بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فإن من أعظم السنن وأهمها (سنة السواك) هذه السنة التي أحبها النبي - صلى الله عليه وسلم - وداوم عليها طيلة حياته. قال ابن القيم عند ذكر هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في الفطرة: \" وكان يحب السواك، وكان يستاك مفطراً وصائماً، ويستاك عند الانتباه من النوم، وعند الوضوء، وعند الصلاة، وعند دخول المنزل، وكان يستاك بِعُود الأراك \". ومما يدل على محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - للسواك ما يلي:
1ـ : وصفه - صلى الله عليه وسلم - للسواك بأنه مطهرة للفم مرضاة للرب: كما جاء في حديث عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: \" السواك مطهرة للفم مرضاة للرب \"، وجاء من حديث أبي هريرة - صلى الله عليه وسلم -قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \" عليكم بالسواك فإنه مطهرة للفم، مرضاة للرب عزوجل\"، ومن حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - بلفظ: \" عليكم بالسواك فإنه مطيبة للفم ومرضاة للرب \".
2ـ : ذكره - صلى الله عليه وسلم - أن السواك من الفطرة وأنه من سنن المرسلين: فأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \" عشر من الفطرة قص الشارب وإعفاء اللحية والسواك...\"الحديث، فجعل السواك من الفطرة، وجاء في الحديث عن أبي أيوب الأنصاري - صلى الله عليه وسلم - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \" أربع من سنن المرسلينº التعطر، والنكاح، والسواك، والحياء\"، وروى أبو الدرداء - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: \" الطهارات أربعº قص الشارب، وحلق العانة، وتقليم الأظافر، والسواك \".
3ـ : حرصه - صلى الله عليه وسلم - على السواك عند كل صلاة، وعند كل وضوء: حتى كاد أن يأمر به أمته، كما جاء في حديث أبي هريرة - صلى الله عليه وسلم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: \" لولا أن أشق على أُمتي ـ أو على الناس ـ لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة\"، قال ابن دقيق العيد: (الحكمة في استحباب السواك عند القيام إلى الصلاة كونها حالاً تقرب إلى الله، فاقتضى أن تكون حال كمال ونظافة إظهاراً لشرف العبادة). فلذلك حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على السواك عند الصلاة، بل كان في صلاة الليل يستاك لكل ركعتين كما ثبت ذلك من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
4ـ : حرصه - صلى الله عليه وسلم - على السواك قبل النوم: فقد جاء في الحديث عن محرز - صلى الله عليه وسلم -: \" أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما نام ليلة حتى استن \" قال ابن حجر: رواه أبو نعيم في معرفة الصحابة.
5ـ : حرصه - صلى الله عليه وسلم - على السواك عند قيامه من النوم ليلاً أو نهاراً: فقد جاء في الحديث المتفق عليه عن حذيفة - رضي الله عنه - \" أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك\"، وفي رواية لمسلم: \" كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام ليتهجد يشوص فاه بالسواك \"، وعن عائشة - رضي الله عنها - \" أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا يرقد من ليل ولا نهار فيستيقظ إلا تسوك قبل أن يتوضأ \"، وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - \" أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان لا ينام إلا والسواك عنده، فإذا استيقظ بدأ بالسواك \".
6ـ حرص أهله على أن يعدوا له سواكه مع وضوءه من الليل: كما جاء في الحديث عن عائشة - رضي الله عنها -: \" أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يوضع له وضوءه وسواكه، فإذا قام من الليل تخلى ثم استاك \"، وفي رواية لابن منده: \" كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرقد فنضع له سواكه وطهوره فيبعثه الله إذا شاء أن يبعثه فيقوم فيتسوك ثم يتوضأ \".
7ـ حرصه - صلى الله عليه وسلم - على السواك إذا دخل بيته: فروى الإمام مسلم في صحيحه عن شريح قال: سألت عائشة قلت: بأي شيء كان يبدأ النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل بيته قالت: بالسواك \"، وفي رواية أخرى عن عائشة - رضي الله عنها -: \" أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دخل بَيتَهُ بدأ بالسواك \".
8ـ كثرة سواكه - صلى الله عليه وسلم - وهو صائم: روي عنه - صلى الله عليه وسلم - ذلك في أحاديث كثيرة، منها ما رواه عامر بن ربيعة - رضي الله عنه - قال: \" رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مالا أحصي يتسوك وهو صائم \"، وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \" من خير خصال الصائم السواك \".
9ـ حثه - صلى الله عليه وسلم - على السواك في يوم الجمعة: فقد جاء في الحديث المتفق عليه عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: أشهد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: \" الغسل يوم الجمعة واجبٌ على كل محتلم، وأن يستنَّ، وأن يمسَّ طيباً إن وجد \"، ولفظ مسلم: \" غسل الجمعة واجب على كل محتلم، وسواك، وأن يمس من الطيب ما قدر عليه \"، وفي الموطأ عن ابن السباق أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في جمعة من الجمع: \" يا معشر المسلمين إن هذا يوم جعله الله عيداً، فاغتسلوا، ومن كان عنده طيب فلا يضره أن يمس منه، وعليكم بالسواك \".
10ـ ذكره - صلى الله عليه وسلم - مضاعفة الصلاة التي يستاك لها على الصلاة التي لا يستاك لها: ورد هذا المعنى في حديث عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: \" فضل الصلاة بالسواك على الصلاة بغير سواك سبعين ضعفا \".
11ـ إكثاره - صلى الله عليه وسلم - على صحابته في السواك: حتى قال - صلى الله عليه وسلم -: \" أكثرت عليكم في السواك \"، وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: \" لقد أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسواك، حتى ظننا أنه سَيُنَزَّلُ عليه فيه \"، وقال العباس بن عبد المطلب قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \" ما لي أراكم تأتون قُلحاً استاكوا، لولا أن أشق على أمتي لفرضتُ عليهم السواك، كما فرضتُ عليهم الوضوء \".
12ـ ذكره - صلى الله عليه وسلم - أن جبريل أوصاه بالسواك: وما زال يوصيه حتى خشي النبي - صلى الله عليه وسلم - على أسنانه، كما جاء في الحديث عن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: \" ما زال جبريل يوصيني بالسواك، حتى خشيتُ أن يدردني \" ـ ويدردني أي يذهب أسناني ـ وفي لفظ عند الطبراني \" حتى خِفتُ على أضراسي \".
13ـ قرب السواك منه - صلى الله عليه وسلم - حتى كان يضعه على أذنه: فروى جابر بن عبد لله قال: \" كان السواك من أذن النبي - صلى الله عليه وسلم - موضع القلم من أذن الكاتب \". وروى ابن أبي شيبة عن صالح بن كيسان: \" أن عبادة بن الصامت وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يروحون والسواك على آذانهم \"، وفي سنن الترمذي عن أبي سلمة قال: \" فكان زيد بن خالد الجهني يشهد الصلوات في المسجد وسواكه على أذنه، موضع القلم من أذن الكاتب، لا يقوم إلى الصلاة إلا استنَّ ثم رده إلى موضعه \".
14ـ كونه - صلى الله عليه وسلم - قدَّمه هدية لبعض الوفود: فجاء في الحديث عن أبي خيرة الصباحي قال: \" كنت في الوفد الذين أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عبد القيس فزودنا الأراك نستاك به... الحديث \". وفي هذا الحديث دليل على مشروعية تهادي السواك بين المسلمين. فالواجب على كل مسلم عرف أهمية هذه السنة أن يواظب عليها، وأن لا يهملها فيحرم نفسه الأجر، وقد جمع الإمام ابن الملقن أكثر من مائة حديث كلها في السواك ومتعلقاته ثم قال: (وهذا عظيم جسيم فواعجباً سنة واحدة تأتي فيها هذه الأحاديث ويهملها كثير من الناس، بل كثير من الفقهاء المشتغلين، وهي خيبة عظيمة نسأل الله المعافاة منها).
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد