دخول أولاد البنات في الوقف


بسم الله الرحمن الرحيم

يكثر النـزاع وتقوم الخصومة بين متولي الوقف ومستحقيه في استحقاق أولاد البنات في الوقف بعد موت أمهم الصلبية للواقف وينشأ هذا النـزاع من غياب النص الصريح في استحقاقهم ودخولهم في الوقف والراسخون في العلم والذين لهم حظ من العلم فسروا النص الغامض بالقرينة الدالة على أحقية أولاد البنات في الاستحقاق ويتوقف هذا التفسير على معرفة عبارات وألفاظ الواقف في شرط وقفه وهي ألفاظ لها جذور في اللغة وأصول في القواعد وشواهد من الكتاب والسنة.

 

ومشكلة استحقاق أولاد البنات تظهر على السطح وتصل إلى درجة الخصومة والمحاكم إذا كان متولي الوقف قليل الحظ من العلم ومن المعرفة والدراية ولو لجأ هذا المتولي إلى أهل العلم كما قال الحق - سبحانه وتعالى -: ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)). لما قام النـزاع ولما وجدت خصومة، فلفظ على ولدي إذا صدرت من الواقف خلاف لفظ على أولادي ولفظ على نسلي خلاف ما لو قال على ذريتي وهكذا.

 

يقول العلامة الشيخ / محمد أبو زهرة - يرحمه الله - في كتابه (محاضرات في الوقف):

الوقف على الولد بلفظ المفرد:

إذا ذكر الواقف طبقة واحدة بلفظ المفرد، كأن يقول وقفت على نفسي ومن بعدي على ولدي ثم على الفقراء أو على مسجد الحي أو جماعة من جماعات البر فانه في هذه الحال ينفرد بالاستحقاق من يكون موجودا من أولاده سواء أكان واحداً أم أكثر من ذلك ذكراً أو أنثى.

 

وإذا ولد بعد ذلك ولد يدخل في الاستحقاق، لأنه من المقررات اللغوية أن المفرد المضاف يعم، فكلمة ولدي مضافة إلى المتكلم فتعم كل من يولد، وكلمة ولد فلان في اللغة أيضاً تعم فإذا قيل ولد فلان شمل كل أولاده فإذا انقرض أولاده ذهب الوقف إلى الفقراء، فإن ولد له بعد ذلك، فإن الاستحقاق يعود له.

 

ولا تشمل كلمة ولدي أولاد أولاده، لأنه اقتصر في الاستحقاق على طبقة واحدة، ولم يوجد نص أو شرط، ولأن الولد المضاف إلى الشخص حقيقة في ولده المباشر وولد الابن لا يعد ولداً له إلا على سبيل المجاز، ولا يجمع بين الحقيقة والمجاز.

 

 فإذا قال الواقف: وقفت داري وعينها وحددها ثم قال على أولادي لصلبي بالسوية بينهم ثم على أولادهم ثم على أولاد أولادهم ثم على أولاد أولاد أولادهم ثم على نسلهم وعقبهم مهما تناسلوا وتعاقبوا بطناً بعد بطن ونسلاً بعد نسل وجيلاً بعد جيل على أن من مات منهم عن ولد أو ولد ولد أو الأسفل من ذلك عاد نصيبه إلى ولده أو ولد ولده وإن سفل ومن مات منهم عن غير ولد فنصيبه يعود إلى أصل الغلة ثم وثم إلى جهة بر لا ينقطع.

 

فإذا فرض أن الواقف مات عن ثلاثة أولاد ذكور وعن بنتين ثم توفي أحد الأولاد الذكور عن ثلاثة أولاد وثلاث بنات كما توفيت إحدى البنتين عن ولد وبنت فكيف تقسم غلة الوقف؟ وهنا ينشأ النزاع في أولاد إحدى الابنتين هل يدخلون في الوقف ويستحقون نصيب أمهم أم يحرمون ويستبعدون من الاستحقاق ويعود نصيب أمهم إلى أصل الغلة، في هذه المسألة يقول الفقهاء أن غلة الوقف أصلاً توزع على خمسة أسهم لكل ولد سهم ولكل بنت سهم وسهم الميت منهم يوزع على أولاده بالتساوي إذا كان له أولاد وكذلك سهم الميتة يوزع على أولادها، ودخول ولد البنت في الوقف بالقرينة الدالة على دخولهم وهي عبــارة (ومن مات منهم عن ولد فنصيبه إلى ولده) وكلمة (منهم) أي من أولاد الواقف لصلبه وبنت الواقف هي من صلبه، وثمة قرينة أخرى وهي ترتيب الوقف بين الطبقات فيكون الوقف في أهل الطبقة الأولى وهم أولاد الواقف لصلبه مباشرة فإذا انقرضوا انتقل الوقف إلى أهل الطبقة الثانية وهم أولاد أولاد الواقف لصلبه وهكذا في كل طبقة.

 

واللبس الذي أوجد النزاع والخصومة بين المتولي وأصحاب الاستحقاق هو لفظة الواقف في قولــه (على أولادي لصلبي) ويظنون أن البنت ليست من أولاد الصلب وهي ليست كذلك فإن بنت الواقف من أولاده لصلبه

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply