بسم الله الرحمن الرحيم
إلى من صاموا وقاموا إيماناً واحتسابا، إلى من بلغهم الله - تعالى -بفضله ورحمته ختام ووداع رمضان..احمدوه كثيراً واشكروه دائماً، فهو - سبحانه - أهل المدح والشكر والثناء الحسن..ثم إليكم هذه الوصية في ختام ووداع شهر رمضان:
1- أشد ما على الشيطان الرجيم: الصلاة والقيام والدعاء والاستغفار والتوبة الصادقة، ومن أشد الدعوات على الشيطان أن يقول العبد: اللهم إني أسألك حسن الخاتمة.. يقول الشيطان: أظنه قد فطن. أي أن من يقول \"أسألك حسن الخاتمة\" معنى هذا أنه على عمل صلاح فهو فطن لا يسيءº لأن الموت يهجم بغتة، فهو يدعو الله بالاستمرار عليه حتى تحسن خاتمته فيموت على أعماله الصالحة فيلقى الله الذي يحرك نبض قلبه، ومتى شاء أوقف النبض ليصل العبد إليه - سبحانه - فائزاً محسناً عابداً لله - تعالى -كأنه يراه.
2- الحذر من ضحك الشيطان الرجيم على العبد فإنه إذا جثم على قلبه بالهوى والغفلة وقال \"أسألك حسن الخاتمة\" وهو على المعاصي ضحك منه لغباوته وعدم فطنته.. إذا قال أسألك حسن الخاتمة وهو يدخن، وهو يكذب، وهو يغتاب، وهو ينم، وهو يغش، وهو يجر ثوبه، وهو يحلق لحيته، وهو عاق، أو قاطع، أو مشاحن، أو مراب، أو مرتش، أو مغن، أو ضائع، أو عاص، أو نائم عن الصلوات، أو يتخلف عن الجمع والجماعات، أو هاجر للقرآن الكريم، أو معرض عن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهديه، وطمأنينته بالله وسكينته وسكونه إلى الله، وجمعية قلبه على الله، مضيع لعينيه في مشاهدة الحرام، مضيع لأذنيه، مضيع للسانه، مضيع لقلبه، مضيع لأنفاسه، مضيع لعقله، يضحك منه الشيطان ولو دعا مئة مرة: أسألك حسن الخاتمةº لأنه لا يعرف حقيقة حسن الخاتمة، ولو كان فطناً لما عمل سيئة وقال \"يا رب اجعلني محسناً\" وهو مسيء في أعماله، يخالف قوله عمله، قال الله - تعالى -: {لما تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله.. }، والله - تعالى -يقول للعقلاء والأذكياء والفطناء المؤمنين الصادقين: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد}.
3- حسن الخاتمة بحسن العمل وصدق النية في إرادة الخير والبعد عن الشر، قال - تعالى -: {إن يعلم الله في قلوبكم خيراً يؤتكم خيراً}، وقال - سبحانه -: {لمن شاء منكم أن يستقيم}. الله أكبر.. يقول الله - تعالى -لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {فاستقم كما أمرت.. } حتى إنه ليكثر بكاؤه بعد نزول هذه الآية الكريمة، ويُسأل - صلى الله عليه وسلم - فيقول للسائل وقد قال: \"قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدك قال: قل آمنت بالله.. \" أي فلا تعصه \"ثم استقم\" أي على ذلك حتى الموت. هكذا حسن الخاتمة، وهكذا يودع المؤمن الدنيا ويقبل على الآخرة.
4- حاسب نفسك عند هذه الآية: {يا أيها الذين آمنوا} هل حققت الإيمان؟ {كتب عليكم الصيام} فهل صمت عن الحرام قبل الحلال؟ {كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} فهل أثمر صيامك تقواكº فإن ثمرة الصيام التقوى؟ أي لا تعص الله بعد الصيام، فمن عصاه ما صام حقاً، ولا صدق في إيمانه واحتسابه، وتذكر ما حصل وحل بأبيك آدم وأمك حواء بذنب واحد فقط.
5- للطاعة أنس، وللمعصية وحشة، فالزم طمأنينة الأنس بالله، واحذر وحشة البعد عنه - سبحانه -.
6- كم حرك عينيك؟ قف قليلاً وتفكّر وتبصرّ، كم حرك قلبك؟ أفلا تقر عيناك به ويمتلئ قلبك بحبه حتى لا تضيع نفساً واحداً بعد وداع رمضان في معصيةٍ, ولا غفلةº لأن النفس الواحد أغلى من الذهب والفضة والماس، بل لا تساويه الدنيا بما عليها، تريد دليلاً من القرآن الكريم والسنة، قل: \"سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وأستغفر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم\" هذه الباقيات الصالحات، خير مما طلعت عليه الشمس وغربت. الله أكبر، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، كم طلعت عليه الشمس وكم غربت من ملايين وملايين.. ودنيا دنيئة تذهب وتفنى، والتسبيح لا يفنى.
قف مرة أخرى وقف صدقاً مع نفاسة الأنفاس، تفكر في نفسٍ, واحدٍ, أو نفسين أو ثلاثة، أي أمسك قليلاً عن التنفس، وهل تقدر؟! كلا فإن أنفاسك ليست بيدك، إنها بيد الله، لكنك بهذا تعلم ـ أي بالتوقف قليلاً ـ عِظمَ نعم الله عليك. التفكر نعمة من خلالها يعلم أن النفس الواحد أغلى من ملء الأرض. أفٍ, للذهب يذهب، وإذا لم يزك كان كياً وناراً وعذاباً.
7- احرص على سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في لزوم المسجد بالاعتكاف في العشر الأواخر. ومعنى الاعتكاف: أن يعكف قلبك على الله الذي يحركه ويجري الدم في أوردته وعروقه، فلا تنشغل بشيء سواه، ولا يشغلك الناس بالجوال، وأشغل نفسك بالمناجاة وكلام الله المتعال.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد