بسم الله الرحمن الرحيم
* تعريف الشفاعة:
الشفاعة في اللغة من الشفع، وهو ضد الوترº لأن المشفوع له صار شِفعاً بالشفع.
وتعريفها عرفاً وشرعاً هو:
1- سؤال الشافع الخيرَ لغيره.
2- أو: توسط الشافع لغيره بجلب نفع أو دفع ضره، أو رفعه.
3- أو: هي السؤال في التجاوز عن الذنوب والجرائم.
* أقسام الناس في الشفاعة:
الناس في الشفاعة على ثلاثة أقسام:
1- قسم غلا في إثباتها: وهم النصارى، والمشركون، وغلاة الصوفية، والقبوريونº حيث جعلوا شفاعة من يعظمونه عند الله يوم القيامة كشفاعته في الدنياº حيث اعتقدوا أن هؤلاء المعظمين يشفعون استقلالاً.
2- قسم أنكر الشفاعة: كالمعتزلة والخوارجº حيث أنكروا شفاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وغيره لأهل الكبائر، وقصروا الشفاعة على التائبين من المؤمنين، لأن إثبات الشفاعة للفساق ينافي مبدأ الوعيد في مذهبهم الباطلº فهم يرون وجوب إنفاذ الوعيد لمن استحقه، ولا يرون الشفاعة له لا من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا من غيره.
3- قسم توسط: وهم أهل السنة والجماعةº فلم ينفوا كل شفاعة، ولم يثبتوا كل شفاعة.
بل أثبتوا من الشفاعة ما دلَّ عليه الدليل من الكتاب والسنة، ونفوا منها ما نفاه الدليلº فالشفاعة المثبتة عندهم هي التي تطلب من الله - عز وجل - وهي التي تكون للموحدين بعد إذن الله للشافع ورضاه عن المشفوع لهº فلا تطلب من غير الله، ولا تكون إلا بعد إذنه ورضاه.
فهذه الشفاعة يثبتها أهل السنة بأنواعها، بما في ذلك الشفاعة لأهل الكبائر.
أما الشفاعة المنفية عند أهل السنة فهي التي نفاها الشرع، وهي التي تطلب من غير الله استقلالاً، ولم تتوافر فيها شروط الشفاعة.
\"نوعا الشفاعة\"من خلال ما مضى يتبين لنا أن الشفاعة نوعان:
1- مثبتة: وهي التي توافرت فيها شروط الشفاعة.
2- منفية: وهي التي لم تتوافر فيها تلك الشروط.
\"شروط الشفاعة\" للشفاعة المثبتة شرطان: وهما:
1- إذن الله للشافع، قال - تعالى -: (مَن ذَا الَّذِي يَشفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذنِهِ) [البقرة: 255].
2- رضاه عن المشفوع له: قال الله - تعالى -: (وَلا يَشفَعُونَ إِلاَّ لِمَن ارتَضَى) [الأنبياء: 28]. وبعضهم يزيد شرطين وهما:
3- قدرة الشافع على الشفاعة، كما قال - تعالى - في حق الشافع الذي يُطلب منه: (وَلا يَملِكُ الَّذِينَ يَدعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَن شَهِدَ بِالحَقِّ وَهُم يَعلَمُونَ) [الزخرف: 86].
فعُلم أن طلبها من الأموات طلب ممن لا يملكها.
4- إسلام المشفوع له، قال - تعالى -: (مَا لِلظَّالِمِينَ مِن حَمِيمٍ, وَلا شَفِيعٍ, يُطَاعُ) [غافر: 18]. والمراد بالظالمين هنا: الكافرون، ويستثنى منهم أبو طالب.
وهذان الشرطان ـ في الحقيقة ـ يدخلان في الشرطين الأولينº فلا يَقدِر على الشفاعة إلا من أذن له الله، ولا يُشفع إلا لمسلم.
*\"أنواع الشفاعة المثبتة\"
قال الله - تعالى -: (قُل لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً) [الزمر: 44].
فهذه الآية تدل على أن للشفاعة أنواعاً متعددة، وفيما يلي ذكر لتلك الأنواع:
1- الشفاعة الكبرى التي يتأخر عنها أولو العزم من الرسل، حتى تنتهي إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيقول:\"أنا لها\"، حين تهرع الخلائق إلى الأنبياء، ليشفعوا لهم عند ربهمº ليريحهم من مقامهم في الموقف، ويقضي بينهم.
وهذه الشفاعة خاصة بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
2- شفاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأهل الجنة بدخولها، وهذه ـ أيضاً ـ خاصة بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
3- شفاعة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لعمه أبي طالب بأن يخفف عنه من عذاب النار، وهذه خاصة بالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
4- الشفاعة لقوم من العصاة من أمة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد استوجبوا النار، فيشفع لهم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ألا يدخلوها.
وهذه للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولغيره من الملائكة، والمؤمنين.
5- الشفاعة للعصاة من أهل التوحيد الذين يدخلون النار بذنوبهم بأن يخرجوا منها، وهذه للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وغيره.
6- الشفاعة لقوم من أهل الجنة في زيادة ثوابهم، ورفع درجاتهم. وهذه للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وغيره.
7- شفاعة الإفراط لوالديهم المؤمنين.
8- شفاعة الشهداء لذويهم من المؤمنين.
9- شفاعة المؤمنين بعضهم لبعض.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد