كونوا قوامين بالقسط شهداء لله


 بسم الله الرحمن الرحيم 

\"يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنياً أو فقيراً فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلوا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا\"…

 

القراءات:

قرأ ابن عامر وحمزة ((تلوا)) بضم اللام وواو ساكنة بعدها، على أنه فعل مضارع من ولي يلي ولاية، وولاية الشيء هي الإقبال عليه، وقرأ الباقون ((تلووا)) بإسكان اللام، وبعدها واوان، الأولى مضمومة والثانية ساكنة، على أنه فعل مضارع من لوى يلوي، يقال: وليت فلاناً حقه إذا مطلته[1]

 

قوامين: القوام صيغة مبالغة، أي كونوا في كل أحوالكم قائمين بالقسط الذي هو العدل في حقوق الله وحقوق عباده، والقسط في حقوق الله أن لا يستعان بنعمه على معصيته، بل تصرف في طاعته، والقسط في حقوق الآدميين أن تودي جميع الحقوق التي عليك، كما تطلب حقوقك[2]

 

بالقسط: العدل

 

شهداء لله: أي أدوها ابتغاء وجه الله، كما قال - سبحانه - ((وأقيموا الشهادة لله))

 

ولو على أنفسكم: ولو عاد ضررها عليكº فإن الله سيجعل لمن أطاعه فرجاً ومخرجا، والمراد بذلك الإقرار لأنه شهادة على النفس بإلزام الحق

 

أو الوالدين والأقربين: ولو عاد ضررها عليهمº فإن الحق حاكم على كل أحد

 

إن يكن: المشهود عليه

 

غنياً: فلا ترعاه لغناه

 

أو فقيرا: لا تشفق عليه لفقره

 

فالله أولى بهما: الله يتولاهما بل هو أولى بهما منك وأعلم بما فيه صلاحهما

 

فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا: فلا يحملنكم الهوى والعصبية وبغض الناس إياكم على ترك العدل في أمركم وشئونكم بل الزموا العدل على أي حال كان كما قال - سبحانه - ((ولا يجرمنكم شنئان قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى)) وكذلك ما قاله عبد الله بن رواحة - رضي الله عنه - حين أراد اليهود رشوته ليرفق بهم: والله لقد جئتكم من عند أحب الخلق إلي ولأنتم أبغض إليَّ من أعدادكم من القردة والخنازير وما يحملني حبي إياه وبغضي لكم على أن لا أعدل فيكم. فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض

 

أن تعدلوا: يحتمل العدل والعدول كأنه قيل: فلا تتبعوا الهوى كراهة أن تعدلوا بين الناس أو إرادة أن تعدلوا عن الحق[3].

 

وإن تلووا: تحرِّفوا الشهادة وتغيروها، قاله مجاهد وغير واحد من السلف، واللي هو التحريف وتعمد الكذب، قال - تعالى -((وإن منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب)).

 

أو تعرضوا: تكتموا الشهادة، قال - تعالى -: ((ومن يكتمها فإنه آثم قلبه)) قال النبي - صلى الله عليه وسلم - {خير الشهداء الذي يأتي بالشهادة قبل أن يسألها}.

 

فإن الله كان بما تعملون خبيرا: وسيجازيكم على ذلك..

 

من فوائد الآية:

1. وجوب إقامة العبد بين الناس.

2. أهمية العدل لقيام المجتمعات.

3. وجوب الإخلاص في ذلك لله وحده.

4. العدل مطلوب مع القريب والبعيد.

5. لا تأثير للغنى والفقر في أداء الشهادة.

6. الله ـ جل جلاله ـ أولى بالغني والفقير.

7. النهي عن اتباع الهوى.

8. اتباع الهوى مانع من إقامة العدل.

9. النهي عن التحريف في الشهادة.

10. تحريم الإعراض عن أداء الشهادة.

11. شهادة الإنسان على والديه وأقاربه مقبولة.

12. شهادة الإنسان على والديه لا تنافي برهما.

13. شهادة الإنسان على أقاربه لا تنافي صلة الرحم.

14. علم الله المحيط الذي لا تخفى عليه خافية.

 

-----

1- المغني في القراءات العشر 1/421

2- تيسير الكريم الرحمن/172

3- الكشاف 1/304

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply