بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله - تعالى -:\"وما كان لمؤمنٍ, ولا مؤمنةٍ, إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً\".
هذه الآية من آيات البلاء والامتحان والتمحيص، تضع المؤمن على المحك الحقيقي لإيمانه ليتميز الصادق من الدعي، والكيّس من العاجز... يا لها من آية عظيمة تكشف حقيقة الإيمان عندما يصطدم أمر الشرع مع هوى النفس وعندما يكون أمر الله ورسوله في كفة وحظوظ النفس وشهواتها في كفة.
كلنا نحب الإسلام... وكلنا نحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -... وكلنا نطمع في رضوان الله وجنته... وكلنا يتمنى أن يكون مؤمناً صادق الإيمان. ولكن هل المسألة بالتمني والادعاء أم بالعمل والإخلاص، هل نريد الإيمان بلا عمل ونرجوه بلا ثمن؟! ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله هي الجنة.
أخي الكريم: إنها أية تستحق منا التوقف عندها وتأمل كلماتها واستيعاب مدلولاتها ثم مقارنتها بالواقع الذي نحياه والنهج الذي نعيشه. إن هذه الآية تحمل معنى الإسلام ألا وهو الاستسلام لله والانقياد له والخضوع له بالطاعة. فهو استسلام وانقياد وخضوع ولا مجال فيه للاختيار بين قبول ورفض ولا بين أخذ ورد. إذا جاء أمر الله ورسوله في مسألة من المسائل فليس غير السمع والطاعة. لا اعتبار وقتها لهوى النفس ولا لعادات المجتمع ولا لأي اعتبار آخر، هذا هو معنى الاستسلام لله والانقياد له أما إذا تخيرنا من شرع الله ما يوافق أهواءنا ورغباتنا وعاداتنا وجئنا به على أنه دين خالص لله وفي نفس الوقت تركنا ما يخالف أهواءنا وعاداتنا وتقاليدنا بحجج واهية وأعذار ملفقة فذلك هي الخيرة التي لم يرتضيها لنا ربنا - سبحانه و تعالى - بنص الآية الكريمة.
إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المبلغ عن ربه - تبارك و تعالى - كما أمرنا بالصلاة والصيام والزكاة أمرنا بغض البصر وحفظ الفرج وصلاة الجماعة وطاعة الوالدين وصلة الأرحام وإرخاء اللحى وحجاب النساء ونهانا عن الغيبة والنميمة وأكل الربا والإسبال وأذى الجار وسماع الغناء وغيرها من الأوامر والنواهي مما لا يخفى على مسلم ولا مسلمة. فليقف أخي الكريم كل منا مع نفسه وقفة محاسبة في ساعة صدق مع النفس وليسأل نفسه: هل أنا ممن يأخذ من دين الله ما يوافق هواه ويترك ماعدا ذلك؟ فمن وجد خيراً فليحمد الله وليسأله الثبات ومن وجد غير ذلك فليثب إلى رشده وليقصر نفسه على الحق قسراً. فالأمر جد لا هزل فيه وحق لا مراء فيه. والموعد: يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، والموعود: جنة نعيم أو عذاب مقيم. اللهم إنا نسألك عملاً صالحاً ونية صادقة وقلباً خاشعاً ولساناً ذاكراً وعلماً نافعاً، اللهم إنا نسألك الإخلاص في القول والعمل وحسن القصد والتوكل وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد