بسم الله الرحمن الرحيم
تأليه بعض المخلوقات قديم جداً. ولا يزال يوجد بين البدائيين ومن جمدوا على التقاليد الدينية الموروثة بدون بحث أو نظر، فقد عبد الإنسان قوى الطبيعة وعبد الشمس والقمر والكواكب الأخرى، وتاريخ الأديان خصوصا في الشرق الأوسط غاص بهذا المظاهر، ومنها شاع ما يعرف باسم الطوطم والتابو من عبادة الأجداد والأشجار وأثار الموتى...
وترقت بعض الأمم فعبدت آلهة لا ترى ولكن خلعت عليها صفات البشر. فكان لدى اليونانيين عدد كبير من الآلهة يختصمون ويحقد بعضهم على بعض ويدبرون المكايد وتشيع بينهم الأحقاد وهكذا، ولكن ميزتهم أنهم لا يموتون، وجاء عصر الفلسفة والنضج الفكري فأنكر بعض المفكرين هذه الديانة وأنكر بعض آخر هذه الصفات، ولكن مما لا ريب فيه أن فلاسفة اليونان حتى الكبار منهم لم يستطيعوا أن يتخلصوا من خرافات السابقين.
وفي مصر وجدت أسطورة إيزيس وأوزوريس وحوريس، وهي معروفة ومشهورة فكانت بداية التثليث فيما نعلم، وأعتقد الناس أن دماء الآلهة سرت في شرايين الملوك فالهوهم وعبدوهم، وكان في هذه العقائد ما يثبت سلطان الملوك، فكانوا يحرصون على بقائها وتثبيتها.
في روما وجدت أسطورة مشابهة، خلاصتها أن توأمين هما روميولس وريميوس، وجدا في الصحراء، وحنت عليهما ذئبة فأرضعتهما، ومات ثانيهما وبقي ((روميولس)). فلما نما وترعرع أسس مدينة روما، ومنه جاء ملوكها، فهي مدينة مقدسة وملوكها من سلالة الآلهة، فظل الناس بعد ذلك يعبدون الملوك الرومانيين، فلما ظهرت النصرانية حاربوها حرصا على مجدهم حتى كان عصر الإمبراطور البيزنطي قسطنطين، فوجد أن تيار النصرانية قد أصبح عنيفا أقوى من أن يحارب، وأن محاربته تهدد سلطانه، فأعلن النصرانية دينا رسميا لدولته، ولم يكن الناس جميعا مستعدين لقبولها فأجبرهم عليها بالتعذيب والقتل، وأريقت دماء كثيرة وذهبت أرواح وعانى الكثيرون من الإغراق والإحراق والضرب ما أزهق أرواحهم أو تركهم زمنى وعاجزين.
وكانت مدرسة الإسكندرية قد أضطلعت بدرس الفلسفة اليونانية ونشرها، وازدهر فيها الفكر اليوناني مدة طويلة، فلما ظهرت النصرانية وجدت في هذه المدرسة تراثا وثنيا لم تستطع أن تتخلص منه، بل سيطر هو على النصرانية.
وقد حارب أباطرة الرومان عبادة إيزيس وشق عليهم أماتتها حتى لنجد أحد عشر إمبراطورا يقيمون على حربها، ومع ذلك لم تمت وإنما ظهرت في صورة أخرى واسم أخر ـ ظهرت في عبادة ديمتر ـ يونانية ورومانية، وامتزجت بعبادة (مثرا) واتخذوا لها صورة الأم الحانية فرسموها تحتضن وليدها في مظهر ينم عن الحنان والبر من الأم والبراءة والطهارة من الطفل، وهذه الصورة بكل ما فيها هي الصورة التي يرسمها النصارى لمريم العذراء وهي تحمل طفلها المسيح.
وكما يذكر كارليل في كتاب ((الأبطال وعبادة الأبطال)) أن الناس كانوا يعظمون البطل ويعظمون أمه وأباه، فجاءت عقيدة التثليث بهذا، وظل الناس يخلعون على الأبطال صفات الآلهة، حتى كان النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - فقضى على هذه العقيدة بإعلانه أنه بشــر.
ويذكر الدكتور سير أرنولد أن ديانة التوحيد هي أرقى الديانات البشرية وهو قول يردده الكثيرون من رجال الديانات والأنثروبولوجي، أمثال جيمس فريزر وبتلر، ذلك أن عقيدة التثليث أو التثنية إنما هي بقايا من الديانات البدائية التي كانت تدين بآلهة عديدة لكل شيء إله.
النصرانية إذن لم تخرج عن نطاق الأديان البدائية، والأساطير التي شاعت في الأمم القديمة، ذلك لأنها لا تمت إلى المسيح بصلة، وإنما هي شيء معرف ومستحدث من أذهان بشرية، وخرافات موروثة عن أمم شتى.
أنه لمن الصعب جدا \" على الإنسان أن يصدم فجأة بواقع يعيشه وقد يحــاول أن يواريه عن الآخرين ليعيش في كذبة هو أختلقها لنفسه. والصدمة تكون كبيرة إذا لم يجد حل. ولكن لا بد من الصدمة حتى يسأل الإنسان نفسه لماذا يعيش هل لعبادة مخلوق أم لعبادة الخالق. وسوف يبحـث كثيرا \" عن الحل..(ولن يجد شيئاً) إذا لم يتجه للإسلام.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد