محمد بن أحمد الحفظي

المملكة العربية السعودية

اسمه و نشأته:

هو محمد بن أحمد الحفظي بن عبدالقادر بن بكري بن محمد بن مهدي بن موسى بن جغثم بن عجيل بن عيسى بن حسن بن محمد بن أسعد بن عبدالله بن أحمد .

يعود نسبه كما قال محمد بن ابراهيم بن زين العابدين الحفظي الى عك بن عدنان .

و كانت أسرة موسى بن جغثم العجيلي التى ينتسب اليها المترجم له تسكن بيت الفقيه بتهامة اليمن ، ثم هاجر الى رجال ألمع كما قال عبدالرحمن بن محمد بن أحمد بن عبدالقادر بن بكري سنة ألف من الهجرة النبوية _1591م ، و قد عرفت هذه الأسرة العلمية فيما بعد بأسرة الحفظي .

و كان الغالب على مثل هذه الهجرات العلمية ألتي شهدتها تهامة و عسير أن تكون من اليمن ، أو الحرمين الشريفين .

مولده رحمه الله :

اختلفت المصادر القليلة التي بين أيدينا الآن في تحديد تأريخ مولد محمد بن أحمد الحفظي ، فقد ذكر محمد بن ابراهيم الحفظي أن مولد جده كان في سنة 1178ه _1764م ، على حين ذكرت بعض المصادر الأخرى أن مولده كان في سنة 1176ه_ 1762م ، و لعل التأريخ الحقيقي لمولد هذا العالم يوافق سنة 1176هجريه _ 1762م ، و ذالك لأنني عثرة على ورقة مخطوطة تدل على أن أحمد بن عبدالقادر الحفظي (1145 _1233هجرية ) والد المترجم له قد حدد مولد ابنه المذكور بقوله : ( الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحت ، ولد الولد المبارك محمد بن أحمد بن عبدالقادر بن بكري المسمى بالجد العلامة محمد بن موسى بن معيضة نفع الله به ، ليلة الأربعاء ، لأربع و عشرين خلون من ربيع الأول سنة ست وسبيعين و مائة و ألف نسأل الله أن يجعله ولدا سعيد مباركا حميدا موفقا رشيدا ، من حملة القرآن العظيم ، و العلم الشريف آمين آمين آمين ، و صلى الله على سيدنا محمد و آله و صحبه و سلم )

و هذا في الواقع ما يرجح سنة 1176هجرية _ 1762م ، و يجعلها السنة الحقيقية لمولد هذا العالم الجليل .

أخلاقه :

كان سريع البادر ة ، حسن المذاكرة ، كثير الاشتغال بالاعمال الصالحة ن و كان متواضعا صاحب خلق رفيع ، وصفه محمد محمد زباره فقال بأنه كان حسن المحاضرة مع تواضع و دماثة أخلاق ، و اشتغال بما يقربه من الملك الخلاق .

مشائخه:

تلقى تعليمه الأولى على يد والده أحمد بن عبدالقادر الحفظي في بلدة رجال ألمع ، اذ ( قرأ عليه في جميع الفنون ) ، ثم ارتحل في طلب العلم الى القنفذة و صبياء ، و الرجيع و زبيد ، و حضرموت ، و كانت مدينة زبيد أكثر المراكز الفكرية تأثيرا في حياته العلمية ، فقد تلقى تعليمه فيها على أشهر علمائها من أمثال عبدالرحمن بن سليمان الأهدل ألذي أخذ عنه الفقه و الحديث و التفسير و علوم الآله ، و كان مدة هجرته في سبيل العلم عشر سنوات قضاها في الدرس و التحصيل العلمي .

أعماله و مناصبه:

عاد الشيخ محمد بن أحمد الحفظي الى بلده رجال ألمع بعد أن تلقى العلم في كثير من المرآكز الفكرية الشهيرة في جنوبي الجزيرة العربية ، و كان خلال اقامته في وطنه ( رجال ألمع ) المرجع لأهل جهته في كثير من الأمور الدينية ، و كان يتولى حين ذاك القضاء في عسير و رجال ألمع ، و يشتغل بالتدريس فيهما ، كما ألأنه أسس هو و أخوه ابراهيم بن أحمد الحفظي الزمزمي مدرستين في قريتي رجال و عثالف .

مواقفه الأسلامية و الوطنية :

اتصف الشيخ محمد بن أحمد الحفظي بمواقفه الاسلامية الرائعة ، حيث انشغل بالدعوة الى الله و العمل على ايجاد وحدة اسلامية شاملة ، و كان كذالك يشعل الحماس الديني ف قلوب الأهلين ، بما يعلنه في نثره و شعره من القول النافع ، و الدعوة الى العمل الصالح المبين ، كما صور حال تهامة و عسير ، و قد انتهكت من قبل الجيوش التركية المصرية التي يدبرها آنذاك محمد على باشا ، الذي استهدف تلك البلاد و أهلها .

و من قوله في شأن الترك و المصرين :

لا در در أناس لا خلاق لهم .......... و منهج الحق فيهم ظل مهجورا

تجمعوا من صعهاليك سفاسفة ....... من أرض مصر و من أبناء قنطورا

راموا انتقاض عرى الاسلام ز انتصبوا ...... لحرب من كان للتوحيد مشهورا

و زعزعوا كل رعديد برجفهم ......... و حركوا بالهوى من كان محظورا

و سببوا فتنا صار المصاب بها ......... يوم المعاد على النيات محشورا

فقد وصف محمد بن أحمد الحفظي هؤلاء الأعداء بأنهم لفيف من الترك و المصرين ، و بأنهم يرمون الى تفتيت شمل المسلمين و زرع الفتن و الفرقة بين أمراء الجزيرة و اماراتها .

نصرته لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب :

كان الشيخ محمد بن أحمد الحفظي أكثر علماء آل الحفظي تحمسا لنصرة دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب و تأيدا له ، حيث بين أفكارها و دعا الناس الى قبولها ن و قد ذكر القاضى عبدالرحمن بن أحمد البهكلي أن محمد بن أحمد الحفظي و والده أحمد بن عبدالقادر الحفظي ، قد ناصرا دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ، و بذلا في سبيلها كل ما في وسعهما من قول و عمل ، و قال بأنهما ممن خالطت قوبهم بشاشة الدعوة النجدية ، و ناصروا دعاتها بأشعار الحماسة و الأقوال ، في الرسائل الى أهل الرئاسة ، و قد بين الحسن بن أحمد عاكش موقف الشيخ محمد بن أحمد الحفظي من هذه الدعوة السلفية حين ذكر بأنه قام بها و دعا النس اليها ، و أرشد عالما من الناس الى ما فيه الصواب من عدم الاعتقاد في المخلوقين من الضر و النفع .

مؤلفاته:

يتضح من خلال النتاج الفكري الذي خلفه علماء آل الحفظي أن محمد بن أحمد الحفظي قد صنف عددا من المؤلفات ، و أسهم في ايقاظ حركة التأليف في مدينة رجال ألمع ، فقد وصفه الحسن بن أحمد عاكش بأنه انشغل بالتأليف ، و بأن له مؤلفات مفيدة في النحو و غيره ، و من مؤلفاته ( الألفية الحفظية نظم النسخ المرضية ، و درجات الصاعدين الى مقامات الموحديث ، و النفحات العنبرية في الخطب المنبرية ، و الهدية السنية نظم الآجرومية ، و مفاتيح المعارف و مصابيح العوارف ، و تكملة الظل الممدود في الحوادث و الوقائع في عهد آل سعود ، و اللجام المكين ، و ذوق الطلاب في علم الاعراب ، الى جانب عدد من الرسائل و الأجوبة المفيدة .

 وفاته:

توفي رحمه الله بقرية رجال ( بضم الميم و فتح الجيم ) عام سبعة و ثلاثين بعد المائتين و الألف ، و قد رثاه الشيخ يحيى بن على بن زغدين الزيلعي بقصيدة قال فيها :

 

يا من بعلمه تهتدي الأخبار ............... أيضا و فيك تحير الأفكار

حزت المعالى و العوالى و العلا ........... و جميع أهل العلم دونك صاروا

يا رحلة الطلاب يا شرف الهدى ......... بك لا بغيرك تنقضى الأوطار

 

لله درك عالما عن مشكل .......... و محذر بك تكشف الأستار

و لكل مشكلة تحل و يحتلى ...... بك عاطل و تنور الأسرار

و تزيل بدعة كل مبتدع لقد ......... كلوا وزاغت منهم الأبصار

تحمي حمى الدين القويم به له ....... بك شيخنا فوق السماك منار

و اذا رآك الزائفون تفرقوا ........... و تمزقوا سيماهم الادبار

اذ كنت سنيا اماما عادلا ............ للمصطفى بك ترفع الأخبار