حلقة 19: غضب من حماته فطلق ابنتها - فروق في التعبير في سورة الكهف - دعاء القنوت في صلاة الصبح - صلاة الجنازة على القبر وحكم توريث المصحف - قضاء الفائتة للمسافر - الزواج من أخت الأخ - لمس الكفار لا ينقض الوضوء - بيع السلعة مؤجلة بثمن أكثر من بيع النقد

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

19 / 50 محاضرة

حلقة 19: غضب من حماته فطلق ابنتها - فروق في التعبير في سورة الكهف - دعاء القنوت في صلاة الصبح - صلاة الجنازة على القبر وحكم توريث المصحف - قضاء الفائتة للمسافر - الزواج من أخت الأخ - لمس الكفار لا ينقض الوضوء - بيع السلعة مؤجلة بثمن أكثر من بيع النقد

1- حدثت مشادة كلامية بيني وبين حماتي -أم زوجتي- وذلك بحضور الزوجة، وازداد الكلام حدة حتى خرجت من فمي كلمة كنت أود ألا تخرج، ولا ينطق بها لساني، فقد قلت: ابنتك هذه طالقة، وكنت أقولها دون حقد أو كره لزوجتي على الإطلاق ولم تكن هناك نية مسبقة على أن أتلفظ بهذا اللفظ، الذي ندمت عليه، فهل كوني قلت لأم زوجتي وفي حضور الزوجة: ابنتك طالقة تصبح طلقة، مع العلم بأنه بناء على معلوماتي السطحية عن حكم الشرع، أنه مجرد لغو طالما هو في لحظة انفعال، فقد قمت بمباشرة الحياة الزوجية العادية مع زوجتي، ولكن أريد أن أعرف الفتوى ليطمئن قلبي

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعـد: فالطلاق، ينبغي للمؤمن أن لا يعجل فيه، فقد ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (أبغض الحلال إلى الله الطلاق)، فينبغي للمؤمن أن لا يعجل في الطلاق، ويتثبت، وأن لا يطلق إلا عن روية، وعن رغبة في الطلاق لأنها قد طابت نفسه من المرأة ورأى أن الأصلح طلاقها، فيطلقها على بصيرة، وإذا طلق لا يطلق إلا واحدة، لا يزيد عن طلقةٍ واحدة، هذا هو السنة، لكن إذا كان الطلاق من شدة الغضب الذي يمنعه من التعقل وضبط نفسه بسبب طول النزاع بينه وبينها، والمسابة والمشاتمة والمضاربة، فإذا حقق شدة الغضب الناشئ عن أمرٍٍ واضح من مسابة ومشاتمة أو مضاربة أو أشبه من ذلك مما يعلم منه شدة الغضب وعدم استطاعته أن يملك نفسه في هذا المقام فإن هذا على الأصح لا يقع، لأنه في هذه الحالة أشبه بالمعتوه والمجنون، فلا يقع طلاقه، أما الغضب العادي الذي تجري العادة به بين الناس، ليس بالغضب الشديد، وتوافرت أسبابه وشدته فإن هذا يقع معه الطلاق، وإذا كان طلقةً واحدةً راجعها، وشهد اثنين، يقول: اشهد يا فلان وفلان أني راجعت زوجتي، أو رددت زوجتي، أو أمسكت زوجتي ونحو ذلك، هذه السنة، لأن الله قال: وأشهدوا ذوي عدلٍ منكم، وهذا في الطلاق وفي الرجعة، فيشهد على ذلك اثنين أنه راجعها وإن طابت نفسه منها أشهد اثنين أنه طلقها، ثم هكذا يطلقها الثانية إن كان عن رغبةٍ في الطلاق أو غضب عادي ليس بشديد فهذه تقع الثانية أيضاً، وله مراجعتها فيشهد اثنين أنه راجعها إذا رغب في ذلك، هذا هو السنة، فإذا اشتد الغضب معه، شدةً واضحة بسبب أسبابٍ ...... من مضاربة أو مسابة أو مشاتمة أو نحو ذلك مما يكون معه الغضب شديداً يعجز المرء عن ضبط نفسه، ولا يقوى بسبب ما غلب عليه من الغضب فإنه في هذه الحال يشبه بالمعتوه أو المجنون فلا يقع الطلاق، ثم تبقى الطلقة، الطلقة الثالثة، إذا وقعت الطلقتان الأوليان فالطلقة الأخيرة تحرمها إلا بعد زوج، إذا وقع قبلها طلقتان فإن الطلقة الأخيرة هي المحرمة لها حتى تنكح زوجاً غيره، فالمؤمن يحاسب نفسه في هذه الأمور، ويتقي الله -عز وجل- فإذا وقع منه الطلاق عن طيب نفس ورغبةٍ في الطلاق أو في غضبٍ عادي فإنه يحتسب عليه، وتعتبر المرأة طالقاً طلقةً واحدة، ثم هكذا الثانية، ثم هكذا الثالثة، على حسب ما يقع من العبد. وهناك أمور أخرى يقع فيها الطلاق، في حال الحيض، في حال النفاس، في حال الطهر الذي جامعها فيه، قد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه في هذه الحال لا يقع الطلاق، ويكون طلاق بدعي، منكر، لا يجوز، فليس لمسلمٍ أن يطلق في الحيض ولا في النفاس ولا في طهر جامعها فيه، لما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أنه طلق امرأته وهي حائض فأنكر عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمره أن يراجعها وأن يمسكها حتى تحيض ثم تطهر ثم تحيض ثم تطهر، ثم إن شاء أن طلق قبل أن يمس وإن شاء أبقاها، وفي لفظٍ قاله: (فإذا طهرت فليطلقها طاهراً أو حاملاً) يعني قبل أن يمسها، ...... قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ[الطلاق: 1]، هذا هو الطلاق العدة، أن يطلقها في طهرٍ لم يجامعها فيه، أو في حال حيضها، بعض العامة يظن أن طلاق الحامل لا يقع، وهذا غلط، طلاق الحامل شرعي يقع، إنما الذي لا يقع هو طلاق الحائض والنفساء، أو طلاق المرأة التي هي طاهر قد جامعها وليست حاملا، فهذا هو محل خلاف، والأكثر عند أهل العلم على أنه يقع الطلاق، والأكثرون من العلماء أنه يقع الطلاق في حال الحيض، في حال النفاس، في حال الطهر الذي جامعها فيه، مثل حال الحامل، وذهب قوم من أهل العلم إلى أنه لا يقع لكونه طلاقاً منكراً لم يوافق الشرع، فلا يقع، لكون النبي أنكره -عليه الصلاة والسلام-، وحذر الأمة منه، وأمر من طلق أن يمسك حتى تحيض ثم تطهر، ثم تحيض حيضة أخرى ثم تطهر ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك، وهذا القول الذي قاله بعض أهل العلم أظهر بالدليل وأرجح بالدليل، ولكن يجب على المؤمن أن يحذر الطلاق في هذه الأمور، فحين إذا طلق في الحيض فقد أثم، أو طلق في النفاس فقد أثم، وهكذا إذا طلق في طهرٍ جامعها فيه لا يجوز، فعليه التوبة من ذلك، وأن لا يعود إلى ذلك، أما الوقوع فقد عرفت أن الأكثرين على أنه يقع، وذهب جمع من أهل العلم إلى أنه لا يقع، منهم ابن عمر -رضي الله عنه-، فإنه ثبت عنه أنه استفتي في ذلك فقال:......... وهكذا جاء مع....... عن طاووس، التابعي الجليل وعن خلاس بن عوف الهجري التابعي الجليل، وذهب إليه جمع من أهل العلم، فينبغي على المؤمن أن يحذر التساهل في هذه الأمور، وأن يحفظ لسانه عند الطلاق، إلا عند الحاجة إليه، والرغبة فيه في حال طهرٍ لم يجامعها فيه، أو في حال الحمل، هذا هو الطلاق الشرعي، أما طلقها في حيضٍ أو في نفاس أو في طهرٍ جامعها فيه فهذا لا يجوز والواجب التوبة من ذلك، والحذر من ذلك، وعدم العودة إليه، والله المستعـان. المذيع/ لكن صاحبنا هذا يظهر أن طلقته هذه تحتسب طلقة واحدة لأنه من كلامه يقول قال لحماته: ابنتك هذه طالقة ثم يذكر بأنه باشرها بعد ذلك. ج/ المقصود أنه إذا كان الطلاق لم يستحكم عليه، ولم يشتد معه الغضب بسبب نزاع دار بينهم، أو مضاربة أو مسابة فإن الطلاق يحسب عليه، ويكون جماعها رجعةً لها. 
 
2- ورد في سورة الكهف على لسان الرجل الصالح في قصته مع موسى عليه السلام في قوله تعالى: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ...[الكهف:79] إلى قوله تعالى: ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً...[الكهف:82]، لاحظت أنه عند السفينة قال: فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا[الكهف:79] وعند ذكر الأبوين المؤمنين: فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا[الكهف:81] وعند ذكر قصة اليتيمين صاحبي الجدار: فَأَرَادَ رَبُّكَ[الكهف:82]، فما الفرق بين التعابير الثلاثة؟ وهل ذلك يعني إن للرجل الصالح إرادة في الأمر مع إرادة الله
الصحيح أن هذا الرجل هو الخضر صاحب موسى -عليه الصلاة والسلام-، وأنه نبي، هذا هو الصحيح فيه، وليس مجرد رجل صالح، بل الصحيح فيه أنه نبي، ولهذا قال: وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي[الكهف: 82]، أي على أمر الله -سبحانه وتعالى-، وجاء في القصة نفسها في الصحيح أنه قال لموسى: إنك على علم من علم الله علمك الله إياه لا أعلمه أنا، وأنا على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت)، فهو من الأنبياء ولهذا قال:فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا[الكهف: 82] وقال: وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي[الكهف: 82]، والرسول هو الذي يعلم إرادة الله تجاه الوحي بذلك، وفي قصة السفينة نسب الأمر: فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا[الكهف: 79] هذا والله أعلم لأن الرب ينسب إليه الشيء الطيب، والعيب ظاهره ليس من الشيء الطيب فنسبه إلى لنفسه، فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا، وهذا عيب يراد منه الإصلاح، يراد منه أن تسلم السفينة حتى لا يأخذها الملك، لأنه كان يأخذ كل سفينة صالحة، سليمة، فأراد الخضر أن يعيبها لتسلم من هذا الملك، ليراها معيبة خاربة تسلم من شره وظلمه، فلما كان ظاهره، ظاهر الأمر لا يناسب ولا يليق بإضافته لله نسبه لنفسه فقال: فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا. المذيع/ عند ذكر الأبوين المؤمنين فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا[الكهف:81]. ج/ كذلك لما كان أمراً طيباًَ نسبه إلى نفسه لأنه مأمور من جهة الله -عز وجل- (أردنا) وذكر نون الجمع لأنه نبي، والنبي رجل عظيم فالأنسب إن يقال (أردنا)؛ ولأنه عن أمر الله وعن توجيه الله فالأنسب أن يقال فيه: (أردنا) ولأنه عمل طيب فالأنسب أن يقال فيه: (أردنا)، لأنه كان شيء طيب ومناسب فيه مصلحة. ولما كان أمر اليتيمين فيه خبر عظيم، وصلاح لهما ومنفعة لهما، قال: فَأَرَادَ رَبُّكَ[الكهف:82]، فنسب الخير إليه، عليه الصلاة والسلام،....... سبحانه وتعالى، وهذا من جنس قول الجن في سورة الجن حيث قال -سبحانه وتعالى- عن الجن: وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً[الجـن:10]، فالشر لم يضفه إليه -سبحانه وتعالى-، الشر الذي أريد بمن في الأرض لم يضفه إلى الله، ولم جاء الرشد قال: أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً، فنسبه إلى الله سبحانه وتعالى، لأن الرشد خير ......، فنسب إلى الله، والشر لا ينسب إليه، ولهذا في الحديث: (والشر ليس إليك)، فهذا من الأدب الصالح، من آداب الجن في هذا المؤمنين، ومن آداب الخضر -عليه الصلاة والسلام- قال في العيب: (فأردت أن أعيبها)، وفي اليتيمين قال: (فأراد ربك)، فهذا من الأدب الصالح.  
 
3- ما حكم دعاء القنوت في صلاة الصبح، وهل يوجب تركه سجود السهو؟ وإذا لم نسجد للسهو هل تعتبر الصلاة صحيحة
أولاً القنوت في الصبح غير مشروع على وجه الدوام، بل هو غير مشروع فعلى أقل الأحول أن يكون مكروهاً، وظاهر النصوص أنه بدعة، ولهذا ثبت في حديث سهل بن طارق الأشجعي عن أبيه أنه سأل أباه قال: يا أبت إنك صليت خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: أي بني محدث، قال طارق لابنه: أي بني محدث، وطارق من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، رواه أحمد -رحمه الله- والترمذي والنسائي وابن ماجه بإسنادٍ جيد، فهل يدل على أنه غير مشروع القنوت في الصبح، هذا القنوت الدائم، فهو محدث لم يفعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا أصحابه، ولا خلفاؤه المذكورون، وذهب قول من أهل العلم إلى أنه يستحب، كالشافعي -رحمه الله- والجماعة احتجوا بحديث عن........ عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقنت في الصبح حتى فارق الدنيا، لكنه حديث ضعيف عند أهل العلم، ليس بثابت، والصواب أن القنوت في الصبح إنما هو للنوازل الخاصة، إذا نزل بالمسلمين نازلة مثل الحروب التي يشنها الأعداء فيشرع القنوت، كما قنت النبي -صلى الله عليه وسلم- شهراً يدعو على أحياء من العرب، لما قتلوا جماعةً من أصحابه -رضي الله عنهم-، وقنت يدعو على قريش مدةً من الزمن، هذا لا بأس به، هذا مشروع، عند الحاجة إليه، لكن ليس بدائم، بل مؤقت، شهر، شهرين ثم يترك، فهذا مشروع للنوازل والحاجة التي تعرض من عدوان على المسلمين من عدوهم فيقنت بالدعاء عليهم، كما فعله المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، أما القنوت الدائم في الصبح أو في غيرها فهذا غير مشروع، بل هو بدعة وأقل الأحوال أن يكون مكروهاً؛ لأنه خلاف الأحاديث الصحيحة. والله المستعان. هذاك الأول له بقية سؤال، وهو سجود السهو إذا تركوه، إذا ترك القنوت لا يسجد السهو لأنه مستحب فقط، لا يجب له سجود السهو، إذا تركوا القنوت في النوازل لا يسجد له، أما في غير النوازل فقد عرفت أنه مكروه أو بدعة فلا يسجد له، بل تركه هو الذي ينبغي، وإذا لم يسجدوا كذلك لا حرج، صلاتهم صحيحة، حتى ولو كان مشروعاً في النوازل، لو تركوه سهواً فلا سجود له، ولا حرج عليهم في ذلك، وإذا تركوا سجود السهو في القنوت الذي تركوه فهو غير ضار بصلاتهم، وصلاتهم صحيحة، إذا قلنا أن القنوت مستحب للنوازل، وأما في غير النوازل، كالقنوت الدائم في الصبح، فهذا مكروه أو بدعة، فلا سجود له إذا ترك بل تركه هو الصواب.  
4- هل يجوز أن أصلي على قبر أبي صلاة الجنازة عند زيارته طلباً للرحمة له؟ وهل إذا ورث الميت مصحفاً ينال أجراً عند تلاوة أبنائه فيه
إذا كنت قد صليت على أبيك مع الناس فلا حاجة إلى إعادة الصلاة، تزوره تدعو له فقط، تأتي المقبرة تسلم على القبور وتدعو لهم، وتدعو لأبيك، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (زوروا القبور فإنها تذكركم بالآخرة). وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية). هذه السنة، فتسلم على أهل القبور وعلى أبيك، وتدعو له بالمغفرة والرحمة، ولا حاجة إلى الصلاة، هذا إن كنت قد صليت عليه، أما إذا ما كنت صليت عليه مع الناس فإنك تذهب إلى القبر وتصلي عليه في مدة شهر أو أقل، إذا كان مضى له شهر أو أقل، تصلي عليه أما إذا طالت المدة فلا صلاة عند جمعٍ من أهل العلم، والدعاء يكفي، الدعاء لأبيك والاستغفار له والترحم عليه والصدقة عنه بالمال، كل هذا ينفع الميت من أبٍ وغيره. وأما المصحف إذا خلفه الميت فهو ينفع إذا جعله وقفاً، ينفعه أجره كما لو وقف كتباً للعلم، العلم المفيد، علم الشرع، أو العلم المباح، وانتفع به الناس يؤجر على ذلك لأنه أعانه على خير، كما لو وقف أرضاً أو بيتاً أو دكاناً يتصدق بغلته على الفقراء أو تعمر به المساجد، كل هذا يؤجر عليه، وقد قال -عليه الصلاة و السلام- في الحديث الصحيح: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو عمل ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له). فالصدقات الجارية تنفع الميت، إذا كان مسلم تنفعه الصدقات الجارية، ينفعه دعاء أولاده ودعاء غيرهم، ينفعه الوقف الذي يوقفه بعده من بيت أو أرض أو دكان أو نخيل أو أشباه ذلك، ينتفع بهذا الوقف إذا انتفع به الناس، أكلوا من ثمرته، وانتفعوا من ثمرته، أو اصرفت ثمرته في مساجد المسلمين، في إصلاحها، في فرشها، في تنويرها، إلى غير ذلك.   
 
5- إذا كنت على سفر تقصر فيه الصلاة ووجبت علي صلاة العصر فلم أصلها حتى خرج الوقت ووصلت إلى أهلي، فهل أقضي الفائتة قصراً أم كاملة
المسافر إذا وصل إلى أهله يقضي الذي عليه تماماً، لا يقصر، إنما يقصر حال كونه في السفر، أما إذا أخر العصر أو الظهر أو العشاء حتى وصل إلى أهله فإنه يصليها أربعاً، لأنه زال السفر، زالت الرخصة. 
 
6- إنني تزوجت من بنت خالي وعقد قراني ولم أدخل بها، وهذه الزوجة أخت أخ لي من الرضاع، أي هو رضع من والدتي وأنا لم أرضع من والدته، والزوجة أخته من والده فقط من امرأة أخرى، فهل هذا الزواج حلال أم حرام
هذا الزوج لا بأس به، ما دام لم ترضع من أمك، وأنت لم ترضع من أمها، ولا........... فلا بأس، أما كون أخيك رضع من المرأة التي رضعت منها، لا يضر، المقصود أنه لا حرج عليك في هذا أيها السائل. 
 
7- هذه الزوجة المعقود قراني عليها الآن لا تطيع أمري ولا تؤدي الصلاة، وكان هذا شرط لي قبل عقد القران، فبعد العقد تمردت علي فتركتها منذ خمسة عشر شهرا، فما حكم الشرع في هذه الزوجة المتمردة علي
التي لا تصلي لا تعتبر مسلمة، بل تعتبر كافرة في أصح قولي العلماء، لأن ترك الصلاة كفر أكبر، لأنها عمود الإسلام، وقد صح عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر). وهذا يعم الرجال أو النساء والصحيح أنه كفر أكبر، هذا هو الصواب، القول الذي أجمع عليه أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- كما قال عبد الله بن شقيق الأقيلي، لم يكن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرون شيئاً تركه كفر إلا الصلاة، فهذا يدل على أنهم أجمعوا على هذا -رضي الله عنهم-، فالتي لا تصلي لا خير فيها، وعليك فراقها بالكلية، الله قال: لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ[الممتحنة: 10]، قال: وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ[الممتحنة: 10]، فهذه المرأة لا خير فيها، بل يجب فراقها. 
 
8- أنا أعمل بشركة وفيها مسلمين وغير مسلمين، وبعض الأوقات عندما أتوضأ ألامس أبيدي بعض غير المسلمين وأصلي بنفس الوضوء، هل صلاتي صحيحة أم أن علي إعادة الوضوء
لا، لمسك بعض الكفار بعد الوضوء لا ينقض الوضوء، حتى لمس المرأة على الصحيح لا ينقض الوضوء، ولو كان بتلذذ أو شهوة، الصحيح أنه لا ينقض الوضوء، إلا إذا خرج شيء، وقد ذهب بعض أهل العلم أن مس المرأة ينقض الوضوء مطلقاً، وقال آخرون: مسها بشهوة ينقض، والصحيح أنه لا ينقض الوضوء، وهكذا مس الكافر، والكافرة، لا ينقض الوضوء، بل الوضوء صحيح، وإنما ينتقض إذا من النواقض المعروفة كالبول والغائض والريح والنوم وأكل لحم الإبل، هذا الذي ينقض الوضوء، أما مس المرأة أو مس الكافر أو مس الكافرة فليس من النواقض، لكن ليس لك أن تمس المرأة التي ليست محرماً لك، لا يجوز لك مس المرأة سواءً كانت كافرة أو مسلمة، ليس لك مسها، إلا إذا كانت زوجتك أو محرمك، قال: ومس امرأة أجنبية منك، كافرة أو مسلمة فليس لك ذلك، أما قوله تعالى: أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ[النساء: 43]، فهذا معناه: الجماع، ليس المراد به اللمس باليد. كما قاله جماعة من أصحاب النبي وغيرهم منهم ابن عباس -رضي الله تعالى عنه- فإنه فسرها بالجماع، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن المراد بالمس اليد، كما قاله ابن مسعود، ولكن الصحيح أن المراد هو الجماع، لا اللمس باليد.  
 
9- يقول أنا متزوج اثنتين ولكنهما لا تصليان فقط تصومان شهر رمضان، وقد أمرتهن بالصلاة أكثر من مرة، فإحداهن صلت أياماً، وعندما رجعت من السعودية إلى مصر وجدتها قد تركت الصلاة، والثانية تقول: إنها لا تعرف شيئا من القرآن حتى الفاتحة، فأفيدوني ماذا أفعل
عليك أن تشتكي بهما وتبين لهما عظم ترك الصلاة وأنها عمود الصلاة وأن تركها كفر، فإن تابتا فالحمد لله، بقيتا معك، وإن لم تتوبا وجب عليك فراقهما، وسوف يعطيك الله خيراً منهما، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، والله -سبحانه- يقول: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ[الطلاق: 2-3]، ويقول -سبحانه-: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً[الطلاق: 4]، والجاهلة تعلم، تعلم الفاتحة، تعلم السور القصيرة، في الأوقات المناسبة التي يكون قلبها فارغاً حافظاً، تعلمها وتجتهد في ذلك، ولك أجر عظيم، إذا عجزت عن الفاتحة تأتي بدلاً منها بالأذكار، تقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله. هذا ...... الصلاة، النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر من عجز عن الفاتحة أن يأتي بهذا الذكر، فإذا عجزت تأتي بهذا الذكر، ولكن مع المحاولة إن شاء الله في الأوقات المناسبة إن شاء الله تحفظ، تتعلم. المذيع/ يعني الاستتابة لهما تكون بتأديتهما للصلاة؟ ج/ نعم. المذيع/ وإن لم تتوبا فعليه أن يفارقهما؟ ج/ نعم.  
 
10- لقد أقسمت بالعظيم على إحداهن ألا تخرج من البيت وبعد سفري حصل حادث وفاة لأحد أقاربها وخرجت من البيت، وأرسلت إلي خطاب عرفتني بذلك، فماذا أفعل
عليك كفارة يمين، ما دمت حلفت عليها أن لا تخرج، ثم خرجت، عليك أن تكفر كفارة يمين، إطعام عشرة مساكين، كل مسكين يعطي نصف صاع، كيلو ونصف تقريباً من قوت البلد، من تمر أو شعير، أو رز، أو غير ذلك من قوت البلد، يكفي عشرة، أو تكسوهم كسوة، كل مسكين يعطى قميصاً أو إزاراً ورداء، فهذا هو الواجب عليك في هذا اليمين.  
 
11- استفسر عن بيع السلعة بثمن أكثر من بيع النقد وذلك بالمهلة لستة أشهر أو أكثر، كأن أشتري سيارة قيمتها بالنقد خمسة عشر ألف ريال، وأبيعها بثلاثة وعشرين ألف ريال مؤجلة، فهل هذا البيع جائز
لا حرج في هذا والحمد لله، لا بأس أن يبيع السلعة التي تساوي خمسة عشر بعشرين بثلاث وعشرين، سيارة أو غيرها، لا بأس بهذا، وهكذا بيع الأقساط، أن يبيعها بأقساط، كل شهر كذا، كل شهرين كذا، كله لا بأس به، وهذا من رحمة الله، لأن الناس ليسو على حدٍ سواء، فيهم من عنده النقود، وفيهم من يعجز عن النقود إلا مؤجلاً، وقد صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه أقر بيع بريرة وقد باعها أصحابها بتسعة أواق، في كل عام أوقية، وهذا بيع بالأقساط، فالمقصود أن بيع ما يساوي عشرة بخمسة عشر، ما يساوي عشرين بخمسة وعشرين إلى أجلٍ معلوم، لا حرج في ذلك، لحاجة المشتري ولانتفاع البائع بالزيادة التي أجلت، فلا حرج في هذا عند أهل العلم، وقد جاءت به النصوص.  
 
12- كانت لي أخت قد ماتت من خمس وعشرين سنة، وكانت مريضة ومرضها شديد، ولا يوجد عندنا أطباء ولا يوجد ما يفيدها، إلا أن الناس وصفوا لي بأن أعطيها شربة لتخفيف الألم الذي في بطنها، ثم أعطيتها الشربة وبعد أيام توفيت من نفس المرض، وبعد سنين طائلة أخذت أوسوس أن تكون هذه الشربة قد أثرت عليها وماتت بسببها، فهل علي ذنب وهل علي كفارة
دع عنك هذه الوساوس هذه من الشيطان ما دام الشربة في مصلحتها وقد وصفت لك ووصفها من له خبرة في هذه المسائل فهذه شربة أنت فيها محسن ولا شيء عليك ولا حرج عليك وأنت مأجور ودع عنك وساوس الشيطان التي يأتي بها إلى الناس فلا حرج عليك ولا إثم عليك وأنت محسن ولا حول ولا قوة إلا بالله.   

471 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply