بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، إله الأولين والآخرين، وخالق الخلق أجمعين، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه الكريم، سيدنا وإمامنا وقدوتنا وقرة عيننا محمد بن عبدالله وعلى آله وصحابته أجمعين، أما بعد:
فإننا سنطرح طرحاً موضوعياً علمياً لموضوع من أهم المواضيع التي كثر حولها الجدل ألا وهو موضوع المهدي المنتظر.
لقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- في أحاديث كثيرة ذكر المهدي فمنها ما أخرجه الإمام أبو داود عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: \"لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً من أهل بيتي يواطىء اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض عدلا\". وجاء كذلك عند أبي داود من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: \"المهدي من عترتي من ولد فاطمة\". وجاء كذلك عند أحمد قول النبي - صلى الله عليه وسلم-:\" المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة\". وجاء كذلك عند أحمد:\" المهدي منّي أجلى الجبهة أقنى الأنف يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ويملك سبع سنين\". وجاء عند مسلم تنبيه على المهدي من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -:\" لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة فينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم: تعال صل لنا، فيقول: لا، بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة\". وقد ذكر أهل العلم أن هذا الرجل الذي يتقدم ويصلي بعيسى هو المهدي، ثم يتولى بعد ذلك عيسى بن مريم - صلوات الله وسلامه عليه - زمام الأمور. وفي رواية ذكر ابن القيم أن إسنادها جيد فيها: \"فيقول أميرهم المهدي\". ولذلك قال الإمام الشوكاني - رحمه الله تبارك وتعالى- عن هذه الأحاديث: الأحاديث في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثاً، فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر، وهي متواترة بلا شك أو شُبهة.
كلامنا ليس لمناقشة أمر المهدي عند أهل السنة والجماعة وإنما نريد أن نناقش المهدي الذي يتكلّم عنه الشيعة، وأعني بالشيعة الشيعة الاثنى عشرية. إن حكاية المهدي في معتقد الشيعة الاثني عشرية حكاية غريبة نسج الخيال خيوطها وصاغ أحداثها وأحوالها وتحولت بعد ذلك إلى أسطورة من أساطير الزمان، يمجّها العقل السليم، والفطرة الصحيحة، حتى أنكرتها جُلّ فرق الشيعة فضلاً عن غيرهم. إن القصة بدأت بدعوى ولد للحسن العسكري اختفى، ثم تطورت إلى دعوى أخرى وهي: أن هذا الولد إمام ثم تطورت فجاءت دعوى النيابة عن هذا الإمام ثم ادعاء أن هذا المختفي هو المهدي المنتظر. إن غيبته عن الأنظار وعدم خروجه وقيادته للأمة سياسياً ودينياً يشكل تحدياً كبيراً للقائلين بوجوده، وتمثل تناقضاً صارخاً مع القول بضرورة وجوده. فكيف يمكننا أن نقول إن وجوده ضرورة لابد منها؟ ثم نقول كذلك في الوقت نفسه: إنه غائب ولابد له أن يغيب. لذا فإننا بإثارة هذا الموضوع قد نوقظ الكثيرين من الاستغراق في حلم جميل، ولكن إلى واقع صحيح - إن شاء الله تبارك وتعالى-.
ما هي عقيدتهم في المهدي؟
قال الشهرودي (وهو أحد علمائهم): لا يخفى علينا أنه - عليه السلام- وإن كان مخفياً عن الأنام، ومحجوباً عنهم، ولا يصل إليه أحد، ولا يُعرف مكانهº إلا أن ذلك لا ينافي ظهوره عند المضطر المستغيث به الملتجئ إليه، الذي انقطعت عنه الأسباب وأغلقت دونه الأبواب، فإن إغاثة الملهوف وإجابة المضطر في تلك الأحوال وإصدار الكرامات الباهرة والمعجزات الظاهرة هي من مناصبه الخاصة، فعند الشدة وانقطاع الأسباب من المخلوقين، وعدم إمكان الصبر على البلايا دنيوية أو أخرويةº أو الخلاص من شر أعداء الإنس والجن يستغيثون به ويلتجئون إليه.[1] هكذا يقولون والله - جل وعلا- يقول في وصف الكفار:\" فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون\". وهؤلاء يلجأون إلى المهدي في وقت الشدة ولا يلجأون إلى الله.
أدلة الشيعة على وجود المهدي:
نبدأ بذكر أدلتهم على وجوده ثم نناقشها.
أولاً: أدلة العقل:
قالوا: ضرورة وجود إمام في الأرض عنده جميع علم الشريعة يرجع الناس إليه في أحكام الدين، ثم ضرورة أن يكون هذا معصوماً، ثم ضرورة أن يكون من أولاد الحسين بن علي، ثم ضرورة الإيمان بوفاة الحسن العسكري، ثم ضرورة القول بالوراثة العمودية (أي من نسل الحسن يأتي مباشرة)، ثم ضرورة أنه لا معصوم إلا محمد بن الحسن العسكري الذي هو الإمام المهدي المنتظر. ولذلك يقول المرتضى: إن العقل يقتضي بوجوب الرياسة في كل زمان وأن الرئيس لابد أن يكون معصوماً. وقال المفيد: إن هذا أصل لا يحتاج معه إلى رواية النصوص لقيامه بنفسه في قضية العقول. وقال الطوسي: إن كل زمان لابد فيه من إمام معصوم مع أن الإمامة لطف، واللطف واجب على الله في كل وقت. وقال المجلسي: إن العقل يحكم بأن اللطف على الله واجب، وأن وجود الإمام لطف، وأنه لابد أن يكون معصوماً، وأن العصمة لا تُعلم إلا من جهته، وأن الإجماع واقع على عدم عصمة غير صاحب الزمان فيثبت وجوده. هذه هي أدلتهم، لكن من أين جاءت هذه الأمور كلها؟ العقل يقول ذلك.
نقول: أثبت العرش ثم انقش ما شئت.
قولهم: لابد من إمام معصوم يرجع إليه الناس في أحكام دينهم .
نقول: هذا حق، وهو واحد وهو رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم-.
وقولهم: لابد أن يكون من ولد الحسين.
نقول: سيناقش في أدلتهم النقلية.
رووا عن أبي عبدالله جعفر الصادق أنه قال: إن الأرض لو خلت طرفة عين من حجة لساخت بأهلها[2]. ورووا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أنه قال للحسين: هذا إمام ابن إمام أخو إمام أبو أئمة تسعة، تاسعهم قائمهم اسمه كاسمي وكنيته كنيتي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً. وقالوا: هذا الحديث مشهور عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وقد توارثته الشيعة في البلاد المتباعدة خلفاً عن سلف، وهناك أحاديث أخرى تدور حول هذا الموضوع قريبة من هذه الراويات.
أما الأثر:
- إن الأرض لو خلت طرفة عين من حجة لساخت بأهلها.
* لاشك أنه كذب وذلك أن الواقع يشهد ببطلانه، وقد كانت فترات بين الرسل ولم تسخ الأرض بأهلها.
- أما الحديث الذي نسبوه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أنه قال للحسين: هذا إمام ابن إمام أخو إمام أبو أئمة تسعة، تاسعهم قائمهم اسمه كاسمي وكنيته كنيتي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً.
* لاشك أنه كذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم-.
- وكذا قولهم توارثته الشيعة في البلاد المتباعدة خلفاً عن سلف.
* هذا أيضاً كذب حتى على الشيعة وذلك أن هذا الحديث لا ينسبه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إلا فرقة واحدة من فرق الشيعة التي بلغت قريباً من سبعين فرقة كلها تكذب هذا الحديث. كالزيدية والإسماعيلية والفطحية والكيسانية والبترية والجارودية والمختارية والكربية والهاشمية والراوندية والخطّابية والناوسية والقرامطة والواقفة الممطورة والنميرية وثلاث عشرة فرقة أخرى كلهم خالفوا الاثنى عشرية في هذه العقيدة وقالوا: إنه ليس هناك إمام بعد الحسن العسكري. وأما الحديث الذي استدلوا به فالصحيح منه قول النبي - صلى الله عليه وسلم-: لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من أهل بيتي اسمه كاسمي واسم أبيه كاسم أبي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جورا. ومن الأدلة على كذب الحديث الذي استدلوا به أن كثيراً من الشيعة القدماء لم يكونوا على علم به، فدلّ على أن هذا الحديث مصنوع وموضوع بعد ذلك بمدة طويلة. ولذلك اختلف الشيعة تقريباً بعد وفاة كل إمام من يكون الإمام بعده؟ وهذا زيد بن علي بن الحسين عم جعفر الصادق أخو محمد الباقر ابن علي بن الحسين، زيد بعث إلى الأحول (وهو من كبار الشيعة في ذلك الوقت) وهو مستخفٍ, وطلب نصرته فأبى الأحول وقال: إن كان الخارج أباك أو أخاك خرجت معه أما أنت فلا. فقال له زيد: يا أبا جعفر، كنت أجلس مع أبي على الخِوان (أي على طاولة الطعام) فيلقمني البَضعَة السمينة، ويبرد لي اللقمة الحارة حتى تبرد شفقة عليّ، ولم يشفق علي من حر النار إذ أخبرك بالدين ولم يخبرني به. فقال الأحول: جُعلت فداك، من شفقته عليك من حر النار لم يخبرك، خاف عليك ألا تقبله فتدخل النار (أي لا تقبل أن المهدي أو أن الإمام بعد علي بن الحسين هو أخوك محمد ولست أنت وبعد أخيك محمد هو جعفر ابنه ولست أنت. قال: ما أخبرني أبي بهذا، فكيف أخبرك ولم يخبرني؟ فقال: أشفق عليك، أن لا تقبل فتدخل النار، وأخبرني أنا فإن قبلت نجوت وإن لم أقبل لم يبال أن أدخل النار)[3]. وهذا الكلام باطل إذ يلزم من هذا أن لا يخبر جميع أهل البيت أولادهم ولا أعمامهم ولا أخوالهم ولا باقي أقاربهم خشية أن لا يقبلوا فيدخلون النار. وهكذا لا ينتهي هذا المسلسل من الطعن في آل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم- من شرذمة يدعون محبتهم، الآن زيد وبعده سيأتينا الطعن في جعفر بن علي الهادي كما طعنوا في أبناء عم الحسن العسكري وقبلهم طعنوا في محمد بن علي بن أبي طالب وعبد الله بن جعفر الصادق وأولاد الحسن بن علي والعباس عم النبي - صلى الله عليه وسلم- وابنه عبدالله بن العباس ثم يدعون بعد ذلك محبة آل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم- قبّح الله هذا الحب. وكذلك مما يدل على كذب هذا الادعاء أنهم يقولون ويروون أن الإمام السابق لا يموت حتى يعلمه الله إلى من يوصي، وأن الإمام التالي يعرف إمامته في آخر دقيقة من حياة الأول[4] .
وهذا زرارة بن أعين أوثق رواة الشيعة على الإطلاق، ومن المقربين إلى الإمامين الباقر والصادق يموت، وهو لا يعرف إمام زمانه، ولما اقترب موت زرارة واشتد النزع قال لعمته: ناوليني المصحف، فأخذه وفتحه ووضعه على صدره وقال: يا عمة اشهدي، أن ليس لي إمام غير هذا الكتاب[5]. ولما مات جعفر الصادق - رضي الله عنه- بايع أكثر الأقطاب الإمامية ابنه عبدالله، وجاءوا يسألونه وهم هشام بن سالم الجواليقي، ومحمد بن النعمان الأحول الذي جاء ذكره سابقاً، وعمّار الساباطي وغيرهم حتى قال هشام بن سالم: خرجنا منه ( أي من عبدالله بن جعفر الصادق ) ضُلاّلاً لا ندري إلى أين نتوجه؟ ولا من نقصد[6].
إن الأدلة على عدم إمامة الثاني عشر كثيرة فمن كتب الشيعة ما روي عن علي الهادي (جد المهدي المنتظر على حسابهم) أنه قال: \"أبو محمد ابني (الحسن العسكري) انصح آل محمد غريزة وأوثقهم حجة، وهو الأكبر من ولدي، وهو الخلف وإليه ينتهي عرى الإمامة وأحكامها\". وهذا يدل على أنه ليس بعد الحسن العسكري أحد. وكذلك جاء في الحديث:\" لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من أهل بيتي اسمه على اسمي واسم أبيه على اسم أبي والرسول - صلى الله عليه وسلم- اسمه محمد بن عبدالله والمهدي عندهم اسمه محمد بن الحسن فكيف يكون اسمه على اسم النبي - صلى الله عليه وسلم واسم- أبيه على اسم أبي - النبي صلى الله عليه وسلم-؟ هذه إشكالية عظيمة، ولذلك حل هذه الإشكالية أبو حسن الأربلي فقال: كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- سبطان أبو محمد الحسن وأبو عبدالله الحسين ولما كان الحُجّة (هو المنتظر) من ولد الحسين وكانت كنية الحسين أبا عبدالله فأطلق النبي - صلى الله عليه وسلم- على الكنية لفظ الاسم لأجل المقابلة بالاسم في حق أبيه وأطلق على الجد لفظة الأب فكأنه قال: اسمه اسمي فأنا محمد وهو محمد وتواطؤ كنية جده الحسين اسم أبي إذ هو أبو عبدالله وأبي عبدالله[7]. وهذا الهراء لا أظنه يقبله عاقل ولكن كما قال المتنبي:
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله،،،، وأخو الجهالة بالشقاوة ينعم
جاء عند الكليني في الكافي ما يكذب هذا المدعى، والكافي كما هو معلوم هو أوثق كتاب عند الشيعة على الإطلاق، عن الحسن بن علي بن محمد بن رضا قال: قال له بعض من حضر مجلسه من الأشعريين: يا أبا بكر فما خبر أخيه جعفر (أخ الحسن العسكري أي عم المهدي المنتظر)؟ قال: ومن جعفر فتسأل عن خبره أو يقرن بالحسن جعفر؟ معلن الفسق، فاجر، ماجن، شريب للخمور، أقل من رأيته من الرجال وأهتكهم لنفسه، خفيف قليل في نفسه. هكذا يقولون عن عم المهدي عن جعفر بن علي الهادي أخي الحسن العسكري، انظروا كيف يسبون آل البيت. ثم يقول: لما اعتل (أي الحسن العسكري) بعث إلى أبي إن ابن الرضا قد اعتل (أي مرض الموت) فركب من ساعته فبادر إلى دار الخلافة ثم رجع مستعجلاً ومعه خمسة من خدم أمير المؤمنين كلهم من ثقاته وخاصته فيهم نحرير الخادم فأمرهم بلزوم دار الحسن وتعرّف خبره وحاله وبعث إلى نفر من المتطببين، فأمرهم بالاختلاف إليه. حتى مات الحسن العسكري، فلما دفن أخذ السلطان والناس في طلب ولده (أي يبحثون عن ولد للحسن العسكري) وكثر التفتيش في المنازل والدور وتوقفوا عن قسمة ميراثه ولم يزل الذين وكلوا بحفظ الجارية التي توهم عليها الحمل لازمين (أي هذه الجارية من جواريه فشكوا أنها ممكن أن تكون حاملاً فإذا كانت حاملاً فهو ابن الحسن العسكري)، حتى تبين بطلان الحمل فلما بطل الحمل عنهن قسّم ميراثه بين أمه وأخيه جعفر[8]. فهذه الرواية تثبت أنه لم يكن للحسن العسكري ولد.
من هو المهدي المنتظر عند الشيعة؟
أسماؤه المهدي محمد القائم الغائب الصاحب الحُجّة الخائف الخَلَف أبو صالح الناحية المقدسة، وغير هذا كثير حتى بلغ بها النوري الطبرسي بعدد أسماء الله الحسنى تسعة وتسعين اسماً.
اختلفوا في هذا المهدي اختلافاً عظيماً، اختلفوا أولاً في تسميته، فرووا عن أبي عبدالله جعفر الصادق أنه قال: صاحب هذا الأمر رجل لا يسميه باسمه إلا كافر[9]. ورووا عن أبي محمد الحسن العسكري أنه قال لأم المهدي: ستحملين ذكراً واسمه محمد وهو القائم من بعدي[10]. فنلاحظ أنهم تارة يقولون عن الحسن العسكري: هو محمد وأخرى يقولون: من ناداه باسمه فهو كافر.
من الأدلة على عدم وجود هذا الشخص:
أمه لا تُعرَف، فهي كما قال علماؤهم: جارية اسمها سوسن، جارية!! وقيل: جارية اسمها نرجس، وقيل: جارية اسمها صيقَل، وقالوا: جارية اسمها مُلَيكة، كما قالوا: جارية اسمها خمط، وقالوا: جارية اسمها حكيمة، وقالوا: جارية اسمها ريحانة، وقيل هي أمة سوداء، وقيل: هي امرأة حرة اسمها مريم.
متى وُلِد؟
ولد بعد وفاة أبيه بثمانية أشهر، ولد قبل وفاة أبيه سنة 252، ولد سنة 255، ولد سنة 256، ولد سنة 257، ولد سنة 258، ولد في ثمانية من ذي القعدة، ولد في ثمانية من شعبان، ولد في الخامس عشر من شعبان، ولد في الخامس عشر من رمضان.
كيف حملت به أمه؟
حملته في بطنها كسائر النساء، حملته في جنبها ليس كسائر النساء.
كيف ولدته أمه؟
من فرجها كسائر النساء، من فخذها على غير عادة النساء.[11]
والخروج من هذه التناقضات:
جاء الجواب الغريب الذي ينهي هذه التناقضات لنوري الطبرسي فقال: أمه مليكة التي يقال لها في بعض الأحيان: سوسن، وفي بعضها تنادى: بريحانة، وكان صيقل ونرجس أيضاً من أسمائها، ولكنه نسي خمط وحكيمة ومريم، ونسي أنها أحياناً تكون حرة وأحياناً تكون أمة، ونسي أنها أحياناً تكون بيضاء وأحياناً تكون سوداء، ونسي أنها حملته مرتين مرة في بطنها ومرة في جنبها، ونسي إنها ولدته مرتين مرة من فرجها ومرة من فخذها، وولد ثمان مرات وذلك للخروج من كل هذه التناقضات التي تحيط بهذه الولادة الغريبة العجيبة.
أشهر الروايات في ولادة المهدي:
رواية عمته حكيمة وهي رواية ضعيفة من حيث الإسناد ثم هي متناقضة جداً، جاء في بعض روايات حديث حكيمة أنها جاءت تقلب سوسن بطناً لظهر، فلا ترى أثراً لحمل فقال لها العسكري: إذا كان وقت الفجر يظهر لك الحبل (أي الحمل). وفي رواية قالت: فلم أر جارية عليها أثر الحمل غير سوسن. وفي رواية تقول حكيمة: فأجابني في بطن أمه وسلّم علي. وفي رواية اسمها سوسن وفي رواية اسمها نرجس.
كيف ينشأ؟
رووا عن أبي الحسن أنه قال: إنَّا معاشر الأوصياء ننشأ في اليوم مثل ما ينشأ غيرنا في الجمعة. وعن أبي الحسن أنه قال: إن الصبي منّا إذا أتى عليه شهر كان كمن أتى عليه سنة. وعن أبي الحسن أنه قال: إنَّا معاشر الأئمة ننشأ في اليوم، كما ينشأ غيرنا في السنة. تناقضات لا تنتهي.
أين يقيم؟
قالوا: في طيبة، ثم قالوا: في جبل رضوة بالروحاء، قالوا: هو في ذي طوى بمكة، وقالوا: هو في سامراء. حتى قيل:
ليت شعري استقرت بك النوى،،، بل أي أرض تقلّك أو ثرى
أبرضوة أم بغيرها أم بذي طوى،،،، أم في اليمن بوادي شمروخ أم في الجزيرة الخضرا
هل يعود شاباً أو يعود شيخاً كبيراً؟
عن المفضل قال: سألت الصادق: يا سيدي يعود شاباً أو يظهر في شيبة؟ قال: سبحان الله، وهل يعرف ذلك؟ يظهر كيف شاء وبأي صورة شاء[12]. ثم في رواية أخرى يظهر في صورة شاب موفق ابن اثنين وثلاثين سنة[13]. ثم في رواية أخرى يخرج وهو ابن إحدى وخمسين سنة[14]. وفي رواية أخرى يظهر في صورة شاب موفق ابن ثلاثين سنة[15]. تناقضات لا تنتهي.
مدة ملكه:
قال محمد الصدر وهي أخبار كثيرة لكنها متضاربة في المضمون إلى حد كبير حتى أوقع كثير من المؤلفين في الحيرة والذهول[16]. في رواية أخرى ملك القائم منّا تسع عشرة سنة، وفي رواية سبع سنين، يطول الله له الأيام والليالي حتى تكون السنة من سنيه مكان عشر سنين من سنيّكم فيكون سنيّ ملكه سبعين سنة من سنيّكم[17]. رواية أخرى إن القائم يملك 309 سنين كما لبث أهل الكهف في كهفهم. تناقضات لا تنتهي.
كم مدة غيبته؟
كان مخترعوا فكرة الغيبة على درجة كبيرة من الدهاء، وكان الشيعة في ذلك الوقت ينقسمون إلى قسمين لا ثالث لهما:
القسم الأول: من رفض هذه الفكرة، فكرة الغيبة وفكرة وجود ولد للحسن العسكري ـ وهم أكثر فرق الشيعة كما ذكرنا سابقاً ـ، كل فرق الشيعة ماعدا فرقة واحدة.
القسم الثاني: من قبل هذه الفكرة، وهم القلة الذين كانوا يمنون أنفسهم بقيام دولة لهم. وكان مخترعو الفكرة يمنون أتباعهم بقصر المدة فوضعوا روايات تفيد ذلك، فلما لم يظهر جاءت روايات أخرى تزيد في المدة، وهكذا حتى جعلوها غير محددة، والعجيب أنهم يجدون من يصدق. فعن علي بن أبي طالب أنه قال: تكون له (أي للمهدي) غيبة وحيرة يظل فيها أقوام ويهتدي آخرون فلما سئل: كم تكون الحيرة؟ قال: ستة أيام، أو ستة أشهر، أو ست سنين[18]. فكانت هذه الرواية مقبولة في البداية لتهدئة النفوس المضطربة وليضمن النواب الأموال التي يوصلونها إلى المهدي كما زعموا، ولكن مرت المدة ولم يظهر شيء. فجاءت الرواية الثانية عن أبي عبدالله أنه قال: ليس بين القائم وقتل النفس الزكية إلا خمس عشرة ليلة (أي سنة 133 من الهجرة). قال محمد الصدر عن هذا الخبر: خبر موثوق، قابل للإثبات التاريخي بحسب منهج هذا الكتاب. فقد رواه المفيد في الإرشاد عن ثعلبة بن ميمون عن شعيب الحداد عن صالح بن ميثم الجمّال، وكل هؤلاء الرجال موثقون أجلاّء[19]. جاءت بعد ذلك لمّا لم يظهر الرواية عن جعفر الصادق أنه قال: يا ثابت إن الله قد كان وقّت هذا الأمر في السبعين فلمّا أن قتل الحسين اشتد غضب الله على أهل الأرض فأخره إلى أربعين ومئة. قال: فحدثناكم فأذعتم الحديث، وكشفتم قناع الستر فلم يجعل الله له بعد ذلك عندنا وقتاً.
كيف يقولون هذا؟ وخروج الحسين أصلاً كان بأمر من الله له كما يدّعون، وأن الحسين لا يموت إلا باختياره، وأن الإمام عندهم لا يموت إلا بعلمه. فجاءت الرواية التي تكذّب كل ما سبق عن أبي عبدالله جعفر الصادق أنه قال: كذب الوقّاتون إنَّا أهل بيت لا نوقّت. فماذا عن المواقيت التي سبقت؟ لاشك أنها كذب إذاً على أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم-. ثم جاءت الرواية الثانية عن أبي عبدالله جعفر الصادق أنه قال: من وقّت لمهديّنا وقتاً فقد شارك الله ـ تعالى ـ في علمه.[20].
روايات مضطربة، كيف الخروج من هذه الروايات؟ للخروج منها جاءت الرواية الفاصلة التي تقطع الإشكال كله، عن أبي جعفر أنه قال: إذا حدثناكم الحديث فجاء على ما حدثناكم به فقولوا: صدق الله، وإذا حدثناكم الحديث فجاء على خلاف ما حدثناكم به فقولوا: صدق الله تؤجروا مرتين. وللأسف وجدت هذه الرواية آذاناً صاغية، وقبلت هذه الرواية. وهم كما يروون عن أبي الحسن أنه قال: الشيعة تربى بالأماني منذ مئتي سنة[21].
سبب الخلاف:
لماذا اختلفت هذه المدد؟ مرة بسبب قتل الحسين، ومرة بسبب أنهم أذاعوا الستر، ومرة يكذبون ما رووا يقولون: كذب الوقّاتون وهلك المستعجلون، والسبب في هذا كله هو أن الوضع والكذب يكون بحسب المناسبات ثم باختلاف الأشخاص، قال تعالى: \"ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً\".
قال النعماني أحد علماء الشيعة الكبار وهو يصف حال الشيعة في ذلك الوقت وهو من علماء القرن الرابع الهجري، وكان يصف حالهم كيف أنهم في حال اضطراب وذلك بأنه في كل يوم تتغير رواية أو تؤجل فيقول: إن الجمهور منهم في الخلف أين هو؟ وأنّا يكون هذا؟ وإلى متى يغيب؟ وكم يعيش؟ هذا وله الآن نيف وثمانون سنة قال: فمنهم من يذهب إلى أنه ميت، ومنهم من ينكر ولادته فيجحد وجوده بواحدة ويستهزئ بالمصدق به، ومنهم من يستبعد المدة ويستطيل الأمر[22]. ثم قال: أي حيرة أعظم من هذه الحيرة التي أخرجت من هذا الأمر الخلق الكثير، والجم الغفير، ولم يبق إلا النزر اليسير وذلك لشك الناس[23]. وقال ابن بابويه: رجعت إلى نيسابور وأقمت فيها فوجدت أكثر المختلفين عليّ من الشيعة قد حيرتهم الغيبة، ودخلت عليهم في أمر القائم الشبهة[24]. وقال الطوسي: تأملت مولد قائمنا وغيبته وإبطاءه وبلوى المؤمنين من بعدي في ذلك الزمان، وتولد الشكوك في قلوب الشيعة من طول غيبته وارتداد أكثرهم عن دينه.
وكان الحل للخروج من هذه المعضلة العظيمة سهل جداً وهو وضع حديث على أحد الأئمة وينتهي الأمر كله، فرووا عن أبي جعفر الصادق أنه قال: إن للغلام غيبة قبل أن يقوم وهو المنتظر وهو الذي يُشك في ولادته منهم من يقول: مات أبوه بلا خلف، ومنهم من يقول حمل، ومنهم من يقول: إنه ولد قبل وفاة أبيه بسنتين، غير أن الله - عز وجل- يحب أن يمتحن الشيعة فعند ذلك يرتاب المبطلون. فهذه الرواية جاءت على ما يحبون. ولكن للأسف جاءت رواية أخرى تكذب هذه الرواية تقول: لو علم الله أنهم يرتابون ما غيّب حجته طرفة عين أبداً[25]. روايات معلبة، وجاهزة وهي لحل جميع الإشكاليات وما عليك إلا أن تختار أحد الأئمة، وتنسبها إليه وتجد من يصدق بل ويصفق.
المهدي المنتظر الغائب:
هل هو غائب عن الجميع أو يظهر لبعض الناس؟ قال الطوسي: إننا أولاً: لا نقطع على استتاره عن جميع أوليائه، بل يجوز أن يظهر لأكثرهم، ولا يعلم كل إنسان حال نفسه، فإن كان ظاهراً له فعلّته مزاحمة، وإن لم يكن ظاهراً (أي هناك غيره يطلبونه) علم أنه لم يظهر له لأمر يرجع إليه (أي لضعف إيمان أو ما شابه ذلك)، وإن لم يعلمه مفصلاً لتقصير من جهته، وإلا لم يحسن تكليفه[26]. وهذا نظير جواب أحد القساوسة قرأته له في فتاوى يُسأل: قيل له: كيف نؤمن أن الله واحد، وأن الله ثلاثة في الوقت نفسه؟ قال: أولاً يجب عليك أن تؤمن أن الله واحد وأن الله ثلاثة في الوقت ذاته فإذا آمنت جاءك عيسى وفهمك، فإذا لم يأتك فهذا دليل على عدم إيمانك. فيبقى الآن بين حالين إما أن يقول: جاءني عيسى وفهمني، وأنا كامل الإيمان فيكذب على نفسه، وإما أن يقول: ما جاءني فيتّهم نفسه أنه غير مؤمن. فكذلك هم يقولون: إن رأيت المهدي فهذا يعني أنك قمة في الإيمان، وأنت لن تراه فاكذب، وقل: إنك رأيته كي تكون مؤمناً، وإن لم تكن تراه فهذا من ضعف إيمانك. ولذلك ادعى رؤية المهدي الكثيرون كي يقال: عنهم إنهم قمة بالإيمان.
في حياة أبيه:
عندما ولد المهدي في حياة أبيه هل رآه أحد؟ عن العسكري أنه قال لعمته حكيمة (عمة الحسن العسكري أي عمة أب المهدي) لما جاءت تسأل عنه بعد ثلاثة أيام (أي من ولادته): يا عمة، هو في كنف الله أحرزه وستره حتى يأذن الله له فإذا غيّب الله شخصي وتوفاني ورأيت شيعتي قد اختلفوا فأخبري الثقاة منهم[27].
إذاً الأمر سري، انتظري حتى أموت فأخبري الناس بوجود المهدي، فهذا معناه أنه لم يره أحد غيرها على ظاهر الرواية، ولكن انظروا كم واحد ادعى رؤية المهدي في حياة أبيه؟
خادما العسكري نسيم وماريا[28].
أحمد بن إسحاق[29].
الحسن بن الحسين العلوي[30].
أبو هارون[31]
عمرو الأهوازي
رجل من أهل فارس كما في الكافي.
عثمان العمري مع مجموعة معه[32].
طريف أبو نصر [33].
رجل سوري اسمه عبدالله[34]
سعد القمّي[35]
من أمرهم الحسن العسكري أن يعقٌّوا عن ولده المهدي (ادعوا أنهم رأوه) .
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد