الرد على الشبهة:
الحق أن الصلاة على محمد (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ) من ربه ومن المؤمنين ليست دليل حاجة بل هي مظهر تكريم واعتزاز وتقديرٌ له من الحق سبحانه وتقدير له من أتباعه ، وليست كما يزعم الظالمون لسد حاجته عند ربه لأن ربه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. لأن أي مقارنة منصفة بين ما كان عليه (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ) وبين غيره من أنبياء الله ورسله ترتفع به ليس فقط إلى مقام العصمة º بل إلى مقام الكمال الذي أتم به الله الرِّسالات ، وأتم به التنزيل ، وأتم به النعمة ، فلم تعد البشرية بعد رسالته (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ) بحاجة إلى رسل ورسالات. لذلك فإن رسالته (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ) وهى الخاتمة والكاملة حملت كل احتياجات البشرية وما يلزمها من تشريعات ونظم ومعاملات وما ينبغي أن تكون عليه من أخلاق وحضارة مما افتقدت مثل كماله كل الرسالات السابقة. وحسب رسالة محمد (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ) أنها جاءت رحمة عامة للبشرية كلها كما قال القرآن: { وَمَا أَرسَلنَاكَ إِلَّا رَحمَةً لِّلعَالَمِينَ } الأنبياء: 107. يقول ابن عباس (رَضِيَ اللهُ عَنهُ) فإن الله تعالى بعث محمدا صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ رحمة للعالمين ونعمة للناس فمن قبلها وقام بشكرها دخل الجنة ومن ردها وكفرها دخل النار. تفسير ابن كثير(2/539) فلم تكن كما جاء ما قبلها رسالة خاصة بقوم رسولهم كما قال تعالى: { وَإِلَى عَادٍ, أَخَاهُم هُوداً قَالَ يَا قَومِ اعبُدُوا اللّهَ مَا لَكُم مِّن إِلَهٍ, غَيرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } الأعراف: 65. { وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُم صَالِحًا قَالَ يَا قَومِ اعبُدُوا اللّهَ مَا لَكُم مِّن إِلَهٍ, غَيرُهُ قَد جَاءتكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُم هَذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُم آيَةً فَذَرُوهَا تَأكُل فِي أَرضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسٌّوهَا بِسُوَءٍ, فَيَأخُذَكُم عَذَابٌ أَلِيمٌ} الأعراف: 72. { وَإِلَى مَديَنَ أَخَاهُم شُعَيبًا فَقَالَ يَا قَومِ اعبُدُوا اللَّهَ وَارجُوا اليَومَ الآخِرَ وَلَا تَعثَوا فِي الأَرضِ مُفسِدِينَ } الأعراف: 85. وهكذا كل رسول كان مرسلاً إلى قومه..كانت رسالة محمد (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ) إلى العالمين وإلى الناس كافة كما جاء في قوله تعالى:{ وَمَا أَرسَلنَاكَ إِلَّا رَحمَةً لِّلعَالَمِينَ } الأنبياء: 107، { وَمَا أَرسَلنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكثَرَ النَّاسِ لَا يَعلَمُونَ} سبأ: 28. يقول القرطبي –رحمه الله- في تفسيره: أي وما أرسلناك إلا للناس كافة أي عامة ففي الكلام تقديم وتأخير وقال الزجاج أي وما أرسلناك إلا جامعا للناس بالإنذار والإبلاغ والكافة بمعنى الجامع وقيل معناه كافا للناس تكفهم عما هم فيه من الكفر وتدعوهم إلى الإسلام والهاء للمبالغة وقيل أي إلا ذا كافة أي ذا منع للناس من أن يشذوا عن تبليغك أو ذا منع لهم من الكفر ومنه. تفسير القرطبي(14/300) . ورسالة محمد (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ) كانت فوق كونها عالمية فقد كانت هي الخاتمة والكاملة التي ـ كما أشرنا ـ تفي باحتياجات البشر جميعاً وتقوم بتقنين وتنظيم شئونهم المادية والمعنوية عبر الزمان والمكان بكل ما فيه خيرهم في الدنيا والآخرة. وفى هذا قال الله تعالى: { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ, مِّن رِّجَالِكُم وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبيّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيءٍ, عَلِيمًا} الأحزاب: 40. وقال في وصفه لإكمال الدين برسالة محمد (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ) (الإسلام): { اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسلاَمَ دِينًا } (3). إن عموم رسالة محمد إلى العالمين ، وباعتبارها الرسالة الكاملة والخاتمة º يعنى امتداد دورها واستمرار وجودها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها مصداقاً لقوله تعالى: { هُوَ الَّذِي أَرسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ المُشرِكُونَ} التوبة: 33 ـ الفتح: 28 ـ والصف: 9.
أهم المصادر والمراجع:
1. تفسير القرطبي (14/300)
2. تفسير ابن كثير(2/539)
3. موقع اللجنة العالمية لنصرة .
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد