من رسائل الشيخ سعد بن حمد بن عتيق


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 



الرسالةُ الثامنةُ

من سعد بن حمد بن عتيق إلى الأخ المكرم فيصل بن عبد العزيز آل مبارك، سلمه الله - تعالى -وهداه، وجعله ممن اتّبع هداه.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبــعــد:

موجب الخط إبلاغ السلام والسؤال عن حالك، لا زلت بخير وعافية، وخطك وصل، وصلك الله إلى رضاه، وتأخير جواب السؤال لأجل كثرة الأشغال وعد الفراغ، وهذا الجواب يصل إليك إن شاء الله - تعالى -، كتبناه مع القصور وعدم الأهلية، ولكن الضرورة ألجأت إلى ذلك.



المسألة الأولى:

قول الطحاوي - رحمه الله تعالى -في عقيدته: لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات، ما معناه؟

الجواب:



أنَّ الجهات بالنسبة إلى المخلوق ست: قدام وخلف وفوق، وتحت ويمين وشمال، ومراد المصنف أن الله - سبحانه - لا يشبه خلقه في ذلك ولا في غيره من الصفات، بل هو - سبحانه - فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه عالٍ, عليهم، كما قال أعلم الخلق به - صلى الله عليه وسلم -: \" أَنتَ الأَوَّلُ فَلَيسَ قَبلَكَ شَيءٌ، وَأَنتَ الآخِرُ فَلَيسَ بَعدَكَ شَيءٌ، وَأَنتَ الظَّاهِرُ فَلَيسَ فَوقَكَ شَيءٌ، وَأَنتَ البَاطِنُ فَلَيسَ دُونَكَ شَيءٌ \" [رواه مسلم (2713)].



هذا مراد المصنف - رحمه الله -، ولكن ذكر الجهة والتحيز ونحوهما من الألفاظ المجملة، كالجسم والجوهر والعرض ونحوهما فيما يتعلق بذات الرب وصفاته - تعالى -، لا يجوز إطلاقه على الرب - سبحانه -، لا نفيا ولا إثباتا، عند أهل السنة والجماعة، بل عندهم أنه - تعالى -لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال الإمام أحمد - رحمه الله -: \" لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله، لا يتجاوز القرآن والحديث \".



ومثل هذه الألفاظ المجملة التي حقا وباطلا لا توجد ولا يوجد مثلها في كلام الربِّ - سبحانه وتعالى -، ولا فيما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن أحدٍ, من السلف الصالح المقتدى بهم في باب أسماء الرب - سبحانه وتعالى - وصفاته، كما ذكر ذلك علماء السنة المقتدى بهم في هذا الباب، كشيخ الإسلام وغيره، وقد صرَّحوا بأن المتكلم بهذه الألفاظ ونحوهما فيما يتعلق بصفات الرب - سبحانه - مخطئ وإن كان قصده حسنا، كما يقع ذلك في كلام كثير من المثبتين للصفات المتبعين للسلف الصالح، والله أعلم.



الرسالةُ العاشرةُ

من سعد بن حمد بن عتيق إلى الأخ المكرم عبد العزيز بن محمد الشثري، سلمه الله - تعالى -وهداه وحفظه وتولاه.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبــعــد:

موجب الخطِّ إبلاغك السلام والسؤال عن حالك، لا زلت بخير وعافية، وأحوال محبك من فضل الله على ما تحب، جعلنا الله وإياك لنعمه شاكرين.

وخطٌّك وصل، وصلك الله ما يرضيه، سرَّنا طيبُك وصحةُ حالك، وما ذكرت من المسائل الثلاث، فسؤال مثلي يدلٌّ على انقراض العلم وانتقال أهلهº لما اتَّصفنا به من قلة العلم وقصور الفهم، مع ما انضمَّ إلى ذلك من كثرة الأشغال وقلة الفراغ، ولكن الأمر كما قيل:

ولكن البلاد إذا قشعرَّت *** وصوح نبتها رعي الهشيم

ولما لم يكن بدُّ من الجواب، حررنا ما تراه، فإن يكن صوابا، فمن الله، وإن يكن غير ذلك، فاستغفر الله.



المسألة الأولى: قول السفاريني في عقيدته:

وليس ربنا بجوهر ولا *** عرض ولا جسمٍ, - تعالى -ذو العُلى

هل هذا موافق لمذهب أهل السنة أم لا؟

الجواب: إن إطلاق لفظ الجوهر والعرض والجسم على الرب - سبحانه وتعالى - إثباتا ونفيا ليس من عبارات السلف الصالح المقتدى بهم في باب أسماء الرب - سبحانه وتعالى - وصفاته، ومثل ذلك لفظ الجهة والحيز وغير ذلك من الألفاظ المجملة التي تحتمل حقاً وباطلاً، لا يوجد شيء من ذلك في كلام السلف الصالح - رحمهم الله -، ومن نسب ذلك وما شابهه إلى السلف، فهو مخطئ في ذلكº لأن الطريقة المعلومة من السلف الصالح والجادة المسلوكة والمعتبرة عندهم في باب أسماء الربِّ وصفاته أنهم لا يتكلمون في ذلك إلا بما تكلم الله به أو تكلم به رسوله - صلى الله عليه وسلم -، كما قال الإمام أحمد - رحمه الله -: \" لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله، لا يتجاوز القرآن والحديث \".



ولفظ الجوهر والعرض والجسم فيما يتعلق بذات الرب - تعالى -وأسمائه وصفاته إثباتا ونفيا حرفةٌ مشؤومة وسجيه مذمومة، وقد نص جماعة من أهل الحق والسنة على أن إطلاق مثل هذه الألفاظ في هذا الباب أمر مبتدع، وكلام مخترع لا يجوز للمتشرع والمنتسب إلى الحق والسنة إطلاقه على الرب - سبحانه وتعالى - إثباتا ونفيا، ولا يجوز نسبته إلى السلف الصالح.



ونحن نقتصر على ما وجدنا من كلام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -، ونذكره مختصرا مقتصرين على المقصود منه، قال - رحمه الله -: وأمَّا ما لا يوجد عن الله ورسوله إثباته ونفيه، مثل الجوهر والجسم والعرض والجهة وغير ذلك، لا يثبتون ولا ينفون، فمن نفاه فهو عند أحمد والسلف مبتدع، ومن أثبته فهو عندهم مبتدع، والواجب عندهم السكوت عن هذا النوعº اقتداءً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه.



هذا معنى كلام الإمام أحمد، إلى أن قال: وأنا أذكر لك كلامَ الحنابلة في هذه المسألة، قال الشيخ تقي الدين بعد كلام له على من قال إنه ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض، قال - رحمه الله -: فهذه الألفاظ لا يطلق إثباتها ولا نفيها كلفظ الجوهر والجسم والحيز والجهة ونحو ذلك، إلى أن قال شيخ الإسلام: والمقصود أن الأئمة كأحمد وغيره ذكرُهم أهل البدع لألفاظ الجملة كلفظ الجسم والجوهر والحيز لم يوافقهم، لا على إطلاق الإثبات ولا على إطلاق النفي. انتهى كلام الشيخ تقي الدين.



وهذا ما نقلناه من رسالة الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله -، وقال في تلك الرسالة: ومن كلام أبي الوفاء بن عقيل قال: وأنا أقطع أن أبا بكر وعمر ما عرفا الجوهر والعرض. انتهى،

وفي هذا كفاية لمن أراد الله هدايته، والله أعلم.



الـمـصـدر:

الـمجـمـوعُ الـمـفـيـد مـن رسـائـل وفـتـاوى الـشـيـخ سـعـد بـن حـمـد بـن عـتـيـق

جـمـع وتـرتـيـب

إسـمـاعـيـل بـن سـعـد بـن إسـمـاعـيـل بـن عـتـيـق

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply