بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
السعيد كل السعادة من طال عمره وحسن عمله وختم له بخير فزحزح عن النار وأدخل الجنة.
ولست أرى السعادة جمع مال * * * ولكن التقي هو السعيـد
ويليه من تداركه الله برحمته فكان خير أعماله خواتمها وخير عمره آخره، فالعبرة بالخواتيم، ولهذا نهينا عن تمني الموت لضر يصيب الإنسان في نفسه، أو ماله، أو ولده، أو أهله، اللهم إلا إذا خشي الفتنة في الدين: "لا يتمنينَّ أحدُكم الموت لضر نزل به، فإن كان لابد فاعلاً فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي وتوفني ما كانت الحياة شراً لي".
خرج الشيخان ومالك في موطئه واللفظ له وغيرهم عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: "كان رجلان أخوان، فهلك أحدهما قبل أن يهلك صاحبه بأربعين ليلة، فذكرت فضيلة الأول عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فقال: ألم يكن الآخرُ مسلماً؟ قالوا: بلى يا رسول الله، وكان لا بأس به فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: وما يدريكم ما بلغت به صلاته، إنما مثل الصلاة كمثل نهر غمر عذب بباب أحدكم يقتحم فيه كل يوم خمس مرات، فما ترون ذلك يبقي من درنه؟ فإنكم لا تدرون ما بلغت به صلاته".
وفي رواية في غير الصحيح عن سعد: "كان رجلان على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخوان، وكان أحدهما أفضل من الآخر، فتوفي الذي هو أفضلهما، ثم عَمَّرَ الآخر بعده أربعين ليلة، ثم توفي، فذكر لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فضيلة الأول على الآخر، فقال: أولم يكن يصلي؟ فقالوا: بلى وكان لا بأس به يا رسول الله" الحديث.
وفي رواية عن طلحة بن عبيد الله: "أليس هذا مكث بعده سنة؟ قالوا: بلى قال: وأدرك رمضان وصامه؟ قالوا: بلى: قال: "وصلى كذا وكذا سجدة في السنة؟ قالوا: بلى قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: بينهما أبعد ما بين السماء والأرض".
على المسلم أن يشكر الله -عز وجل- أن مد في عمره، وأتاح له من الفرص ما لم يتحها لغيره، وحضَّره مواسم خير كثيرة حُرم منها غيره: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا ثلاثة: صدقة جارية وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له".
فمن بلغه الله رمضان الآتي هذا فعليه أن يحمد الله على ذلك كثيراً، وأن يشكره شكراً جزيلاً، وأن ينتهز هذه الفرصة لعله آخر رمضان في حياته شيخاً كان أم شاباً، صغيراً كان أم كبيراً، صحيحاً كان أم سقيماً، فالموت لا يفرق بين صغير وكبير، ولا صحيح ومريض.
ولله در الإمام الألبيري عندما قال مخاطباً ابنه:
ولا تقل الصبا فيه امتهال وفكر كم صغير قد دفنتَ؟
وتذكر أخي الكريم أن أعمار هذه الأمة بين الستين والسبعين، وقليل من يتجاوز ذلك.
اللهم استعملنا في طاعتك، وكره إلينا معصيتك.
اللهم يسرنا لليسرى وانفعنا بالذكرى.
اللهم اختم لنا بخير واجعل عاقبة أمورنا كلها إلى خير.
والحمد لله الكريم المنان ذي الفضل والإحسان.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد