الخليفة الراشد علي بن أبي طالب


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إن الخليفة الراشد علي بن أبي طالب أحد العشرة الذين بشرهم النبي بالجنة وهم على قيد الحياة، من أجل ذلك و أحببت أن أذكر طلاب العلم الكرام بشيء موجز من سيرته المباركة.

الاسم والنسب:

هو: عليٌ بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مَناف بن قُصي. (الطبقات الكبرى لابن سعد جـ3 صـ13)

كُنْيةُ  علي بن أبي طالب: أبو الحسن، وأبو تراب.   (البخاري حديث 3703/ مسلم حديث 2409)

ميلاد علي بن أبي طالب:

 وُلِدَ عليٌ بن أبي طالب قبل بعثة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعشر سنوات، وتربى في حِجر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يفارقه. (الطبقات  الكبرى لابن سعد جـ3صـ153)                           

والدة علي بن أبي طالب :

فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف،  أسلمت وهاجرت إلى المدينة،  وهي أول هاشمية وَلدت هاشميًا.

(صفة الصفوة لابن الجوزي  جـ1 صـ308)

 زوجات علي وأولاده:

تزوج علي بن أبي طالب تسع نسوة، وكان له عَدَدٌ مِن مِلك اليمين (امرأة تُباع وتثشترى) رزقه الله منهن أربعة عشر ذكرًا، وتسع عشرة أنثى. (الطبقات الكبرى لابن سعد  جـ3 صـ14)

إسلام علي بن أبي طالب :

عليٌ بن أبي طالب هو أول منإسلام علي بن أبي طالب أسلم من الغلمان، وكان عمره في ذلك الوقت عشر سنوات. (الطبقات الكبرى لابن سعد جـ3 صـ15)

هجرة علي بن أبي طالب :

عندما أذن الله تعالى لنبينا محمد بالهجرة، جاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله فقال له: لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه، فلما جاء الليل، وجد النبي المشركين قد اجتمعوا على بابه،  يرصدونه متى ينام فيقتلوه، قال  لعلي بن أبي طالب: نم على فراشي،وتَسج ببردى الأخضر ، فنم فيه، فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم، ثم أمر النبي عليًا أن يُؤجل هجرته ثلاثة أيام لكي يُؤَدي الأمانات التي كانت عند النبي إلى أصحابها ثم يلحق بأهله برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة ثم خرج رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من باب  منزله أمام المشركين  وهم لا يرونه لأن الله تعالى قد أعمى أبصارهم عنه.  (السيرة النبوية لابن هشام جـ2 صـ89)                      

مؤاخاة الرسول لعلي بن أبي طالب:

لما جاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة آخى بين المهاجرين بعضهم ببعض، وآخى بين المهاجرين والأنصار على الحق  والمواساة والميراث، وكان ذلك قبل معركة بدر، وآخى الرسول بينه وبين علي بن أبي طالب وقال له: أنت أخي، ترثني وأرثك، فلما نزلت آية الميراث توقف الميراث بالمؤاخاة.  (الطبقات الكبرى لابن سعد جـ3 صـ16)

زواج علي بفاطمة بنت رسول الله:

روى أبو داودَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال: لَمَّا تَزَوَّجَ عَلِيٌّ فَاطِمَةَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطِهَا شَيْئًا قَالَ مَا عِنْدِي شَيْءٌ قَالَ أَيْنَ دِرْعُكَ الْحُطَمِيَّةُ. (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 1865)

فضائل علي بن أبي طالب:

جاءت أحاديث كثيرة في فضائل علي بن أبي طالب، سوف نذكر بعضًا منها:

(1) روى الشيخانِ عن سعد بن أبي وقاص أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى تَبُوكَ وَاسْتَخْلَفَ عَلِيًّا فَقَالَ أَتُخَلِّفُنِي فِي الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ قَالَ: أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ نَبِيٌّ بَعْدِي. (البخاري حديث 4416 / مسلم حديث 2404)

 (2) روى مسلمٌ عن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَوْمَ خَيْبَرَ لَأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ قَالَ: فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا. قَالَ: فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ  غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يَرْجُونَ أَنْ يُعْطَاهَا، فَقَالَ أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالُوا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ قَالَ فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ فَأُتِيَ بِهِ فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ فَقَالَ عَلِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا فَقَالَ: انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ.  (مسلم حديث 2406)

 (3) روى الشيخانِ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَال: جَاَءَ رَسُولُ اللَّهِ  بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا فِي الْبَيْتِ فَقَالَ أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ قَالَتْ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ فَغَاضَبَنِي فَخَرَجَ فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ  لِإِنْسَانٍ انْظُرْ أَيْنَ هُوَ فَجَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ فِي الْمَسْجِدِ رَاقِدٌ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ  وَهُوَ مُضْطَجِعٌ قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ وَأَصَابَهُ تُرَابٌ فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ  يَمْسَحُهُ عَنْهُ وَيَقُولُ قُمْ أَبَا تُرَابٍ قُمْ أَبَا تُرَابٍ.(البخاري حديث 441/ مسلم حديث 2409)     

(4) روى الترمذيُّ عَنْ عَلِيٍّ بن أبي طالب قَالَ: لَقَدْ عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ لَا يُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يَبْغَضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ.  (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 2938)

 (5) روى الترمذيُّ عن زيد بن أرقم أن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ).   (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني حديث 2930)

 (6) روى الترمذيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَبُو بَكْرٍ فِي الْجَنَّةِ وَعُمَرُ فِي الْجَنَّةِ وَعُثْمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَعَلِيٌّ فِي الْجَنَّةِ وَطَلْحَةُ فِي الْجَنَّةِ وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الْجَنَّةِ وَسَعْدٌ فِي الْجَنَّةِ وَسَعِيدٌ فِي الْجَنَّةِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فِي الْجَنَّةِ ).(حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني  حديث 2946)         

جهاد علي بن أبي طالب:

شهد علي بن أبي طالب بدرًا، وأُحدًا، والخندق، وبيعة الرضوان، وجميع المشاهد مع رسول الله إلا غزوة تبوك، فإن النبي استخلفه على أهله بالمدينة. (أُسْدُ الغابة لابن الأثير جـ3 صـ587)

عِلمُ علي بن أبي طالب:

روى عليٌّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، خمس مئة وستة وثمانين حديثًا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

أقوال الصحابة والتابعين في علم علي بن أبي طالب:

(1) قالت عائشة: علي بن أبي طالب أعلم الناس بالسنة.(تاريخ الخلفاء للسيوطي صـ157)

(2) قال عبد الله بن مسعود: كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي بن أبي طالب. (الاستيعاب لابن عبد البر جـ3 صـ205: صـ207)

(3) قال سعد بن المسيب:كان عمر بن الخطاب يتعوذ من معضلة ليس لها أبو الحسن.(الاستيعاب لابن عبد البر جـ3 صـ205: صـ207)

(4) قال سعيد بن جبير: قال عبد الله بن عباس إذا ثبت لنا الشيء عن عليٍّ بن أبي طالب لم نعدِل عنه إلى غيره. (الاستيعاب لابن عبد البر جـ3 صـ205: صـ207)      

خلافة علي بن أبي طالب:

 لما قَتلَ المتمردون عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة خمس وثلاثيين من الهجرة، جاء الناس من الصحابة وغيرهم، كلهم يقول: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، حتى دخلوا عليه داره، فقالوا نبايعك، فمد يدك. فأنت أحق بالخلافة، فقال علي ليس ذلك إليكم، وإنما ذلك إلى أهل بدر، فمن رضي به أهل بدر فهو الخليفة، فلم يبق أحد إلا أتي عليًا، فقالوا: ما نرى أحدًا أحق بها منك، فمد يدك نبايعك. فقال: أين طلحة  والزبير ؟ فكان أول من بايعه طلحة  بلسانه، فلما رأى عليًا ذلك خرج إلي المسجد، فصعد المنبر، فكان أول من صعد إليه فبايعه طلحه، وتابعه الزبير بن العوام، وباقي أصحاب النبي أجمعين.

(أُسد الغابة لابن الأثير جـ3 صـ609)

زهد علي بن أبي طالب:

 (1) قال عامر بن النبَّاح، مؤذن علي بن أبي طالب: يا أمير المؤمنين: امتلأ بيت المال من صفراء وبيضاء (من الذهب والفضة) فقال علي: الله أكبر، ثم قام متوكئًا على ابن النبَّاح حتى قام على بيت المال فقال: يا ابن النباح: علي بأشياخ الكوفة، فنودي في الناس، فأعطى جميع ما في بيت المال، وهو يقول: يا صفراء، يا بيضاء غُري غيري، حتى ما بقى في بيت المال دينارًا ولا درهمًا، ثم أمر بنضحه بالماء، وصلى فيه ركعتين.(صفه الصفوة لابن الجو زى جـ1 صـ314: 315)

 (2) قال عمرو الهمداني: رأيت علي بن أبي طالب: وهو يبيع سيفًا له في السوق ويقول: من يشتري منى هذا السيف، فو الذي فلق الحبة لطالما كشفت به الكرب عن وجه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولو كان عندي ثمن إزار ثوب ما بعته.

(صِفة  الصفوة لابن الجو زى جـ1 صـ318)

 (3) قال معاوية بن أبي سفيان: لضرار الصدائي: يا ضرار، صِف لي عليًا. قال: أعفني يا أمير المؤمنين. قال: لتصفنه. قال: أما إذ لابد من وصفه فكان والله بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلًا، ويحكم عدلًا، يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه. ويستوحش من الدنيا زهرتها، ويستأنس بالليل ووحشته، وكان غزير العَبرة. طويل الفكرة يعجبه من اللباس ما قصر، ومن الطعام ما خشن. وكان فينا كأحدنا، يجبنا إذا سألناه، وينبئنا إذا  استنبأناه، ونحن والله، مع تقريبه إيانا وقربه منا، لا نكاد نكلمه هيبة له، يعظم أهل الدين، ويقرِّبُ المساكين، لا  يطمع القوي في باطله، ولا ييئس الضعيف من عدله، وأشهد أني قد رأيته في بعض مواقفه، وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، قابضًا لحيته، يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، ويقول: يا دنيا غري غيري، ألي تعرضت أم إليَّ تشوقت ! هيهات هيهات ! قد باينتك ثلاثًا لا رجعة فيها، فعمرك قصير، وخطرك قليل. آه من قلة الزاد، وبُعد السفر، ووحشة الطريق. فبكى معاوية وقال: رحم الله أبا الحسن، كان والله كذلك، فكيف حزنك عليه يا ضرار ؟ قال: حزن من ذبح ولدها وهو في حجرها. وكان معاوية يكتب فيما ينزل به ليسأل له علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن ذلك، فلما بلغه قتله قال: ذهب الفقه والعِلم  بموت ابن أبي طالب. فقال له أخوه عتبة: لا يسمع هذا منك أهل الشام. فقال له: دعني  عنك.(الاستيعاب لابن عبد البر جـ3 صـ209)

أسباب الفتنة في خلافة علي بن أبي طالب:

اعلم، أخي الكريم،أن الفتنة قد حدثت عندما طلب معاوية ومن معه من علي بن أبي طالب تسليم قتلة عثمان بن عفان، إليهم، وذلك لكون معاوية ابن عمه، فامتنع علي ظنًا منه أن تسليم قتلة عثمان بن عفان إليهم على الفور، مع كثرة عشائرهم واختلاطهم بعسكر علي، يؤدي إلى اضطراب في أمر الخلافة التي بها انتظام كلمة أهل الإسلام خاصة  وهى في بدايتها، فرأى علي بن أبي طالب تأخير تسليم قتلة  عثمان رضي الله عنه أصوب إلي أن يرسخ قدمه في الخلافة، ويتحقق التمكن من الأمور فيها، ويتم اتفاق كلمه المسلمين، ثم بعد ذلك يلتقطهم واحدًا فواحدًا ويسلمهم إليهم ، ويدل على ذلك أن بعض قتلة  عثمان رضي الله عنه عزم على الخروج على علي بن أبي طالب ومقاتلته لما نادى يوم الجمل بأن يخرج عنه قتلة  عثمان رضي الله عنه) (الصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي صـ325)

اعلم، أخي الكريم، إن أكثر الصحابة قد اعتزلوا القتال واتبعوا النصوص الثابتة عن النبي في قتال الفتنة.

قال ابن كثير: روى الإمام أحمد عن إسماعيل بن عُلية  عن أيوب عن محمد بن سرين قال: هاجت الفتنة  وأصحاب رسول الله عشرات الألوف فلم يحضرها منهم مائة، بل لم يبلغوا ثلاثين.(البداية والنهاية لابن كثير جـ7 صـ264)                              

 ومن عقيدتنا: أن نستغفر للقتلى من كلا الفريقين ونترحم عليهم ونحفظ فضائلهم ونعترف له بسبقهم وننشر مناقبهم عملًا بقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (الحشر 10)

وجوب التوقف عما شجر بين علي و بين معاوية و طلحة  والزبير:

يجب على كل مسلم السكوت وعدم الخوض في الفتن التي جرت بين علي بن أبي طالب وبين معاوية بن أبي سفيان، وبين علي و طلحة بين عبيد الله والزبير بن العوام في موقعة الجمل، ولنعلم جميعًا أن موقعة الجمل قد تمت عن غير اختيار من  هؤلاء الثلاثة، وأن عائشة ما ذهبت إلي العراق إلا من أجل الإصلاح بين الناس، ولنعلم أيضًا أنهم جميعًا بشرهم النبي بالجنة. (صحيح الترمذي للألباني حديث 2946/ 3041) (البداية والنهاية جـ7 صـ245:251)                                                                                                                                                                                                                                                              

قتال علي بن أبي طالب للخوارج:

 روى الشيخانِ عن علِيٌّ بن أبي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ فَلَأَنْ أَخِرَّ مِنْ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَيْهِ وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فَإِنَّ الْحَرْبَ خَدْعَةٌ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ يَمْرُقُونَ مِنْ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ  يَوْمَ الْقِيَامَةِ .(البخاري حديث 3611 / مسلم حديث 1066)

لقد تنبأ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بظهور فرقة الخوارج وحث على قتالهم، وقد ظهرت هذه الفرقة في خلافة علي بن أبي طالب بعد موقعة صفين  وقبوله بالتحكيم بينه وبين معاوية بن أبي سفيان، وقد قاتلهم علي وأصحابه ووجد في القتلى ذا الثدية  وهو الرجل الذي ذكر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوصافة بأنه يكون في جيش الخوارج. (البداية والنهاية لابن كثير جـ7 صـ299: 300)    

روى البخاريُّ عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ فَقَالَ وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ فَقَالَ عُمَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ فَقَالَ دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَمَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَهُوَ قِدْحُهُ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَأُتِيَ بِهِ حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي نَعَتَهُ. (البخاري حديث 3610)


مقتل علي بن أبي طالب:

اجتمع ثلاثة نفر من الخوارج وهم: عبد الرحمن بن ملجم المرادي  والبرك بن عبد الله التميمي، وعمرو بن بكير التميمي، وتعاهدوا على قتل علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص، فقال عبد الرحمن بن ملجم: أنا لكم بعلي بن أبي طالب،  وقال البرك: وأنا لكم بمعاوية،  وقال عمرو بن بكير: أنا أكفيكم عمرو بن العاص. فتعاهدوا على ذلك وتعاقدوا وتواثقوا لا ينكص رجل منهم عن صاحبه الذي سمى  ويتوجه إليه حتى يقتله أو يموت دونه وفي ليلة سبع عشرة من شهر رمضان، توجه كل رجل منهم إلى المكان الذي فيه صاحبه، فقدم عبد الرحمن بن ملجم الكوفة فلقي أصحابه من الخوارج فكاتمهم ما يريد، وكان يزورهم ويزورونه، فزار يومًا نفرًا من تيم الرباب فرأى امرأة منهم يُقال لها قطام بنت شجنة بن عدي بن عامر بن  عوف وكان علي قتل أباها وأخاها يوم نهروان فأعجبته فخطبها، فقالت له: لا أتزوجك  حتى تُسمي لي، فقال: لا تسألينني شيئًا إلا أعطيتك، فقالت: ثلاثة آلاف وقتل علي بن أبي طالب، فقال: والله ما جاء بي إلي هذا المكان إلا قتل علي بن أبي طالب وقد آتيتك ما سألت. ولقي عبد الرحمن بن ملجم شبيب بن بجرة الأشجعي فأعلمه ما يريد ودعاه إلى أن يكون معه فأجابه إلى ذلك. فلما خرج علي من الباب نادى: أيها الناس الصلاة الصلاة، كذلك كان يفعل في كل يوم يخرج ومعه درته، يوقظ الناس، فاعترضه الرجلان، فقال بعض من حضر ذلك: فرأيت بريق السيف وسمعت قائلًا يقول: لله الحكم يا علي  لا لك ! ثم رأيت سيفًا ثانيًا فضربا جميعًا فأما سيف عبد الرحمن بن ملجم فأصاب جبهته إلي قرنه ووصل دماغه، وأما سيف شبيب فوقع في الطاق، وسمعت عليًا يقول: لا يفوتنكم الرجل، وشد الناس عليهما من كل جانب، فأما شبيب فأفلت،  وأُخِذَ عبد الرحمن بن ملجم فأدخل على علي، فقال: أطيبوا طعامه وألينوا فراشه فإن أعش فأنا أولى بدمه عفوًا وقصاصًا وإن أمت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين. ومكث علي يوم الجمعة وليلة السبت وتوفي، رحمه الله، ليلة الأحد،التاسع عشر من شهر رمضان سنه أربعين، وغسله الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر، وكفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص، وصلى عليه الحسن بن علي، ثم انصرف الحسن بن علي من دفنه فدعا الناس إلي بيعته فبايعوه. وكانت خلافة  علي بن أبي طالب أربع سنين وتسعه أشهر. تُوفي علي وهو يومئذ ابنُ ثلاثة وستين سنة.(الطبقات الكبرى لابن سعد جـ3 صـ25: 27)   

غُلُو الشيعة الروافض في علي بن أبي طالب:

لقد غَلا الشيعة الروافض غلوًا شديدًا في تعظيمهم لعلي بن أبي طالب وباقي الأئمة الإثنى عشر من آل البيت، وسوف نذكر عقيدتهم بإيجاز شديد، فنقول وبالله التوفيق:

(1) يعتقدون أن القرآن لم يجمعه ولم يحفظه أحدٌ من الصحابة إلا علي بن أبي طالب وباقي الأئمة الإثنى عشرية من بعده.

(2) يُكفِّرون الذين قاتلوا عليًا بن أبي طالب بما فيهم الصحابة الكرام.

 (3)قاموا بتحريف كثير من الآيات القرآنية مع إضافة اسم علي بن أبي طالب إليها.

(4) يعتقدون أن عليًا أفضل من أبي بكر وعمر وعثمان وأنه أحق بالخلافة منهم.

(5) يعتقدون أن عليًا والأئمة من بعده يعلمون ما كان وما يكون، ولا يخفى عليهم شيء من أمور الغيب.

(6) يعتقدون أن عليًا والأئمة من بعده لهم مقام محمود، لا يبلغه مَلك ولا نبي ُمرسَل.

(7) يعتقدون أن تعاليم علي بن أبي طالب والأئمة من بعده كتعاليم القرآن الكريم، صالحة لكل مكان وزمان إلى يوم القيامة، ويجب اتباعها وتنفيذها.
(8) يعتقدون أن عليًا وباقي الأئمة الإثنى عشر من بعده معصومون من الخطأ والنسيان والسهو عن قصد أو غير قصد.

(9) يعتقدون أن الله فوَّضَ عليًا والأئمة من بعده لتسير أمور الناس، فيُحلون ما يشاءون ويحرمون ما يشاءون.  (موسوعة الإثنى عشرية للدكتور علي السالوس)

(الشيعة والسنة لإحسان إلهي ظهير)

(حقيقة الشيعة لعبد الله الموصلي)

رحم الله تعالى علي بن أبي طالب وجمعنا معه في الفردوس الأعلى من الجنة.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply

التعليقات ( 1 )

خطأ في المرجع

-

عبدالله حسين

08:14:54 2024-01-15

ي بن أبي طالب وبين معاوية بن أبي سفيان، وبين علي و طلحة بين عبيد الله والزبير بن العوام في موقعة الجمل، ولنعلم جميعًا أن موقعة الجمل قد تمت عن غير اختيار من هؤلاء الثلاثة، وأن عائشة ما ذهبت إلي العراق إلا من أجل الإصلاح بين الناس، ولنعلم أيضًا أنهم جميعًا بشرهم النبي ﷺ بالجنة. (صحيح الترمذي للألباني حديث 2946/ 3041) (البداية والنهاية جـ7 رجعت للحديثين في صحيح سنن الترمذي تحقيق الألباني ولم أجد الكلام المقتبس ي بن أبي طالب وبين معاوية بن أبي سفيان، وبين علي و طلحة بين عبيد الله والزبير بن العوام في موقعة الجمل، ولنعلم جميعًا أن موقعة الجمل قد تمت عن غير اختيار من هؤلاء الثلاثة، وأن عائشة ما ذهبت إلي العراق إلا من أجل الإصلاح بين الناس، ولنعلم أيضًا أنهم جميعًا بشرهم النبي ﷺ بالجنة.