ومن نفسي يا رسـول الله


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 





نعم أفدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسي ووالدي وولدي والناس أجمعين، وهذه ليست صيحتي ولكنها صيحة كل مسلم فيه روح وقلب ينبض، وأذكر هنا خبرين:

الأول ما رواه مسلم ( 1789) عن أنس بن مالك - رضي الله عته - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش ( فأين المليار مسلم اليوم)، فلما رهقوه ( أي كادوا يدركوه) قال - صلى الله عليه وسلم -: ( مَن يردهم عنا وله الجنة، أو هو رفيقي في الجنة!!) فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل، ثم رهقوه أيضاً فقال - صلى الله عليه وسلم -: ( مَن يردهم عنا وله الجنة، أو هو رفيقي في الجنة!!) فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل، فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \" ما أنصفنا أصحابنا \".

الثاني يوم أحد أيضاً قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ( مَن رجلٌ ينظر لي ما فعل سعد بن الربيع؟) فقال رجل من الأنصار: أنا، فخرج يطوف في القتلى حتى وجد سعداً جريحاً مُثبتاً لا يتحركº بآخر رمق، فقال: يا سعد إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرني أن أنظر في الأحياء أنت أم من الأموات؟ قال: فإني في الأموات، فأبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السلام، وقل: إن سعداً يقول: جزاك الله عني خير ما جزى نبياً عن أمته، وأبلغ قومك مني السلام، وقل لهم: إن سعداً يقول لكم: إنه لا عذر لكم عند الله إن خُلِصَ إلى نبيكم وفيكم عين تطرف.

فإلى الألف مليون مسلم سؤال: مَن يرد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو رفيقه في الجنة؟!!

وإلى الألف مليون مسلم وصية سعد - رضي الله عنه -: \"لا عذر لكم عند الله إن خُلِصَ إلى نبيكم وفيكم عين تطرف!!\"

فليوجه كل منكم سهامه ليدافع بها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،وبلغوا صياحكم ودعمكم إلى كل الميادين.

ولشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - مرجعاً ومصنفاً في الدفاع عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سماه \"الصارم المسلول\" قال في مقدمته: الحمد لله الهادي النصير، فنعم النصير ونعم الهادي الذي يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، ويبين له سبل الرشاد كما هدى الذين آمنوا لما اختلف فيه من الحق، وجمع لهم الهدى والسداد، والذي ينصر رسله والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد كما وعده في كتابه، وهو الصادق الذي لا يخلف الميعاد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تقيم وجه صاحبها للدين حنيفة، وتبرئه من الإلحاد، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أفضل المرسلين، وأكرم العبادº أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره أهل الشرك والعناد، ورفع له ذكره فلا يذكره إلا ذكر معه كما في الأذان والتشهد، والخطب والمجامع والأعياد، وكبت محاده، وأهلك مشاقه، وكفاه المستهزئين به ذوي الأحقاد، وبتر شانئه، ولعن مؤذيه في الدنيا والآخرة، وجعل هوانه بالمرصاد، واختصه على إخوانه المرسلين بخصائص تفوق التعدادº فله الوسيلة والفضيلة والمقام المحمود، ولواء الحمد الذي تحته كل حمَّاد، وعلى آله أفضل الصلوات وأعلاها وأكملها وأنماها كما يحب - سبحانه - أن يصلى عليه، وكما أمر، وكما ينبغي أن يصلى على سيد البشر، والسلام على النبي ورحمة الله وبركاته أفضل تحية وأحسنها، وأولاها وأبركها، وأطيبها وأزكاها صلاة وسلاماً دائمين إلى يوم التناد، باقيين بعد ذلك أبداً رزقاً من الله ما له من نفاد، أما بعد: فإن الله - تعالى- هدانا بنبيه محمد، وأخرجنا به من الظلمات إلى النور، وأتانا ببركة رسالته، ويُمن سفارته خير الدنيا والآخرة، وكان من ربه بالمنزلة العليا التي تقاصرت العقول والألسنة عن معرفتها ونعتها، وصارت غايتها من ذلك بعد التناهي في العلم والبيان الرجوع إلى عيها وصمتها، فاقتضاني لحادث حدث أدنى ما له من الحق عليناº بل له ما أوجب الله من تعزيره ونصره بكل طريق، وإيثاره بالنفس والمال في كل موطن، وحفظه وحمايته من كل مؤذي، وإن كان الله قد أغنى رسوله عن نصر الخلق، ولكن ليبلوا بعضكم ببعض، وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب، ليحق الجزاء على الأعمال كما سبق في أم الكتاب أن أذكر ما شرع من العقوبة لمن سب النبي - صلى الله عليه وسلم - من مسلم وكافر، وتوابع ذلك ذكراً يتضمن الحكم والدليل، ونقل ما حضرني في ذلك من الأقاويل، وإرداف القول بحظه من التعليل، وبيان ما يجب أن يكون عليه التعويل، فأما ما يقدره الله عليه من العقوبات فلا يكاد يأتي عليه التفصيل، وإنما المقصد هنا بيان الحكم الشرعي الذي يفتى به المفتي، ويقضي به القاضي، ويجب على كل واحد من الأئمة والأمة القيام بما أمكن منه، والله هو الهادي إلى سواء السبيل.

وفي خاتمة الكتاب أوصى المحقق بجملة مقترحات منها:

أولاً: لقد ظهر في هذا الزمان أمور هي من قواسم الظهور من لعن الدين، وسب رسول رب العالمين، والمجاهرة بذلك على رؤوس الملأ أجمعين بلا رادع ولا وازع من خلق أو دين، وما ذلك إلا لأسباب منها الجهل المزري الذي وقع فيه كثير من الناس في معرفة حكم ساب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحدِّه الشرعي، ومنها عدم تنفيذ الحدود على الشاتمين والمرتدين حتى ظهر أولئك الزنادقة الذين جاهروا بالاستهزاء والسب على مرأى ومسمع من الناس أجمعين.

ثانياً: نظراً لجهل الكثير من المنتسبين إلى الإسلام بهذا الحكم والحد الشرعي فإننا نقترح أن تقوم الجهات المسؤولة بجعل هذا الكتاب الصارم المسلول على شاتم الرسول كمرجع في المرحلة الجامعية، أو يلخص ويكون ضمن المناهج في إحدى المراحل الدراسية لكي يدرك الطلاب هذا الأمر إدراكاً صحيحاً، وينتشر بين الناس معرفة حكم الساب وحدِّه الشرعي.

ثالثاً: حيث إن هذا الموضوع مهم جداً وأهميته لا تخفى على ذي مسكة في عقله في مشارق الأرض ومغاربها فحبذا لو يترجم هذا الكتاب وغيره من كتب شيخ الإسلام القيِّمة إلى اللغات الأخرى، ليعم النفع بها - بإذن الله تعالى - فما أحوج الناس اليوم إلى إدراك حقيقة هذا الأمر الخطير.

رابعاً: أن من الواجب على القادرين من المسلمين أن يعنوا عناية جادة بأمر سب نبينا - صلى الله عليه وسلم -، أو الاستهزاء بشئٍ, من الدين، وأن ينشروا بين الناس الوعي الصحيح، والإدراك السليم لهذا الأمر الخطير بمختلف الوسائل الدعوية، وأن تنشر مثل هذه المؤلفات القيمة لأئمتنا الكرام - رحمهم الله تعالى - بعد تحقيقها وتصحيحها بدقة كاملة حتى لا نسمع ولا نسمح بشيءٍ, فيه أذى الله ورسوله وعباده المؤمنين.

خامساً: أن السب كفر في الظاهر والباطن، سواء اعتقد فاعله أنه حرام أم كان مستحلاً له، وأن شاتم الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقتل بكل حال عند الحنابلة سواء كان مسلماً أو كافراً ولا يستتاب، ولا تقبل له توبة، وأن سب الذمي للرسول - صلى الله عليه وسلم - ينقض العهد، ويوجب القتل، ولا تقبل له توبة، والمشهور في مذهب الإمام مالك قتل الساب بدون استتابة، وحكمه حكم الزنديق إذا كان مسلماً، وإذا كان ذمياً فأسلم ففيه روايتان في الأولى: لا يقتل، وفي الثانية: يقتل، ومذهب جمهور الشافعية أن الساب كالمرتد إذا تاب سقط عنه القتل، وذهب أبو بكر الفارسي إلى أنه لا يسقط عنه القتل بالتوبة، وعند الصيدلاني إذا سب بالقذف ثم تاب سقط عنه القتل، وجلد ثمانين للقذف، وعند الأحناف إن الساب كالمرتد في سائر أحكام الردة.

سادساً: أن حقيقة السب هو الكلام الذي يقصد به الانتقاص والاستخفاف، وهو ما يفهم عنه السب في عقول الناس.

سابعاً: أن الحكم في سب سائر الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - كالحكم في سب نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -.

نسأل الله الصدق في القول، والإخلاص في العمل، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام دائماً وأبداً على أشرف المرسلين.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply