اصقل سيفك عباس


 

بسم الله الرحمن الرحيم



اشكروه فهو من منحنا الحرية والديمقراطية هبةً ومنةً، قدسوه فهو من أجرى الانتخابات في موعدها رغم أنه كان يستطيع تأجيلها، أجِلّوه فقد سمح لمن فاز بالانتخابات بتشكيل الحكومة، اصنعوا له تمثالاً فهو حامي الوطن والحريص على مصلحته، رمِّزوه..فبرنامجه هو الوحيد الذي يصلح لشعبنا..وما دونه هباء، قدِّروه فهو الزاهد في الحكم والكرسي والصلاحيات!



ألا تذكروا أنه استقال من رئاسة الوزراء بعد أن منعه عرفات من ممارسة صلاحياته، احترموه فهو أبو القانون والدستور، إنه عبّاس رئيس السلطة والزعيم الواحد الأوحد حامي الفساد والإفساد ورموزه، إنه عبّاس الذي أصدر قرار بدء الحرب الأهلية اليومº دفاعاً عن الفساد وحفاظاً على مصالح المفسدين.

لم يحرك عبّاس ساكناً، وأبناء شعبنا يسقطون ليل نهار على أيدي المجرمين من أجهزة الوقائي وفرقة الموت، لم يتأثر لنزيف دماء ضحايا الفلتان، ولا لأنّات الجرحى، لم ير ولم يسمع ولم يعرف، أو ربما الأمر لا يعنيه، فالشعب الفلسطيني آخر همه، ولديه أولويات أهمها التنديد بالعمليات حتى ولو من جنوب إفريقيا، ومنها مد يده لحكومة تقوم بقتل واغتيال أبناء الشعب الفلسطيني.. لم يذكرهم عبّاس بكلمة واحدة، ولم يذكر قضية 6ملايين لاجيء يتآمر عليهم وعلى حقهم في العودة!



لكن الهمام عبّاس احتد وانتفض وأصدر أوامره أخيراً، ليس لمواجهة الاجتياحات، ولا للدفاع عن الشعب الفلسطيني، ولا لوقف الفلتان والفوضى التي تثيرها أجهزة جل عناصرها من التنظيم الذي يرأسه، لكنها أوامر لمواجهة وزير داخليته الذي اتخذ قراراً واضحاً لمواجهة الفساد والفوضى، وهو ما يمس عباس وزمرته بشكل مباشر، فقرار كهذا سيعني محاسبة رؤوس الفتنة أذرعة عبّاس من أمثال دحلان وعصابته، وهذه القوة ربما نجحت فيما فشل فيه وزراء قبله، لذلك وجب التصدي لها ولو بإراقة الدماء حفاظاً على هيبة الفساد ورموزه!

ترى ما الذي استفز عبّاس بهذا الشكل؟ ولماذا هذا السيل من التصريحات والبيانات والاحتجاجات، وما هو خطر قرار الوزير الذي يتحمل مسؤوليته كاملة؟ لا أجد سوى إجابة واحدة: الخوف من كشف المستور من جرائم \"المناضلين\" و\"القيادات\"، والخوف من فتح ملفات تطال رؤوس الفساد والفتنة، وتحقيق نجاحات تكشف زيف ادعاءات الحماية والأمن التي تغنى بها عباس وزمرته.



سنوات مرت وأبناء شعبنا يسقطون يومياً شهداء وجرحى على أيدي قوات الاحتلال أو أذنابهم من المجرمين، سنوات من العربدة والبلطجة، سنوات من الاعتداء على المؤسسات الفلسطينية، سنوات من انعدام الأمن والأمان، عشرات الآلاف من العناصر الأمنية ازدادت عشرات أخرى من الآلاف خلال الأشهر القليلة الماضية، سنوات وسنوات وآلاف مؤلفة من العناصر الأمنية لم تكن كافية ليتحرك عبّاس، لكن بمجرد أن يُتخذ قرار لمواجهة كل هذه المآسي، تتحرك نخوة عبّاس لمواجهة من يريد مواجهة الفساد!

بتدرج بطيء، لكنه مستمر ومتواصل تتحول الأمور في فلسطين إلى نظام القائد الأعلى، فالرواتب لن تمر إلا عبر عبّاس، والمعابر والإعلام والأمن والمحاكم وكل شيء في يد عبّاس، ومرجعية الجميع كما يريدها هي أيضاً في يدهº بصفته رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الفاقدة للنصاب والشرعية، وكل الوزارات في يده ولا يجوز نقل أو ترقية موظف دون موافقته، وهكذا نبقى جميعاً رهائن عبّاس ونزوات عبّاس وقرارات عبّاس، فإن مات أو رحل نموت معه ونرحل!!

أخيراً أتساءل:أين أنت يا عبّاس من الحصار والاغتيال والاجتياح والاعتقال والفوضى؟ وما دمت قادراً على تحريك الأجهزة الأمنية بقرار، فلماذا تقاعست عن اتخاذ هذا القرار سابقاً؟

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply