بسم الله الرحمن الرحيم
العلامة سليمان بنِ سحمان [1266 تقريباً ـ1349 هـ]
وَقَالَ أَيضًا - عَفَا اللهُ عَنهُ - وَقَد سَأَلَهُ بَعضُ الإخوَانِ أَن يَنظُِمَ كَلامَ الشَّيخِ عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ حَسَنِ بنِ الشَّيخِ مُحَمَّدِ بنِ عَبدِ الوَهَّابِ - رحمه الله -: ـ اِعلَم - رَحِمَكَ اللهُ - أَنَّ كَلِمَةَ الإخلاصِ \"لا إلَهَ إلاَّ اللهُ\" لا تَنفَعُ قَائِلَهَا إلاَّ بِمَعرِفَةِ مَعنَاهَا، وَهُوَ نَفيُ الإلَهِيَّةِ عَمَّا سِوَى اللهِ، وَالبَرَاءَةُ مِن الشِّركِ فِي العِبَادَةِ، وَإفرَادُ اللهِ - تعالى -بِجَمِيعِ أَنوَاعِهَا وَقَد ذَكَرَ شَيخُنَا الشَّيخُ عَبدُ الرَّحمَنِ بنُ حَسَنِ بنِ الشَّيخِ مُحَمَّدِ بنِ عَبدِ الوَهَّابِ - رحمهم الله - تعالى - سَبعَةَ شُرُوطٍ,، وَذَكَرَ أَنَّهَا لا تَصِحٌّ هَذِهِ الكَلِمَةُ مِن قَائِلِهَا وَلا تَنفَعُهُ إلاَّ إذَا استَجمَعَت لَهُ هَذِهِ الشٌّرُوطُ. وَقَد أَحبَبتُ أَن أَنظُِمَهَا وَأَذكُرَ فِي ضِمنِ ذَلِكَ الإشَارَةَ إلَى تَوحِيدِ الرٌّبُوبِيَّةِ وَتَوحِيدِ الأَسمَاءِ وَالصِّفَاتِ (عَلَى سَبِيلِ الإجمَالِ وَالتَّنبِيهِ، وَأَذكُرَ) نَوَاقِضَ الإسلامِ العَشَرَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّيخُ شَيخُ الإسلامِ وَعَلَمُ الهُدَاةِ الأَعلامِ الشَّيخُ مُحَمَّدُ بنُ عَبدِ الوَهَّابِ - رحمه الله - لِمَسِيسِ الحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، فَأَقُولُ وَبِهِ الثِّقَةُ وَالعِصمَةُ:
رَسَائِلُ إخوَانِ الصَّفَا وَالتَّوَدٌّدِ *** إلَى كُلِّ ذِي قَلبٍ, سَلِيمٍ, مُوَحِّدِ
وَمِن بَعدِ حَمدِ اللهِ وَالشٌّكرِ وَالثَّنَا *** صَلاةً وَتَسلِيمًا عَلَى خَيرِ مُرشِدِ
وَآلٍ, وَصَحبٍ, وَالسَّلامُ عَلَيكُمُ *** بِعَدِّ وَمِيضِ البَرقِ أَهلَ التَّوَدٌّدِ
وَبَعدُ فَقَد طَمَّ البَلاءُ وَعَمَّنَا *** مِنَ الجَهلِ بِالدِّينِ القَوِيمِ المُحَمَّدِ
بِمَا لَيسَ نَرجُو كَشفَهُ وَانتِقَاذَنَا *** لِغَيرِ الإلَهِ الوَاحِدِ المُتَفَرِّدِ
وَلَم يَبقَ إلاَّ النَّزرُ فِي كُلِّ بَلدَةٍ, *** يُعَادِيهِمُ مِن أَهلِهَا كُلٌّ مُعتَدِي
فَهُبٌّوا عِبَادَ اللهِ مِن نَومَةِ الرَّدَى *** إلَى الفِقهِ فِي أَصلِ الهُدَى وَالتَّجَرٌّدِ
وَقَد عَنَّ أَن نُهدِي إلَى كُلِّ صَاحِبٍ, *** نَضِيدًا مِنَ الأَصلِ الأَصِيلِ المُؤَطَّدِ
فَدُونَكَ مَا نُهدِي فَهَل أَنتَ قَابِلٌ *** لِذَلِكَ أَم قَد غِينَ قَلبُكَ بِالدَّدِ
تَرُوقُ لَكَ الدٌّنيَا وَلَذَّاتُ أَهلِهَا *** كَأَن لَم تَصِر يَومًا إلَى قَبرٍ, مُلَحَّدِ
فَإن رُمتَ أَن تَنجُو مِنَ النَّارِ سَالِمًا *** وَتَحظَى بِجَنَّاتٍ, وَخُلدٍ, مُؤَبَّدِ
وَرَوحٍ, وَرَيحَانٍ, وَأَرفَهِ حَبرَةٍ, *** وَحُورٍ, حِسَانٍ, كَاليَوَاقِيتِ خُرَّدِ
فَحَقِّق لِتَوحِيدِ العِبَادَةِ مُخلِصًا *** بِأَنوَاعِهَا للهِ قَصدًا وَجَرِّدِ
وَأَفرِدهُ بِالتَّعظِيمِ وَالخَوفِ وَالرَّجَا *** وَبِالحُبِّ وَالرَّغبَا إلَيهِ وَوَحِّدِ
وَبِالنَّذرِ وَالذَّبحِ الَّذِي أَنتَ نَاسِكٌ *** وَلا تَستَغِث إلاَّ بِرَبِّكَ تَهتِدِي
وَلا تَستَعِن إلاَّ بِهِ وَبِحَولِهِ *** لَهُ خَاشِيًا بَل خَاشِعًا فِي التَّعَبٌّدِ
وَلا تَستَعِذ إلاَّ بِهِ لا بِغَيرِهِ *** وَكُن لائِذًا بِاللهِ فِي كُلِّ مَقصِدِ
إلَيهِ مُنِيبًا تَائِبًا مُتَوَكِّلاً *** عَلَيهِ وَثِق بِاللهِ ذِي العَرشِ تَرشُدِ
وَلا تَدعُ إلاَّ اللهَ لا شَيءَ غَيرَهُ *** فَدَاعٍ, لِغَيرِ اللهِ غَاوٍ, وَمُعتَدِي
وَكُن خَاضِعًا للهِ رَبِّكَ لا لِمَن *** تُعَظِّمُهُ وَاركَع لِرَبِّكَ وَاسجُدِ
وَصَلِّ لَهُ وَاحذَر مُرَاءَاةَ نَاظِرٍ, *** إلَيكَ وَتَسمِيعًا لَهُ بِالتَّعَبٌّدِ
وَجَانِب لِمَا قَد يَفعَلُ النَّاسُ عِندَ مَن *** يَرَونَ لَهُ حَقًّا فَجَاؤُوا بِمَوئِدِ
يَقُومُونَ تَعظِيمًا وَيَحنُونَ نَحوَهُ *** وَيُومُونَ نَحوَ الرَّأسِ وَالأَنفِ بِاليَدِ
وَهَذَا سُجُودٌ وَانحِنَا بِإشَارَةٍ, *** إلَيهِ بِتَعظِيمٍ, وَذَا فِعلُ مُعتَدِي
إلَى غَيرِ ذَا مِن كُلِّ أَنوَاعِهَا الَّتِي *** بِهَا اللهُ مُختَصُّ فَوَحِّدهُ تَسعَدِ
وَفِي صَرفِهَا أَو بَعضِهَا الشِّركُ قَد أَتَى *** فَجَانِبهُ وَاحذَر أَن تَجِيءَ بِمَوئِدِ
وَهَذَا الَّذِي فِيهِ الخُصُومَةُ قَد جَرَت *** عَلَى عَهدِ نُوحٍ, وَالنَّبِيِّ مُحَمَّدِ
فَوَحِّدهُ فِي أَفعَالِهِ جَلَّ ذِكرُهُ *** مُقِرًّا بِأَنَّ اللهَ أَكمَلُ سَيِّدِ
هُوَ الخَالِقُ المُحيِي المُمِيتُ مُدَبِّرٌ *** هُوَ المَالِكُ الرَّازِقُ فَاسأَلهُ وَاجتَدِ
إلَى غَيرِ ذَا مِن كُلِّ أَفعَالِهِ الَّتِي *** أَقَرَّ وَلَم يَجحَد بِهَا كُلٌّ مُلحِدِ
وَوَحِّدهُ فِي أَسمَائِهِ وَصِفَاتِهِ *** وَلا تَتَأَوَّلهَا كَرَأيِ المُفَنَِّدِ
فَتَشهَد أَنَّ اللهَ حَقُّ بِذَاتِهِ *** عَلَى عَرشِهِ مِن فَوقِ سَبعٍ, مُمَجَّدِ
عَلَيهِ استَوَى مِن غَيرِ كَيفٍ, وَبَائِنٌ *** عَنِ الخَلقِ حَقًّا قَولُ كُلِّ مُوَحِّدِ
وَأَنَّ صِفَاتِ اللهِ حَقُّ كَمَا أَتَى *** بِهَا النَّصٌّ مِن آيٍ, وَمِن قَولِ أَحمَدِ
بِكُلِّ مَعَانِيهَا فَحَقُّ حَقِيقَةً *** وَلَيسَت مَجَازًا قَول أَهلِ التَّرَمٌّدِ
فَلَيسَ كَمِثلِ اللهِ شَيءٌ وَلا لَهُ *** سَمِيُّ وَقُل لا كُفُوَ للهِ تَهتَدِي
وَذَا كُلٌّهُ مَعنَى شَهَادِةِ أَنَّهُ *** إلَهُ الوَرَى حَقًّا بَغَيرِ تَرَدٌّدِ
فَحَقِّق لَهَا لَفظًا وَمَعنًى فَإنَّهَا *** لَنِعمَ الرَّجَا يَومَ اللِّقَا لِلمُوَحِّدِ
هِيَ العُروَةُ الوُثقَى فَكُن مُستَمسِكًا *** بِهَا مُستَقِيمًا فِي الطَّرِيقِ المُحَمِّدِ
فَكُن وَاحِدًا فِي وَاحِدٍ, وَلِوَاحِدٍ, *** - تعالى -وَلا تُشرِك بِهِ أَو تُنَدِّدِ
وَمَن لَم يُقَيِّدهَا بِكُلِّ شُرُوطِهَا *** كَمَا قَالَهُ الأَعلامُ مِن كُلِّ مُهتَدِي
فَلَيسَ عَلَى نَهجِ الشَّرِيعَةِ سَالِكًا *** وَلَكِن عَلَى آرَاءِ كُلِّ مُلَدِّدِ
فَأَوَّلُهَا العِلمُ المُنَافِي لِضِدِّهِ *** مِنَ الجَهلِ إنَّ الجَهلَ لَيسَ بِمُسعِدِ
فَلَو كَانَ ذَا عِلمٍ, كَثِيرًا وَجَاهِلاً *** بِمَدلُولِهَا يَومًا فَبِالجَهلِ مُرتَدِي
وَمِن شَرطِهَا وَهوَ القَبُولُ وَضِدٌّهُ *** هُوَ الرَّدٌّ فَافهَم ذَلِكَ القَيدَ تَرشُدِ
كَحَالِ قُرَيشٍ,ٍ, حِينَ لَم يَقبَلُوا الهُدَى *** وَرَدٌّوهُ لَمَّا أَن عَتَوا فِي التَّمَرٌّدِ
وَقَد عَلِمُوا مِنهَا المُرَادَ وَأَنَّهَا *** تَدُلٌّ عَلَى تَوحِيدِهِ وَالتَّفَرٌّدِ
فَقَالُوا كَمَا قَد قَالَ اللهُ عَنهُمُ *** بِسُورَةِ صَادٍ, فَاعلَمَن ذَاكَ تَهتَدِي
فَصَارَت بِهِ أَموَالُهُم وَدِمَاؤُهُم *** حَلالاً وَأغنَامًا لِكُلِّ مُوَحِّدِ
وَثَالِثُهَا الإخلاصُ فَاعلَم وَضِدٌّهُ *** هُوَ الشِّركُ بِالمَعبُودِ فِي كُلِّ مَقصِدِ
كَمَا أَمَرَ اللهُ الكَرِيمُ نَبِيَّهُ *** بِسُورَةِ تَنزِيلِ الكِتَابِ المُمَجَّدِ
وَرَابِعُهَا شَرطُ المَحَبَّةِ فَلتَكُن *** مُحِبًّا لِمَا دَلَّت عَلَيهِ مِنَ الهدِ
وَإخلاصُ أَنوَاعِ العِبَادَةِ كُلِّهَا *** كَذَا النَّفيُ لِلشِّركِ المُفَنَِّدِ وَالدَّدِ
وَمَن كَانَ ذَا حُبٍّ, لِمَولاهُ إنَّمَا *** مَحَبَّتُهُ لِلدِّينِ شَرطٌ فَقَيِّدِ
وَمَن لا فَلا وَالحُبٌّ للهِ إنَّمَا *** يَتِمٌّ بِحُبِّ الدِّينِ دِينِ مُحَمَّدِ
فَعَادِ الَّذِي عَادَى لِدِينِ مُحَمَّدٍ, *** وَوَالِ الَّذِي وَالاهُ مِن كُلِّ مُهتَدِي
وَأَحبِب رَسُولَ اللهِ أَكمَلَ مَن دَعَا *** إلَى اللهِ وَالتَّقوَى أَكمَلَ مُرشِدِ
أَحَبَّ مِنَ الأَولادِ وَالنَّفسِ بَل وَمِن *** جَمِيعِ الوَرَى وَالمَالِ مِن كُلِّ أَتلَدِ
وَطَارِفِهِ وَالوَالِدَينِ كِلَيهِمَا *** بِآبَائِنَا وَالأُمَّهَاتِ فَنَفتَدِي
وَأَحبِب لِحُبِّ اللهِ مَن كَانَ مُؤمِنًا *** وَأَبغِض لِبُغضِ اللهِ أَهلَ التَّمَرٌّدِ
وَمَا الدِّينُ إلاَّ الحُبٌّ وَالبُغضُ وَالوَلا *** كَذَاكَ البَرَا مِن كُلِّ غَاوٍ, وَمُعتَدِي
وَخَامِسُهَا فَالاِنقِيَادُ وَضِدٌّهُ *** هُوَ التَّركُ لِلمَأمُورِ أَو فِعلُ مُفسِدِ
فَتَنقَاد حَقًّا لِلحُقُوقِ جَمِيعِهَا *** وَتَعمَلَ بِالمَفرُوضِ حَتمًا وَتَقتَدِي
وَتَترُك مَا قَد حَرَّمَ اللهُ طَائِعًاً *** وَمُستَسلِمًا للهِ بِالقَلبِ تَرشُدِ
فَمَن لَم يَكُن للهِ بِالقَلبِ مُسلِمًا *** وَلَم يَكُ طَوعًا بِالجَوَارِحِ يَنقَدِ
فَلَيسَ عَلَى نَهجِ الشَّرِيعَةِ سَالِكًا *** وَإن خَالَ رُشدًا مَا أَتَى مِن تَعَبٌّدِ
وَسَادِسُهَا وَهوَ اليَقِينُ وَضِدٌّهُ *** هُوَ التَّركُ لِلمَأَمُورِ أَو فِعلُ مُفسِدِ
وَمَن شَكَّ فَليَبكِي عَلَى رَفضِ دِينِهِ *** وَيَعلَم أَن قَد جَاءَ يَومًا بِمَوئِدِ
وَيَعلَم أَنَّ الشَّكَّ يَنفِي يَقِينَهَا *** فَلا بُدَّ فِيهَا بِاليَقِينِ المُؤَيَِّدِ
بِهَا قَلبُهُ مُستَيقِنًا جَاءَ ذِكرُهُ *** عَنِ السَّيدِ المَعصُومِ أَكمَلِ مُرشِدِ
وَلا تَنفَعُ المَرءَ الشَّهَادَةُ فَاعلَمَن *** إذَا لَم يَكُن مُستَيقِنًا ذَا تَجَرٌّدِ
وَسَابِعُهَا الصِّدقُ المُنَافِي لِضِدِّهِ *** مِنَ الكَذِبِ الدَّاعِي إلَى كُلِّ مُفسِدِ
وَعَارِفُ مَعنَاهَا إذَا كَانَ قَابِلاً *** لَهَا عَامِلاً بِالمُقتَضَى فَهوَ مُهتَدِي
وَطَابَقَ فِيهَا قَلبُهُ لِلَسَانِهِ *** وَعَن وَاجِبَاتِ الدِّينِ لَم يَتَبَلَّدِ
وَمَن لَم تَقُم هَذِي الشٌّرُوطُ جَمِيعُهُا *** بِقَائِلِهَا يَومًا فَلَيسَ عَلَى الهدِي
إذَا تَمَّ هَذَا وَاستَقَرَّ فَإنَّمَا *** حَقِيقَتُهُ الإسلامُ فَاعلَمهُ تَرشُدِ
وَإنَّ لَهُ فَاحذَر هُدِيتَ نَوَاقِضًا *** فَمَن جَاءَ مِنهَا نَاقِضًا فَليُجَدِّدِ
فَقَد نَقَضَ الإسلامَ وَارتَدَّ وَاعتَدَى *** وَزَاغَ عَنِ السَّمحَاءِ فَليَتَشَهَّدِ
فَمِن ذَاكَ شِركٌ فِي العِبَادَةِ نَاقِضٌ *** كَذَبحٍ, لِغَيرِ الوَاحِدِ المُتَفَرِّدِ
كَمَنَ كَانَ يَغدُو لِلقِبَابِ بِذَبحِهِ *** وَلِلجِنِّ فِعلَ المُشرِكِ المُتَمَرِّدِ
وَجِاعِلٍ, بَينَ اللهِ بَغيًا وَبَينَهُ *** وَسَائِطَ يَدعُوهُم فَلَيسَ بِمُهتَدِي
وَيَطلُبُ مِنهُم بِالخُضُوعِ شَفَاعَةً *** إِلَى اللهِ وَالزٌّلفَى لَدَيهِ وَيَجتَدِي
وَثَالِثُهَا مَن لَم يُكَفِّر لِكَافِرٍ, *** وَمَن كَانَ فِي تَكفِيرِهِ ذَا تَرَدٌّدِ
وَصَحَّحَ عَمدًا مَذهَبَ الكُفرِ وَالرَّدَى *** وَذَا كُلٌّهُ كُفرٌ بِإجمَاعِ مَن هُدِي
وَرَابِعُهَا فَالاِعتِقَادُ بِأَنَّ مَا *** سِوَى المُصطَفَى الهَادِي وَأَكمَلُ مُرشِدِ
لأَحسَنُ حُكمًا فِي الأُمُورِ جَمِيعِهَا *** وَأَكمَلُ مِن هَديِ النَّبِيِّ مُحَمَّدِ
كَحَالَةِ كَعبٍ, وَابنِ أَخطَبَ وَالَّذِي *** عَلَى هَديِهِم مِن كُلِّ بَاغٍ, وَمُعتَدِي
كَمَن وَضَعُوا القَانُونَ زَعمًا بِأَنَّهُ *** أَتَمٌّ وَأَوفَى مِن هَديِ خَيرِ مُرشِدِ
فَفِي الشَّرعِ قَتلٌ بِالحُدُودِ وَغَيرهَا *** وَبالمَالُ فِي القَانُونِ زَجرٌ لِمُفسِدِ
وَبِالحَبسِ فِي قَانُونِهِم وَافتِرَائِهِم *** نَجَاةٌ مِنَ القَتلِ المُزَبَّرِ لا الحَدِ
فَتَبًّا لَهَاتِيكَ العُقُولِ وَمَا رَأَت *** لَقَد عَزَلَت حُكمَ الكِتَابِ المُمَجَّدِ
وَقَد فَسَخَت حُكمَ الرَّسُولِ مُحَمَّدٍ, *** وَأَصحَابِهِ مِن كُلِّ هَادٍ, وَمُهتَدِي
وَخَامِسُهَا يَا صَاحِ مَن كَانَ مُبغِضًا *** لِشَيءٍ, أَتَى مِن هَديِ أَكمَلِ سَيِّدِ
فَقَد صَارَ مُرتَدًّا وَإن كَانَ عَامِلاً *** بِمَا هُوَ ذَا بُغضٌ لَهُ فَليُجَدِّدِ
وَذَلِكَ بِالإجمَاعِ مِن كُلِّ مُهتَدٍ, *** وَقَد جَاءَ نَصٌّ ذِكرِهِ فِي مُحَمَّدِ
وَسَادِسُهَا مَن كَانَ بِالدِّينِ هَازِئًاً *** وَلَو بِعِقَابِ الوَاحِدِ المُتَفَرِّدِ
وَحُسنِ ثَوَابِ اللهِ لِلعَبدِ فَلتَكُن *** عَلَى حَذَرٍ, مِن ذَلِكَ القِيلِ تَرشُدِ
وَقَد جَاءَ نَصُّ فِي بَرَاءَةَ ذِكره *** فَرَاجِعهُ فِيهَا عِندَ ذِكرِ التَّهَدٌّدِ
وَسَابِعُهَا مَن كَانَ لِلسِّحرِ فَاعِلاً *** كَذَلِكَ رَاضٍ, فِعلَهُ لَم يُفَنَّدِ
وَفِي سُورَةِ الزَّهرَاءِ نَصُّ مُصَرِّحٌ *** بِتَكفِيرِهِ فَاطلُبهُ مِن ذَاكَ تَهتَدِي
وَمِنهُ لَعَمرِي الصَّرفُ وَالعَطفُ فَاعلَمَن *** أَخِي حُكمَ هَذَا المُعتَدِي المُتَمَرِّدِ
وَثَامِنُهَا وَهيَ المُظَاهَرَةُ الَّتِي *** يُعَانُ بِهَا الكُفَّارُ مِن كُلِّ مُلحِدِ
عَلَى المُسلِمِينَ الطَّائِعِينَ لِرَبِّهِم *** عِيَاذًا بِكَ اللَّهُمَّ مِن كُلِّ مُفسِدِ
وَمَن يَتَوَلَّى كَافِرًا فَهوَ مِثلُهُ *** وَمِنهُ بِلا شَكٍّ, بِهِ أَو تَرَدٌّدِ
كَمَا قَالَهُ الرَّحمَنُ جَلَّ جَلالُهُ *** وَجَاءَ عَنِ الهَادِي النَّبِيِّ مُحَمَّدِ
وَتَاسِعُهَا وَهوَ اعتِقَادٌ مُضَلِّلٌ *** وَصَاحِبُهُ لا شَكَّ بِالكُفرِ مُرتَدِي
كَمُعتَقِدٍ, أَن لَيسَ حَقًّا وَوَاجِبَاً *** عَلَيهِ اتِّبَاعُ المُصطَفَى خَيرِ مُرشِدِ
فَمَن يَعتَقِد هَذَا الضَّلالَ وَأَنَّهُ *** يَسَعهُ الخُرُوجُ عَن شَرِيعَةِ أَحمَدِ
كَمَا كَانَ هَذَا فِي شَرِيعَةِ مَن خَلا *** كَصَاحِبِ مُوسَى حَيثُ لَم يَتَقَيَّدِ
هُوَ الخَضِرُ المَخصُوصُ فِي الكَهفِ ذِكرُهُ *** وَمُوسَى كَلِيمُ اللهِ فَافهَم لِمقَصِدِ
وَهَذَا اعتِقَادٌ لِلمَلاحِدَةِ الأُلَى *** مَشَايِخ أَهلِ الاِتِّحَادِ المُفَنَّدِ
كَنَحوِ ابنِ سِينَا وَابنِ سَبعِينَ وَالَّذِي *** يُسَمَّى ابنَ رُشدِ الحَفِيدِ المُلَدِّدِ
وَثَورٍ, كَبِيرٍ, فِي الضَّلالَةِ صَاحِب *** الفُصُوصِ وَمَن ضَاهَاهُمُ فِي التَّمَرٌّدِ
وَإيَّاكَ أَن تَصغَى لِقَولٍ, مُفَنَّدٍ, *** يَرُوحُ بِهِ فِي النَّاسِ يَومًا وَيَغتَدِي
أُنَاسٌ ذَوُو عِلمٍ, وَلَكِن دَهَاهُمُ *** مِنَ الجَهلِ بِالكُفَّارِ أَقوَالُ مُعتَدِي
يَقُولُونَ مُحيِي الدِّينِ وَهوَ مُمِيتُهُ *** وَأَكفَرُ خَلقِ اللهِ مِن كُلِّ مُلحِدِ
وَمِن قِيلِهِم مَن كَانَ بِاللهِ عَارِفًا *** فَتَبًّا لَهُ مِن زَائِغٍ, ذِي تَمَرٌّدِ
وَعَاشِرُهَا الإعرَاضُ عَن دِينِ رَبِّنَا *** فَمَن لَم يَتَعَلَّمهُ لَيسَ بِمُهتَدِي
وَمَن لَم يَكُن يَومًا مِنَ الدَّهرِ عَامِلاً *** بِهِ فَهوَ فِي كُفرَانِهِ ذُو تَعَمٌّدِ
وَلا فَرقَ فِي هَذِي النَّوَاقِضِ كُلِّهَا *** إذَا رُمتَ أَن تَنجُوَ وَلِلحَقِّ تَهتَدِي
سِوَى المُكرَهِ المَضهُودِ إن كَانَ قَد أَتَى *** هُنَالِكَ بِالشَّرطِ الأَطيَدِ المُؤَكَّدِ
وَحَاذِر هَدَاكَ اللهُ مِن كُلِّ نَاقِضٍ, *** سِوَاهَا وَجَانِبهَا جَمِيعًا لِتَهتَدِي
وَكُن بَاذِلاً لِلجِدِّ وَالجُهدِ طَالِبَاً *** وَسَل رَبَّكَ التَّثبِيتَ أَيّ مُوَحِّدِ
وَإيَّاهُ فَارغَب فِي الهِدَايَةِ لِلهُدَى *** لَعَلَّكَ أَن تَنجُوَ مِنَ النَّارِ فِي غَدِ
وَصَلِّ إلَهِي مَا تَأَلَّقَ بَارِقٌ *** وَمَا وَخَدَت قُودٌ بِمَورٍ, مُعَبَّدِ
تَؤُمٌّ إلَى البَيتِ العَتِيقِ وَمَا سَرَى *** نَسِيمُ الصَّبَا أَو شَاقَ صَوتُ المُغَرِّدِ
وَمَا لاحَ نَجمٌ فِي دُجَى اللَّيلِ طَافِح *** وَمَا انهَلَّ صَوبٌ فِي عَوَالٍ, وَوُهَّدِ
عَلَى السَّيِّدِ المَعصُومِ أَفضَلِ مُرسَلٍ, *** وَأَكرَمِ خَلقِ اللهِ طُرًّا وَأَجوَدِ
وَآلٍ, وَأَصحَابٍ, وَمَن كَانَ تَابِعَاً *** صَلاةً دَوَامًا فِي الرَّوَاحِ وَفِي الغَدِ
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد
التعليقات ( 1 )
النظم mp3
-أم محمد
03:50:40 2020-09-01