بسم الله الرحمن الرحيم
كثيراً ما أعجب من واقع أمّة تعد نفسها شعب الله المختار، فالحقائق التي تدور حولها وفي داخل دائرتها تدعو لهذا الموقف، ولأكثر منه بكثير حقائق هي في حد ذاتها حلقات تختلف في أحجامها وأشكالها، وما تعلقها ببعضها إلا على سبيل القصر.
أذكر لكم موقفاً حدث لابنة رئيس وزراء الكيان الصهيونيّ الأسبق (بن غوريون)º موقف قد لا يكون له قيمة في حد ذاته، إلا أنّ تعلقه بغيره يدعو للتأمّل والتدبّر، وإليكم القصة:
أصدر الحاخام الأكبر قراراً بمنع زواج ابنة (بن غوريون) من ضابط يهوديّ، أما السبب فلأن أمها نشأت مسيحية الديانة، هذا المنع دفع الأب المفجوع لتقديم شهادات تثبت اعتناق زوجته لليهوديّة عند ارتباطه بها منذ ما يزيد عن ربع قرن, الشهادات رفض الحاخام الأكبر الاعتراف بها!
موقفه هذا لم يتغير مع كل المحاولات التي بذلها رئيس الوزراء وأنصاره وكبار المسؤولين، عندها لم تجد زوجة (بن غوريون) بداً لإتمام زواج ابنتها من الانصياع, وتقديم طلب إشهار دخولها في الديانة اليهوديّة، مع علمها أن الحاخام يملك قبول الطلب أو رفضه..!!
القضية بالنسبة لي ليست زواج ابنة (بن غوريون) من عدمهº بل في المسبّبات الكامنة خلف هذا الإجراء الدينيّ، والقاضي بمنعها من الزواج من رجل يهوديّ، فأمها في عرف الحاخام الأكبر ما زالت مسيحية، وبالتالي فابنتها - وكما تنصّ الديانة اليهوديّة - تابعة من حيث الديانة لأمّها النصرانيّة، لا لأبيها رئيس وزرائهم!! هذا هو الأساس الذي تم من خلاله إصدار القرار بمنع ابنة (بن غوريون) من الزواج برجل يهوديّ، فالديانة اليهوديّة تحرم تماماً الاعتراف بيهوديّة أبناء من أمّهات غير يهوديّات.
ومن هذا المنطلق استطاع الأستاذ (عثمان سعيد العاني) في بحثه المُعَنون (هيكل سليمان حقيقة أم خيال) إثبات فساد دعوى اليهود في المطالبة بإعادة بناء هيكل سليمان - عليه السلام -، فقد أشار إلى أن: (سليمان بن داود - عليهما السلام - ليس يهودياًº فقد ورد في كتاب العهد القديم، وفي سفر صموئيل الثاني بالذات, أنّ أمّه (بتشيع) ليست يهودية الأصل!)، ثم أعقب قوله هذا بقوله: ( لا شكّ أنّ النبيّ سليمان - عليه السلام - ما كان ليحصل على اعتراف الجهات الدينيّة الرسمية به كيهوديّ لو وجد بيننا اليوم!!)، ثم ذكر إنّ تطاول العهد القديم على هذا النبي الكريم كغيره من أنبياء الله - عليهم السلام - بلغ مداهº إذ زعمت نصوصه أنّه عبد الأصنام، ومات على ذلك!! - معاذ الله أن يكون -.
إنّ الغرابة من وجهة نظري لا تكمن في هذا - أيضاً - فالنبي سليمان - عليه السلام - ليس في حاجة لشهادة هؤلاء أو لاعترافهم بفضله، لكنّ الغرابة تظهر في دعواهم، وتشددهم القاضي بضرورة هدم الأقصى الشريف لبناء هيكل سليمان، فمن جهة - وبحسب اعتقادهم - تم بناء الهيكل على يد رجل لا ينتمي للديانة اليهودية بصلة، فأمّه ليست يهودية، كما أنه مات على الكفر بزعمهم!!، ومن جهة أخرى تؤكد الحقائق أن المسجد الأقصى تم بنائه على يد إبراهيم - عليه السلام - قبل بناء هيكل سليمان بـ1000 عام! فكيف بُني الهيكل تحت حرم قائم قبله بـ 1000 عام، وما زال بحفظ الله!
لقد أكد علماء الآثار عدم وجود أي دلائل على أنّ الهيكل كان على أرض المسجد الأقصى وقبة الصخرة، فهذه الحفريات التي بدأت في أواخر 1967م وما زالت مستمرة إلى يومنا هذاº لم تتمكن من إثبات دعواهم، وكل ما وصل إليه علماء الآثار من خلال تلك الحفريات آثار أموية، ورومانية، وبيزنطية، هذا ما صرح به عالم الآثار الأمريكي (غوردن فرانز) الذي أمضى عامين في أعمال الحفريات في القدس، وهذا ما أكده مصمم (مجسم الهيكل)(إيغي يوناه) بقوله: \"لا أعرف مكان الهيكل، ولا أحد يعرف، كل ما أعرفه أن كل هؤلاء الذين يقولون إنهم يريدون الهيكل إنما يريدون في الدرجة الأولى تدمير المسجد\"!
نعم.. إنّ بناء الهيكل ليس هدفا يهودياً، بل هدم المسجد الأقصى وقبة الصخرة هو هدف أولئك! فإلغاؤهما من الوجود هو إلغاء لتطلعات المسلمين لمقدساتهم، ولتحريرهم للأرض المقدسة!!.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد