البراهين الموضحات لكشف الشبهات


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 





1 قالَ محمدُ المسمَّى الطَّيِّبا *** السلفيٌّ نِحلةً ومذهبا

2 الحمدُ لله الكريمُ إِذ كَشَف *** عنا سحابَ الجَهل فضلاً فانكَشَف

3 وعَلَّمَ التَّوحيدَ والقرآنا *** أَنزلَهُ مفصَّلاً تِبيانا

4 ثمَّ صلاتُه على مَن قد حَما *** جوانِبَ التَّوحيدِ أَعظمَ حما

5 والمستجيبين له من صحبِهِ *** وآلِه والمنتمي بحبِّهِ

6 هذا وكَشفُ الشٌّبُهات أَلَّفَه *** إِمامُ وقتِهِ الصحيحُ المعرفة

7 محمدُ بن عابد الوهَّابِ *** مجدِّدُ الدين بلا ارتيابِ

8 فجا كِتاباً حَجمُهُ صغيرُ *** لكِنَّهُ في علمِهِ كبيرُ

9 وَقَد أَشارَ الشيخُ عبدُ اللهِ *** سليلُهُ ابنُ الحسن الأَوَّاهِ

10 رأس قُضاةِ الوقتِ في الحِجازِ *** بِنَظمِهِ في قالَبِ الإِيجازِ

11 فصغتُهُ بمقتضى الإِشارة *** نظماً بديعاً واضح العبارة

12 فقلتُ باسم اللهِ مستعيناً *** إِذ هُوَ حسبي وكفى مُعينا



(بيان أن الدعوة إلى إفراد الله بالعبادة هي دين الرسل)

13 إِفرادُ ربِّ العرشِ بالعبادةِ *** دينُ الكرامِ المرسلينَ القادةِ

14 أَرسَلَهم لِيُعلموا عباده *** أَن يُفرِدوهُ جَلَّ بالعبَاده

15 وَذلِكَ التوحيدُ لاَ يَنجو أَحد *** بِغَيرِه من العذابِ والنَّكد

16 أَوَّلهم نُوحٌ أَتى لمن غَلَوا *** في الصالحينَ والكفورِ قَد أَتَوا

17 وُداً سواعاً ويَعوقَ نَسرا *** من قد أَضَلٌّوا في الأَنامِ كَثرا

18 وَخَيرُهُم آخِرُهُم محمدُ *** وكلٌّهم بالمعجزاتِ أُيِّدوا

19 نَبيٌّنا هو الذَّي قَد كَسَّرا *** لهؤُلاءِ الصَّالحينَ صُوَرا

20 أَتَى لِقَومٍ, يَتعبدونَ *** بالصومِ والكعبةِ يَقصدونَ

21 وَيَتَقَربونَ بالإِنفاق *** في سَبُلِ الخَيراتِ والإِعتاقِ

22 ويَذكُرونَ الله لكن جَعَلوا *** وسائِطاً إِليهمُ تَبتَسِلُ

23 بَينَهُم وبينَ خالِقِ السَّما *** كمَثلِ عيسىَ وَعُزَيزِ مَريما

24 فَجاءَهم نَبيٌّنا محمدُ *** لِدينِ إِبراهيمَ قَد يجدِّدُ

25 يُخبِرُ أَنَّ الإعتِقادَ والقُرب *** حَقُّ لِخالِق السَّماءِ والتٌّرَب

26 لَيسَت لمَرسَلٍ, نبيٍّ, لاَ ولاَ *** لَمَلكٍ, مُقَرَّبٍ, نالَ العلاَ

27 مع عِلمِهم بأَنَّهُ لاَ يَخلُقُ *** إِلا الإِلهُ وكذا لاَ يَرزُقُ

28 سِواهُ لا يُحيي ولا يُميتُ *** سِواهُ جَلَّ مَن هو المُميتُ

29 وأَنَّهم عَبيدُه قد صُرِّفوا *** فيما أَرادهُ وَلاَ يَنحَرِفوا

30 دليلُنا في سورةِ الفلاَح *** وَيُوُنُس المعروفُ بالصَّلاح

31 إِذا علِمتَ أَنَّهم أَقَرٌّوا *** بِذا ولَم يَنفَعُهُم إِذا فَرَّوا

32 عمّا دعاهُم إِليه أَحمدُ *** صَلَّى عليهِ ذو الجلال ِالصمَّدُ

33 عَلِمتَ باليقينِ أَن ما جَحَد *** المشركونَ هو توحيدُ الأَحَد

34 بِحَقِّه من العباداتِ وقَد *** سماهُ مُشركو الزَمانِ المعتقَد

35 كَدأبِهِم في كَونِهِم يدعونَ *** الله دأباً ثُم يُشركونَ

36 بدعوةِ الأَملاكِ للصَّلاحِ *** وقُربِهِم مِن خالقِ الأَشباحِ

37 وبِدُعاءِ مُرسلٍ, كَعيسى *** أَو مَريم فبئسَ فِعلاً بِيسا

38 وَمِنهُمُ داعي أُولي الصَّلاحِ *** كالَّلاتِ يا لَذا من الجناحِ

39 في سُورةِ الجِنِّ معاً والرَّعدِ *** دَليلُنا فاقرأ تَفُز بالقَصدِ



(بيان أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قاتل الكفار ليكون الدين كله لله)

40 ثُم عَرَفتَ أَنَّ خَيرَ الخَلقِ *** قاتَهَلُم لِرَدِّهِم للحَقِّ

41 وليكونَ واصِباً للهِ *** الدينُ كُلٌّه بِلاَ اشتباهِ

42 مِنَ الدٌّعا والنَّذرِ واستغاثةِ *** والذَّبحُ والخَوفُ والإستعانةِ

43 ورغبةٍ, ورهبةٍ, وذبحِ *** وكلَّها مِن غيرِ رَبِّي نَحِّ



(بيان أن قتال الرسول - صلى الله عليه وسلم - للمشركين بعدم إقرارهم بتوحيد الألوهية مع إقرارهم بتوحيد الربوبية)

44 كَدَأبِهِم في كَونِهِم يَدعونَ *** الله دأباً ثُمَّ يُشرِكونَ

45 بِدعوةِ الأَملاكِ للصَّلاحِ *** وقُربِهِم مِن خالِقِ الأَشباحِ

46 إِذا عَرَفتَ أَنَّهم فاهو بما *** مِنَ الرٌّبُوبِيةِ للهِ انتَمى

47 ولم يَكُن يُدخِلُ في الإِسلامِ *** وأَنَّ قَصدَهُم إِلى الكرامِ

48 مِنَ الملاَئِكِ والأولياءِ *** قَصدٌ إِلى الشَّفاعةِ العَلياءِ

49 هو الذي أَحلَّ منهُمُ الدِّما *** والمالَ بان أَنَّ أحمدٌ سَما

50 إِلى دُعائِهم إِلى التَّوحيدِ *** ومالَ أَهلُ الشِّركِ للجُحودِ

51 وهو معنى لاَ إِلهَ إِلاَّ *** الله عَزَّ رَبٌّنا وَجَلاَّ

52 إِذ الإِله عِندَهُم من يُقصَدُ *** لأَجلِ ذي الأُمورِ مهما يُوجَد

53 نَبيًّا أَو مَلَكاً أَو وَليّاً *** أَو شجراً أَو قَبراً أَو جِنِّياً

54 ما فَسَّروا الإِله بالرزاقِ *** وَلاَ المُدبِّرِ وَلاَ الخلاَّقِ

55 بل يَعلَمون كَون ذي الأَوصافِ *** للهِ جلَّ الله ذو الأَلطافِ

56 بل إِنَّما يَعنونَ بالإِلهِ ما *** يَريدُ بالسَّيِّدِ أَربابُ العَما

57 فجاءَهمُ النبي يَدعوهم إِلى *** كَلِمةِ التَّوحيدِ نعم عَمَلا

58 وَهِيَ لا إِلهَ إِلا الله *** محمدٌ أَرسَلَهُ الإِلهُ



(بيان مراد النبي - صلى الله عليه وسلم - بلا إله إلا الله)

59 لكنَّما المرادَ من ذي الكلمة *** مَدلولُها لاَ لَفظُها لتَفهمه

60 وجُهَّلُ الكُفارِ يَعلمونَ ما *** أَرادَهُ بها النبيٌّ المُعتَمى

61 إِفرادُ ربِّ العَرشِ بالتَّعليقِ *** والحبِّ والخُضوعِ بالتَّحقيق

62 والكفرُ بالطاغوتِ وهو ما عُبِد *** من دُونه مع البَراءِ للأَبد

63 فإِنَّه لمَّا دَعَا بالقَولِ *** بها قُريشاً قابلوا بالجَهلِ

64 وَعجبوا منه فقالوا أَجَعَل *** الآيةَ اتلُ تَعجَبَن مِمَّن جَفل

(بيان المشركين الأولين أعلم بمعنى لا إله إلا الله)

65 من بعضِ مَن يَنسَب إِلى العِلمِ *** في زمننا فَضلاً عن العوامِ

66 إِذا عرَفتَ أَنَّهم قَد عَرَفوا *** مرادهَ فاعجب لِمَن قَد يُعرَفَ

67 بِسِمَةِ الإِسلامِ وهو يَجهَلُ *** ما عَرَفَ الكفارُ بل يُؤَّوَّلُ

68 ظَنّاً بأَنَّ المقصدَ النٌّطقَ بما *** فيها من الحروفِ فانظر ذا العمى

69 مِن غيرِ عَقدِ القَلبِ من معناهُ *** شَيئاً وذو الحِذقَ الذي يَراهُ

70 بأَنَّهُ لا يَخلُقُ الخَلقَ وَلاَ *** يَرزقُ إِلا الله - جل وعلا -

71 من كان أَهلُ الكُفرِ أَعلَمَ بِذا *** منه فلا خَيرَ به فلينبذا



(بيان جهل كثير من الناس بما أتت به الرسل من الدين)

72 إِذا عَرَفتَ ما ذَكَرتُ مَعرِفَه *** حَقيقَةُ القصَدِ بِها مُنكَشفَه

73 ثُمَّ عَرَفتَ أَعظَمَ المنهي *** عَنه وذاكَ الشرك أَقصى الغي

74 لأَنَّ ربَّ العرشِ لَيسَ يَغفره *** ما دونَهُ وَيَسترُه

75 لمن يَشا ثُمَّ عَرَفتَ دينَ مَن *** أَرسَلَهُم إِلى الورى ربٌّ المنن

76 ثُمَّ عَرَفتَ ما عيه أَصبَحا *** غالِبُ أَهلِ الوَقتِ مما فَضَحا

77 مِن جَهلِهم بديننا استَفدنا *** فائدتين بِهِما أُسعِدنا

78 أُولاهما الفَرحُ بالأَفضالِ *** مِن الإِلهِ جَلَّ ذَو الجَلالِ

79 وَرَحمَةٍ, إِذ حَضَّنا على الفَرَح *** بذينِ في فليفرَحوا لا بالمَرحِ

80 أُخراهُما الخَوفُ العَظيمُ إِذ يَقع *** في الكُفرِ خالي الذِّهن مما قد وَقَع

81 لِكلمَةٍ, تَخرجُ منه جَهلاً *** أَو ظنَّها قُربى تَنيلُ فَضلاً

82 كَحالِ أَهلِ الكُفرِ لكن مَن نَظَرَ *** في قَولِ أَصحابِ الكَليمِ المُنتَقر

83 مَعَ الصلاحِ وَمَع العلمِ رغَب *** في كلِّ ما يُنجيهِ من هذا العطَب

84 فإِنَّهُم أَتوهُ قائلينَ *** اجعلَ لنا في آيةٍ, يتلونَ



(بيان أن كل داعٍ, إلى الحق لا بد له من أعداء يدعون إلى ضد ما يدعو إليه)

85 مِن حِكمَةِ الباري إِذا ما أَرسَلاَ *** عَبداً رَسولاً بِالهُدى أَن يَجعَلا

86 لهُ شياطينَ مِن الأَناسي *** والجِنَّ أَعداءِ أُولي الأَلباسِ

87 يوحى زخاريفَ الكلامِ بَعضُهم *** لبَعضِهم لكي يَغُرٌّوا مِثلَهُم



(بيان أن أعداء التوحيد لهم كتب وحجج وعلوم يغرون بها أمثالهم)

88 وَقَد يَكون للأَعادي كُتُبُ *** وَحُجَجٌ كَثيرةٌ قَد رَتَّبوا

89 ثم الطريقةُ إِلى الإِلهِ لا *** بُدَّ لها مِن العِدا والجُهلا

90 عليه قاعدين بالفصاحةِ *** والعِلم ِوالحججِ بالبجاحةِ

91 لكي يَصدوا عن سَبيلِ اللهِ *** أَمثالَهم مِن كلِّ غَاوٍ, لاه



(بيان أنه يجب على الموحد أن يتخذ من كتاب الله وسنة رسوله ما يتخذه سلاحاً يقاتل به أعداء التوحيد)

92 إِذاً على من كان ذا تَوحيدِ *** تَهيئةَ السِّلاحِ بالتَّعديدِ

93 بِهِ يُقاتل الشياطينَ الأُولى *** قالَ إِمامهم لربي ذي العُلاَ

94 لأَقعُدَنَّ لهم أتلها في *** إِحدى الطِّوال سورة الأَعراف

95 أَقبل على اللهِ واصغيَن إِلى *** حِجَجَه تَنَل العلا

96 تأمن وَتَسلَم منه إِنَّ كَيده *** مُضعَّف والله فاسأَل ردَّهُ

97 فجاهلٌ موَحِّدٌ يُنتَدَبُ *** مِن عُلماءِ الشركِ أَلفاً يَغلِبُ

98 وأَنَّ جُندَنا لهم دَليلُ *** حقُّ على جميع ما أَقولُ

99 قد غَلَبوا بِحجةِ اللِّسانِ *** كقهرهِم بالسَّيفِ والسنانِ

100 وإِنما الخوفُ على موحِّدِ *** يَسلك ذا الطريقَ غيرَ معتدِ

101 مِنَ السِّلاحِ ما به يقاتِلُ *** جَميعَ من بباطلٍ, يناضلُ



(بيان أن كتاب الله حجة على كل مبطل إلى يوم القيامة وأنه لا يأتي مبطل بشبهة إلا وفي القرآن ما يبطلها)



102 لكنه مَنَّ علينا الله *** ببعثه النَّبي إِذ آتاهُ

103 بِذا الكتابِ الجامعِ المفصَّلِ *** مبيناً لكل أَمرٍ, مُشكلِ

104 وهو هُدىً ورَحمةٌ وَبُشرى *** للعُلَماءِ المُصلحين طُرَّا

105 لا يأت مُفتنٌ لآخر الأَبد *** بشبهةٍ, إِلا وفي القرآنِ ردّ

106 لما له من شُبهَةٍ, مُبَيِّنُ *** بُطلاَنَها أَو ذاكَ أَمرٌ بَيِّنُ

107 في سُورةِ الفرقانِ ذا وهو يَعمّ *** في كلِ باطلٍ, إِلى يومِ الزَحم

108 وأَنا أشيا ذاكر مما ذَكر *** الله في كتابهِ عزَّ وَبَرّ

109 إِجابة لبعضِ مُشركي الزَّمَن *** أَدلى بشبهةٍ, لإِلقاءِ الفتن

110 قلنا جوابُ المُبطلين مُجمَل *** فيه شِفاءُ العِيِّ أَو مفصل

111 فالأَوَّل الأَمرُ العظيمُ الفائده *** لمن له عقلٌ يَجي بالعائده

112 وذاكَ أَنَّ الله - جل وعلا - *** في آل عمران قرآناً أَنزلاَ

113 وقَسَّم القرآن بينَ المحكَمِ *** والمتَشابهِ الذي لَم يَعلَمِ

114 تأويلَهُ سوى الإِلهُ الحكمُ *** فَمَن به يؤمن يفُز ويَسلَمُ

115 من يتتبعه يُرِد تأويلَهُ *** فَهوَ من أهل الزيغِ لاَ نرثي لَهُ

116 وأَهلُ فتنةٍ, فذانِ جُعِلاَ *** علامةَ الزيغِ كما قَد نُقِلاَ

117 عنِ النَّبيِّ المصطفى إِذ قالاَ *** إِذا رأَيتَ فاطلبِ المقالاَ

118 مثاله أَن يَذكرَ المشَبِّهُ *** قولاً به عليك قَد يُشَبِّهُ

119 كأن يقولَ أَولياءُ اللهِ لا *** خوفٌ عَليهم اتلُوَنَّ المُنزَلا

120 والأَنبياء لَهُمُ جاهٌ وحقّ *** شَفاعةُ النَّبيِّ في يومِ القَلَق

121 أَو استدلَّ بحديثٍ, أَنتَ لا *** تفهمُ مِن معناهُ شيئاً فقلا

122 إِنَّ الَّذي ذَكَرتَهُ يا مُشرِكُ *** وَمَن عن الحقِّ المبينِ يؤفَكُ

123 من آيةٍ, أَو مِن حديثٍ, لستُ *** أَفهَمُه لكنَّني أَيقنتُ

124 أَنَّ التناقضَ بآي الذِّكرِ *** مُمتَنعٌ قَطعاً كذاكَ أَدري

125 إِنَّ كلامَ أَحمدَ لا يختلف *** مع كلام اللهِ ذا قطعاً عُرِف

126 وما ذكرتُ لكَ أَنَّ الله *** أَخبرَ أَنَّ كلَّ من قَد تاها

127 من مشركي العُربِ قَد أَقرا *** بأَنَّه ربٌّ الأَنامِ طُرّا

128 وأَن كفرَهم من التعلٌّقِ *** على الملائكِ وكلِ متَّقي

129 يرجونَ منهمُ الشفاعةَ كما *** في يونسَ قد جاء نصّاً مُحكَما

130 أَمرٌ جليُّ مُحكمٌ وبيِّنُ *** تغييرُكُم معناهُ ليسَ يمكِنُ

131 هذا جوابٌ متقنٌ سديدُ *** يفهمهُ الموَفَّقُ الرشيدُ

132 لا تستهينَنهُ فإِنَّه كما *** قد قالَه في فصِّلَت ربٌّ السما



(الجواب الثاني وفيه ثلاث شبه الشبهة الأولى)

133 أَما المفصَّلُ فإِن الأَعدا *** ذوو اعتراضاتٍ, تفوق العَدّا

134 فإِن يَقولوا نَحنُ لَسنا نُشرِكُ *** وأَحمدُ المختارُ ليسَ يملِكُ

135 لنفسِه فضلاً عن الجيلاني *** نَفعاً وَلاَ ضراً وَلاَ من شاني

136 لكنَّ الأوليا لَهُم جاهٌ عَظُم *** وشفعاءُ هم لمن بِهم أَلمّ

137 وأَنا مذنبٌ فأدعوهُم لِما *** لَهُم من الجاهِ وقُربٍ, يُنتَمى

138 فقُل له مَن قاتلَ الرسولُ *** كلُّ مُقِرٌّون بما تقولُ

139 وإِنَّ ما قد عَبَدوه من وَثَن *** ليسَ لها التدبيرُ لا وَلاَ عنن

140 وَإِنما قصدُهم الشَّفاعة *** والجاه فاردد هذه الشناعة

141 بما أَتى موضَّحَاً في المُنزَلِ *** وما بيونسَ وغيرها تُلِي



(الشبهة الثانية)

142 وإِن يَقُل قَد نَزَلت فيمن عبد *** من هذه الأَصنامِ شيئاً وعند

143 أَتجعلونَ الصٌّلَحا أَصناماً *** بما مضى جاوِب تنل مُراما

144 إِذا أَقرَّ أَنَّ مَن قَد كَفرا *** يشهدُ أَن الله ربَّ ذي الورى

145 أَنَّهم ليس لَهم قصدٌ سوى *** شفاعةٍ, والجاهِ يا لهم توى

146 لكن أَراد الفرقَ بين فعلِه *** وفعلِهم بما أَتى من جهلِه

147 فَقُل له فإِنَّ منهم مَن عبد *** أَهلَ الصلاحِ وإِليهم قد صَمَد

148 أُولئِكَ الذينَ يدعون أَتت *** فيهم ومريمُ البتولُ عُبِدَت

149 مع ابنها المسيحِ عيسى فقصر *** على الرسالةِ كما في الذِّكرِ قَر

150 كلاهُما قد يأكُلانِ ما حَضَر *** من الطعامِ مثل حالِ البَشَر

151 واذكُر له براءةَ الأَملاكِ مِن *** مَن عبدوه سبأَ اتلُ تَفهمَن

152 فبانَ أَنَّ قاصدَ الأَصنامِ *** في الشركِ مثلُ قاصدِ الأَعلامِ

153 وقاتَلَ الرسولُ هؤُلاءِ *** وهؤُلاءِ لِذا على سواءِ



(الشبهة الثالثة وكشفها)

154 إِن يَقُلِ الكفارُ قَد أَرادوا *** منهم قضا حوائجٍ, فجادوا

155 وأَنا أَشهدُ بأَنَّ النفعا *** والضرَّ من ربِ الأَنامِ قطعا

156 لا أَرتَجي من غيرهِ شيئاً وَلاَ *** للصلحا مِن الأَمر شيئاً مسجلا

157 لكنَّني أَقصدُهم وأَرجو *** من ربِنا أَن يشفعوا فأَنجو

158 فقُل له هذا سواءٌ بسوا *** مقالةُ الكفارِ عُبَّادُ الهوى

159 فاقرأ عليه آي ما نعبدُهُم *** إِلا وتَمِّم تعلمَنَّ كفرَهم

160 وهؤُلاءِ شفعاؤُنا تُلِي *** في سورةٍ, من الكتابِ المنزَلِ

161 واعلم بأَنَّ ذي الثلاثِ الشٌّبَه *** أَكبرُ ما عندَهمُ فانتبِهِ

162 إِذا علمتَ أَنَّه وضَّحَها *** في آيةٍ, ربي ونلتَ فهمَها

163 فكلٌّ ما جا بعدَهُن أَيسرُ *** جوابها لعالمٍ, مُيَّسرُ



(فصل في ست شبه أخرى) (الأولى)

164 وإِن يقل إِني لستُ أَعبدُ *** غيرَ الإِلهِ ثُمَّ ما قَد أَجدُ

165 مِنَ التِجاءٍ, بي إِلى الصلاحِ *** ليسَ عبادةً من المباحِ

166 فأَجِبِ أَنَّ الله حقّاً افترض *** عليكَ إِخلاصَ العبادةِ وحضّ

167 وهو حقٌّه عليكَ فأَبِن *** معنى العبادةِ تكن ممَّن زُكِن

168 أَو لا فكيفَ تدَّعي ما لستَ *** تعرفُه فبالخسارِ بؤتا

169 إِذ صرتَ لا تعرِفُها أدهى ولا *** أَنواعها فصرتَ رأسَ الغُفَلا

170 بيانُها أَنَّ الدٌّعا تضرٌّعاً *** وخُفيةً به الإِله قد دعا

171 فمن دعا تضرعاً وخُفيه *** امتثلَ الأَمرَ بغيرِ مِريَه

172 وعَبَدَ الرَّحمنَ ثُمَّ إِن دعا *** وليّاً أو سواه مثل ذا الدٌّعا

173 فإِنَّه أَشركَ ذلك الوليّ *** مع ربِّهِ وذا هو الشركُ الجَلِيّ



(جواب ثان)

174 وَقُل له أَيضاً إِذا صليتَ *** للهِ والنحرَ له أَتيتَ

175 أَلستَ قد عبدتَ ربكَ فلا *** بُدَّ يقولُ إي وربِّي ذي العلا

176 ممتثلاً لأَمرِه في الكوثرِ *** أَنزلَهُ الله على المُدَّثِرِ

177 فإِن نحرتَ لوليِّ أَو نبي *** أَلستَ قَد أَشركتَ يا هذا الغبي



(جواب ثالث)

178 وَقُل له أَيضاً أُولئكَ الأُولى *** فيهم كتابُ اللهِ حقّاً نُزِّلا

179 هل يعبدونَ اللاتَ والأَملاكا *** والصٌّلَحا لاَ بُدَّ حين ذاكا

180 مِن أَن يقولَ في جوابهِ نعم *** فقُل له مُبَكِّتاً لما التزم

181 هل عبدوها بسوى الدعاءِ *** والذبحِ والنحرِ والالتجاءِ

182 ونحوِها مع أَنَّهُم أَقرٌّوا *** أَن ليسَ ينفعُ ولا يضرٌّ

183 ولا يُدبِّرُ الأُمورَ لاَ وَلاَ *** يُحيي ولاَ يُميتُ إِلا ذو العُلا

184 لكن أَرادوه الجاهَ والشفاعة *** كما فَعلتمُ يا ذوي الشناعة

185 وظاهرٌ هذا ظهوراً جداً *** فافهمه واجتنبه تُدرِكَ سعدَا



(شبهة رابعة وكشفها)

186 وإِن يَقُل هل تُنكِرن شفاعة *** نبيِّنا يومَ تقومُ الساعة

187 وتبرأَن منها فقل لاَ بَل أَنا *** مثبتُها راجٍ, لها بِلاَ عَنا

188 فكيفَ لا والشافعُ المشفَّع *** هو و ذا عليه أَمرٌ مُجمَعُ

189 لكنني أَطلُبُها من ربِّي *** إِذ هي مُلكُه بغيرِ رَيبِ

190 في الزمرِ اتلونَّ قُل للهِ *** فلا تكن عَن تَلوِها بساهِ

191 وهي لا تكونُ قطعاً إِلاَّ *** من بعدِ إِذنِ اللهِ عزَّ جلاَّ

192 لقولِهِ ما مِن شفيعٍ, إِلاَّ *** من بعدِ إِذنه - تعالى -جَلاَّ

193 من ذا الذي يشفعُ عندَه أَتى *** في سورةِ العوانِ أَيضاً مثبَتا

194 والشٌّفعا لا يشفعونَ إِلاَّ *** لِمَن أُنيلَ الإرتضاءَ الأعلى

195 ولا ينالُ الإِرتضاءَ الأَعلى *** إِلاَّ امرؤٌ موحدٌ للمولى

196 في آل عمرانَ والأنبياءِ *** والنجمِ خُذ ذَينِ بِلاَ مراءِ

197 فحينَ بان أَنها للهِ جلّ *** جميعُها ولا لغيرِه دخل

198 وبعد إِذنِه تكونُ للنَّبي *** ومَن بِها بفضلِ ربِّهِ حُبِي

199 وليسَ يشفعُ النَّبيٌّ في أَحد *** إِلاَّ بإِذنِ اللهِ في ذاكَ الأَحد

200 وليسَ يأذنُ الإِلهُ في سوى *** من هوفي التوحيدِ قلبُه ارتوى

201 تَبَيَّنَ استبدادُ ربِّ الناسِ *** بها جميعِها بِلاَ التباسِ

202 أَطلُبُها منه أَقولُ ربِّ *** هَب لي شفاعةَ النبيِّ الحِبِّ

203 لا تَحرِمَنِّيها وفيَّ شَفِّعِ *** نَبِيَّنا الموصوفَ بالمُشَفَّعِ

204 ونَحوَها وليسَ ضِيقٌ فيه *** لكلِّ ما موحدٍ, نبيهِ

205 وإِن يَقُل أُعطِيَها وأَنا قَد *** أَسأَلُه ممَّا أَنالَهُ الأَحد

206 يَقُل نَعم أُعطيها لكن مَنَع *** سؤَالَها من غيرِهِ فلتَرتَدِع

207 أَيضاً فقد أُعطِيَها غيرُ النَّبيّ *** ممن بفضلِ ربِّهِ قد اجتُبِي

208 مثلُ الملائكِ والاوليا فهل *** تطلبُها من كلِّ صالحِ العمل

209 وإِن تقل أَفعلُ صرتَ عابدا *** للصٌّلحاءِ للسعيرِ واردا

210 وإِن تَقُل لا فمقالُكَ بطل *** أَطلُبُ ما أُعطي لآخرِ الجدل



(شبهة خامسة)

211 وَإِن يَقلُ حاشا وكلا أَن أُرى *** أُشركُ بالرَّحمنِ أَو أَن أَكفرا

212 لكنَّ الالتجا إِلى الصلاح *** ليسَ بشركٍ, لا ولاجَناحِ

213 فَقُل فهل تَقِرٌّ أَنَّ الشركَ قَد *** حَرَّمَهُ عليك ربٌّنا الصَّمَد

214 فوقَ الزِّنى وأَنَّهُ لا يغفرُ *** فقررن أَحسنَ ما يقرَّرُ

215 فَبَيِّنِ الشركَ كمَن علَّمَهُ *** فإِنَّ ربَّ العرشِ قَد عظَّمَهُ

216 فإِنَّه لَم يدرِ فأَعجَب ولتقل *** أَيَتَبَرَّى الشخصُ ممَّا قد جَهِل

217 وإِذ جَهلتَهُ فكيفَ لا تَسل *** عما عليكَ حَرَّمَ الربٌّ الأَجل

218 وهل تَظُنٌّ أَنَّهُ حرَّمهُ *** عليكَ نصّاً ثم ما أَفهَمَهُ



(الشبهة السادسة)

219 و إِن يقولوا الشركُ شركُ مَن عبدَ *** مِن هذه الأَصنامِ شيئاًُ وعَنَد

220 ونحنُ لا نعبدُها فَقُل وما *** عبادةُ الأَصنامِ فسِّر تَفهَما

221 فهَل يرونَ تلكَ الاَّ حِجارا *** تجيرُ مَن بِها قَدِ استجارا

222 أَو أَنها تنفعُ أَو تضرٌّ أَو *** تُدَبِّرُ الأَمرَ لِمَن لها دَعَوا

223 وإِن تَظُنَّ بهم هذا فقد *** يُكذِّبُ القرآنُ هذا المعتقد

224 أَو قَصدَهم بنيةً أَو حجرا *** أَو قبراً أو خشبةً أَو صوراً

225 يدعونَها ويذبحونَ عِندَها *** تقرٌّباً بذا لِمَن أَوجَدَها

226 بزعمِهم كما أَتانا في الزٌّمَر *** بأَنَّ مَن يَقُل كهذا قَد كَفَر

227 صَدَقتَ لكن قَد فعلتَ مثلَ ما *** قد فَعَلوه فارتكبتُم مأثَما

228 وأَنتَ قَد أَقررتَ أَنَّ فعلَكُم *** عبادةُ الأَصنامِ قطعاً ويلَكُم

229 فصرتُمُ مثلَهُم في الشركِ *** والزيغِ من غيرِ مِرىً وشكِّ

230 يُقالُ أَيضاً قولُكَ الشركُ إلى *** آخره بَيِّنهُ لي وفَصِّلا

231 فهل ترى الشِّركَ عليها قد قُصِر *** ودعوةُ الصَّلاحِ أَمرٌ مُغتَفَر

232 ليست من الشركِ فهذا كَذَّبَه *** كتابُ ربِّنا العظيم المَنقَبَه

233 مبيناً لكفرِ مَن تعلَّقا *** على الملائكِ وعيسى المُنتَقَى

234 وغيرِهم مِن صُلَحا لابدَّ أن *** يَقِرَّ أَنَّ ذا هو الشركُ العَلَن

235 وهو المرادُ ثم سِرٌّ المسأَلة *** أَنَّ المُشَتِّبه لدى المجادَلَة

236 يقولُ لستُ مشركاً بربِّي *** فَقُل وما الشركُ إِذاً بالربِّ

237 فسِّره لي مُبيناً وإن يَقُل *** عبادةُ الأَصنامِ من غير خَجَل

238 فَقُل وما عبادةُ الأَصنامِ *** فسِّر يَبِن أَن لستَ بالإِمامِ

239 وإِن يَحُد وقالَ إِنَّني لا *** أَعبدُ إِلا الله - جل وعلا -

240 فقُل وما عبادةُ الرَّحمنِ *** موحداً من غيرِ ما نُكرانِ

241 وإِن يفسِّرها بما القرآنُ *** فسَّرَها بهِ فنعمَ الشانُ

242 وِإن يَكُن جاهلُها كبيرٌ يدَّعي *** ما رأسُهُ بعلمِهِ لم يُرفَعِ

243 وإِن يفسِّرها بغيرِ ما أَتى *** في الذِّكرِ بينتَ الذي قد ثَبَتا

244 بواضحاتِ الآيِ معنى الشركِ مع *** عبادةِ الأَوثانِ حتى يَقتَنِع

245 أَنَّ الذي يفعلُه أَهلُ الزمن *** هذا بعينهِ هو الشركُ الفتن

246 وأَنَّه عبادةُ الله العلي *** من غيرِ شركٍ, باطنٍ, أَو مُنجلي

247 هي التي صاحوا بِها علينا *** وأَنكروا ونَسَبوا إِلينا

248 من الأُمورِ ما هُمُ بهِ أَحقّ *** إِذ يَعبدونَ غيرَ خالقِ الفَلَق

249 فاعلم إِذاً بأَنَّ شركَ مَن سَبق *** أَخفٌّ مِن إِشراك مَن قَدِ التحق

250 من أَهلِ وقتنا بأَمرين وما *** قد جاءَ في القرآن ِنصٌّ فاعلما

251 من أَنَّهم لا يُشركون إِلاَّ *** في حالةِ الرخاءِ منهم جَهلا

252 أَما إِذا رَكِبوا في الفُلكِ *** وأَشرفوا على مبادي الهُلكِ

253 دَعَوا إِلهَ العرشِ مخلصينَ *** له الدٌّعا إِليهِ مقبلينَ

254 في سورة الإِسرا والأنعامِ الزمر *** لقمانَ فانظرهُ بهذه السٌّوَر

255 وكُلٌّ مَن يَفهمُ هذي المسأَلة *** إِذ ذُكِرَت مُوضَحَةٌ مُفَصَّلَة

256 في الذكرِ وهي أَنَّ مَن قاتَلَهم *** خيرُ الورى ثم استحلَّ ما لهم

257 يَدعونَ ربَّ العرشِ في الرخاءِ *** كذاكَ غيرُه بلا مراءِ

258 أَما لدى الضراءِ والشدائدِ *** فليسَ يَدعونَ سواء الواحدِ

259 - سبحانه - إِليهِ راغبينَ *** ومالهمُ من سادةٍ, ناسينَ

260 بانَ له خفةُ شركِ مَن سَبَق *** وقوةُ الشركِ الذي لِمَن لَحِق

261 لكنَّ مَن يَفهم هذي المسأَلة *** بقلبهِ من هؤُلاءِ الجَهَلَة

262 والمستعانُ الله مَن به هُدِي *** بفضلِهِ هو الذي قد يَهتَدي

263 والأَولونَ إِنما يدعونَ *** بجهلهم ناساً مقرَّبينَ

264 كالأَوليا والأَنبيا أَو الحجر *** ليسَ له ذنبٌ و لا منه ضرر

265 ومشركو زمانِنا يدعونَ *** ناساً بفسقِهم يُخَبِّرونَ

266 كالتركِ للصلاةِ والسرقةِ *** مع الزِّنى كذاكَ شربُ الخمرةِ

267 فبانَ أَنَّ مَن دعا وعبدا *** أَحبابَ ربِّ العالمين السٌّعَدا

268 أَو حجرٍ,ليسَ له ذنبٌ ولا *** ليسَ له علمٌ بما قَد فَعَلا

269 أَهونُ إِشراكاً من الذينا *** يدعونَ فُسَّاقاً مُشَعوِذينا

270 يُقَدِّرونَ الخيرَ فيهم مع ما *** قد شاهدوا من فِسقِهِم ومن عمى



(الشبهة العظيمة وأجوبتها)

271 إِذا عرفتَ أَنَّ مَن قاتلَهم *** خيرُ الورى حتى استباحَ ما لهم

272 أَصحٌّ عقلاً وأَخفٌّ شركاً *** من هؤُلاءِ المشركين النوكا

273 فاسمع لما يَلقُونَه من شبهةٍ, *** عظيمةٍ, من عندِهم مشكلةٍ,

274 على الذي لم يتأَمل فيها *** وَلَم يَكُن في نفسِهِ نَبيها

275 قالوا الذينَ نُزِّلَ القرآنُ *** فيهم أُناسٌ دأبُهم كفرانُ

276 لم يَشهدوا أَن لا إِله إلاَّ *** الله عزَّ ربٌّنا وجَلاَّ

277 ويُنكرونَ البعثَ والقرآنُ *** عَندَهُمُ سحرٌ أَو البُهتانُ

278 ونحنُ لا إِله إِلاَّ الله *** نَقولُها والكفرُ أَنكَرناه

279 وأَنَّ أَحمدَ رسولُ اللهِ *** والذِّكرَ صَدَّقنا بلا اشتباهِ

280 وبالصِّيامِ والصَّلاةِ نَعبُدُ *** إِلهَنا وبَعثَنا لا نَجحَدُ

281 كيفَ تُسؤٌّونا بِهؤُلاءِ *** وحالُنا ليسَ على سواءِ

(الجواب الأول)

282 فقُل لهُم عندي لهذه الشٌّبَه *** أَجوبةٌ مُفحِمةٌ مُرتَّبة

283 أَولها الإِجماعُ أَنَّ مَن قَبِلَ *** بعضَ الذي أَتى به خيرُ الرسل

284 وَرَدَّ بعضاً أَنَّه لم يَدخُلِ *** في دينِ الإسلامِ الرضيِّ الأَفضلِ

285 بل هو كافرٌ كذا إِن آمنا *** ببعضِ ما نَزَلَ ثُمَّتَ انثنى

286 جحداً عن البعضِ كذاكَ إِن أَقرّ *** للهِ بالتوحيدِ ثم قد نَكَر

287 فرضَ الصلاةِ أَو أَقرَّ بهما *** وقال حقٌّ المالِ ليسَ مُلزما

288 أَو قَد أَقرَّ بالجميعِ وجحد *** فريضةَ الحجِ إِلى بيتِ الصَّمَد

289 وحينَ لَم ينقد أُناسٌ في أَمد *** نبيِّنا للحجِّ أَنزلَ الصمد

290 في آل عمرانَ من الآياتِ ما *** فيه انزجارٌ مبصرٌ لذي العمى

291 ومن أَقرَّ بجميع ما ذُكِر *** وَجَحَدَ البعثَ بإِجماعٍ, كفر

292 وحلَّ منه الدمُ والمالُ كما *** في سورة النساء جلَّ حَكَما

293 مُصَرِّحاً بأَنَّ كلَّ مَن أَقرّ *** ببعضهِ وبعضُه منه نَفَر

294 فإِنَّه الكافرُ حقّاً فظهر *** زوالُ ذي الشبهةِ حتى لا أَثر



(الجواب الثاني)

295 وقُل له أَيضاً إِذا كنتَ تُقِرّ *** بأَنَّ مَن صَدَّقَ كلَّ ما ذُكِر

296 جميعَه وواحداً منه نَكَرَ *** لا شكَّ أَنَّه بذاكَ قد كَفَر

297 إِذاً فتوحيدُ الإِلهِ أَعظَمُ *** ممَّا أَتى به النَّبيٌّ الأَعظمُ

298 من الصَّلاةِ والزكاةِ وسوى *** هما كذا من كلِّ ما الشرعُ حوى

299 فكيفَ من جَحَدَ ممَّا قد ذُكِر *** شيئاً بإِجماعِ الأَنامِ قَد كُفِر

300 ولو بكلِّ عملٍ, قَد عَمِلا *** جاءَ به خيرُ نبيِّ أرسِلا

301 ومَن لتوحيدِ الإِله قد جَحَد *** ليسَ بكافرٍ, ولا أَتى الفَنَد

302 سبحانَ ربي فما أَعجبَ ما *** أَتاه أَهلُ الجهلِ أَربابُ العمى



(الجواب الثالث)

303 وقُل له أَيضاً فأَصحابُ النبي *** قَد قاتلوا قومُ مُسيلمِ الغبي

304 مع كونهم قد أَسلموا مع النبي *** صلى عليه الله مع كلِّ نبي

305 ويشهدونَ بالشهادتينِ *** صَلٌّوا وأَذنبوا بغيرِ مَينِ

306 وإِن يَقُل هم جعلوا مُسيلمه *** مثلَ إِمامِ الحنفاءِ المسلمة

307 فقُل له هذا هو المطلوبُ *** جوابُه مُستحضرٌ موهوبُ

308 إِن كانَ مَن رفع إِنساناً إِلى *** مرتبةِ مَن للأَنامِ أُرسِلا

309 يَكُفُرُ لا تنفعُهُ الصلاةُ *** ولا الشهادتانِ والزَّكاةُ

310 ومالُهُ ودمُه حِلاًّ فما *** حالة مَن لقدرِ جبارِ السَّما

311 والأَرضِ يَرَفَعُ نبيًّا أَو وَلي *** أَو الصحابي الرفيع المنزلِ

312 سبحانَ ربي شأنُه ما أَعظَمَه *** على عُصاةِ أَمرِهِ ما أَحلَمَه

313 فإِنَّه على قلوبِ الجُهَلا *** يَطبعُ هذا في الكتابِ أنزِلا



(الجواب الرابع)

314 وقُل لهمُ أَيضاً عليٌّ أَحرَقا *** قَوماً غَلَوا فيه وما إِن أَشفقا

315 قَد صَحِبوه وتَعَلَّموا على *** أَصحابِ خيرةِ الأَنامِ الفُضَلا

316 لكنَّهم يعتقدونَ في علي *** مثلَ اعتقادِ بعضِكم في الجُهَّلِ

317 وغيره ممَّن تَسمَّى بالولي *** في رأي كلِّ جاهلٍ, ومبطل

318 فأَجمَعَ الصَّحبُ على مقتلهِم *** وكفرِهم وذا جزاءُ مثلهِم

319 أَتحسبونَ أَنَّ أَصحابَ النبي *** يحرِّقونَ من بالإسلام حُبي

320 أَو الصَّحابةُ يُكَفِّرِون *** قوماً أُولي الإِيمانِ مسلمينَ

321 أَم تَحسبونَ الإعتقادَ في عَلي *** كُفرٌ وفي مَن دونَه دينٌ جَلي

322 أَو الغلوٌّ في عليٍّ, كُفرُ *** وفي مشايخِ الطريقِ بِرٌّ



(الجواب الخامس)

323 أَيضاً بنو عبيدٍ, القداحِ *** تملكوا المغربَ بالكفاحِ

324 ومصرَ في عهد بني العباسِ *** يرون أَنَّهم أَتمٌّ الناسِ

325 ديناً وإِسلاماً ويشهدونَ *** شهادةَ الحقِّ ويجمَعونَ

326 لمَّا أَتوا جهلا أُموراً منكَرَة *** تخالفُ الشريعةَ المُطهَّرَة

327 أَجمعَ أَهلُ العلم والعرفانِ *** على قتالِهم بلا ثنيانِ

328 وأَنَّ قُطرَهم بلادُ حربِ *** لغزوهِم قد قامَ كلٌّ ندبِ

329 من مسلمي زمانِهم فاستخلصوا *** تلكَ البلادَ إِذ لربي أَخلصوا



(الجواب السادس)

330 أَيضاً فقُل إِن كانَ مَن قد غبَروا *** من مشركي العربِ لم يُكَفَّروا

331 إِلاَّ لكونِهم مُكَذبينَ *** بالبعثِ والقرآنِ مُنكِرين

332 وَكَذَّبوا النبي فما الذي ذُكِر *** في كلِّ مذهب وإِمامٍ, مُعتَبر

333 بابُ ارتدادِ مسلمٍ, بقولِ *** يُخرِجُه عن دينهِ أَو فِعلِ

334 وذَكروا مِن ذاكَ أَنواعاً تُحِلّ *** دَمَ امرئ إِذ في الكفورِ قَد دخل

335 وذكروا أَشيا يسيرةً على *** قائِلها إِذ قالها مُغَفَّلا

336 أَو هازلاً أَو مازحاً ككلمةِ *** يقولُها جهلاً بغير نيَّةِ



(الجواب السابع)

337 وقُل لهم أَيضاً أُولئك الأُولى *** فَضَحَهم ربٌّ السماواتِ العلى

338 إِذ قالَ يحلفونَ باللهِ إِلى *** كلمةِ الكفرِ وما لهم تلا

339 أَما سمعتَ أَنَّه كفَّرهم *** وهم معَ النبي وما أَعذرَهم

340 مع الجهادِ معه والصلاةِ *** والحجِّ والتوحيدِ والزكاةِ

341 كذاكَ مَن أَنزلَ لا تعتذِروا *** فيهم بمزحٍ, وبهزلٍ, كفروا

342 وهؤُلاءِ صرَّحَ الرَّحمنُ *** بكفرِهم إِذ جابَه القرآنُ

343 من بعدِ إِيمانٍ, وهم مع النبي *** صلى عليه الله مع كلِّ نبي

344 في غزوةٍ, إِلى تبوكَ تُنسَبُ *** فأَوجبوا بِكلمَةٍ, ما أَوجبوا

345 تكلّموا بها لخوضٍ, ولَعِب *** بلا اكتراثٍ, وهمُ ممَّن صَحِب

346 فانظُر إِلى شبهتِهم وانظر إِلى *** جوابِها الموضِّح ما قد أَشكلا

347 تأَمَّلَنهُ إِنَّه أَنفعُ ما *** في هذه الأَوراقِ إِذ جَلا العما



(جواب آخر)

348 أَيضاً من الدليل ما الله ذَكَر *** عن قومِ موسى مع علمٍ, قد بَهَر

349 ومن علومٍ, وصلاحٍ, إِذ دَعَوا *** موسى فقالوا اجعل لنا وما ارعووا

350 وقولُ ناسٍ, من صحابةِ النبي *** فذاتَ أَنواطٍ, لنا اجعل يا نبي

351 فأَقسمَ النَّبيٌّ أَن قولَهم *** نظيرُ ما قالَ اليهودُ ويلهُم

352 لكن لأَهلِ الشركِ شبهةٌ بها *** يُدلونَ في قصتنا ذي انتَبِها

353 قالوا فما كَفَّرَ موسى أَحداً *** منهم ولا محمدٌ بل شدَّدا

354 قُلنا نعم لو فعلوا لَكُفِّروا *** وإِذ همُ ما فَعلوا قد نُفِّروا

355 لكنَّ ذي القصةِ تُستفادُ *** منها أُمورٌ عِلمُها رشادُ

356 مِن ذاك أَنَّ المسلمَ العالمَ قد *** يُشرك في أَقوالِه ولم يُرِد

357 فيتعلمُ إِذاً ويجتهد *** ويتحرزُ من القولِ الفَنِد

358 وأَنَّ قولَ القائلِ التوحيدُ *** كُلاًّ فهمناهُ لنا يُفيدُ

359 بأَنَّه في أَكبرِ الجهالة *** وهو من الشيطانِ في حبالَة

360 وأَنَّ مَن فاهَ بما يؤُولُ *** للكفرِ جاهلاً بِما يقولُ

361 ثُمَّتَ نُبِّهَ وفي الحال رَجَع *** حالاً ففي الكُفورِ قَطعاً لم يَقَع

362 لكنَّه تَلَفَّظَ الكلاما *** عليه إِذ أَتى بما يُلاما

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply