بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير الآية 124 من سورة طه {وَ مَن أَعرَضَ عَن ذِكرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشّةً ضَنكًا..}
سُـئِل الشيخ العلامة صالح الفوزان - حفظه الله - تعالى -:
ما معنى قوله - تعالى -{وَمَن أعرَضَ عن ذكري فإنَّ له معيشةً ضنكًا و نحشُرُهُ يومَ القِيَامةِ أعمى} [طه: 124]. ما معنى تفسير هذه الآية؟
فأجاب: يقول الله - سبحانه وتعالى-: {فإما يأتينَّكم منِّي هُدًى فمن اتَّبع هُداي فلا يضل و لا يشقى [123] وَمَن أعرَضَ عن ذكري فإنَّ له معيشةً ضنكًا و نحشُرُهُ يومَ القِيَامةِ أعمى[124]}.
في الآيتين الكريمتين أن من اتبع القرآن و عمل به فإن الله - سبحانه وتعالى - تكفل له بأن لا يضل في الدنيا و لا يشقى في الآخرة. و في الآية الثانية أن من أعرض عن القرآن و لم يعمل به فإن الله جل و علا يعاقبه بعقوبتين:
الأولـى: أنه يكون في معيشة ضنكاً و قد فسر ذلك بعذاب القبر، و أنه يعذب في قبره، و قد يراد به المعيشة في الحياة الدنيا و في القبر أيضا فالآية عامة.
والحاصل: أن الله توعده بأن يعيش عيشةً سيئةً مليئةً بالمخـاطر و المكـاره و المشاق جزاءً له على إعراضه عن كتاب الله جل و علا، لأنه ترك الهدى فوقع في الضلال و وقع في الحرج.
والعقوبة الثـانية: أن الله جل و علا يحشره يوم القيامة أعمى، لأنه عمي عن كتاب الله في الدنيا فعاقبه الله بالعمى في الآخرة، قال {قال رب لِمَ حشرتني أعمى و قد كنتُ بصيراً [125] قال كَذَلِكَ أَتَتكَ آيَاتُنا فنَسيتَهاَ و كَذَلِكَ اليَومَ تُنسَى [126]}[طه]، فإذا عمي عن كتاب الله في الدنيا بأن لم يلتفت إليه و لم ينظر فيه و لم يعمل به، فإنه يحشر يوم القيامة على هذه الصورة البشعة و العياذ بالله. و هذا كقوله - تعالى -{و من يَعشُ عن ذكر الرحمن نُقيِّض لَهُ شيطاناً فهو له قرين[36] و إنَّهم ليصدٌّنَهم عن السبيل ويحسبون أنَّهم مهتدون[37] حتى إذا جاءنا قال يا ليتَ بيني و بَينَكَ بُعدَ المشرقين فبئسَ القرين[38] و لن ينفعَكم اليومَ إذ ظلَمتُم أنكم في العذاب مُشتَركين[39] أفأنتَ تُسمعُ الصٌّمَّ أو تهدي العُميَ و مَن كَانَ في ضَلالٍ, مُبين[40]}[الزخرف].
فالحـاصل: أن الله جل و علا توعد من أعرض عن كتابه و لم يعمل به في الحياة الدنيا بأن يعاقبه عقوبة عاجلةً في حياته في الدنيا و عقوبة آجلة في القبر و العياذ بالله و في المحشر، و الله - تعالى -أعلم. [المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان: ج2/59]
المنتقى من فتاوى الشيخ الفوزان .
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد