار من المهاجرين والأنصار وكانوا قريبا ًمن سبعمائة، فيهم عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير والحسن والحسين ومروان وأبو هريرة وخلْق من موالي  عثمان، ولو تركهم لمنعوه، فقال لهم:  أُقسم على من لي عليه حق أن يكف يده وينطلق إلى منزله وقال لرقيقه من أغمد سيفه فهو حُـرٌ. (البداية والنهاية لابن كثير جـ7 صـ190:189)

وكان مدة حصار عثمان أربعون يوما ً. (تاريخ الطبري جـ2 صـ655) 
   

عثمان يفتدي دماء المسلمين بدمه:

أختار عثمان أهون الشرين، فآثر التضحية بنفسه على توسيع دائرة الفتنة وسَفْكِ دماء المسلمين ولقد افتدى عثمان دماء أُمته بدمه مختارا ًذلك على غيره.

كيفية استشهاد عثمان:

روى ابنُ سعد عن نائلة بنت الفرافِصة زوجة عثمان قالت: أغْفى عثمان فلما استيقظ قال: إن القوم يقتلونني، فقلت: كلا يا أمير المؤمنين، قال إني رأيتُ رسول الله وأبا بكر وعمر فقالوا: إنك تفطر عندنا الليلة. (الطبقات الكبرى لابن سعد جـ 3 صـ55)

قتل عثمان عند صلاة العصر، وهو يقرأ القرآن من المصحف الشريف، حيث سال الدم على لحيته ثم على المصحف ثم دخلت الغوغاء دار عثمان فصاح رجلٌ منهم أيحل دم عثمان ولا يحل ماله فانتهبوا متاعه،فقالت نائلة زوجة عثمان: لصوص ورب الكعبة أيا أعداء الله ما ركبتم من دم عثمان أعظم أما والله لقد قتلتموه  صَوَّاما ً قوَّاما ً، يقرأ القرآن في ركعة ثم خرجوا من دار عثمان.

(الطبقات الكبرى لابن سعد جـ 3 صـ55)

كيف قتل المتمردون عثمان بالمدينة، وفيها جماعة من كبار أصحاب النبي  ؟

الإجابة على هذا السؤال من عِـدةِ وجوه:

 الأول: الكثير من الصحابة أوكلهم لم يكن يظن أن أمر الخوارج يبلغ إلى قتل عثمان، لأنهم طلبوا من عثمان أحد أمور ثلاثة: إما أن يعزل نفسه، أو يسلم إليهم مروان بن الحكم أو يقتلوه ، فكان الخوارج يرحبون أن يسلم لهم مروان، أو أن يعزل نفسه، ويستريح من هذه الضائقة الشديدة، وأما القتل فما كان يَظنُ أحدٌ أن هؤلاء الخوارج يجترئون عليه.

الثاني: الصحابة مانعوا دون عثمان أشد ممانعة، ولكن لما وقع التضيق الشديد،عزم عثمان على الناس أن يكفوا أيديهم،و يغمدوا أسلحتهم ففعلوا، فتمكن أولئك الخوارج مما أرادوا،ومع ذلك ما ظن أحد من الناس أن يُقتلَ عثمان.

الثالث: هؤلاء الخوارج اغتنموا غيبة كثيرمن أهل المدينة في أيام الحج  وعدم مجيء الجيوش من الأفاق لنصرة  عثمان،فصنعوا ما صنعوا من قتل عثمان رضي الله عنه.

الرابع: هؤلاء الخوارج كانوا قريبًا من ألفي مقاتل، وربما لم يكن في أهل المدينة هذا العَدد من المقاتلين، لأن الناس كانوا في الثغور، وفى الأقاليم في كل جهة، ومع هذا كان كثير من الصحابة قد اعتزل هذه الفتنة ولزموا بيوتهم، وكان من يحضر منهم المسجد لا يجئ إلا ومعه السيف، والخوارج محدقون بدار عثمان، وربما أرادوا صرفهم عن عثمان حتى تصل الجيوش من الأمصار ولكن الخوارج قد تسوروا دار عثمان وقتلوه قبل وصول هذه الجيوش.
(البداية والنهاية لابن كثير جـ 7 صـ 207:206)

دفن عثمان بالبقيع:

قُتِلَ عثمان يوم الجمعة الثامن عشر من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين بعد العصر وكان يومئذ صائما ً، ودُفِنَ ليلة السبت بين المغرب والعشاء بالبقيع وكانت خلافته اثنتي عشرة سنة إلا أثنى عشر يوما ًوقُتلَ وهو ابنُ  اثنتين وثمانين سنة. (تاريخ الطبري جـ2 صـ689)
 

خصائص عثمان:

روى ابنُ عساكر عن عبد الرحمن بن مهدي قال: خصلتان لعثمان ليستا لأبي بكر ولا لعمر رضي الله عنهما: صبره على نفسه حتى قُتِلَ، وجمعه الناس على المصحف.(تاريخ الخلفاء للسيوطي صـ135)

(1) عثمان أول من فوض إلى الناس إخراج زكاتهم.

(2) عثمان أول من ولي الخلافة في حياة أمه.

(3) عثمان أول من اتخذ صاحب شرطة.

(4) عثمان أول من اتخذ المقصورة في المسجد خوفًا أن يصيبه ما أصاب عمر بن الخطاب.

(5) عثمان أول من هاجر إلى الله تعالى بأهله من هذه الأمة.

(6) عثمان أول مَن جعل للمؤذنين رواتب.

(7) عثمان أول مَن جمع المسلمين على قراءة واحدة للقرآن الكريم.

(تاريخ الخلفاء للسيوطي صـ154)

رضي الله تعالى عن عثمان بن عفان، وجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيرًا.

 نسأل الله تعالى أن يجمعنا بعثمان بن عفان في الفردوس الأعلى من الجنة.

أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالى بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى، وَصِفَاتِهِ الْعُلاَ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْعَمَلَ خَالِصًَا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وأنْ ينفعَ بِهِ طُلاَّبَ العِلْمِ الكِرَامِ.
                                                         وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply