أوقات إجابة الدعاء


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
نستطيعُ أن نُوجِزَ أوقات وأحوال إجابة الدعاء في الأمور التالية:

(1) جوف الليل وعقب الصلوات المفروضة:

روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: (يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ). (البخاري ـ حديث 1145 / مسلم ـ حديث 758)

روى الترمذي عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الباهلي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ  أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ ؟ قَالَ: (جَوْفَ اللَّيْلِ الْآخِرِ وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ).  (حديث حسن) (صحيح الترمذي ـ للألباني ـ حديث 2782)

روى مسلم عَنْ جَابِر بنِ عبد الله رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ يَقُولُ: (إِنَّ فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ). (مسلم ـ حديث 757)

(2) بين الأذان والإقامة:

روى أبو داود عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يُرَدُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ).(حديث صحيح) (صحيح أبي داود ـ للألباني ـ حديث 489)

روى البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ. ) (البخاري ـ حديث 614)

(3) عند نزول المطر:

روى الحاكمُ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  : (ثِنْتَانِ لَا تُرَدَّانِ: الدُّعَاءُ عِنْدَ النِّدَاءِ وَتَحْتَ الْمَطَرِ ) (حديث حسن) (صحيح الجامع ـ للألباني ـ حديث 3078)

(4) ليلة القدر:

روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  قَالَ: (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ).(البخاري ـ حديث 2014) / مسلم ـ حديث 760)

روى الترمذي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قُلْتُ:يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةُ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا ؟ قَالَ: (قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عُفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي). (حديث صحيح) (صحيح الترمذي ـ للألباني ـ حديث 2789)

(5) يوم عرفة:

روى الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ  قَالَ: (خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).(حديث حسن) (صحيح الترمذي ـ للألباني ـ حديث 2837)

(6) عند الصوم والسفر:

روى البيهقيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : (ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ: دَعْوَةُ الصَّائِمِ،وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ). (حديث صحيح) (صحيح الجامع ـ للألباني ـ حديث 3030)

(7) عند السجود:

روى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِقَالَ: (أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ.) (مسلم ـ حديث 482)


(8) يوم الجمعة:

روى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا خَيْرًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ.)  (مسلم ـ حديث 852)

(9) عند قتال أعداء الإسلام:

روى الطبرانيُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (سَاعَتَانِ يُفتَحُ لَهُمَا أَبوَابُ السمَاءِ، وَقَلما تُرَد على دَاعٍ دَعوَتُهُ: عِنْدَ حُضُورِ الصَّلَاةِ، وَالصَّفُّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ). (حديث صحيح) (صحيح الجامع ـ للألباني ـ جـ1 ـ رقم 3587)

 (10) عند الشرب من ماء زمزم:

روى أحمدٌ عَنْ جَابِرِ بنِ عبد الله رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ.) (حديث صحيح) (صحيح الجامع ـ للألباني ـ حديث 5502)

(11) عند صياح الديك:

روى الشيخانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: (إِذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ فَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ، فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا).(البخاري ـ حديث 3303 / مسلم ـ حديث 2729)

* قَالَ القاضي عِيَاض(رَحِمَهُ اللهُ): كَانَ السَّبَب فِيهِ رَجَاء تَأْمِين الْمَلَائِكَة عَلَى دُعَائِهِ وَاسْتِغْفَارهمْ لَهُ وَشَهَادَتهمْ لَهُ بِالْإِخْلَاصِ.

(فتح الباري ـ لابن حجر العسقلاني ـ جـ6 صـ406)

(12) عقب قراءة القرآن:

روى الترمذي عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ مَرَّ عَلَى قَاصٍّ يَقْرَأُ ثُمَّ سَأَلَ فَاسْتَرْجَعَ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: (مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلْيَسْأَلْ اللَّهَ بِهِ، فَإِنَّهُ سَيَجِيءُ أَقْوَامٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ يَسْأَلُونَ بِهِ النَّاسَ). (حديث حسن) (صحيح الترمذي ـ للألباني ـ حديث 2330)

* قَوْلُهُ: (قَاصٍّ): الشخصُ الذي يَحْكِي الْقصَصَ وَالْأَخْبَارَ.

* قَوْلُهُ: (يَقْرَأُ) أَيِ: يَقْرَأُ الْقُرْآنَ. * قَوْلُهُ: (ثُمَّ يَسْأَلُ): أَيْ يَطْلُبُ مِنْ النَّاسِ شَيْئًا مِنَ الرِّزْقِ.

* قَوْلُهُ: (فَاسْتَرْجَعَ): أَيْ: قَالَ عِمْرَان: (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ وَظُهُورُ مَعْصِيَةٍ وَأَمَارَةُ الْقِيَامَةِ.

* قَوْلُهُ: (مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلْيَسْأَلِ اللَّهَ بِهِ): أَيْ فَلْيَطْلُبْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِالْقُرْآنِ مَا شَاءَ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، لَا مِنَ النَّاسِ، أَوِ الْمُرَادُ أَنَّهُ إِذَا مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ فَلْيَسْأَلْهَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِآيَةِ عُقُوبَةٍ فَيَتَعَوَّذُ إِلَيْهِ بِهَا مِنْهَا، وَإِمَّا بِأَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ عَقِيبَ الْقِرَاءَةِ بِالْأَدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الدُّعَاءُ فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ وَإِصْلَاحِ الْمُسْلِمِينَ فِي مَعَاشِهِمْ وَمَعَادِهِمْ. (مرقاة المفاتيح ـ علي الهروي ـ جـ4 ـ صـ 1513)

(13) عند القلق ليلًا:

روى البخاريُّ عَن عُبَادَة بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: (مَنْ تَعَارَّ (استيقظَ) مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى، قُبِلَتْ صَلَاتُهُ). (البخاري ـ حديث 1154)

(14) عقب الوضوء:

روى الترمذي عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : (مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ، فُتِحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ.) (حديث صحيح) (صحيح الترمذي ـ للألباني  ـ حديث 48)

(15) عند اجتماع المسلمين في مجالس الخير:

 روى البخاريُّ عَنْ أُمُّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أن النَّبِيَّ قَالَ: (لِيَخْرُجِ العَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الخُدُورِ،وَالحُيَّضُ،وَيَعْتَزِلُ الحُيَّضُ المُصَلَّى، وَلْيَشْهَدْنَ الخَيْرَ وَدَعْوَةَ المُؤْمِنِينَ). (البخاري ـ حديث 980)

* قَوْلُهُ: (العَوَاتِقُ): هي الأنثى أول ما تبلغ والتي لم تتزوج.

* قَوْلُهُ: (الخُدُورِ): جَمْعُ خِدْرٍ، هُوَ سِتْرٌ يَكُونُ فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ تَقْعُدُ الْبِكْرُ وَرَاءَهُ.       (فتح الباري ـ لابن حجر العسقلاني ـ جـ1 ـ صـ 424)

(16) الدعاء عقب التشهد الأخير في الصلاة:

روى الشيخانِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أنَّ  النَّبِيَّ قَالَ: (لَا تَقُولُوا السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ وَلَكِنْ قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ.فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمْ أَصَابَ كُلَّ عَبْدٍ فِي السَّمَاءِ أَوْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ فَيَدْعُو). (البخاري ـ حديث 835 / مسلم ـ حديث 402)

(17) الدعاء عند حضور المريض:

روى الشيخانِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ إِذَا أَتَى مَرِيضًا، أَوْ أُتِيَ بِهِ قَالَ: (اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ أَذْهِبِ البَاسَ(الألم)، اشْفِهِ وَأَنْتَ الشَّافِي، لاَ شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا). (البخاري ـ حديث 5743 / مسلم ـ حديث 2191)

(18) عند حضور الميت:

روى مسلمٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ فَأَغْمَضَهُ ثُمَّ قَالَ: (إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ، فَضَجَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِهِ، فَقَالَ: لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ (الْبَاقِينَ) وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَنَوِّرْ لَهُ فِيه)ِ.( مسلم ـ حديث 920)

الدعاء ورد القضاء:

روى الترمذيُّ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : (لَا يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ إِلَّا الْبِرُّ).(حديث حسن) (صحيح الترمذي ـ للألباني ـ حديث 1238)

(1) قال الإمَامُ الشوكاني (رَحِمَهُ اللهُ): في هذا الحديث دليلٌ على أنه سُبْحَانَهُ يدفع بالدعاء ما قد قضاه على العبد. وقال أيضًا: الدعاء مِن قَدَرِ الله عز وجل، فقد يقضي اللهُ على عبده قضاءً مَقَيَّدًَا بأن لا يدعوه، فإن دعاه، اندفع عنه. (تحفة الذاكرين ـ للشوكاني ـ صـ35: صـ36)

(2) قَالَ الإمَامُ الْغَزالِيّ (رَحِمَهُ اللهُ): فَإِن قُلْتَ: فَمَا فَائِدَة الدُّعَاء وَالْقَضَاء لَا مرد لَهُ ؟

فَاعْلَم أَن مِنَ الْقَضَاء رَد الْبلَاء بِالدُّعَاءِ وَالدُّعَاء سَبَب لرد الْبلَاء واستجلاب الرَّحْمَة كَمَا أَن التُّرْسَ سَبَب لرد السهْم وَالْمَاء سَبَب لخُرُوج النَّبَات مِنَ الأَرْض وكما أَن التُّرْسَ يدْفع السَّهْمَ فيتدافعان فَكَذَلِك الدُّعَاء وَالْبَلَاء يتعالجان (يتدافعان) وَلَيْسَ من شَرط الِاعْتِرَاف بِقَضَاء الله عز وَجل أَن لَا يُحمل السِّلَاح. قَالَ عز وَجل: (وَلْيَأخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأسْلِحَتَهُمْ) (النساء: 102) وَأَن لَا تُسْقَى الأَرْض بعد نبت الْبذر. فاللهُ تعالى قَدَّرَ الأمرَ، وقَدَّرَ سبَبه. (إحياء علوم الدين ـ للغزالي ـ جـ 1 ـ صـ 328)

(3) هذا الحديثُ لا يدل على تغيير ما في اللَّوح المحفوظ، وإنَّما يدلُّ على أنَّ اللهَ قَدَّرَ السَّلامةَ مِنَ الشرور، وقَدَّرَ أسبابًا لتلك السَّلامة، والمعنى أنَّ اللهَ دَفَعَ عَن العبد شرًََّا؛ وذلك مُقدَّرٌ بسببٍ يفعله وهو الدُّعاء، وهو مُقدَّرٌ، وكذلك قَدَّرَ أن يطولَ عُمرُ الإنسان، وقَدَّرَ أن يحصلَ منه سببُ لذلك، وهو البِرُّ وصِلةُ الرَّحم، فالأسبابُ والمسبَّباتُ كلُّها بقضاء الله وقَدَرِه. (قطف الجني الداني ـ عبد المحسن العباد البدر ـ صـ 102)

الدعاء في واحة الشعراء:

 سوف نذكر بعض أقوال الشعراء في الدعاء:

(1)  قال الخليفة الراشد: علي بن أبي طالب، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:

إِلَهِي أَنْتَ ذو فَضْلٍ وَمَنِّ * وإني ذو خَطَايا فَاعفُ عَنّي 

وَظَنِّيَ فِيكَ يا رَبي جَمِيْلٌ * فَحَقِقْ يا إلَهِيَ حُسْنَ ظَنِّي

(ديوان علي ابن أبي طالب ـ صـ172)

(2) قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ (رَحِمَهُ اللهُ):

أَسِيرُ الْخَطَايَا عِنْدَ بَابِكَ وَاقِفُ * عَلَى وَجَلٍ مِمَّا بِهِ أَنْتَ عَارِفُ.

يَخَافُ ذُنُوبًا لَمْ يَغِبْ عَنْكَ غَيْبُهَا * وَيَرْجُوكَ فِيهَا فَهْوَ رَاجٍ وَخَائِفُ.

فَمَنْ ذَا الَّذِي يُرْجَى سِوَاكَ وَيُتَّقَى * وَمَا لَكَ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ مُخَالِفُ.

فَيَا سَيِّدِي لَا تُخْزِنِي فِي صَحِيفَتِي * إِذَا نُشِرَتْ يَوْمَ الْحِسَابِ الصَّحَائِفُ.  (بهجة المجالس ـ لابن عبد البر ـ صـ82)

(3) قَال أَبُو الْقَاسِمِ السُّهَيْلِيُّ (رَحِمَهُ اللهُ):

يَا مَنْ يَرَى مَا فِي الضَّمِيرِ وَيَسْمَعُ *  أَنْتَ الْمُعَدُّ لِكُلِّ مَا يُتَوَقَّعُ.

يَا مَنْ يُرَجَّى لِلشَّدَائِدِ كُلِّهَا *  يَا مَنْ إِلَيْهِ الْمُشْتَكَى وَالْمَفْزَعُ.

يَا مَنْ خَزَائِنُ رِزْقِهِ فِي قَوْلِ كُنْ * امْنُنْ فَإِنَّ الْخَيْرَ عِنْدَكَ أَجْمَعُ.

مَا لِي سِوَى فَقْرِي إِلَيْكَ وَسِيلَةٌ *  فَبِالِافْتِقَارِ إِلَيْكَ فَقْرِيَ أَدْفَعُ.

مَا لِي سِوَى قَرْعِي لِبَابِكَ حِيلَةٌ *  فَلَئِنْ رُدِدْتُ فَأَيَّ بَابٍ أَقْرَعُ.

وَمَنِ الَّذِي أَدْعُو وَأَهْتِفُ بِاسْمِهِ *  إِنْ كَانَ فَضْلُكَ عَنْ فَقِيرِكَ يُمْنَعُ.

حَاشَا لِمَجْدِكَ أَنْ يُقَنِّطَ عَاصِيًا *  الْفَضْلُ أَجْزَلُ وَالْمَوَاهِبُ أَوْسَعُ.  (البداية والنهاية ـ لابن كثير ـ جـ16 ـ صـ575)

(4) قال الشاعر: إبراهيم علي بديوي (رَحِمَهُ اللهُ):

بِكَ أستجيرُ ومَن يُجير سِوَاكَ * فأْجُر ضعيفًا يحتمي بحماكا.

إنِّي ضعيفٌ أستعين على قِوَى * ذنبي ومعصيتي ببعض قواكا.

أذنبتُ يا ربي وآذتني ذنوبي * ما لها مِن غافر إلا كا.    (الملاذ الآمِن ـ صـ185)

(5) قال الشاعر:

أَتَهْزَأُ بِالدُّعَاءِ وَتَزْدَرِيهِ * وَمَا تَدْرِي بِمَا صَنَعَ الدُّعَاءُ.

سِهَامُ اللَّيْلِ نَافِذَةٌ وَلَكِنْ * لَهَا أَمَدٌ وَلِلأَمَدِ انْقِضَاءُ.

فَيُمْسِكُهَا إذَا مَا شَاءَ رَبي * وَيُرْسِلُهَا إذَا نَفَذَ الْقَضَاءُ. (المستطرف ـ للأبشيهي ـ صـ 151)

(6) قال الشاعر:

نَحْنُ نَدْعُو الْإِلَهَ فِي كُلِّ كَرْبٍ * ثُمَّ نَنْسَاهُ عِنْدَ كَشْفِ الْكُرُوبِ.

كَيْفَ نَرْجُو إِجَابَةً لِدُعَاءٍ * قَدْ سَدَدْنَا طَرِيقَهَا بِالذُّنُوبِ.  (جامع العلوم والحكم ـ لابن رجب الحنبلي ـ صـ108)

(7) قال الشاعر:

لَا تَظْلِمَنَّ إذَا مَا كُنْتَ مُقْتَدِرًا * فَالظُّلْمُ تَرْجِعُ عُقْبَاهُ إلَى النَّدَمِ.

تَنَامُ عَيْنَاك وَالْمَظْلُومُ مُنْتَبِهٌ * يَدْعُو عَلَيْك وَعَيْنُ اللَّهِ لَمْ تَنِمِ.   (الكبائر ـ للذهبي ـ صـ 115)

(8) قال الشاعر:

إِلَهِي أَنْتَ سُؤْلِي وَبغْيَتِي * كَفَى بِكَ لِلرَّاجِيْنَ سُؤْلًا وَمَغْنَمَا.

عَسَى مَنْ لَهُ الإِحْسَانُ يَغْفِرُ زَلَّتِيْ * ويَسْترُ أَوْزَارِيْ وَما قَدْ تَقَدَّمَا.    (مفتاح الأفكار ـ عبد العزيز السلمان ـ جـ3 ـ صـ239)

أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالى بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى، وَصِفَاتِهِ الْعُلاَ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْعَمَلَ خَالِصًَا لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وأنْ ينفعَ بِهِ طُلاَّبَ العِلْمِ الكِرَامِ.
                                                         وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply