المقدمــة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا... أما بعـــد:
فقد أوجب الله سبحانه وتعالى لأهل بيت نبيه صلى الله عليه وسلم حقوقًا، وخصهم بفضائل، وقد ظهر الفرق جليًا بين أهل السنة وبين مخالفيهم في تلقيهم لهذه الحقوق والفضائل، فأهل السنة أقروا بها وقاموا بها دون أي غلو أو تفريط، أما مخالفوهم فقد كانوا على طرفي نقيض في هذا، فمنهم من زاد على هذه الحقوق أشياء حتى بلغ بأصحابها منزلة رب العالمين، ومنهم من تركها واعترض عليها، حتى جعل أصحابها في منزلة الظالمين الكافرين.
فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا على بيان هذه الحقوق وأدائها على وجهها الذي أمر به وأمر به نبيه صلوات الله وسلامه عليه.
* * *
التعريف اللغوي
- يقال: أهل الرجل زوجه، والتأهل التزويج، قاله الخليل(1).
وأهل البيت سكانه، وأهل الإسلام من يدين به(2).
- أما الآل: فجاء في معجم مقاييس اللغة قوله: «آل الرجل أهل بيته»(3).
- وقال ابن منظور: «وآل الرجل أهله، وآل الله وآل رسوله أولياؤه، أصلها (أهل) ثم أُبدلت الهاء همزة، فصار في التقدير (أأل)، فلما توالت الهمزتان أبدلوا الثانية ألفًا»(4).
وهو لا يضاف إلا فيما فيه شرف غالبًا، فلا يقال: آل الحائك خلافًا لأهل، فيقال: أهل الحائك.
وبيت الرجل داره وقصره وشرفه(5)، وإذا قيل: البيت انصرف إلى بيت الله الكعبةº لأن قلوب المؤمنين تهفو إليه والنفوس تسكن فيه، وهو القبلة، وإذا قيل: أهل البيت، في الجاهلية، نصرف إلى سكانه من قريش خاصة، وبعد الإسلام إذا قيل: أهل البيت، فالمراد آل رسول الله صلى الله عليه وسلم(6).
* * *
التعريف الاصطلاحي
اختلف العلماء في تحديد آل النبي صلى الله عليه وسلم على أقوال أشهرها:
القول الأول: هم الذين حرِّمت عليهم الصدقة، وبه قال الجمهور.
القول الثاني: هم ذرية النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه خاصة، اختاره ابن العربي(7) وانتصر له، ومن القائلين بهذا القول مَن أخرج زوجاته.
القول الثالث: آل النبي صلى الله عليه وسلم هم أتباعه إلى يوم القيامة، واختاره الإمام النووي من الشافعية(8) والمرداوي من الحنابلة(9).
القول الرابع: هم الأتقياء من أمته.
والراجح من هذه الأقوال هو القول الأول.
مسألة: من هم الذين حُرِّمت عليهم الصدقة؟
الجواب: هم بنو هاشم وبنو المطلب، وهذا هو الراجحº لقول النبي ص: (إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد) (10)، ومن العلماء من قَصَرَ التحريم على بني هاشم فقط دون بني المطلب.
المصادر:
(1) انظر: كتاب العين (4/89).
(2) انظر: الصحاح (4/1628)، ولسان العرب (11/28).
(3) معجم مقاييس اللغة (1/161).
(4) لسان العرب (11/31)، ونحوه عن الأصفهاني في المفردات في غريب القرآن (ص:30).
(5) انظر: النهاية لابن الأثير (1/170).
(6) انظر: المفردات في غريب القرآن (ص:29). وقد أطال شيخ الإسلام
ابن القيم / الكلام في هذا في مصنفه الخاص بهذا الشأن (جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على محمد خير الأنام) فارجع إليه وإلى مقدمة المحقق، فقد ذكر الكتب التي صنفت في هذا الموضوع، وهذا يدلك على اهتمام علماء السنة بهذا.
(7) انظر: أحكام القرآن (3/623).
(8) انظر: شرح صحيح مسلم (4/368).
(9) انظر: الإنصاف (2/79).
(10) صحيح البخاري (ح:3311).
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد